النيجر تدعم الحكم الذاتي بالصحراء    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة العدول    المغرب يقود معركة إفريقية لاقتلاع جذور تجنيد الأطفال من الجماعات المسلحة    السكتيوي يعلن الجمعة لائحة الرديف    أشرف حكيمي ضمن قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في العالم    النيابة العامة تفك خيوط تزوير عقود "فيلا كاليفورنيا" وتلتمس إدانة المتهمين    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    فرنسا تعرض نشر قوة درك في غزة    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بطنجة وحجز أكثر من 4400 قرص مخدر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    برلمانية تسائل وزير التجهيز والماء حول "سرقة المياه الجوفية" بتارودانت        في الحاجة إلى فلسفة "لا"    ناسا تكشف عن صور جديدة للمذنب 3I/Atlas القادم من خارج النظام الشمسي    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    الإنصاف أخيرا لأشرف حكيمي..    الأمن الوطني ينفي شائعة تعرض طفل للعنف داخل مدرسة بالمغرب ويؤكد تداول الفيديو وقع خارج البلاد    وزارة الاقتصاد والمالية تصدر ميزانية المواطن لسنة 2026    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    المنتخب النسوي للفوتسال يجري آخر حصة تدريبية قبل لقاء الأرجنتين    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    الملك يبارك اليوم الوطني لسلطنة عمان    النموذج ‬المغربي ‬في ‬السياسة ‬الخارجية ‬يرتكز ‬على ‬بناء ‬الثقة ‬عوض ‬التوجس ‬التعاون ‬بدل ‬العزلة    وسط ‬تفاؤل ‬المغاربة... ‬مخزون ‬السدود ‬الوطني ‬يرتفع جهود ‬كبيرة ‬لتدارك ‬التآخر ‬الحاصل ‬في ‬إنجاز ‬المشاريع ‬المائية ‬الكبرى    منتخبات ‬وفرق ‬وطنية ‬تواصل ‬التألق ‬وتخطيط ‬متواصل ‬يجعل ‬من ‬كرة ‬القدم ‬رافعة ‬تنموية ‬كبيرة    مونديال 2026.. جزيرة كوراساو الضيف المفاجأة    المغرب ‬يعزز ‬ريادته ‬البنكية ‬في ‬إفريقيا ‬ويتقدم ‬التصنيف ‬القاري 3 ‬بنوك ‬مغربية ‬ضمن ‬أفضل ‬20 ‬بنكًا ‬    مسيرة احتجاجية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمحمدية ضد إدارة فندق أفانتي    وسيط المملكة: شكايات المغاربة انتقلت من تظلمات بسيطة إلى تفاعلات اجتماعية    غرفة الصيد الأطلسية الشمالية تبحث تنظيم العلاقة التعاقدية بين المجهزين والبحارة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تقرير: نصف عبء خدمة الدين الطاقي في إفريقيا تتحمله أربع دول بينها المغرب    ممرضو التخدير يراسلون الوسيط ويطالبون بإطار واضح للمهام والمسؤوليات داخل المستعجلات        كيوسك الخميس | العدالة المجالية قضية مركزية في مسار حماية حقوق الإنسان        أوكسفام: "ثروات الأثرياء" في ارتفاع    لفتيت: الدولة تقف على مسافة واحدة من الجميع والمنظومة الجديدة تحصّن الانتخابات    كأس ديفيس: المنتخب الايطالي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره النمساوي    منظمة الصحة تحتاج إلى مليار دولار    معمار النص... نص المعمار    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !
نشر في العلم يوم 04 - 05 - 2025

افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس فاتح ماي 2025
حسنا لنكن واقعيين في عيد العمال، أوَ ليس التضارب ما زال على أشُده بين الأسمال والرأسمال، لنكن واقعيين بما يتناغم مع أقنعة أهل الوقت، فالوجه الواحد في زمننا الأغبر، غير قابل للتداول بما أن للعملة وجهين، انتهى زمن المثقف البروليتاري غير المنسلخ عن هموم الشعب، ولم يعد مقبولا من الأفكار إلا الجارية مع السيولة في الجيب، تلك التي خلقت من عجينة مرنة، مثقفا قابلا للتّشَكُّل ولو على هيئة حذاء، ولا يهم الشّرف، فهو إرث بالي من نصيب الفقراء، المهم هو ذاك المثقف المحيط بكل الموائد كنادل المهرجانات الثقافية، إنه المثقف الكأسمالي.. فإيّاك والقرف !
ألم أقل ذات مرارة، وأعود إلى قولها ألف مرة، يَحقُّ لحَمَلة القلم بالمغرب، الذين يهرقون من عرق الحبر في التفكير والإبداع سواقي، أن يشاطروا كل عمال العالم، قيامة فاتح ماي، أليس يعتبر الاشتغال في الثقافة، صنفاً من الكدح اليومي، في غياب كل الحقوق الإعتبارية للمبدعين، مادياً ورمزياً؟
كان أجدر بأضرحة المؤسسات الثقافية التي تغط في رخام النسيان البارد، أن لا تُفوِّت تسجيل حضور قوي بكل نخبها الفكرية في شارع فاتح ماي، للمناداة ولو على مسامع الريح، بتحقيق كل المطالب الإنسانية للمثقف المغربي، فما أكثر ما هُضِمت حقوقه في هذا البلد، ألا يكفي أنها أصبحت إسهالا لا تحتويه أوسع المجاري!
لن أستعرض كل الحاجات الأقرب في حيويتها من الهواء، تلك التي تُعوز المثقف المغربي ليكون معْتَبَراً في المجتمع، لأني أخجل من عضلاتها الضامرة، فقد حولت هذا الإنسان الذي يعيش أو يموت بمنتوجه الفكري، جلداً على عظم، في الوقت الذي يسمن آخرون بهذا المنتوج المعصور من دماغ، فلا هو يستخلص من الناشرين أتعابه المادية نظير ما يُسوِّده في كتب تتحول مع الأيام إلى محرقة كبرى للأعصاب، ولا هو يحظى بجائزة تقديرية رفيعة وفاخرة تكرم فيه التجربة في أرذل العمر، ولا هو يحمل بطاقة اعتراف بمهنة الكاتب تقيه صروف الدهر من عوز ومرض، فكيف لهذا الضمير الحيوي الذي توليه المجتمعات المتقدمة مراتب النبوة، أن يُعبِّر عن الأمة وذاكرتها، بحرية وقوة لتنقشع من رأسه الأنوار، إذا لم يكن مرتاحاً غير مقموع، محفوفاً بكرامة العيش، وليس بكدح ثقافي لا ينتج خبزاً فبالأحرى أن يبدع فكرا أو شعرًا !
ولا أعجب إلا للانقلاب الذي شهدته الكثير من القيم الإنسانية في الإتجاه المطأطئ للرؤوس، ليصبح المثقف أحوج لمن ينادي بحقوقه الفكرية المغموطة، بينما هو الذي كان يتبوأ الصفوف قُدماً، منادياً بتحويل عرق الناس الذي استبخسه الجشع الرأسمالي المتوحش، إلى ذهب في جيوب الفقراء، أليس هذا المثقف بدوره الطلائعي الذي يتجسد في الطالب والفيلسوف والكاتب واليساري وكل قوى التحرر الإنسانية في العالم، هو الذي جعل من ماي الشهير في عام 1968، مناسبة عالمية لترجمة كل الأفكار التنويرية بالصوت العالي، في شارع أحوج إلى من يرفع عنه الخرس والضيم والقهر والإستبداد الرأسمالي بقوة المعرفة؟
أيننا من مفكرين كبار أمثال، جون بول سارتر وميشيل فوكو وجيل دولوز، الذين جسدوا فصيحا بالنزول إلى الشارع، نموذج المثقف العضوي في حركة ماي 1968، ولم يتخذوا من جماجمهم أبراجا عاجية للتفرج من شقوقها على المِحَن اليومية لمجتمع مسحوق، فما جدوى نظريات مؤجلة بنبوءاتها على الرُّف المتعالي، ولن تعرف يوما موطئا على أرض الواقع، وكأن الممارسة لا تكون إلا على السرير!
أيها المثقف، لقد احتشدت الحنجرة بالصراخ، وما عاد في حيزها المخنوق، مُتَّسع لنَفَس أو غناء، وإذا أردت أن تقول شيئا، يكفيك تضميدا لجراح الكلمات في الأوراق، قل كل شيء فهذا فاتح ماي وليس عزفا على الناي !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.