صديقي يونس، قيل لي إنك غادرت المستشفى، قيل لي إنك غادرت ألمانيا، يقال إنك قد غادرتنا، وبين القيل والقال، تُحكى لي أشياء كثيرة. صديقي ورفيقي، هل تعلم؟ هل تعلم أن غدًا، على الساعة الواحدة وخمسين دقيقة بعد الزوال، ستحط في مطار الرباط-سلا طائرة يُقال إنها تحمل نعشك؟ الأغبياء قد يصدقون الخبر! الغرباء أيضًا قد يصدقون الخبر! لكننا نحن نعلم أنها مجرد إشاعة. قبل أيام، اتصل بي حكيم سيكوك، ليخبرني أنك في طريقك إلى الرفيق الأعلى. فأجبته: إنها فقط مزحة أخرى أو خدعة أخرى مما عودتنا عليه. عاتبني بعض الغرباء والأغبياء على عدم حزني لرحيلك. وكان جوابي: إن سيد الابتسامة لا يرحل إلا ليعود لنا بابتسامة جديدة. اجتمعنا أمام الصور الصغيرة، غنينا في مناسبات، حلمنا مرارًا في مقهى "فيفتيز" الكبير، وأعدنا تعريف المقاومات. هل تتذكر يوم ذهبنا إلى حفل "هوبا هوبا سبيريت"؟ هل تتذكر تلك النقاشات من ماركس إلى باكونين؟ هل تتذكر الحديقة الصغيرة المجاورة لمقر الولاية؟ وهل؟… وهل؟… وهل؟ آخر اتصال بيننا كان قبل بضعة أشهر، وتواعدنا أن نلتقي لإحياء الذاكرة: ذاكرة SYSTEM D، ذاكرة مهرجان المقاومة والبدائل، وذاكرة الكيريا سينيما ، ومعها الكثير من النميمة في الأصدقاء. صديقي يونس، أعدك أننا سنلتقي، فانتظرني. وفي انتظار موعدنا، أقول: يا أيها الغرباء، أيها الأغبياء، ما في الطائرة ليس يونس، بل جزء من أحلامنا. غدًا سيوارى جسد صغير، على الأرض التي أنجبت الحلم الكبير. أما يونس، فهو في انتظاري، في مكان ما، لنحيي تلك الذاكرة.