أخنوش: تكليف الداخلية بالمشاورات الانتخابية يضمن الحياد والتعددية    تقرير: وضع الديمقراطية في العالم مقلق وحرية الصحافة في أدنى مستوى لها منذ 50 عاما    أخنوش: الحكومة ستواصل خلال السنة الأخيرة من ولايتها تنزيل الأوراش الاجتماعية كما يريدها جلالة الملك    محكمة فرنسية تفرج عن مهاجرة مغربية رفضت الترحيل رغم وضعها غير القانوني    منسقة أممية تتفقد المينورسو بتندوف    الحكومة حققت حصيلة إيجابية في سياق دولي مضطرب وفي ظل ظروف مناخية صعبة (أخنوش)    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    900 مليون يورو من الفواكه والخضر المغربية تصدر نحو أسواق إسبانيا    لماذا يتفادى الركراكي مواجهة المنتخبات القوية..؟    افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026 (فيفا)    الكتب المدرسية المستعملة .. ملاذ الأسر لتخفيف عبء الدخول المدرسي    تحذير لقضاة الأسرة من شبكة إجرامية تزور وثائق خاصة بتعدد الزوجات    سلا: مصرع جانح بالرصاص بعد اعتدائه على شرطي    مهرجان بلجيكي يلغي عرضا لأوركسترا ألمانية بسبب قائدها الإسرائيلي    دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف        لامين يامال: "أحلم بالفوز بعدة كرات ذهبية"    رونالدو يثير الجدل بمتابعته مؤثر مسلم يقدم محتوى تعريفي عن الإسلام    لقجع يصدم خصوم الحاج أبرون ويحفظ مصداقيته أمام حملة تشكيك في طريق عودته لرئاسة المغرب التطواني    وزراء يؤكدون أن مشروع "AYA" خطوة للمغرب نحو تفعيل استراتيجيته الصناعية وتعزيز سيادته الغذائية    استغلال سيارات أجرة بطنجة لوثيقة تسعيرة مزورة تجرهم للمساءلة القانونية    تفاصيل اغتيال كيرك المؤيد لترامب ونتنياهو بالرصاص        أخنوش: حسابات سياسية عطلت تحلية المياه لعشر سنوات    "حيازة الكوكايين" يوقع مروجا للمخدرات في قبضة درك إساكن        مقتل طفل وإصابة آخرين جراء اقتحام سيارة حضانة قرب تورونتو بكندا    ارتفاع طفيف للذهب وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    المغرب يقود النقاش الإقليمي حول مستقبل الفضاء الأورو–متوسطي        طيارون يقرون بميلهم المتزايد إلى أخذ قيلولة أثناء الرحلات الجوية    الصين تفرض عقوبات على "ريد نوت" بسبب محتويات "تافهة" و"سلبية"        مليلية .. اعتقال بارون مخدرات مطلوب من المغرب باربع مذكرات بحث دولية    الدوري المغربي ينطلق بطموحات جديدة    الصين تكشف عن مخطط لتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي مع قطاع الطاقة    معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (CIFTIS) هذا العام.. القطاع السياحي والثقافي في قلب اهتماماته    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    هشام العلوي: الأجهزة الأمنية في المغرب تجاوزت صلاحياتها.. ودور الملكية في أي انتقال ديمقراطي يجب أن يكون أخلاقيا    أخنوش: حصيلة إعادة الإعمار بعد الزلزال مشرفة... ولم يعد إلا عدد قليل في الخيام    نحن جيل الذاكرة الحية    الفيلم المغربي "وشم الريح" يتوج بجائزة في مهرجان قازان الدولي    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر            بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضليل السياسي والإعلامي في قراءة الدروس البليغة
نشر في لكم يوم 18 - 02 - 2011

بعد انتصار الثورتين التونسية والمصرية خرج علينا بعض محترفي وسماسرة السياسة وجهابذة الكتبة الذين يغمسون أقلامهم في المحبرة المخزنية ليؤكدوا أن "المغرب قام بثورة الياسمين عبر ترسيخه للمشروع الحداثي الديمقراطي الكبير" دون خجل. بينما سارع آخرون إلى تسخيف الرأي الآخر الذي توقع امتداد جغرافية الثورة التونسية والمصرية لتشمل جميع الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في المغرب العربي. وبدأ التشكيك في وطنية أصحاب هذا الرأي، بل وُصفوا ب"أعداء الوطن" و"المنجِّمين" وغيرها من النعوت التي تستبطن ثقافة يمينية محافظة "إما معنا أو ضدنا"، والحال أن الله حاور الشيطان وأفسح له المجال للتعبير عن رأيه على الهواء مباشرة دون تدخل مقص الرقيب.
لا ينبغي أن ندفن رؤوسنا في الرمال ثم نُجرِّم ونُخوِّن الرأي الآخر الذي يرى ما لا نراه، بينما نعيش اليوم فورة شبابية ومجتمعية تتشوف للتغيير الجذري، وهو ما يجري في دول عربية كثيرة تبعد آلاف الأميال عن تونس ومصر. فهل نصم الآذان ونغمض العيون ونقول لأصحاب الرأي الآخر: كفوا عن هذا التنجيم. قمنا بثورتنا الهادئة بقيادة الملك...إن بلادنا محصنة ضد الانتفاضات الشعبية والمغاربة معتادون منذ فترة طويلة على التعبير عن أرائهم ولا يحتاجون للنموذج المصري أو التونسي!.
هذا كلام غير معقول وغير واقعي ولا يأخذ في الحسبان المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي يعيشها المجتمع المغربي، ولا ينظر إلى الحركة الانسيابية للتاريخ وقدرة الإنسان على الاختيار وصناعة مستقبله بإرادته وحريته بعد أن غسلت الثورة التونسية والمصرية قلبه من الخوف وفجرت طاقة الجسارة المكنونة لديه. فلم يكن رغيف الخبز والوظيفة وحدهما وقود ثورة الإنسان التونسي والمصري، بل الإرادة في الفكاك من أغلال الاستبداد والبلطجية والشعور بالمهانة والذل...
إن التحليلات التبسيطية لبعض المسؤولين المغاربة لا تختلف كثيراً عن تحليلات سحرة النظام الفرعوني البلطجي. ألم يخرج أبو الغيط بعدما تهاوت أركان النظام وحاصر المتظاهرون المؤسسات السيادية ليفسر أسباب اندلاع الثورة المصرية وهو الذي وصف إمكانية امتداد الثورة التونسية إلى مصر ب"الكلام الفارغ".
إن نزعة التجريم والتخوين لا تخدم سوى أجندة الأطراف التي تود الحفاظ على ديمومة الوضع الراهن وحالته السكونية، وربما إعادة إنتاج النماذج التي تتهاوى وتتساقط أمامنا اليوم، لأنها تستفيد من هذا الوضع في تعزيز مواقعها وتمديد نفوذها في مفاصل المؤسسات وترتيب أوراقها في انتظار الاستحقاقات المقبلة. وتتناغم هذه النزعة التخوينية التجريمية مع خطاب تلك الأطراف التي ترى أن "مواصلة ورشات الإصلاح تقتضي خلق دينامية مجتمعية حاملة لقيم ومبادئ ومرتكزات المشروع الديمقراطي الحداثي، مشكلة بذلك حصناً في مواجهة القوى المناهضة لمسلسل الإصلاح والمشككين في الدخل والخارج في قدرة المغاربة على إرساء نموذج مغربي في البناء الديمقراطي".
إن المنطق المؤسس لهذا الخطاب السياسي والإعلامي يقول للآخرين لا أريكم إلا ما أرى، لأن أصحابه يملكون الحقيقة ويعرفون ما يصلح لهذا البلد وما يضره أكثر من غيرهم، ويعلمون الوقت المناسب لإجراء الإصلاحات السياسية ومتى تكون خيراً وبركة ونعيماً ومتى تتحول إلى شر مستطير. لذلك فالحديث عن الإصلاح الآن وهنا ينبغي أن لا يتجاوز في نظر هؤلاء تصحيح الاختلالات المؤسساتية والإسناد الفكري لترسيخ الاختيارات الديمقراطية والحداثية التي تحافظ طبعاً على جوهر النظام السياسي وحالته السكونية المخزنية!.
وهكذا رأينا السعي المحموم لحزب سياسي خرج من رحم السلطة إلى خلق طبقة اجتماعية حاملة ل"مشروعه السياسي" وآماله وأحلامه في خدمة النظام المخزني، وبالطبع لم يأل جهداً في تسخير كل الوسائل والأدوات للوصول إلى هذا الهدف. فرأينا كيف هرول "ممثلو الشعب" إلى الوافد الجديد، وكيف اخترق بمشروعه بعض مؤسسات المجتمع المدني وبعض الوسائل الإعلامية ومراكز الدراسات للدعاية والخدمات المطلوبة وأشباه النخبة المثقفة...
إذن، يراهن هذا المشروع على التمدد والاكتساح لكل الخطوط والجبهات والمواقع لضمان حاضنة وقاعدة اجتماعية واسعة حاملة لأفكاره وداعمة لسياساته واختياراته، إذ يعلم الحزب الوافد جيداً أن وظيفته المخزنية تقتضي تمدداً أفقياً في النسيج الاجتماعي والمهني لاكتساب شرعية اجتماعية، ما يرسخ شبكة العلاقات المصلحية الزبونية التي تخدم خطابه السياسي. لذلك لا يتحدث الحزب عن التعديلات الدستورية لإرساء نظام ديمقراطي يقطع مع المنظومة المخزنية، وإنما يسعى في المرحلة الراهنة إلى خلق هذه الطبقة الاجتماعية الحاملة لمشروعه المخزني السلطوي.
إن استمرار رهان السلطة على هذا الاختيار المخزني "حزب السلطة" يجعلها خارج التاريخ ولا تقرأ الأحداث الجارية في تونس ومصر، حيث انهارت مؤسسات النظام الفرعوني البلطجي في "رمشة عين" لما تفككت حاضنته الاجتماعية وتبخرت، إذ لطالما سمعنا أن عدد أعضاء الحزب الوطني يتجاوز ثلاثة ملايين، كما تخبرت الشبكة المافيوزية لرجال المال والأعمال الذين نهبوا خيرات البلاد وتفككت آلته البلطجية البوليسية... وهو السيناريو الذي حدث مع مؤسسات نظام بن علي.
ينبغي للسلطة أن تستشرف المستقبل ب"المنظار" الذي يتطلع إليه الشعب المغربي المتشوف لنظام سياسي ديمقراطي مستند إلى معايير دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة، ومبتدأ ذلك تعاقد سياسي جديد يؤسس لدستور ديمقراطي مؤطر للمجال العمومي دستورياً بديلاً عن دستور السلطة المؤسس للفردانية الهلامية.
يا جماعة السلطة استيقظوا، واقرؤوا الأحداث جيداً، بل وافهموا الدرس التونسي والمصري جيداً... إن حركة التاريخ جارفة... لكن أخشى أن تكون جماعة السلطة خارج الزمن ولا تنظر إلى المستقبل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.