الوكيل العام بفاس يأمر بوضع البرلماني البوصيري ومن معه تحت تدابير الحراسة النظرية    الجيش الملكي ونهضة بركان يقتسمان نقاط المباراة ويواصلان تصدر البطولة    توقيف "عشاب" بفاس يروج لمنتوجاته بمصطلحات مخلة بالحياء    المغرب ينقذ 234 مهاجرا سنغاليا من الغرق وينتشل جثة    مصرع شخص دهسته سيارة وسط طنجة    إنعقاد إجتماع بمديرية السكان جمع بين ممثلي الفرقاء الإجتماعيين وأطر مديرية الموارد البشريه ومديرية التنظيم والمنازعات بدعوة من وزارة الصحة والحماية الإجتماعية    عقد الجمع العام لعصبة جهة الرباط سلا القنيطرة لكرة السلة    «إكس» تواجه دعوى قضائية من شبكة اجتماعية أخرى بنفس الاسم    وزارة الفلاحة: مساحة زراعة النخيل تغطي 67 ألف هكتار وتضم 7.2 مليون نخلة وإنتاج التمور هذا الموسم يقدر ب 115 ألف طن    عرض مسرحية "الفراش" لفرقة أوكاليبتوس بتعاون مع جمعية الزاوية بالمركز الثقافي مدينة القنيطرة    زلزال الحوز.. بنعبد الله يقر بتقصير مختلف المسؤولين اتجاه المغرب العميق    لجنة العدل بمجلس النواب تصادق على "شراء العقوبة السجنية" بالمغرب    سانشيز عن تنظيم كأس العالم: هذا إعلان عظيم وتنظيم عظيم    وزارة الصحة: لم يتم تسجيل، إلى حدود اليوم، أي انتشار استثنائي لحشرة بق الفراش على مستوى التراب الوطني    طبيب أمريكي يواجه 300 دعوى قضائيّة وحكم بسجنه 20 عاماً    إيقاف شخص متلبس بانتحال صفة إطار أمني داخل محكمة ابتدائية    رابطة علمائية تصدر بيانا مهما بشأن "قانون النوع النَّسَوِي" في موريتانيا    التوفيق يثمن إجراءات السعودية لتسهيل ظروف المعتمرين المغاربة    الملك يستقبل 14 سفيرا أجنبيا.. ضمنهم سفراء أمريكا وفرنسا وأوكرانيا    بحضور التيسودالي والعملود.. الركراكي يستدعي 26 لاعبا لمباراتي ليبريا والكوت ديفوار    مستشفى "20 غشت" يؤكد إصابة 16 مريضا بأعراض العمى بسبب حقن ويعلن فتح تحقيق    وزارة الصحة: لم يتم تسجيل أي انتشار استثنائي لحشرة بق الفراش    الحكومة تقرر منع تصدير زيت الزيتون    هذه تفاصيل احتضان مراكش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد    "الإيسيسكو" تستشرف مستقبل الترجمة العربية في ظل تطور "الذكاء الاصطناعي"    الأمثال العامية بتطوان... (418)    نجل بايدن يدفع ببراءته من تهمة حيازة السلاح بشكل غير قانوني    موسكو تؤكد فشل الهجمات الأوكرانية على خط الجبهة    صناعة الطيران المغربية تظهر ابتكارا متواصلا    الطاشي يكتب: المتصرفون غاضبون على مشروع النظام الأساسي    الملك محمد السادس يستقبل بالقصر الملكي بالرباط عددا من السفراء الأجانب    نجوم أسود الأطلس يتألقون بدوري أبطال آسيا    كأس العالم 2030.. 3 مباريات ستقام في الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي حتفالا بمرور 100 سنة على انطلاقة أول نسخة مونديالية    فوز ثلاثة علماء بجائزة نوبل فى الكيمياء    وفاة شخص رهن الحراسة النظرية في مارتيل    جماعة تطوان في بادرة أولى من نوعها تؤسس الهيئة الاستشارية للثقافة    حكومة سانشيز، بين الديموقراطية والدستور ومعنى..الأمة!    لمعالجة نقص العمالة.. ألمانيا تسهل إجراءات التجنيس    مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة يطلق صندوق الشمال للاستثمار والتنمية "نورديف"    وفاة شخص كان تحت الحراسة النظرية لدى شرطة مرتيل    نوبل الكيمياء لثلاثة علماء أحدهم تونسي    "لومونذ": فرنسا متصالحة مع القانون الدولي في قضية الصحراء.. واستبداد الرباط داخليا وممارساتها المتطفلة خارجيا يضران بصورتها    مغني فرقة ابن عربي يجمع 16 منشدا مغربيا في «مطبوع»    الكوميدي التطواني حسن أوهار يحتفل بزفافه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    تثمين منهجية الإشراك القائمة بين السلطات والهيئات المختصة المعنية بإعمال قانون محاربة العنف ضد النساء    المندوبية السامية للتخطيط : تراجع الأرقام الاستدلالية للتجارة الخارجية خلال الفصل الثاني لسنة 2023    نحو 40 في المئة من المقاولات الصغرى والمتوسطة المغربية تعتقد أنها معرضة لمخاطر الأنترنت    جائزة الثقافة الأمازيغية «الرقص الجماعي» لجمعية الشرق للتنمية بمدينة دبدو «تاوريرت»    سابقة.. المغربي المنيرة أولُّ عربي ضمن لجنة نوبل للطبّ    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إدارة ‬ميناء ‬طنجة ‬المتوسط ‬تنفي ‬تفعيل ‬أي ‬نظام ‬لليقظة ‬الصحية ‬والبيئية ‬    هل بق الفراش يشكل تهديدا على صحة المواطن المغربي؟ مختص في النظم الصحية يجيب عبر "رسالة24 "    بعد 3 سنوات.. القضاء يبرئ زوج نانسي عجرم من تهم ثقيلة    تمتيع أهل البلدة بأخبار مولاي أحمد أبا عبيدة.. مفخرة أهل مراكش خاصة والمغرب عامة    الأمثال العامية بتطوان... (417)    «الموتُ هو اكتمالُ الذكريات، وليس غيابًا أبديًا»    بالصور.. شخص من جنسية ألمانية يشهر إسلامه بالمجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة تاريخية.. واجبات وحقوق الصحافة والصحفيين في مغرب بداية القرن الماضي
نشر في لكم يوم 24 - 10 - 2020

يبدو أن محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي (1874 – 1956) أحد روّاد الفكر الإصلاحي في المغرب، كان من القلائل – إن لم يكن الوحيد – الذي انتبه مبكراً لأهمية الصحافة، وذلك في مخطوط كتبه في بداية القرن العشرين بعنوان «واجب الصحافة» تحدث فيه عما وصفه بواجبات الصحافة والصحافيين وحقوقهما.
ذلك أنه خلال هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المغرب، قليلة هي كتابات المفكرين المغاربة الأوائل، حول الصحافة وأدوارها، على خلاف ما درجوا على تأليفه في قضايا الفقه والحديث والسيرة والتصوف والأدب واللغة والتاريخ والرحلات والاقتصاد والعلوم والموسيقى.

واجبات الصحافة والصحافيين ثقيلة
بيد أن الحجوي الذي جايل خمسة ملوك هم: الحسن الأول ومولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ ومولاي يوسف ومحمد الخامس، كان يرى أنه إن كان للصحافة والصحافيين حقوق، فإنه تقع على عاتقهم واجبات التي وصفها بأنها «أهم وظائف الحياة».
أما ما على الصحافة أو الصحافيين – يقول الحجوي – فهي واجبات ثقيلة يجب عليه (أي الصحافي) معرفتها أولاً، تم أداؤها ثانياً، وعلى القراء مثل ذلك. وإذا عرفنا ما هو القصد الأهم من ابتكار الصحافة في بلاد يراد الدخول بها في ميدان الرقي والإصلاح، سهل علينا معرفة تلك الواجبات. وفي معرض مقاربته لتاريخ السلطة الرابعة، ذكر الحجوي «إن ابتكار الصحافة يُعزى للصين، قبل مئات من السنين»، قبل أن يستدرك بالقول «ولكن الذي اعتنى به وأتقنه (أي فن الصحافة) هم أهل أوروبا حين شرعوا في حياتهم الجديدة».
توصيل أفكار الأمة لتعلم حقائق الأحوال
ويرى الحجوي أن «القصد منه (ابتكار الصحافة) إيصال أفكار العامة للخاصة، والعكس. فأفكار العامة توصل للخاصة، يعنى أفكار الأمة، لتتجنب الغلط في سيرها وتكون على بينة من أمرها. وأفكار الخاصة توصل للعامة، لتعلم حقائق الأحوال، ويزول سوء الفهم. كذلك، أفكار الخاصة من أهل العلم وأصحاب الفنون توصل للعامة، لتتربى فيها ملكة العلم والأدب ويذهب الجهل شيئاً فشيئاً، وتكتسب الفضائل وتتجنب الرذائل» يوضح الحجوي الذي امتهن التدريس في بداية مشواره، وكان مندوباً لوزارة المعارف لمدة عشرين سنة، وبعدها وزيراً للعدل.
وعبر الحجوي عن قناعته التامة بالأدوار المهمة التي يمكن أن تضطلع بها الصحافة التي «هي بمنزلة مدارس متنقلة، تصحب الإنسان حيثما كان، على اختلاف أنواعها، فالصحف والمجلات العلمية الأدبية أمرها ظاهر معلوم، من حيث كونها يُراد بها التعليم والتهذيب، وكذلك بقية أنواع الصحف، فالصحف التجارية مثلاً – يوضح الحجوي – تعلم التجار علوم التجارة وفنونها، لتترقى مهنتهم والصحف الفلاحية والصناعية كذلك، وهكذا سائر الصحف».
ويندرج مخطوط الحجوي الثعالبي حول واجب الصحافة، والذي يبدو أنه كتب قبيل فرض الحماية على المغرب عام 1912. ضمن اجتهاداته الفكرية من أجل إدراج البلاد في سيرورة التطور الذي كانت تشهده أوروبا خلال تلك الفترة.
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة «الطاعون» الصادرة عام 1906 في مدينة فاس كانت أول جريدة مخطوطة باللغة العربية يعرفها المغرب.
الصحافي مصلح مهذب
وإذا كان الصحافي يريد نجاح مهمته – يقول الحجوي الثعالبي – «فيجب عليه أن يعلم أنه مصلح مهذب، فيعمل بمقتضى وظيفته، فيكون دائماً متتبعاً لمواضع الضعف، من مدارك الأمة، ينبهها إليها، ويعالج داء الجهل، بمراهم العلم الصحيح، الخالي من كل تدجيل وخرافة، سواء في العلوم القديمة أو الحديثة».
ويلح المؤلف على ضرورة تسلح الصحافي بثقافة عامة، والارتقاء عن الجدال العقيم، والإشارة إلى مصاره، والعمل على الارتقاء بمستوى الأمة والتقيد بالاستقلالية.
ويؤكد في هذا السياق، أنه يتعين على الصحافي أن «يكون دائماً يأتي القراء بطرائف العلم الصحيح، المؤيّد بالبراهين المتينة، ويدرّب أمته على الاستدلال والاستنتاج، ويتجنّب الخلافات البيزنطية والمناقشات الطائفية، ويشتغل بما يغني، ويترك كل ما يُولِّد بين الأمة لغطاً أو اختلافاً أو شططاً. وإذا جاءته مقالة من عالم في موضوع علمي أو أدبي، نسبها إليه وتجنب كل تداخل يدخل جريدته في مأزق المنازعات أو التحزب لمذهب دون الآخر».
الصحافي ينشر ما يرقي أفكار الأمة
وكأن الحجوي يشير إلى ما يعرف اليوم ب«أخلاقيات مهنة الصحافة»، حينما يقول «وليكن همه (أي الصحافي) دائماً، السعي في نشر ما يرقّي أفكار الأمة إلى العلوم الحالية، وفهم الحقيقة منها. وإذا وقع في مناظرة فليتجنّب الشخصيات كلياً، وينظر للقول مجرداً عن مشخصات القائل». كما حذر من «تكثير الأوصاف عند ذكر الأشخاص، فأهل العلم لهم غيرة على ألقابهم التي حازوها بكرم. فإذا وصف بها مّن لا يستحقها، أو حرم منها مّن يستحقها، كان ذلك مفسداً للأخلاق والبغضاء، فمن الذي ينصف هيهات. فالأولى لمن يريد النجاح أن يتباعد عن ذلك كل ما في إمكانه»
ودعا الحجوي، الذي له أزيد من 100 مؤلف قارب فيها مختلف ضروب العلم والمعرفة، الصحافي إلى الابتعاد عن التملق والمدح، وشدد في هذا الصدد على ضرورة «تجنب كثرة التمدح بغير موجب، فإن ذلك يُعد تملقاً، وبالأحرى والأولى التباعد عن اللمز والطنز وكل جملة أو كلمة، تشعر بأدنى شيء مثل ذلك ما يقتل الجرائد ويفسد المبادئ». والحق الأعظم على الصحافي – يضيف الحجوي – هو أن يكون دائماً، بجانب الحق الصريح، لا يؤيد باطلاً ولا يموّه بما يظهر حقاً، وليكن دائم التحقيق والتمحيص للحقائق، ببراهينها الناصعة حتى لا يقع في أحبولة المغالطين والدجالين بالسم الناقع، الذي يقتل الجرائد والمجلات».
للجرائد على الأمة حقوق إعانتها مادياً وأدبياً
ولم يكتف هذا الفقيه والعالم، بالحديث فقط عن واجبات الصحافة والصحافي، بل تطرّق إلى حقوق الصحافة الواجبة على الأمة – أي الدولة بالمفهوم الحديث – حيث يقول في هذا الصدد: «فأما الحقوق التي للجرائد على الأمة، فهو إعانتها مادياً وأدبياً بقدر ما تستحق، كالاشتراك فيها، ومؤازرتها بالمقالات العلمية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية، بل والفكاهية، ليقع الإقبال عليها، وإسداء النصح لها، وغضّ الطرف عن هفواتها، وتنبيهها إلى غلطاتها برفقٍ ولين، ليكون أقرب للقبول».
إن هذا المخطوط المحفوظ في المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالعاصمة الرباط، حدد واجبات وحقوق الصحافة والصحافيين بحمولتها الفكرية. إذ كان سابقاً لظروف وأحوال الزمان الذي كُتب فيه، ما يجعله ذا قيمة نوعية، تقتضي من الباحثين والمهتمين بتاريخ الصحافة وآداب المهنة، الانكباب على البحث في القضايا الفكرية التي كانت محل انشغال في هذه الحقبة، والتي كانت مصدر إلهام لهذا المفكر الإصلاحي. وما يستحق الإشارة في هذا المجال، أن محمد الحجوي الثعالبي كان منتصراً لفكرة تعليم الفتيات، وإصلاح التعليم، خاصة، خلال الفترة التي أمضاها على رأس وزارة المعارف، ولقد ضمّن اجتهاداته في هذا الحقل في أشهر كتبه بعنوان «الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.