"جيل العهد الجديد لجلالة الملك محمد السادس يصنع حدث المسيرة الخضراء الثانية"، بهذه العبارة الغنية بكل الدلالات، عبر شاب بيضاوي لم يتجاوز عمره العشرين عن إحساس، يغمر ملايين الشباب الذين ولدوا بعد المسيرة الخضراء التي استرجع بفضلها المغرب أقاليمه الصحراوية في العام 1975. وبالفعل، وبعيدا عن كل مبالغة في الوصف، عرفت العاصمة الاقتصادية، أمس الأحد، مسيرة خضراء متجددة فاق عدد المشاركين فيها الملايين، الذين قدموا من كل ربوع المملكة حتى القصية منها. وإذا كان عدد سكان البيضاء يقدر بخمسة ملايين نسمة، فإن ثلث الساكنة المغربية التي تفوق 30 مليون اجتمع البارحة في هذه المسيرة الحاشدة.ويكفي التحقق من حجم الرواج الذي عرفته منافذ الطرق السيار نحو الدارالبيضاء للوقوف، بلغة الأرقام، على حرص المغاربة من كل المدن على المشاركة في هذه التظاهرة التاريخية العظيمة التي لا يمكن نسج ملاحمها إلا من شعب أبي وبطل نظير الشعب المغربي. ولقد تطلب الإقبال الكبير على المشاركة في المسيرة من طاقم الجريدة، قضاء أكثر من ثلاث ساعات على الطريق السيار الرابط بين الرباطوالدارالبيضاء،إذ عاينا ألاف السيارات والحافلات القادمة من الشمال، تقل على متنها مغاربة من مختلف الأعمار والفئات وحد بينهم حب الوطن والتشبث السرمدي بمقدساته وثوابته الوطنية. ولدى وصولنا إلى شارع محمد السادس في حدود الساعة العاشرة صباحا، كان المشهد فوق كل وصف، حيث انطلقت المسيرة، بكل تلقائية وعفوية قبل الوقت المحدد لها من طرف الجهة المنظمة، في تجسيد لحماس المشاركين ولهفتهم الايجابية على توجيه رسالة الشعب المغربي إلى العالم بأسره، رسالة مفادها أن وطننا عصي على كل الخصوم والأعداء. وقد حرصت الجماهير الوافدة على المسار المحدد للمسيرة على ترديد النشيد الوطني أكثر من مرة، وعلى ترديد شعار" موت موت يا العدو الملك عندو شعبو"، في حين تعالت زغاريد النساء من شرفات وأسطح عمارات شارع محمد السادس. كما لم تفت المناسبة المشاركين دون توجيه تحية إكبار وإجلال إلى شهداء الواجب الوطني الذين سقطوا في ساحة الشرف على أيدي عصابات الغدر الزرقاوية. والى حدود كتابة هذه السطور من قلب الحدث، لا تزال الجماهير الحاشدة تتوافد على مسار المسيرة، وهو ما يدفع إلى مراجعة الأرقام و القول بأن المشاركة فاقت الملايين لقد قال الشعب المغربي كلمته... فلا نامت أعين الجبناء. المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها.