حذر طيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، من ظهور سلالة فرعية جديدة من فيروس الإنفلونزا الموسمية A(H3N2)، تعرف إعلاميا باسم "الإنفلونزا الخارقة" أو السلالة K، والتي تتميز بسرعة انتشارها وقدرتها على الإفلات من المناعة المكتسبة، بعد تسجيل سبع طفرات جديدة خلال صيف 2025. وأوضح حمضي أن هذه الطفرات جعلت السلالة الجديدة مختلفة بشكل واضح عن السلالات التي كانت منتشرة سابقا، ما ساهم في انتقال العدوى بشكل مكثف، خاصة في صفوف المراهقين والشباب والبالغين، قبل أن تمتد إلى الأطفال وباقي فئات المجتمع. وقد سجلت بداية مواسم إنفلونزا مبكرة في اليابان، ثم في الولاياتالمتحدة وكندا وأوروبا، قبل أن تظهر مؤشرات مقلقة في دول أخرى. وبخصوص الوضع في المغرب، أكد حمضي أنه في انتظار المعطيات الرسمية لوزارة الصحة، يلاحظ تسارع واضح في حالات الإصابة بأعراض شبيهة بالإنفلونزا منذ منتصف شهر نونبر، مع تسجيل ارتفاع في حدتها خلال الأيام الأخيرة، عوض انطلاقها المعتاد في شهر دجنبر، وهو ما ينذر بموسم استثنائي من حيث عدد الإصابات وشدتها. وأضاف أن هذا المتحور الجديد يفاقم من ضراوة سلالة H3N2 المعروفة مقارنة بسلالة H1N1، متوقعا تسجيل عدد أكبر من الحالات، وإصابات أكثر حدة، خاصة في صفوف الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، مثل الأشخاص فوق 65 سنة، والمصابين بأمراض مزمنة، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من السمنة أو ضعف في جهاز المناعة، إضافة إلى الأطفال ما بين 6 أشهر و5 سنوات. كما نبه إلى احتمال تزايد الضغط على المنظومة الصحية، وارتفاع نسب التغيب عن العمل والدراسة خلال الأسابيع المقبلة. وفي ما يتعلق بلقاحات موسم 2025-2026، أوضح حمضي أنها لا تتضمن السلالة الجديدة، بل السلالة القديمة من H3N2، غير أن المعطيات الوبائية المسجلة في المملكة المتحدة تظهر أن هذه اللقاحات لا تزال توفر حماية نسبية ضد الفيروس المنتشر، والأهم أنها تساهم بشكل كبير في الوقاية من الحالات الشديدة والمضاعفات الخطيرة. وشدد على أن التلقيح لا يزال متاحا وضروريا، خصوصا بالنسبة للفئات الهشة، مع الإشارة إلى أن فعالية اللقاح تبدأ بعد حوالي أسبوعين من تلقيه. أما بخصوص الأعراض، فأكد حمضي أنها تبقى مشابهة لأعراض الإنفلونزا الموسمية، وتشمل ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة قد يصل إلى 39 أو 40 درجة، وقشعريرة، وصداعا، وسيلان الأنف، وآلاما في العضلات والمفاصل، وسعالا جافا، إضافة إلى الإسهال أو القيء في بعض الحالات. وفي حال ظهور الأعراض، دعا حمضي إلى الالتزام بالبقاء في المنزل، وتفادي مخالطة الآخرين، خاصة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، مع الحرص على غسل اليدين بانتظام وتهوية أماكن العيش، وعدم إرسال الأطفال الذين تظهر عليهم الأعراض إلى المدارس، إضافة إلى ارتداء الكمامة عند الاضطرار للاحتكاك بالغير، مؤكدا أن التلقيح يظل الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من الإنفلونزا ومضاعفاتها الخطيرة.