في دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة "التقارير العلمية" التابعة لمؤسسة "نيتشر"، سلط باحثون مغاربة الضوء على الخصائص الغذائية والوظيفية لمعجوني التين من صنفي "غودان" و"شتوي"، وهما من الأصناف المحلية المنتشرة في شمالي البلاد. وتهدف هذه الدراسة إلى تقييم القيمة الغذائية، والقدرات المضادة للأكسدة، والفعالية المضادة للميكروبات لهذين المعجونين، مما يفتح آفاقا جديدة لاستخدامهما في مجالات التغذية والصحة. ويعد معجون التين منتجا غذائيا طبيعيا يُصنع عن طريق طهي حبات التين الناضجة بعد تقشيرها أو سحقها، حتى تتحول إلى خليط كثيف يشبه المربى.
وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة أن معجون التين، سواء "غودان" أو "شتوي"، يحتوي على نسب عالية من السكريات الطبيعية، والألياف، والمعادن مثل الحديد والكالسيوم، إلى جانب مركبات مضادة للأكسدة. هذه العناصر تجعل من التين مادة غذائية مفيدة لصحة الجسم، خاصة في تقوية المناعة والوقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة والالتهابات. استعان الباحثون بتحاليل متقدمة لفهم مكونات المعجون بشكل أدق، ووجدوا أن النوعين يتضمنان مواد طبيعية فعالة تُعرف بتأثيرها الإيجابي على الصحة، ومن بينها مركبات نباتية معروفة بخصائصها في محاربة الأكسدة والالتهابات. أما من حيث القوة المضادة للأكسدة، فقد سجل معجون "غودان" أداء مميزا، وهو ما يعني أنه أكثر قدرة على تحييد الجذور الحرة، وهي جزيئات ضارة ترتبط بظهور عدة أمراض، مثل أمراض القلب والسرطان. ويُعد وجود مثل هذه الخصائص دافعا كبيرا لتشجيع استهلاك معجون التين بانتظام، خاصة في ظل توجه الناس نحو الأغذية الطبيعية بدلا من الأدوية الكيميائية. ولم تتوقف الدراسة عند الجانب الغذائي، بل اختبرت أيضا قدرة المعجون على مقاومة البكتيريا والفطريات التي قد تسبب أمراضا للإنسان. وقد أظهرت النتائج أن مستخلصات معجون التين نجحت في إيقاف نمو عدة أنواع من الميكروبات الضارة، من بينها بكتيريا معروفة تسبب الالتهابات وأخرى مسؤولة عن التسمم الغذائي، إضافة إلى فطريات تسبب التهابات جلدية ومهبلية. وفتحت هذه النتائج المجال أمام إمكانية استخدام معجون التين كمكمل غذائي أو مكون طبيعي في الصناعات الدوائية. وأكد الباحثون أن ما يميز التين المغربي، خصوصا صنفي "غودان" و"شتوي"، هو أنهما من الأنواع المحلية التي نمت وتطورت في مناخ المغرب وظروفه الزراعية الخاصة، وهو ما يمنحهما تركيبة فريدة مقارنة بأصناف التين الأخرى في العالم. وأشاروا إلى أن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو استغلال التين المغربي كمنتج ذي قيمة مضافة في السوقين المحلي والدولي، خصوصا في زمن بات فيه المستهلك يفضل الأغذية الطبيعية والغنية بالعناصر الصحية. ويأمل الفريق العلمي أن تكون هذه النتائج دافعا للمزارعين والفاعلين في قطاع الصناعة الغذائية من أجل الاستثمار في التين وتحويله إلى منتجات طبيعية ذات جودة عالية. كما يدعون إلى المزيد من الأبحاث لتطوير طرق التصنيع والتخزين، بما يحافظ على خصائص التين الغذائية والوظيفية.