ديمبلي يفوز بجائزة "ذا بيست" لأفضل لاعب في العالم    طقس .. وزارة التجهيز والماء تتخذ تدابير عملية لضمان استمرارية حركة السير وتأمين سلامة مستعملي الطريق    حجز أزيد من 15 ألف قرص مخدر بفاس    بنك المغرب يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,25 في المائة    وزارة التجهيز والماء تعبئ إمكانياتها لإزالة الثلوج وضمان حركة السير بعد اضطرابات جوية        الدار البيضاء – سطات.. الشركة الجهوية متعددة الخدمات معبأة للتخفيف من تداعيات التقلبات الجوية    تماثل للشفاء    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى ملك مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    انقلاب سيارة يُودي بحياة ستيني بحي جبل درسة في تطوان    سوء الأحوال الجوية يغلق أبواب المدارس مؤقتا .. إجراءات احترازية لحماية التلاميذ بعدد من الأقاليم    هيئات تطالب الحكومة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتعويض المتضررين وإنصاف الضحايا    بنكيران: تلقيت تعويضا بقيمة 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من تشكيل الحكومة    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    قيوح ينصت لإكراهات ملاكي السفن    العواصف تُوقف مجددًا الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة    بنك المغرب: وقع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة سنة 2025    دعوة لمسيرة وطنية في طنجة رفضا للتطبيع بذكراه الخامسة    دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025) ستكون أفضل نسخة على الإطلاق (الكاتب العام للكاف)    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال        أسود الأطلس يواصلون تحضيراتهم استعدادا لخوض غمار كأس إفريقيا 2025    بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    علماء يحذرون من دوامات تحت المحيط تسبب ذوبانا سريعا للجليد بالقطب الجنوبي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    انسحاب الوفد المفاوض لمكتب تنمية التعاون من جلسة الحوار الاجتماعي احتجاجاً على إقصاء بعض أعضائه    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    "فولكسفاغن" تغلق مصنعا للإنتاج في ألمانيا لأول مرة في تاريخها    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    تمديد العمل بالمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي بالرباط إلى الساعة الثانية صباحا تزامنا مع كأس إفريقيا    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نادل و مقهى سارتر


محمد أبركان
إلى عثمان بيصاني
لا يتعلق الأمر بشخصية من شخوص الفيلسوف والأديب، التي أبدعها خياله لتأثيث فضاء رواياته ومسرحياته الكثيرة؛ إنما يتعلق الأمر بشخص مشار إليه كما يقال في الفلسفة الأرسطية المشائية. إنه النادل الذي كان يخدم الفيلسوف ورفيقته سيمون ديبوفوار بالمقهى الباريسي المشهور، الذي كانا يرتادانه. إنه المقهى الذي ألهم الفيلسوف الكثير من الأفكار الفلسفية؛ حيث استقى منه أمثلة لشرح جزء من فكرته الوجودية، وإن كانت الجزء الأساس والمحوري، ألا وهي فكرة الحرية. والحق أنها فكرة تستعصي على فهم القارئ غير المتخصص في هذه الفلسفة إذ يقدم على قراءة كتابه العمدة الوجود والعدم؛ لكن استنادا إلى الكثير من الأمثلة التي يوردها الفيلسوف في كتابه هذا، يمكن لهذا القارئ أن تتوضح لديه بعض جوانب هذه الفكرة. وبين الكثير من هذه الأمثلة، نجد منها ما كان أصله مأخوذا من داخل فضاء المقهى، حيث تتعايش الذوات وجوديا، ومنها طبعا مثال النادل الذي كان يخدم الرجل الفيلسوف والأديب. وقبل إيراد القول في هذا المثال، لا بأس من الإطلال، ولو بسرعة، على مضمون فكرة الحرية السارترية.
أولا لا يتعلق الأمر بحالة سيكولوجية قد تتأثر بالظروف والانفعالات، إذ سارتر كان عدوا للسيكولوجيا، إنما يتعلق الأمر ،أساسا، بتجربة وجودية، يعيشها الإنسان ضمن تجربة قلق؛ ولا ارتباط، أيضا، للقلق بما هو سيكولوجي، لأن الوجود بالنسبة إليه "حرية وقلق". بهذا المعنى يتحدث سارتر عن الحرية كثقل وجودي، شيء مفروض وجوديا على الإنسان؛ فما دام كونه موجودا فهو حر. ولتقريب هذا المعنى حاجج سارتر بالكثير من الأمثلة؛ وأغلبها كما مر معنا أعلاه، مستقى من المقهى. فإلى جانب مثال النادل مثلا، والذي نهتم به هنا للمتعة والتأمل معا، نجد مثال الطاولة والكرسي، وهما من أثاث المقهى. يورد سارتر هذا المثال في سياق الحديث عن العلاقة المتوترة بين الذات والغير؛ حيث كثيرا ما يهدد أحدهما الآخر في سلب ما للآخر من أهم مقوم من مقومات وجود الذات، ويتعلق الأمر بالحرية. هكذا "فالحكم المتضمن في القول: لست فلانا، هو نفس الحكم المتضمن في عبارة: ليست الطاولة كرسيا". لكن ماذا عن نادل سارتر؟
"إنه شخص يرتدي بذلة بيضاء" وهو الذي يخدم الزبون سارتر والزبناء الآخرين. ولم يفت صاحب الوجود والعدم أن يتأمل الكيفية التي كان يخدمه بها هذا النادل: "دنوه منه.. حركته التي تشي بالحيوية.. حركته المدعومة" " توجهه نحو المستهلكين بخطو أقل حيوية" "صوته، عيناه... إنه تعبير عن اهتمام مكتنز بكثير من التماس طلب الزبون" إنه يلعب، إنه يتمتع" ولكن يتساءل سارتر: "ترى في سبيل ماذا يلعب؟" ويجيب: "يجب الكف عن التحديق فيه مليا لكي لا ينتبه، إذ إنه يلعب من أجل أن يكون نادل مقهى؟" هنا يبدأ الفيلسوف في استشكال وضعية النادل أمام إحدى حالات تجربته الوجودية؛ فيتساءل أيضا: "وترى لماذا يلعب؟ لأنه خائف من أن يتحقق وجوديا". إن حالة الخوف هنا، إن هي إلا تجلي من تجليات القلق الوجودية. وهو الخوف من أن تُسلب منه حريته.
هي ذي وضعية النادل المسكين، الذي كان يخدم أحد أقطاب الفلسفة الوجودية خلال القرن العشرين، الفيلسوف الذي ملأ الدنيا وشغل الناس طيلة النصف الثاني من القرن إياه. لكن هل كان هذا النادل على علم بأنه موضوع تأمل فلسفي لأشهر فيلسوف وجودي؟ وأي نادل؟ لأن سارتر لا يسميه بالاسم، والأكيد أنه كم من نادل مر من ذلك المقهى؟

*اعتمدنا في هذه المقالة، بالإضافة إلى مقتطفات من الوجود والعدم، على مقال غيوم ألاري " سارتر: محكوم علينا أن نكون أحرارا. المنشور بجلة علوم إنسانية، عدد خاص، ماي يونيو،2009

صفحة ثقافة: ج الإتحاد الإشتراكي 24 مارس، 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.