المغرب وتنزانيا يعززان التعاون الطاقي    رسميا.. حكيمي يمتلك نادي "سيوداد دي خيتافي" ويشارك في انتداب اللاعبين    اضطرابات جوية تضرب المغرب .. والأرصاد تكشف أسباب تقلبات الربيع    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    7 قتلى في حادثة سير خطيرة نواحي الصويرة    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال ال 24 ساعة الماضية    قاضي التحقيق بمراكش يأمر بسجن أستاذ جامعي بتهمة الاتجار في الدبلومات    اللواء الخفيف للأمن يحتفي بالذكرى ال69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    مركز يجود صيانة مواقع الفوسفاط    ترامب: سوريا "أبدت استعداداً" للتطبيع    المغرب يقترب من فرض رقابة قانونية على منصات التواصل الاجتماعي لحماية المجتمع    استنفار الدرك الملكي بعد العثور على 20 كيلو من الكوكايين على شاطئ    صرخة فنانة ريفية.. اعتزال "مازيليا" بسبب الوسخ والاستغلال في كواليس الفن    "النباوي" يجري مباحثات مع النائب العام رئيس المجلس الأعلى للنيابة العامة بجمهورية الرأس الأخضر    الذهب ينخفض مع انحسار المخاوف بشأن الأزمة التجارية    لجنة العدل والتشريع بالنواب تصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية    رحيل "أفقر رئيس في العالم".. موخيكا الماركسي الذي زرع قيم العدالة وكسب حب الملايين    تقرير رسمي: الفلاحة الصغيرة استفادت من 14 مليار درهم كدعم مقابل 100 مليار درهم للفلاحين الكبار    وزارة التربية الوطنية تفرض عقودا مكتوبة لتنظيم العلاقة بين التعليم الخصوصي والأسر    مجلس فاس يقر عقدا مؤقتا للنقل الحضري ويستعد لاستلام 261 حافلة جديدة    المغرب يظفر بتنظيم المؤتمر العالمي لطب الأطفال لعام 2029: تتويج لمكانة الطب المغربي في الساحة الدولية    "ترانسافيا" تطلق 14 خطا جويا جديدا بين المغرب وفرنسا لتوفير 130 ألف مقعد إضافي سنويا    بنسعيد: لم يسبق لي أن تابعت أي صحافي قضائيا.. والنقاش حول شرعية اللجنة المؤقتة شأن داخلي    جامعيون وخبراء مغاربة وأجانب يلتقون في المحمدية لاستجلاء الفكر الإصلاحي عند العلامة علال الفاسي وإبراز مختلف أبعاده التنويرية    توتر أمني في طرابلس يجمد مباريات الدوري الليبي.. والهلع والارتباك يُخيمان على اللاعبين المغاربة    دياز في قلب مشروع المدرب الجديد لريال مدريد    باناثينايكوس يتردد في صفقة أوناحي    جماهير الجيش الملكي تحتج على تأجيل مباريات كأس العرش    المغرب يستضيف مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية    المخرج روبرت بينتون يفارق الحياة عن 92 عاما    "كورفا سود" تهاجم تسيير الرجاء : "موسم للنسيان.. ويجب الإسراع في عقد جمع استثنائي"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    ردا على طرد موظفين فرنسين من الجزائر.. باريس تستدعي القائم بالأعمال الجزائري وتتوعد بالرد بالمثل    رُهاب الجزائر من التاريخ    العدالة ترفض السراح لمتهم في قضايا عقارية بالحسيمة    الإمارات تُجدد حضورها في موسم طانطان الثقافي بالمغرب: تظاهرة تراثية تجسّد عمق الروابط الأخوية    الاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا    المغرب يحقق المعادلة الصعبة: تكلفة إنتاج السيارات الأقل عالميًا ب106 دولارات فقط للعامل الواحد    صفقة القرن الدفاعية: الولايات المتحدة والسعودية توقعان أكبر اتفاقية تسليح في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    المغرب في تصنيف التنمية البشرية لعام 2023: نقطة جيدة وانتظارات قوية    كسوة الكعبة المشرفة ترفع 3 أمتار    الأمم المتحدة تدعو مجلس الأمن إلى التحرك "لمنع وقوع إبادة" في غزة    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    السكوري: الحكومة تتطلع إلى مواصلة تحسين مؤشرات التشغيل لخفض البطالة إلى مستويات معقولة خلال السنة الجارية    مَأْزِقُ الإِسْلاَمِ السِّيَاسِي    المجلس الوزاري: حول الأسماء والأشياء!    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل مغرب التغيير والإصلاحات والمصالحات الكبرى
نشر في لكم يوم 10 - 03 - 2011

كان من المفترض أن يكون المغرب منذ سنين نموذجا تنمويا وديمقراطيا فعليا، فهذا الوطن بثقل تاريخه وبعمق حضارته وبخصوصية نظامه وبجاذبيته الجغرافية ، وبخصوبة ثقافته، وبتنوع لغاته، وبموقعه الجيو استراتجي ، لا يمكن إلا أن يكون أمة قوية ومتماسكة ومتلاحمة مبدعة ومجددة على الدوام. أمة ، تتوفر على مقومات المناعة التي تضمن العافية، واستقرار الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة إذا كانت السياقات الراهنة لا تعترف ولا تقبل إلا بالذين حسموا أمورهم ،ورتبوا شؤون بيوتهم الداخلية، وأغلقوا ملفات عويصة، تتعلق بالديمقراطية والحكامة المؤسساتية و فصل السلط واستقلالية القضاء وبالتنمية والتوازنات المجالية ، و بتدبير الفوارق الاجتماعية والجهوية، والصحة والشغل، والتربية والتعليم وحقوق الإنسان، بمفهومها الشامل وحرية التعبير،وبمحاربة الرشوة والفساد والزبونية إلخ.لأنه ببساطة لا يمكن لأي بلد أن يكون موضع ثقة ومصداقية، فيما نسيجه الداخلي ممزق الأوصال، ويشكو من آفات مختلفة ، كما أنه من المستبعد أن ينصت إليه ويؤخذ برأيه ، وهو ينوء بحمل ثقيل، من اختلالات وأمراض التخلف وإفرازاته الوبائية المعدية.
ليس هناك أدنى شك في أن العقل السياسي المغربي، نظاما وأحزابا ونخبا ، وكل مكونات المجتمع، أصبحوا واعون أكثر من أي وقت مضى، بأن المغرب يجب أن يكون فضاء للاستقرار، ونقطة إشعاع ديمقراطي، ومختبرا لأنماط التنمية المتوازنة التي تأخذ بعين الاعتبار ،متطلبات الوضعين الإجتماعي والاقتصادي، بيد أن تعارض المصالح وتباين الأهداف، واختلاف التصورات،واحتدام الصراع بين مراكز صناعة القرار والأجهزة ، ووجود وتجمعات عائلية وعلاقات فوق مؤسساتية،وفاعلين اقتصاديين يجمعون بين السياسة والأعمال ،ويحظون بتغطية من طرف الدولة ، جعل الطريق سالكا أمام لوبيات ضربت عرض الحائط، بكل الشعارات والخيارات الوطنية والديمقراطية، لتحقق ثراء سريعا وربحا بشعا عبر الجشع المدمر واقتصاد الريع ، فابتلعت الأراضي واستولت عليها بأثمنة رمزية، لتبيعها للمواطنين بأسعار خيالية ، واستولت على ثروات البحار، وأصبحت بقدرة ما، ماسكة بمفتاح الاقتصاد، وربما السياسة، مادام المال في بلد كالمغرب يستطيع أن يشتري كل شيء ، التزكيات والأصوات، ويوصل إلى سدة الحكم،ويسهل نسج العلاقات والمصاهرات والمؤامرات ، أي باختصار، المال يساوي السلطة في المغرب .
وتأسيسا على ماسبق، فإن هذه اللوبيات أصبحت دولة قائمة بذاتها، لها مراكز وصناع القرار، ولها مؤسساتها التي تحميها، وبشرها الذي تتواصل معه، وتفهم لغته، و لها مواردها التي لا تنضب، وقوانينها التي تجيز لها استعمال حق الفيتو، ضد ما تبقى من المغاربة، مادام أنها تتمتع بسلطة لاتصمد في وجهها سلطة أخرى.
ومن المؤكد أن هذه الوضعية أجهضت أحلاما ،ونسفت طموحات كبيرة، علما أن البلاد توجد في أمس الحاجة إلى تجاوز مجموعة من المشاكل البنيوية. وهنا نتساءل من الرابح ومن الخاسر، في مثل هذه الحالة ؟
الربح والخسارة هنا لا ينطويان على أي مدلول تجاري إحصائي محاسباتي، وإنما يحملان دلالات عميقة وأساسية، في مقدمتها خسارة أو ربح تجربة تنموية وديمقراطية .
فما خسرناه في المغرب، على امتداد أكثر من أربعين سنة، هو هذا بالذات، عندما وجهنا إلى أجسامنا رماحا وسهاما، هي من صنع مغربي، وهناك من رأى الدم يرعف، ويتدفق بشكل مأساوي، ولم يحرك ساكنا، ولا أعار اهتماما لبشاعة المشهد، وبالنتيجة ،من كان شريكا في العملية، فقد كان شاهد إثبات على انهيار أحلام أجيال بكاملها، ومحاصرة رهانات المغرب في التقدم والتطور، ورغم كل تلك الخسارة، لم يبادر الشركاء في اغتيال المغرب الديمقراطي والقوي، إلى التفكير في تقديم تنازالات لصالح الوطن، بل تناسلوا فيما بينهم، وخلفوا ذرية وأتباعا تحمل نفس الجينات، ولا تشعر بأي حرج إن هي ارتكبت جريمة في حق الشعب والوطن.
الآن عقارب ساعة الوطن تشير إلى ضرورة التغيير والإنصات لمطالب المجتمع، كما أن السياق العربي والإقليمي والوطني يستلزم الاتفاق والتوافق على البناء المشترك والجماعي للمغرب الذي نريد، أي مغرب المغاربة أجمعين، لا مغرب الشعارات، التي ترفع وسرعان ما تختفي، مغرب التغيير والاصلاحات والمصالحات الكبرى والمؤسسات ذات المصداقية ، مغرب فصل السلط و تحديد الصلاحيات التي تنتمي فعلا إلى الحداثة، لا مغرب الملل والنحل، ومراكز القرار المتعددة، والدويلات الموازية والحكومات الميكروسكوبية.مغرب الإعلام العمومي المواطن الذي يقدم خدمة مهنية جيدة ويساهم ، بل يقود عملية البناء الديمقراطي و يلعب دورا طلائعيا في ترسيخ القيم الإيجابية والعقلانية ،وليس مغرب الإعلام الادعائي الديماغوجي الذي يزيف الحقائق وينافق ويقدم صورة كاذبة عن الواقع ،ويمجد ويسطح ويميع كل شيء .وهذا ما يطرح استعجاليه وحتمية إقالة ورحيل المسؤولين عن قنوات القطب العمومي بدون استثناء.
قد تكون خبايا الواقع المغربي أخطر مما نتصور، فالوطن مازال تؤثثه ثقوب وتطوقه إكراهات، من كل الأنواع، ومنطق الارتجالية مازال مهيمنا، والحلول الترقيعية، مازالت تتحكم في صياغة التصورات والقرارات.
وإذا كنا نتفق على أن المغرب، يعيش وضعا انتقاليا، وندرك بأن السياق التاريخي، يستلزم تعبئة معنوية، وإذا كنا نعي بأن الشارع ينتظر أشياء ملموسة، تقنعه بجدوى استراتجية" الأمل"، التي فجرتها المشاريع التي يصطلح عليها بالمهيكلة والمؤسسة ،و التي أطلقتها العشرية المنصرمة من حكم الملك محمد السادس ،وفي مقدمتها الجهوية الموسعة أم الأوراش الاستراتجية ، فإننا في المقابل يجب أن نتفق على أن المغرب والمغاربة، في حاجة إلى وعي وطني جديد ، وإلى شحنة من المشاعر الوطنية، وتعبئة وجدانية عارمة، فالذين يملكون هذا الحس، هم من سيضمن قوة ومناعة واستقرار وعظمة هذا الوطن، أما الانتهازيون والوصوليون، وصناع المؤامرات، واللاهثون وراء الامتيازات تكون أحيانا تافهة والتكتلات المتحكمة في تجارة اليأس، وتسويق قيم الرداءة الشعبوية الساذجة، فهم من سيدمر هذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.