انتقدت "فدرالية اليسار الديمقراطي" حالة الغموض التي تكتنف مصير مشروع إصلاح مدونة الأسرة الذي أُعلن عنه منذ سنة 2023. ووجهت اللجنة التحضيرية لمؤتمر التنظيم النسائي بالفدرالية، نقدا صريحا لتأخر الدولة في مباشرة الإصلاح، وما ترتب عنه من استمرار مظاهر التمييز والظلم والعنف ضد النساء، في الفضاءين العام والخاص.
واعتبرت اللجنة في بيان لها، أن المعركة من أجل مدونة أسرة عادلة لا تندرج ضمن الإصلاحات التقنية أو الجزئية، بل تمثل صلب معركة القيم، ومعركة من أجل مجتمع ديمقراطي، منفتح، قائم على أسس المساواة الفعلية والكرامة الإنسانية. وأكدت أن الدولة لازالت تستمر في اعتماد منطق التردد والتأجيل، والانخراط في تسويات هشة تفرغ الإصلاح من مضمونه، مما يشكل تراجعا خطيرا، يعبر عن خضوع واضح لمقاربة نكوصية انصياعا للتشدد والرجعية، في وقت كانت فيه التطلعات كبيرة نحو إصلاح حقيقي وتقدم ملموس. وسجلت أن هذا الواقع يعكس مؤشرا سلبيا يوجه رسالة مفادها أن كفة التراجع والانغلاق كعادتها وفي مختلف القطاعات، تغلبت مرة أخرى على إرادة التغيير والانفتاح. وحملت اللجنة الدولة المغربية، بمختلف مؤسساتها، مسؤولية تأخر إصلاح مدونة الأسرة، وما يترتب عنه من استمرار الانتهاكات في حق النساء ومخالفة الالتزامات الدستورية والدولية، مشددة على ضرورة إصلاح شامل وجذري لمدونة الأسرة، يقطع مع كل مظاهر التمييز، ويجعل من المساواة الفعلية أساسا تشريعيا ومجتمعيا. وطالبت بمواءمة تامة بين مدونة الأسرة والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، انسجاما مع روح الدستور الذي يقر بسمو هذه المواثيق، رافضة كل المقاربات التوفيقية أو الذرائعية التي تكرس واقع التمييز باسم التقاليد أو التأويلات الدينية، وداعية إلى قراءة مستنيرة تراعي مقاصد العدل والمصلحة العامة. وشددت على أن النضال من أجل قانون أسرة عادل هو جزء من معركة أوسع من أجل مجتمع حداثي، مدني، ديمقراطي، خال من جميع أشكال التمييز والعنف، داعية إلى توحيد الجهود بين القوى السياسية والمدنية والحقوقية، لبناء جبهة مجتمعية واسعة تفرض التغيير وتحقق المساواة التامة بين الجنسين.