ولي العهد يواصل دراساته العليا ويعد أطروحة الدكتوراه في العلاقات الدولية    الألواح الشمسية العائمة.. سلاح المغرب الجديد ضد تبخر السدود    منع استعمال منتجات تجميلية في المغرب أظهرت دراسات احتواءها مواد سامة    ولي العهد مولاي الحسن يخطو بثبات نحو الدكتوراه في العلاقات الدولية    أسعار النفط تتراجع وسط حذر المستثمرين من ضعف الطلب وزيادة المعروض    المغرب يستقطب عملاق الإطارات الصيني Guizhou Tyre لبناء قاعدة إنتاجية جديدة    "الشان".. المنتخب المغربي يواجه مدغشقر في النهائي وعينه على تحقيق اللقب الثالث في تاريخه    في حضور لقجع.. المكتب التنفيذي للكاف يجتمع في نيروبي لمناقشة مستقبل البطولات الإفريقية    التفاصيل الكاملة لسحب تذاكر مباراة المغرب والنيجر ضمن تصفيات كأس العالم    إنزاغي يحتوي "غضب" جواو كانسيلو    الفقيه بن صالح.. وفاة شخص موضوع تحت تدابير الحراسة النظرية أثناء نقله إلى المستشفى    شاطئ مرقالة يلفظ جثة ضحية جديدة للقفز من صخرة "الكاريان"    مغالطات "لوموند"    انتهى الكلام ..    الإعلام الدولي يسلط الضوء على الطفرة التنموية بالداخلة    الصحة العالمية تحذر من تفشّ حاد للكوليرا في مختلف أنحاء العالم    غياب الشيخ يغيّر مسار الاحتفالات.. البودشيشية تُحيي المولد النبوي جهوياً وتلغي احتفالات مداغ    أرادوها الصغيرة فظلت الكبيرة    30 غشت اليوم العالمي للعَلم الأمازيغي ..    غوتيريش: نزاع الصحراء يقترب من نهايته.. والذكرى الخمسين تجعل الحل مٌلحّا أكثر من أي وقت مضى    مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 11 وفقدان 4 آخرين بكمين للمقاومة في غزة    مطالب برلمانية بكشف ملابسات وفيات ست نساء بمستشفى الحسن الثاني بأكادير    محمد العلالي.. من ذاكرة الحكاية إلى شاشة السينما    إيفرتون الإنجليزي يكشف عن جديد الحالة الصحية للاعبه آدم أزنو    وزير الخارجية الفرنسي يندد بالرفض الأمريكي منح تأشيرات لمسؤولين فلسطينيين لاجتماعات الأمم المتحدة        عملاق التجارة الالكترونية "جي دي.كوم" يتصدر قائمة أكبر 500 شركة خاصة في الصين    طقس حار نسبياً مع احتمال أمطار خفيفة في بعض المناطق اليوم السبت    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا والثاني عربيا في حرية الاستثمار    اكتشاف ديناصور مغربي مدرع عاش بجبال الأطلس قبل 165 مليون سنة    مقتل 3 أشخاص في حريق خلال احتجاجات في إندونيسيا    توخيل مدرب منتخب إنجلترا يعتذر لجود بيلينغهام بعد وصفه ب"البغيض"    تصفيات مونديال 2026: المنتخب البلجيكي يفتقد خدمات لوكاكو إلى غاية نهاية العام    قطاع السياحة: عائدات قياسية ب67 مليار درهم مع نهاية يوليوز 2025    الهند ترفض الرضوخ للرسوم الأمريكية    النقابات الفرنسية تدعو إلى إضراب وطني رفضا لخطط خفض الإنفاق العام    أخنوش يفتح باب الخوصصة في جماعة أكادير وسط جدل سياسي وشعبي    طرح دواء "ليكانيماب" لعلاج الزهايمر في السوق الألمانية    قطاع السياحة.. عائدات قياسية ب67 مليار درهم مع نهاية يوليوز 2025    الأزمي: انتخابات 2021 كانت خطيرة ولم تشرف المغرب نهائيا واستحقاقات 2026 فرصة للقطع معها    "سباق لا يرحم".. عمالقة السيارات التقليدية يسقطون في اختبار البرمجيات    أمن طنجة يوقف مستعرضيْن بالدراجات النارية بساحة المرسى    السكتيوي يؤكد أن فريقه يمتلك كل المؤهلات للظفر باللقب الثالث    علاقة الخطيبي واجْماهْري كما عرفتُها    بورصة البيضاء تغلق على انخفاض    ارتفاع مفاجئ لحالات بوحمرون بإسبانيا.. والسلطات تربطها بالوافدين من المغرب    "بوحمرون" تحت السيطرة بالمغرب.. وتوصيات بالتلقيح قبل الدخول المدرسي    المغرب يجني 67 مليار درهم من السياحة في سبعة أشهر فقط    أعضاء بالكونغرس الأمريكي يجددون تأكيد اعتراف بلادهم بسيادة المغرب على صحرائه ويأملون في مزيد من الاستثمارات بها    ابتدائية الحسيمة تصدر اول عقوبة بديلة في حق بائع خمور    المخرج الكوري الحائز على الأوسكار يرأس الدورة 22 لمهرجان مراكش السينمائي    هرهورة.. افتتاح الدورة السادسة من مهرجان سينما الشاطئ وسط حضور وازن لألمع نجوم الشاشة المغربية    الشاف المغربي أيوب عياش يتوج بلقب أفضل صانع بيتزا في العالم بنابولي    كيف تحوّل "نقش أبرهة" إلى أداة للطعن في قصة "عام الفيل"؟    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيرمينال شكير نصر الدين
نشر في لكم يوم 01 - 09 - 2022

سررت كثيرا عندما قرأت خبر صدور الراوية الرائعة «جيرمينال» للروائي الفرنسي زولا بترجمة شكير نصر الدين. لم يكن مصدر السرور ما ولده لدي الخبر، فقط، من حنين إلى المرحلة الثانوية عندما كنا ندرس هذه الرواية، ونتناقش حولها، ونستشكف جوانبها الأسلوبية واللغوية، وهي تنقلنا إلى أجواء فرنسا الغريبة عنا في القرن التاسع عشر.
كان مصدر الفرح الحقيقي إقدام شكير نصر الدين على ترجمتها. إن المجهودات التي يبذلها في الترجمة من الفرنسية نادرة جدا. ويكفي أنه أقدم على ترجمة كتابين مهمين وضخمين لباختين، وهما: «جمالية الإبداع اللفظي» و»أعمال فرانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط وإبان عصر النهضة» بالإضافة إلى «الفرويدية» و»صمت الآلهة» لجلبير سينويه، بالإضافة إلى كتب نقدية، وروايات أخرى. لقد اهتممت بباختين، وكنت أرى دائما أن الترجمات الجزئية لبعض أعماله لم تيسر لنا قراءته بشكل جيد، ولذلك اختصرناه في التعدد اللغوي، والحوارية، والكرنفال، ولم نلتفت إلى عمقه الفكري والفلسفي. إنني أعتبر باختين من أساطين كلاسيكية الفكر الأدبي في القرن العشرين. إنه مثل غولدمان، وأويبراخ، وسبيتسر، وجورج بوليه، وجان بيير ريتشار الذين أسسوا لتصورات جديدة ومتنوعة للتفكير في الأدب وقراءته.
عدت إلى ترجمات شكير نصر الدين حول باختين فرأيته دقيقا في الفهم، سليم اللغة، وهما العنصران اللذان نفتقدهما في الترجمات العربية المختلفة. لم ألتق شكيرا، لكني تعرفت عليه حق المعرفة من خلال اختياره للنصوص التي يترجم، والطريقة التي يشتغل بها، وهي التي أختزلها في «العاشق المحترف». فهو يعشق النصوص التي يقدم على ترجمتها، سواء كانت إبداعية أو بحثية، ودون هذا العشق لا يمكننا ان نقرأ. هذا العشق يجعلنا نتعامل مع ما نقرأ بمحبة وتفاعل وعمق. وكل ذلك حين يتضافر مع معرفة اللغتين الأصل والهدف، وتكون الكتابة إبداعا لدى من يمارسها لأنه عاشق لها، عشقه للقراءة، لا يمكن إلا أن تكون مختاراته مفيدة للقارئ، وترجماته سهلة القراءة، عكس ما نجده في الترجمات المتسرعة السائدة التي تحول الرطانة اللغوية دون تحقيقها.
شكير نصر الدين سليل منجزات لما يمكن أن نسميه «المدرسة المغربية» في الترجمة. تبرز مميزات هذه المدرسة في أن المنتمين إليها «افتراضيا» ينطلقون من تقاليد لم تُعلَّم في «مدرسة» ولم يُخطط لها في «مشروع» تتبناه مؤسسة، أو تموله جهة رسمية أو مدنية، إنها وليدة تقاليد ثقافية تكرست في مغرب السبعينيات، بانخراط جيل كامل في تأسيس لثقافة جديدة، قوامها الجدية والعمق والصدق والتضحية.
شكير نصر الدين سليل منجزات لما يمكن أن نسميه «المدرسة المغربية» في الترجمة. تبرز مميزات هذه المدرسة في أن المنتمين إليها «افتراضيا» ينطلقون من تقاليد لم تُعلَّم في «مدرسة» ولم يُخطط لها في «مشروع» تتبناه مؤسسة، أو تموله جهة رسمية أو مدنية، إنها وليدة تقاليد ثقافية تكرست في مغرب السبعينيات، بانخراط جيل كامل في تأسيس لثقافة جديدة، قوامها الجدية والعمق والصدق والتضحية. لم يكن يهم هذا الجيل الحصول على الجوائز، ولا تحقيق رغبات خاصة، كان عشق الكتاب، والعمل على نقل المعرفة الحقيقية هو ما يشترك فيه كل الذين خاضوا غمار الترجمة. هل أذكر بنعبد العالي، أو محمد البكري، وفريد الزاهي، أو محمد الوالي، ومحمد معتصم، في مرحلة، وفي أخرى، حسن بحراي، وسعيد بن عبد الواحد، وحسن طالب، وشكير نصر الدين؟ وأعتذر عن عدم ذكر الأسماء الأخرى التي هي وليدة التقاليد نفسها التي تعتبر الترجمة عملا مهما لا يختلف عن الإبداع أو البحث، إنها عمل يتطلب مجهودا كبيرا، واطلاعا واسعا بالموضوع المترجم، وبحثا موازيا يدفع في اتجاه عدم الاكتفاء بالاقتصار على النص المترجم، لذلك نجد في الترجمات هوامش، وتعليقات وإضافات تكشف للقارئ أن المترجم لم ينقل النص فقط، لكنه ينجز إلى جانبه النص الذي يمكّن من قراءته قراءة سليمة وواضحة.
تكرست هذه التقاليد في التأليف، وفي الترجمة، والإبداع أيضا في مغرب السبعينيات والثمانينيات، حين كان يجمع هذا الجيل هاجس الارتقاء بالثقافة المغربية لتحتل مكانة متفردة على المستوى العربي، وتكون بذلك في خدمة تطور المجتمع. كان الإبدال هو «التغيير» نحو الأفضل، وكان النقاش والحوار والاختلاف، والمحاضرات والأنشطة المسرحية والثقافية، وكانت المجلات ودور النشر التي يشرف عليها مثقفون، ولم يكونوا ينتظرون من الدولة دعما، ولا مساندة، بل كانوا ينتظرون منها فقط ألا تمنع قراءة شعرية، أو تحجز عدد جريدة.
تحولت أمور كثيرة منذ ذلك الوقت، وصارت الأمور الآن مختلفة أكثر. صار الدعم، وصارت المساندة، لكن القيم والتقاليد التي كانت مهيمنة لم يبق منها إلا القليل لدى فئات قليلة ومتفرقة من المثقفين الذين يشتغلون في منأى عن أي صخب أو طلب. أما السائد الآن فهو تقاليد أخرى لا علاقة لها بما كان سائدا. لقد انتقلنا من المثقف إلى الجامعي. ورغم ما يمكن أن يجمع بين الجامعيين أكاديميا وعلميا نجدهم متفرقين، ولم ينجحوا في خلق إبدال يجمع ويوحد أعمالهم وانشغالاتهم. أسسنا فرقا للبحث ومختبرات ومراكز، لكنها بلا مضمون.
كانت تجمعنا السياسة، فتفرقنا. فلماذا لا يوحدنا الآن «مجتمع المعرفة»؟ السياسة عالم متقلب. أما عالم المعرفة فمتحول ومتواصل، ألا يمكن للمشتغلين في الترجمة وفق القواعد المغربية الأصيلة، أن يتوحدوا في رابطة، أو مختبر، ويسهموا في فتح نوافذ على العالم؟ ألا يمكن للمشتغلين في مختلف الحقول المعرفية أن يتوحدوا لإنتاج معرفة جديدة؟
جيرمينال شكير تأصيل لتقاليد أصيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.