دخلت سلطات مراكش في سباق محموم ضد عقارب الساعة،وهي تجاهد لصد هجوم جحافل الكلاب الضالة،التي بدأت تغزو العديد من فضاءات المدينة في شكل مجموعات، إلى حد أصبحت تشكل العلامة المميزة لبعض الشوارع والتجمعات السكنية. تم تسخير العديد من عمال الإنعاش، ليتحركوا تحت تلويحات وإرشادات رجال السلطة المحلية وأعوانها، لمطاردة جحافل الكلاب الضالة على امتداد مساحات المنطقة السكنية الجديدة المحاميد.
ظاهرة تسيد هذه الحيوانات لمختلف الأحياء والمجالات الحضرية للمدينة الحمراء، خلف في أكثر من مناسبة موجة من الخوف في صفوف الساكنة. الجهات المسؤولة م ظلت تنتهج سياسة" عين ماشافت،وقلب ماوجع"في مواجهة هذه المشاهد ،مع اإكتفاء بحملات انتقائية لا تكاد تلامس إلا بعض المواقع الحساسة بالمدانة، وبالتالي التعذر بغياب الإعتمادات المالية المخصصة لمحاربة هذه الظاهرة.
الموضوع فرض نفسه على نقاشات المجلس الجماعي بإحدى دوراته،حين انبرى بعض المستشارين لإثارة ما تخلفه الظاهرة من مخاطر على حياة المواطنين، حين أكد بعض المسؤولين أن المشكل يكمن في إقدام وزارة الداخلية على سحب اختصاص محاربة الظاهرة من وزارة الفلاحة،وبالتالي تخصيص اعتماداتها المالية للجماعات القروية المحيطة بالمدن، باعتبارها المصدر الرئيسي المزود لفضاءات المجالات الحضرية، بطوابير هذه الحيوانات،وهي السياسة التي أثبتت عدم نجاعتها،وبالتالي ضرورة إعادة النظر في المقاربة المذكورة.
حقيقة كشفت عنها إحدى الوقائع الغريبة مؤخرا،حين انبرى مسؤولو الجامعة القروية سيدي الزوين على مشاريف المدينة، بتدشين حملة سخر لها بعض هواة الصيد، واستعمل فيها الرصاص الحي لمطاردة الكلاب الضالة، ما حول مجمل فضاءات الجماعة إلى ساحة حرب معلنة، لعلع فيها صوت أزيز الرصاص، وهي العملية التي أثارت استياء العديد من الساكنة والمتتبعين للشأن المحلي بالجماعة.
بعض أصحاب الضيعات بالجماعات المحيطة بالمدينة أصبحت في مرمى استهدافات هذه الحيوانات، حيث غالبا ما تهاجم الحضائر للقضاء على بعض الأغنام والدجاج، كلما ألمت بها غائلة الجوع، ما جعل العديد من الأسر تستغني عن تربية هذه القطعان تفاديا لخسارة غير محسوبة ومتوقعة.
من المشاهد السريالية التي خلفتها الظاهرواانتقال طوابير الكلاب لقلب المنطقة السياحية بالمدينة الحمراء، حيث أصبحت تزاحم السياح الأجانب على احتلال الأرصفة والشوارع، حيث غالبا ما يثير المشهد أنظار هؤلاء السياح،ويشرعون في اقتناص صور تؤرخ للمشهد، ومواكبتها بتعليق لا تخلو من سخرية وتنذر. ديمقراطية الظاهرة، جعلتها حقا مشروعا لمختلف النفوذ الترابي للمقاطعات المشكلة لوحدة المدينة، فأصبحت بذلك نقسم القاسم المشترك بينها، إن على مستوى مقاطعة سيدي يوسف بن علي،أو النخيل وكذا مقاطعة المنارة.
هذه الأخيرة وبالنظر لقربها من بعض المجالات القروية، باتت في قلب المعضلة خاصة على مستوى أحياء إيزيكي أزلي والمحاميد،حيث غالبا ما تشكل الفضاءات المجاورة للأسواق العشوائية المبتوتة على طول نفوذها الترابي، مجالات خصبة لانتشار طوابير هذه الحيوانات التي تسير بحرية مطلقة أمام أنظار الجميع،واحيانا تختلط بالمارة والسابلة، مثيرة بذلك الكثير من مظاهر الخوف والذعر.
حقيقة الوضع كشفت عنه إحدى الحملات التي تم تنظيمها مؤخرا، والتي شهدها فضاء سوق إيزيكي، حيث كانت لحظات قليلة كافية لسقوط أزيد من 30 كلبا جثة هامدة، بفعل عملية التسميم التي سهر عليها بعض مسؤولو القسم الصحي.
دخول فترة فصل الربيع وارتفاع وتحسن ظروف الجو والمناخ مع الإرتفاع الملحوظ على مستوى درجات الحرارة، رفع من وثيرة التهديدات التي باتت تشكلها هذه الحيوانات على عموم الساكنة، وأصبحت مثار حديث الخاص والعام، ما جعلل سلطات المدينة تأخذ الأمر مأخذ الجد ،وتد
شن حملة واسعة النطاق، لقتل وإبادة العشرات من هذه المخلوقات ،في محاولة للحد من انتشارها ووقف خطر زحفها، في ظل ارتياح كبير في صفوف المواطنين الذين استحسنوا المجهودات المذكورة، مع إبداء تمنياتهم ألا تكون مجرد سحابة صيف جديدة، وحملة ظرفية سرعان ما ستعقبها فترة خمول ، وتعود "حليمة لنهج سيرتها القديمة".