سفينتان نرويجيتان ترسوان بميناء آسفي لدعم أبحاث المحيطات وحماية الأنظمة الإيكولوجية    انهيار الثقة داخل الجيش الجزائري... أزمة عتاد وفضائح قيادات تهزّ المؤسسة العسكرية من الداخل    الملك: تعاون المغرب والنمسا إيجابي    نسبة ملء السدود المغربية تتراجع إلى أقل من 32% وفق البيانات الرسمية    بروكسيل تحتفي بالمغرب تحت شعار الحوار الثقافي والذاكرة المشتركة    "البحر البعيد" يظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    حفل الحراقية يختم مهرجان الصوفية    ثمن نهائي كأس العالم لكرة القدم للسيدات لأقل من 17 سنة.. المنتخب المغربي يواجه نظيره الكوري الشمالي    حكيمي: إذا حصلت على الكرة الذهبية لأفضل لاعب إفريقي فسيكون ذلك رائعاً    كلاسيكو الأرض.. ريال مدريد يسعى إلى كسر هيمنة برشلونة    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    المتمردون الحوثيون يفرجون عن عارضة أزياء    تايلاند تبدأ سنة كاملة من الحداد على "الملكة الأم"    مصدر أمني: لا وجود لخروقات حقوقية في التعامل مع جرائم التخريب الأخيرة    كم عدد الأصوات يحتاجه مجلس الأمن للمصادقة على قرار في نزاع الصحراء يؤكد سيادة المغرب ويرسِّخُ الحكم الذاتي حلاًّ    أوناحي يواصل التألق في الليغا ويؤكد أحقيته بمكان أساسي في جيرونا    من ندوة بالقنيطرة.. مجموعة "5+5 دفاع" تدعو إلى تطوير آليات الأمن السيبراني ومكافحة حرب المعلومة    قوات حزب العمال الكردستاني تعلن مغادرة تركيا نحو التراب العراقي    جيش فنزويلا يتعهد ب"مواجهة أمريكا"    سلا الجديدة.. توقيف سائق طاكسي سري اعتدى على شرطي أثناء مزاولة مهامه    كتامة: وجبة "طون" فاسدة تُرسل خمسة أشخاص إلى مستعجلات مستشفى ترجيست    الرباط تحتفي بإرث نيكولاس رويريتش في معرض فني مميز    الشرطة الفرنسية توقف رجلين على خلفية سرقة مجوهرات تاريخية من متحف اللوفر    لقجع: تنظيم "الكان" هو حلقة في مسارٍ تنموي شامل يقوده الملك منذ أكثر من عقدين    الأمن المغربي يوقف فرنسيا من أصول جزائرية مبحوثا عنه دوليا بمطار محمد الخامس    رياضة الكارتينغ.. المنتخب المغربي يفوز في الدوحة بلقب بطولة كأس الأمم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    غوتيريش يشيد بتعاون المغرب مع آليات حقوق الإنسان    "مايكروسوفت" تطلق إصدارا جديدا من المتصفح "إيدج" المدعوم بالذكاء الاصطناعي    المغرب يطلق "ثورة" في النقل الحضري: برنامج ضخم ب 11 مليار درهم لتحديث أسطول الحافلات    المغرب والجزائر تواصلان سباق التسلّح بميزانيتي دفاع تَبلغان 14.7 و22 مليار يورو على التوالي    مقررة أممية: وقف هجمات إسرائيل لا ينهي معاناة الجوع في غزة    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    الولايات المتحدة والصين يعملان على "التفاصيل النهائية" لاتفاق تجاري (مسؤول أمريكي)    طقس الأحد: برودة بالأطلس والريف وحرارة مرتفعة بجنوب المملكة    زلزال بقوة 5,5 درجة يضرب شمال شرق الصين    ممارسون وباحثون يُبلورون رؤية متجددة للتراث التاريخي للمدينة العتيقة    إصابة تبعد الجمجامي عن الكوكب    إرسموكن :لقاء يحتفي بالذكرى ال50 ل"ملحمة 1975″ و محاكاة رمزية لها بحضور شاحنة "berliet" ( صور + فيديو )    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    زينة الداودية عن صفقة زياش التاريخية: إنها الوداد يا سادة    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    التوقعات المبشرة بهطول الأمطار تطلق دينامية لافتة في القطاع الفلاحي    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    تقرير يقارن قانوني مالية 2025 و2026 ويبرز مكاسب التحول وتحديات التنفيذ    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب بعد لبنان في موجة الانتفاضات.. وهذا هو الحل
نشر في لكم يوم 22 - 10 - 2019

يُعتبر ‬الوضع ‬الطائفي ‬بلبنان، ‬وتسييسه، ‬سبب ‬تعثر ‬حركة ‬المجتمع ‬المدني، ‬وهنالك ‬من ‬كان ‬يرى ‬أن ‬اللبنانيين ‬مستعدين ‬للخروج ‬إلى ‬الشارع ‬بالآلاف ‬إذا ‬ما ‬مُسّ ‬زعيم ‬طائفة، ‬في ‬حين ‬أن ‬الاحتجاج ‬من ‬أجل ‬مطالب ‬مادية ‬أو ‬معنوية ‬تخص ‬المواطن ‬غير ‬واردة ‬بتاتا ‬في ‬تفكير ‬اللبناني.‬
يُقال ‬ان ‬اللبنانيين ‬أكثر ‬الشعوب ‬العربية ‬حبا ‬للحياة ‬وتمسكا ‬بالمرح، ‬وذلك ‬بسبب ‬سنوات ‬من ‬المعاناة ‬من ‬الحرب ‬الأهلية، ‬هذه ‬الحقيقة، ‬اليوم، ‬تبدو ‬غير ‬ذلك. ‬والأمر ‬هنا ‬لا ‬يقتصر ‬على ‬لبنان، ‬فحتى ‬الجزائريين ‬الذين ‬بدورهم ‬عانوا ‬من ‬حرب ‬أهلية ‬توشحّت ‬فيها ‬البلاد ‬السواد ‬لعقد ‬من ‬الزمن، ‬ظلوا ‬دائما ‬في ‬تحليلات ‬خبراء ‬السياسات، ‬بعيدين ‬عن ‬خلق ‬حركة ‬احتجاجية، ‬على ‬عكس ‬التونسيين ‬والمغاربة ‬والمصريين، ‬مثلا، ‬الذين ‬يملكون ‬تاريخا ‬طويلا ‬من ‬العمل ‬النقابي ‬والتنظيمات ‬السياسية ‬المعارضة ‬للنظام.‬
خروج ‬اللبنانيين ‬اليوم ‬إلى ‬الشارع ‬في ‬انتفاضة، ‬قد ‬تهدأ ‬فجأة ‬وقد ‬تستمر، ‬وقد ‬تتخذ ‬شكل ‬حراك ‬منظم ‬متواصل، ‬مما ‬سينهك، ‬إذا ‬حدث، ‬قدرات ‬الدولة ‬أمنيا ‬واقتصاديا، ‬جاء ‬احتجاجا ‬على ‬ضرائب ‬أنهكت ‬كاهل ‬المواطن، ‬ولم ‬تكن ‬حلقة ‬"الوات ‬ساب" ‬إلا ‬سببا ‬صغيرا ‬تحول ‬إلى ‬حدث ‬كبير.‬
الوضع ‬الاجتماعي ‬في ‬لبنان ‬قريب ‬إلى ‬حد ‬كبير ‬من ‬نظيره ‬في ‬المغرب. ‬فأهم ‬سمات ‬هذا ‬الوضع ‬هي ‬انتشار ‬الفساد ‬المالي ‬والإداري ‬بشكل ‬رهيب، ‬وهو ‬ما ‬تكشفه، ‬أيضا ‬في ‬المغرب، ‬التقارير ‬المختصة ‬والتي ‬تحذر ‬في ‬كل ‬مرة ‬من ‬تزايده، ‬ينضاف ‬إلى ‬ذلك ‬ارتفاع ‬الضرائب ‬مقابل ‬التضخم ‬في ‬الأسعار، ‬ما ‬يجعل ‬المواطن ‬أشبه ‬بقنبلة ‬موقوتة ‬قابلة ‬للانفجار ‬في ‬أي ‬لحظة.‬
الوضع ‬السياسي ‬في ‬لبنان، ‬لا ‬يعاني ‬من ‬التحكم ‬عكس ‬المغرب، ‬فالبلد ‬يعيش ‬حياة ‬سياسية ‬صاخبة، ‬حيث ‬يستطيع ‬الجميع ‬التعبير ‬عن ‬رأيه ‬واتخاذ ‬القرار ‬بكل ‬استقلالية ‬عندما ‬يتولى ‬السلطة، ‬لكن ‬في ‬المقابل ‬يركز ‬النظام ‬الطائفي ‬السلطة ‬لدى ‬الاحزاب ‬وزعاماتها ‬على ‬حساب ‬إضعاف ‬هيبة ‬الدولة ‬التي ‬تستمدها ‬من ‬القانون ‬والمؤسسات، ‬مقابل ‬ذلك ‬لازال ‬يعيش ‬المغرب ‬في ‬ظل ‬تحكم ‬يكرسه ‬نظام ‬المخزن ‬الذي ‬ما ‬يزال ‬يحافظ ‬على ‬نفسه ‬كسلطة ‬فوق ‬جميع ‬السلط ‬باعتباره ‬أبو ‬السلط، ‬والذي ‬تمتد ‬توجيهاته ‬لتشمل ‬حتى ‬الأحزاب.‬
مفاجأة ‬2019 ‬جاءت ‬من ‬الجزائر ‬ولبنان. ‬الجزائر ‬التي ‬كانت ‬تظهر ‬في ‬أعين ‬المحللين ‬والمتتبعين ‬أنها ‬غير ‬مؤهلة ‬لقيادة ‬حراك ‬بتنظيم ‬محكم، ‬والتي ‬عانت ‬من ‬حكم ‬العائلة ‬والحزب ‬"الوحيد" ‬وهيمنة ‬عسكرية ‬على ‬الاقتصاد ‬الحكومي، ‬ولبنان ‬الذي ‬بدوره ‬ظل ‬مستبعدا ‬من ‬قائمة ‬الشعوب ‬العربية ‬المستعدة ‬للانتفاض، ‬والذي ‬تتحكم ‬في ‬كل ‬كبيرة ‬وصغيرة ‬فيه، ‬الأنظمة ‬الطائفية ‬التي ‬اتخذت ‬شكلا ‬اقطاعيا ‬امتدت ‬سلطتها ‬على ‬المجال ‬الترابي ‬والمناطق، ‬والتي ‬تشكل ‬بحد ‬ذاتها ‬ما ‬يشبه ‬دويلات ‬داخل ‬الدولة ‬الواحدة، ‬والتي ‬تتدخل ‬حتى ‬في ‬الاختيارات ‬جد ‬الشخصية ‬للبنانيين، ‬كالزواج ‬وأسماء ‬المواليد.‬
المغرب ‬وتونس، ‬بلدان ‬اختارا ‬احداث ‬إصلاحات ‬انطلقت ‬مع ‬2011، ‬على ‬خلفية ‬احتجاجات ‬تسببت ‬في ‬إسقاط ‬حكم ‬زين ‬العابدين ‬بن ‬علي ‬الرئيس ‬التونسي ‬الأسبق، ‬ودفعت ‬مثيلتُها ‬في ‬المغرب ‬الى ‬إلغاء ‬ولاية ‬الحكومة ‬قبل ‬نهايتها ‬وتعديل ‬الدستور ‬وانتخابات ‬فُتحت ‬في ‬وجه ‬الجميع ‬دون ‬تدخل ‬من ‬السلطات.‬
اليوم، ‬تنطلق ‬موجة ‬احتجاجات ‬جديدة ‬ضربت ‬السودان ‬والجزائر ‬ومصر ‬وحاليا ‬تضرب ‬لبنان، ‬واللاعب ‬الأبرز ‬فيها ‬هو ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬التي ‬بدروها ‬شهدت ‬تطورا، ‬وتنامت ‬شعبيتها ‬منذ ‬2011، ‬كما ‬تطورت ‬أساليب ‬الاحتجاج ‬وأشكال ‬الحشد ‬بالموازاة ‬مع ‬تطور ‬الأوضاع ‬الاجتماعية ‬في ‬عدد ‬من ‬البلدان ‬التي ‬كانت ‬شملتها ‬حركات ‬الاحتجاج ‬السلمي ‬في ‬ما ‬سمي ‬الربيع ‬العربي، ‬ونجت ‬من ‬الصراعات ‬المسلحة، ‬وهو ‬تطور ‬كان ‬في ‬مجمله ‬سلبيا ‬على ‬مستوى ‬المعيشة، ‬إذ ‬مقابل ‬ارتفاع ‬مستوى ‬الأسعار، ‬لم ‬تعرف ‬هذه ‬السنوات ‬التسع ‬أي ‬تحسن ‬يذكر ‬في ‬القدرة ‬الشرائية ‬للمواطن، ‬فيما ‬تحققت ‬إصلاحات ‬همت ‬حرية ‬التعبير، ‬في ‬المغرب، ‬وهذا ‬إن ‬بدى ‬إيجابيا ‬بالنسبة ‬للمواطن، ‬فإنه ‬مقابل ‬ذلك ‬يحمل ‬تحديات ‬للدولة. ‬فالمغرب ‬قبل ‬2011 ‬كان ‬مسكونا ‬بالهواجس ‬الأمنية ‬المترتبة ‬عن ‬سنوات ‬من ‬حكم ‬الاستبداد ‬في ‬عهد ‬الحسن ‬الثاني، ‬إلا ‬أنه ‬استطاع ‬التحرر ‬منها ‬في ‬خضم ‬الانتفاضة ‬الشعبية ‬في ‬‮2011‬، ‬وهذا ‬ما ‬يدعم ‬فرضية ‬تشكل ‬حركة ‬احتجاجية ‬في ‬الشارع ‬المغربي ‬في ‬أي ‬لحظة ‬وبشكل ‬غير ‬متوقع، ‬ومع ‬غياب ‬حلول ‬بديلة، ‬أو ‬تسويات ‬سياسية ‬كالتي ‬حدثت ‬في ‬2011، ‬بتعديل ‬دستوري ‬لم ‬يمس ‬جذريا ‬اختصاصات ‬الملك، ‬وفتح ‬الباب ‬للإسلاميين ‬لأول ‬مرة ‬لدخول ‬الحكومة، ‬فإن ‬مثل ‬هذه ‬الحلول ‬لن ‬تكون ‬ذات ‬تأثير ‬على ‬الوضع ‬المغربي ‬في ‬الوقت ‬الراهن، ‬في ‬حال ‬وقوع ‬تحركات ‬احتجاجية ‬كالتي ‬تشهدها ‬حاليا ‬البلدان ‬سالفة ‬الذكر.‬
لا ‬ننكر ‬أن ‬دستور ‬2011 ‬جاء ‬متقدما ‬وفتح ‬المجال ‬لإصلاحات ‬هامة، ‬غير ‬أن ‬الثابت ‬أن ‬الخلافات ‬التي ‬نعيشها ‬يوميا ‬في ‬مسار ‬المخاضات ‬الحكومية ‬المتواصلة ‬منذ ‬أول ‬حكومة ‬في ‬عهد ‬الدستور ‬الحالي، ‬هي ‬نتيجة ‬الباب ‬الثالث ‬في ‬الدستور ‬المتعلق ‬باختصاصات ‬الملك ‬ورئيس ‬الحكومة. ‬لقد ‬أثبتت ‬الفترة ‬التي ‬قضاها ‬كل ‬من ‬رئيس ‬الحكومة ‬السابق ‬عبد ‬الإله ‬بن ‬كيران ‬والحالي ‬سعد ‬الدين ‬العثماني، ‬أن ‬التعايش ‬سياسيا ‬في ‬ظل ‬اختصاصات ‬متداخلة ‬غير ‬ممكن، ‬لذلك ‬اختار ‬الحزب ‬الإسلامي ‬أن ‬يضحي ‬برأس ‬زعيمه. ‬القرار ‬الذي ‬كانت ‬له ‬تكلفة ‬كبيرة ‬على ‬الحزب، ‬وبعدما ‬مارس ‬المعارضة، ‬أو ‬لنقل ‬التمرد ‬على ‬وضع ‬غير ‬طبيعي ‬سماه ‬بن ‬كيران ‬ب"التحكم" ‬نصحو ‬اليوم ‬على ‬ما ‬سمي ‬"حكومة ‬كفاءات" ‬هي ‬في ‬الواقع ‬صورة ‬مضبوطة ‬الألوان ‬عن ‬واقع ‬الاحزاب ‬في ‬المغرب، ‬تؤكد ‬أن ‬مصير ‬كل ‬حزب ‬أراد ‬التمسك ‬ولو ‬بجزء ‬ضئيل ‬من ‬مواقفه، ‬إلى ‬حلبة ‬الترويض ‬و"إعادة ‬التأهيل" ‬وبنفس ‬المنهجية ‬كسرت ‬السلطة ‬على ‬مدى ‬سنوات، ‬منذ ‬الاستقلال، ‬كل ‬المحاولات ‬لبناء ‬عمل ‬سياسي ‬جاد.‬
المغرب ‬ضيع ‬حوالي ‬عشر ‬سنوات، ‬كان ‬بالإمكان ‬توظيفها ‬في ‬محاربة ‬الفساد ‬المالي ‬والإداري ‬الذي ‬هو ‬العائق ‬الأول ‬والأهم ‬في ‬مسار ‬التنمية، ‬كما ‬كان ‬بالإمكان ‬الاستفادة ‬من ‬هذه ‬الفترة ‬في ‬بناء ‬دعائم ‬عمل ‬سياسي ‬مستقل ‬عن ‬أي ‬تدخلات ‬من ‬الجهات ‬النافذة ‬والأطراف ‬الموازية ‬للحكومة.‬
الإشكالية ‬في ‬المغرب، ‬ليست ‬في ‬الأحزاب، ‬وإنما ‬في ‬تدخل ‬السلطات ‬العليا، ‬في ‬العمل ‬السياسي ‬خاصة ‬الحزبي، ‬وتداخل ‬الاختصاصَات ‬بين ‬رئيس ‬الحكومة ‬والملك، ‬وهنا ‬يطرح ‬الباب ‬الثالث ‬في ‬الدستور ‬أو ‬ما ‬يعرف ‬بباب ‬الحكم، ‬نفسه، ‬كمعيق ‬لتقدم ‬الملكية ‬نحو ‬مزيد ‬من ‬التطور، ‬والتحول ‬من ‬ملكية ‬تنفيذية ‬تتداخل ‬مهامها ‬مع ‬الجهاز ‬التنفيذي، ‬إلى ‬ملكية ‬أكثر ‬سموا ‬ورفعة ‬عن ‬ساحة ‬الممارسة ‬السياسية، ‬والعمل ‬اليومي ‬للحكومة ‬التي ‬تتحمل ‬المسئولية ‬المباشرة ‬عن ‬إدارة ‬جميع ‬القطاعات.‬
نحتاج ‬اليوم، ‬وفي ‬ظل ‬تحولات ‬إقليمية ‬متسارعة ‬ومؤثرة، ‬ووضع ‬محلي ‬يغلب ‬عليه ‬الاحباط ‬على ‬المستوى ‬الشعبي، ‬وفقدان ‬الأمل ‬في ‬تحسن ‬الأوضاع، ‬وفقدان ‬الثقة ‬في ‬مؤسسات ‬الدولة ‬وفي ‬المؤسسات ‬السياسة، ‬كآلية ‬للتغيير ‬الفعلي، ‬لتجاوز ‬أزمة ‬الانسداد ‬التي ‬يعرفها ‬المغرب، ‬إلى ‬تعديل ‬على ‬الباب ‬الثالث ‬من ‬الدستور، ‬يحدد ‬اختصاصات ‬الملك ‬في ‬الجوانب ‬العليا ‬كالأمن ‬القومي ‬للبلاد، ‬والحفاظ ‬على ‬استمرارية ‬العلاقات ‬الخارجية ‬كضمانة ‬لها ‬للنأي ‬بها ‬عن ‬التحولات ‬السياسية ‬الداخلية، ‬وممارسة ‬باقي ‬الاختصاصَات ‬التي ‬رغم ‬رمزيتها ‬فإن ‬لها ‬أهمية ‬كبيرة ‬في ‬حفظ ‬التوازنات ‬بين ‬المؤسسات ‬الادارية ‬والمنتخبة ‬والأفرقاء ‬السياسيين.. ‬يجب ‬القطع ‬مع ‬عمل ‬المجلس ‬الحكومي ‬وإلغائه ‬في ‬الدستور، ‬لتجاوز ‬ازدواجية ‬ما ‬يعرف ‬ب"الخطوط ‬العريضة" ‬التي ‬تجعل ‬منه ‬مؤسسة ‬تابعة ‬للمجلس ‬الوزاري ‬الذي ‬يرأسه ‬الملك ‬وفيه ‬يعطي ‬التوجيهات ‬ويرسم ‬الخطوط ‬العريضة ‬لكي ‬تناقشها ‬الحكومة ‬بعد ‬ذلك ‬في ‬المجالس ‬الحكومية، ‬في ‬حين ‬يستوجب ‬التغيير، ‬الانتقال ‬من ‬هذا ‬الوضع ‬البيروقراطي ‬إلى ‬وضعية ‬أكثر ‬مرونة ‬تمر ‬عبر ‬تحويل ‬اختصاص ‬المجلس ‬الوزاري ‬إلى ‬رئيس ‬الحكومة، ‬كنوع ‬من ‬الترقية ‬إلى ‬رئاسة ‬مجلس ‬الوزراء، ‬الذي ‬يعطي ‬رئيس ‬الوزراء ‬صلاحيات ‬واسعة ‬مستقلة ‬عن ‬أي ‬تدخلات، ‬لممارسة ‬سلطة ‬الرقابة ‬والتوجيه ‬والمحاسبة ‬على ‬فريقه ‬الوزاري، ‬ما ‬يجعل ‬الحكومة ‬محصنة ‬بضمانة ‬سياسية ‬يتحمل ‬مسؤوليتها ‬رئيس ‬الحكومة، ‬ويكون ‬هو ‬الضامن ‬لمزاولة ‬هؤلاء ‬الوزراء ‬مهامهم ‬على ‬نحو ‬يمنحهم ‬الاستقلالية ‬والقدرة ‬على ‬اتخاذ ‬القرارات ‬المناسبة.‬
إن ‬أهم ‬عائق ‬أمام ‬تعميم ‬مخططات ‬التنمية ‬لتشمل ‬جميع ‬الشرائح ‬والمناطق ‬والقرى ‬والبلدات، ‬هو ‬الفساد ‬في ‬مستوياته ‬الادارية ‬والمالية، ‬ولن ‬تتأتى ‬محاربته، ‬إلا ‬إذا ‬تم ‬تفعيل ‬سياسة ‬ناجعة ‬تتجاوز ‬منطق ‬الحملات ‬التصحيحية ‬أو ‬التطهيرية ‬الموسمية، ‬وهذا ‬لا ‬يمكن ‬له ‬أن ‬يحدث ‬إلا ‬تحت ‬مسئولية ‬حكومة ‬تتمتع ‬بكامل ‬ضمانات ‬الاستقلالية ‬وعبر ‬رئيس ‬مجلس ‬وزراء ‬كامل ‬الصلاحيات.‬
النقطة ‬المثيرة ‬في ‬دستور ‬‮2011‬، ‬إن ‬لم ‬نقل، ‬الركن ‬العجيب ‬في ‬هذا ‬النص، ‬هو ‬ما ‬جاء ‬به ‬الفصل ‬الخامس، ‬الذي ‬شرّع ‬الأبواب ‬نحو ‬مأسسة ‬منظومة ‬طائفية ‬لم ‬يكن ‬لها ‬أثر ‬يذكر ‬على ‬مستوى ‬القاعدة ‬الشعبية، ‬إلا ‬بعد ‬ظهور ‬مصطلحات ‬وتعبيرات ‬غريبة، ‬لا ‬تتماشى ‬مع ‬فلسفة ‬الدساتير ‬الحديثة، ‬ونخص ‬بالذكر، ‬ما ‬جاء ‬في ‬المقدمة، ‬عن ‬الهويات ‬القطرية ‬التي ‬ابتدعها ‬أشخاص ‬اختصاصهم ‬الفقه ‬الدستوري ‬لا ‬علم ‬الاجتماع ‬أو ‬الأنثروبولوجيا، ‬فنشأت ‬عنه ‬عبارات ‬انشائية ‬كانصهار ‬الهوية ‬العربية ‬الإسلامية ‬والأمازيغية، ‬كما ‬كرّس ‬مفهوم ‬الانقسام ‬اللغوي، ‬مثلما ‬تبنى ‬رسميا ‬هويات ‬طائفية ‬كالتي ‬سماها ‬بالروافد ‬الأندلسية ‬والعبرية ‬والحسانية ‬والأفريقية ‬والمتوسطية، ‬إضافة ‬إلى ‬الوصفة ‬الرومنطيقية ‬التي ‬تحدث ‬عبرها ‬عما ‬أسماه ‬حماية ‬اللهجات ‬والتعبيرات ‬اللسنية.‬
هذا ‬الفصل ‬كان ‬كافيا ‬لإثارة ‬نزعة ‬طائفية ‬امتدت ‬إلى ‬المؤسسات ‬الحزبية ‬والإدارية، ‬فأصبحنا ‬أمام ‬نموذج ‬"لبننة" ‬المشهد ‬السياسي ‬في ‬المغرب، ‬ويأتي ‬هذا ‬الحديث ‬على ‬إيقاع ‬ما ‬يرفعه ‬الكثير ‬من ‬اللبنانيين ‬اليوم ‬في ‬انتفاضتهم ‬المباركة ‬من ‬شعارات ‬تكيل ‬التهم ‬للنظام ‬الطائفي ‬للأحزاب، ‬الذي ‬أنتج ‬نظام ‬المحاصصة ‬الذي ‬هو ‬العصا ‬الموضوع ‬في ‬عجلة ‬التطور ‬والتنمية ‬الاجتماعية.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.