14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر    طقس الأحد.. انخفاض في درجات الحرارة ورياح قوية مع غبار بالمناطق الجنوبية    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    الدكالي: مفهوم الحكم الذاتي قابل للتأويل.. والمغرب انتقل إلى "الجهاد الأكبر"    عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع    حملة لتحرير الملك العمومي داخل ''مارشي للازهرة'' تقودها الملحقة الإدارية الخامسة    تجديد مكتب هيئة المهندسين التجمعيين بالجديدة وانتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة    المنتخب المصري يتعادل مع الإمارات    "حقوق المؤلف" يوضح "تغريم مقهى"    بوصوف يناقش تنزيل الحكم الذاتي    ارتفاع حصيلة ضحايا "حادثة الفنيدق"    مئات التونسيين يتظاهرون ضد السلطة تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"    النجمة الذهبية تزين "سماء بلا أرض" في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    ميسي يقود إنتر ميامي لحصد الدوري الأمريكي    أخنوش من الرشيدية: "الأحرار حزب الإنصات والقرب... ومهمتنا خدمة كل جهة بالوتيرة نفسها"        سبتة المحتلة .. متابعة إسبانية في قضية اعتداء جنسي على قاصرين مغاربة    وزارة بنسعيد تغرم المقاهي بسبب الموسيقى    طنجة.. توقيف سائق الشاحنة المتورط في دهس عاملة نظافة وفراره بالعوامة    المنتخب العراقي يعبر إلى دور الربع    حزب الحركة الشعبية يعقد الدورة السادسة لمجلسه الوطني بالحسيمة (صور)    11 قتيلا في هجوم مسلح داخل فندق بجنوب إفريقيا    الوالي التازي يضع طنجة على درب المدن الذكية استعداداً لمونديال 2030    بايتاس يهاجم صنّاع الفرجة السياسية ويستعرض حصيلة الحكومة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        فتاح تؤكد البعد الاستراتيجي للشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية    جمال السلامي: الأهم هو أننا تفادينا مواجهة المغرب في كأس العالم    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف    لقجع يستقبل دياغنا نداي بالمعمورة        ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    ريتشارد يحتفي بإطلاق نيالا ويستعد لتمثيل سوريا في الدوحة    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزكيدة: الخبز الحافي في مولد الرسول.


عمر التغلاوي / بوابة قصر السوق

كل ما حلت ذكرى مولد النبي الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام تعود بي الذاكرة إلى الماضي القريب لتستحضر الطقوس المواكبة لهذه المناسبة ببلدتي الغالية مزكيدة.
مضت علي سنوات لم أحضر هذه المناسبة بحكم التزامات العمل وأيضا لإحساسي أن البلدة لم تعد تحتفل بالذكرى كما كانت تفعل في السابق، إحساس تترجمه البرودة بل والرتابة اللتين تطغيان على طقوس البلدة هذه الأيام، فلم نعد نرى المغتربين يعودون إليها في مثل هذه المناسبات، ونخشى أن تتسرب هذه الظاهرة إلى عيد الأضحى الذي صار المناسبة الوحيدة التي نجحت في إعادة المهاجرين إلى أحضان البلدة وأهلها.
خلال سنوات خلت، وأنا طفل صغير، ألهو وألعب، أجري وأسقط، أجر إلى المدرسة جرا، كنت أنتظر الأعياد بلهفة مثلي مثل كل الصغار، لأنها أولا وأخيرا عطلة مدرسية تجعلنا ننسى ولو مؤقتا هموم الدرس، وعصا المعلمين، وركلاتهم، وصفعاتهم، حتى أن بعضهم لم تنجح السنون في هدم صورتهم في ذاكرتنا إلى الآن، وياليتها فعلت، إذ يستحيل نسيان ذلك الذي حفر ظهورنا الصغيرة بخشبة السبورة كما حفر جلودنا الناعمة بأصابعه (القرص )، لا أستطيع أن أنسى وأنا في الصف الرابع معلم الفرنسية الذي يأتي كل صباح على غير فطور وأنتظر منه بكل شوق أن يبعثني إلى البيت محملا بصينية الشاي وخبز الكوشة والزيتون الأسود، كنت أفرح لذلك لأنني سأنسى ولو مؤقتا صور الرعب داخل حجرة الدرس، وتكون مفاجئتي كبيرة عندما أضع بين يديه الصينية، ويشرع في التهام محتواها، يطلب مني استظهار ما فاتني، ولأن صورته تفزعني أتلعثم فتجد يداه اليسرى تمتد إلى وجهي لتحوله إلى قطعة قماش أحمر، بينما اليمنى تلتهم الخبز والزيتون والشاي، لا أريد أن أستمر في الحكي على هذا النحو، فقد أعود في مناسبة أخرى إلى هذا الأمر بحول الله تعالى.
أما حكايات المولد النبوي فهي كثيرة احتضنتها أسوار البلدة الطيبة، أولها حكاية القصعة، ولعل الصغار من أهل القرية يجهلونها، فإليهم أحكيها:
كلما حلت مناسبة المولد النبوي الشريف، وعندما يقترب النهار من منتصفه، ترانا نحن الأطفال نتسابق أفواجا إلى المسجد حيث نفترش حصيره وأرضه، في الفضاء المخصص للوضوء لمياضي، لا لنتباهى بملابسنا الجديدة، فقليلون هم الذين يرتدونها، ولا لنسمع حكايات الكبار، فلا أحد منهم يحتمل وجودنا أصلا في هذا اليوم بالذات إلا القليل، ولا لنقرأ القرآن، فالفقيه أعيته قراءة البردة طيلة الأيام الاثني عشر التي تسبق العيد، وقد يكون خلد إلى النوم صبيحة هذا اليوم، فقط كنا ننتظر قدوم الطلائع الأولى للموائد التي يبعث بها الأهالي إلى المسجد صدقة على موتاهم، وغالبا ما كان هؤلاء أوصوا بها قبل وفاتهم رحمهم الله جميعا،.
عندما تصل الدفعة الأولى، يشرع بعض الرجال الذين ينتصبون للتنظيم في توزيع قطع الخبز علينا، ولأننا نعلم جيدا أن الخبز وحده ليس صدقة، إذ من الضروري أن يصاحبه المرق نبقى ممسكين عليه بأصابعنا المتسخة، نتذوق منه لقمة واحدة فقط، ننتظر، ويطول انتظارنا، وأمام أعيننا الصغيرة التي ترقب كل شيء يتم تحويل مرامط المرق باللحم إلى وجهة مجهولة، هناك ستكون لوزيعة، لم نكن نفهم الأمر، وعلى أمل الحصول على قطرة مرق نبلل بها خبزنا الحافي كنا نقاوم الجلوس الذي لم نعتد عليه، فدروب القرية تختزن حكاياتنا مع غميضة، نخترقها حفاة خاصة عند الظهيرة حيث يجنح الاهالي إلى القيلولة، ولأننا نزعجهم بعدونا يتطوع بعضهم لطردنا بطرق شتى تصل أحيانا إلى إراقة الماء في طريقنا، أو الإمساك بواحد منا وإشباعه فلقة ليكون عبرة لغيره، والويل لنا إن وصل الخبر إلى العائلة ،اعذروني فقد ذهب بي الحديث بعيدا، فالقلم يمتنع عن الانضباط في وجه حكايات قريتي الجميلة.
تستمر أعيننا في تتبع طريق مرامط المرق وهي تدخل المسجد وتخرج، على الأكتاف محمولة، الآن ربما تتساءلون لما هذا المشوار الطويل؟ أليس من الممكن أن تتحول القصعة من بيت أهلها إلى مكان لوزيعة مباشرة ؟ ولكن الجواب عند أهل الإختصاص، لابد أن تدخل المرميطة المسجد لتحمل من البركة مايكفيها في طريق المجهول،.
نبقى على هذه الحال، نرقب وننتظر حتى إذا أذن المؤذن لصلاة الظهر، وعلى حين غفلة منا يتسلل الكبار الواحد تلو الآخر، فإذا بالمكان يملأه الصغار فقط، عندها نعلم أن الموائد توقفت عن الورود إلى الجامع.
نتأمل خبزنا الحافي وقد امتلأ عرقا، وبخطى حزينة وقد نال منا الانتظار، نغادر الجامع في اتجاهات مختلفة في انتظار العيد القادم لعلنا نفوز بما ضاع منا، رغيف خبز مبلل ببعض المرق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.