إعلان العيون يثمن شراكة "سيماك"    احتياجات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب تبلغ 11.8 ملايين دولار    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    دعم "اتصالات المغرب" بتشاد ومالي    وزير الماء يدق ناقوس الخطر: حرارة قياسية وجفاف غير مسبوق يضرب المغرب للعام السادس توالياً    بوشتة يباشر التداريب الجماعية للوداد    أنس.ب.ز.. سقوط العقل المدبر لأخطر شبكة لترويج المخدرات أغرقت الدريوش وبن الطيب بالكوكايين    حرائق غابوية تجتاح عدة مناطق بالمملكة وتتلف 20 هكتارا في أقل من 24 ساعة    رئاسة النيابة العامة تنظم دورة تكوينية لتعزيز قدرات القضاة المكلفين بالأحداث    تحديد السرعة القانونية ل"التروتينيت" يُربك المستخدمين وسط مطالب بالمراقبة    المغرب يحتفي بنخبة البكالوريا 2024-2025    في ندوة دولية بالداخلة.. مجاهد يحذر من مخاطر التضليل الرقمي ويدعو إلى ترسيخ الممارسة الصحافية الأخلاقية    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    انطلاق منافسات القفز على الحواجز للحرس الملكي تحت الرعاية الملكية بالرباط    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    مصرع ضباط جزائريين في طهران.. حادثة تكشف خيوط التعاون السري بين الجزائر وإيران    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأرصاد تحذر من موجة حر تصل إلى 45 درجة تمتد إلى غاية الثلاثاء    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    غوتيريش يستقبل آمنة بوعياش بنيويورك لتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القرار الدولي    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي        المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    مباحثات لتعزيز التعاون القضائي بين المغرب والرأس الأخضر        7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    مندوبية التخطيط: معدل التضخم خلال ماي سجل ارتفاعا ب0.4 في المائة    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم سقوط الديكتاتوريات العربية
نشر في هسبريس يوم 08 - 02 - 2011

سارعت مختلف الأنظمة العربية ولاسيما التي تعيش في ظروف استثنائية وفي ظل حالة الطوارئ منذ عقود، إلى التبرؤ من الحالة التونسية واستبعاد أي أوجه للشبه بينها وبين ما يجري في بلدانها، على الرغم من أن الانتفاضة في تونس قد بدأت كردة فعل على سوء الأوضاع الاجتماعية، وتفشي الفساد، والتفاوت بين الجهات. لتتطور الأحداث فيما بعد إلى محاكمة نظام بن علي الموسوم بالاستبداد والانغلاق السياسي،وهي أوضاع تتطابق إلى حد بعيد مع واقع بقية الشعوب العربية، فليس خاف ما ترزح تحته بلداننا العربية من ظلم واستبداد وغياب العدالة الاجتماعية وتسخير لمقدراتها لخدمة مصالح فئات قليلة، فالتجربة التونسية وكذلك الثورة المصرية الوليدة أظهرت أن الشعب إذا انتفض فلا حدود لمطالبه، وليس هناك ما يحول وإرادته في الحرية.
الثورة التونسية والمصرية ورهانات الداخل
الآن و بعد أسبوعين ونيف على الإطاحة برأس النظام التونسي ونجاح الثورة في تخطي التحدي الأبرز، والوقوف في وجه مؤامرة الالتفاف على الثورة ومحاولات رموز النظام السابق تقزيمها. الآن وبعد أن أبان الشعب المصري منذ خروجه إلى الشارع منددا بأوضاعه الاجتماعية ومطالبا بإصلاحات سياسية شاملة عن رقي حضاري وعن حس وطني كبير في الخلاص من النظام الأحادي والاستبدادي، الذي تحكم في دواليب الدولة ومؤسساتها بقبضة من حديد وسخر إمكاناتها لخدمة فئات محدودة من المحظوظين من العائلة الحاكمة، فاستجاب القدر أخيرا لإرادة ولانتظارات الشعب بالحرية والانعتاق بعد أزيد من 23 سنة من الحكم الشمولي لبن علي، فهل يستجيب القدر للشعب المصري في إزاحة النظام المصري وكافة رموزه وترسيخ سلطته؟ هذا ما ستظهره الأيام القليلة القادمة؟.
لاشك أن كلا الثورتين لم تحقق بعد أهدافهما، ولازال يحيط بهما الكثير من التساؤلات لجهة إقرار ونجاح الانتقال الديموقراطي وترسيخ دولة الحق والقانون، بما يعنيه ذلك من القطع مع ممارسات الماضي، فالرهان الحقيقي في نظري هو التأسيس لثقافة التداول السلمي على السلطة التي تغيب للأسف عن مجتمعاتنا التي ظلت رهينة لشعارات تمجيد الاستبداد وثقافة تأليه الحاكم. وذلك لن يتأتى إلا عبر الاستفادة من التجارب العريقة في الديموقراطية والتي تعيش استقرارا سياسيا في ظل دساتير تعكس إرادة الشعوب ،فأغلب هذه النماذج الغربية هي ذات أنظمة برلمانية وليست رئاسية، مما يستحيل معه تأبيد سلطة الحاكم كما هو الشأن بالنسبة لبلداننا العربية.
ولكن رغم ما أسلفنا ورغم التكالب ومحاولات إجهاض الثورة من رموز النظام يمكن أن نجزم بكونها ثورات تاريخية بكل المقاييس لم تشهد الدول النامية، بل والعالم بأسره مثيلا لها، كيف لا وقد رسخت سلطة الشعب وإرادته في التغيير بكيفية حضارية لم تكن لتخطر على أكثر المحللين والسياسيين والإعلاميين نبوغا ،ذلك أن الثورة التونسية والمصرية قطعت مع الأساليب الدراماتيكية في تداول السلطة وثقافة الانقلابات العسكرية التي رهنت تاريخ بلداننا العربية، حيث يغيب دور الشعب كفاعل ومتحكم في الأحداث. فقد كانت الجماهير مفعولا بها ومتقمصة لدور المتفرج على الدوام،أما اليوم فقد استرد الشعب التونسي والمصري عبر ثورتهم المباركة السلطة التي اغتصبها نظام بن علي ونظام مبارك بقوة الحديد والنار.
الشعب يحمي ثورته داخليا فهل يفلح في حمايتها خارجيا؟
إن السؤال الأبرز الذي سيبقى عالقا ودون إجابة، على الأقل في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ تونس ومصر ما بعد سقوط رأس النظام، هو هل بإمكان الشعب الذي تجند لحماية ثورته وضحى بدمه وبقوته وهزم الخوف وعانق الحرية، أن يحمي هذه الثورة وأن يحصنها من التربص والتدخل الأجنبي؟ لاشك أن هناك من المؤشرات التي تدل على أن قوى إقليمية ودولية لا تنظر بعين الارتياح للتطورات المتسارعة التي عجلت برحيل واجتثاث الأنظمة الاستبدادية المطلقة، ولعل تصريحات معمر القذافي في تمجيد الاستبداد وتبخيس حرية الشعوب وإرادتها ومعارضة تطلعاتها في الانعتاق تحمل الكثير من الدلالات، كما أن إصرار أمريكا وبعض الأنظمة الغربية الأخرى على التشبت بالنظام المصري إلى أخر رمق، والذي كانت تمده باستمرار وطيلة ثلاث عقود بشتى أشكال الدعم ضدا على إرادة الشعب المصري، بدعوى محاصرة المد الإسلامي و تركيز الاستقرار والسلام بمنطقة الشرق الأوسط خدمة لمصالح الدولة العبرية. فهي تدرك أن أنظمة ديموقراطية تجسد إرادة شعوبها لا تخدم مصالحها في المنطقة، كل ذلك يوحي بأن نجاح الثورة في تحقيق أهدافها تحيط به الكثير من الشكوك، فالتحدي الأكبر في حماية هذه الثورة وصيانة مكتسباتها والتي أبرزها استرداد سلطة الشعب، لن تكتمل إلا بالقطع مع التبعية السياسية والاقتصادية للأنظمة الغربية.
فلا عاش في تونس ومصر من خانها
لقد استولى بن علي القادم من المؤسسة الأمنية ووريث الحقبة البورقيبية على السلطة بمباركة رموز الحزب الحاكم، الذين أوصلوه بانقلاب طبي على الحبيب بورقيبة الذي كان يهدد بشيخوخته ونرجسيته استمرار الدولة ،فقطع على نفسه وعودا في الديموقراطية والتعددية وحرية الرأي والتداول على السلطة ،وعود السابع من نوفمبر التي سرعان ما تنكر لها فعطل المؤسسات ورهن الحريات.
نفس الشيء فعله رأس النظام المصري حسني مبارك الذي برز كنائب للرئيس بعد أن أطاح السادات بأخر الناصريين من الحكم، لتجد مصر نفسها فجأة بعد اغتيال السادات محكومة من أشد الموالين إلى الغرب وأكثر الرؤساء العرب تشبثا بالسلطة، حيث عاصر خمسة رؤساء أمريكيين بدءا بريغان وانتهاء بأوباما، فبعد أن حكم شعبه بالاستناد إلى مؤسسات صورية، وبعد أن أفسد الحياة السياسية والدستور وجعله متوافقا مع طموحاته، وجعل التماهي بين حزبه والدولة شعارا لمرحلة حكمه الطويلة، وحاول جاهدا إنهاء رئاسته بانتقال السلطة إلى ابنه المتنفذ في شؤون السياسة والاقتصاد. هاهو اليوم يصر على البقاء في السلطة ضدا على إرادة شعبه وتحديا للمطالبات الدولية برحيله
لقد لفظ الشعب التونسي حاكمه، الذي كان يفاخر بإسهاماته في التطور الاقتصادي المزعوم لتونس، بطريقة مذلة وفر كالمجرمين وهو بالفعل كذلك. فأعطى بذلك درسا وعبرة لمآل الديكتاتوريات والمستبدين الذين حدوا من تطلعات شعوبهم ونهبوا ثروات بلادهم ومقدراتها. وهاهو نفس السيناريو يتكرر مع الرئيس المصري المطعون في شرعيته حسني مبارك والذي مافتئ يتفاخر بدوره في انتصارات أكتوبر، فالشعب المصري خرج عن بكرة أبيه يطالب بتنحيته بل وبمحاكمته بعد أن تسربت أخبار ثروته الطائلة، ولازال مصيره معلقا بفعل عناده ونرجسيته وتجبره.
صرخة الشابي وصداها المغاربي والعربي
لقد امتدت عدوى الحرية بسرعة من المغرب العربي إلى المشرق مطيحة بتطمينات بعض الساسة بتفرد الأنظمة واختلاف النماذج ليظهر بأن لأحد بمأمن عن رياح التغيير،ذلك أن فوبيا الاحتجاجات والتظاهرات انتقلت إلى باقي الأنظمة الاستبدادية المشكوك في شرعيتها أو التي يفتقد شعبها إلى الديموقرطية و الحريات العامة ،ولعل اعتماد بعض الانظمة العربية لخطوات إستباقية بغرض تنفيس الاحتقان في الشارع كما هو الشأن بالنسبة للأردن واليمن والجزائر إنما يدلل على حجم التخوفات التي تطال من اتساع رقعة الاحتجاجات وتطورها من مجرد المطالبة بإصلاحات سياسية في ظل النظام القائم، إلى المناداة بإسقاط النظام وتغييره برمته .
إن رياح التغيير التي انتقلت من تونس إلى مصر يبدو أنها ستطال دولا أخرى تعيش على التنافر بين الأنظمة وشعوبها، فالأنظمة العربية ،وتحديدا اليمن وسوريا وليبيا والسودان ودول أخرى، مطالبة قبل غيرها بإصلاحات حقيقية وليست شكلية ،إصلاحات تمس بنية النظام من قبيل التأسيس لمرحلة جديدة قوامها إصلاحات سياسية جريئة تشمل ملائمة التشريعات والدساتير مع روح العصر و إشراك القوى السياسية الفاعلة والحية في الحكم واحترام التعددية وضمان الحريات العامة والحق في الاختلاف.
أما الأنظمة التي توصف تجربتها بالديمقراطية وبادرت في السنوات الأخيرة إلى تدشين إصلاحات، وتستفيد بهامش من الحرية كالمغرب والجزائر والأردن، فلا يجب أن تعتبر نفسها غير معنية. فلازالت في حاجة إلى إصلاحات حقيقية تمكنها من النجاة إلى بر الأمان، ولعل من أبرز هذه الإصلاحات مكافحة الفساد وتعزيز العدالة الاجتماعية والاحترام التام لفصل السلط وتخليق الحياة السياسية عبر انتخابات نزيهة وشفافة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.