جاء في تقرير "تدفقات الطلاب الدوليين 2025" الصادر عن مؤسسة "كيو إس"، أن المملكة المغربية من بين الدول التي يتوقع أن تسهم بشكل متزايد في تغذية حركة الطلاب الدوليين خلال السنوات القادمة، وذلك بفضل السياسات الأوروبية المرحبة والفرص التعليمية المتنامية في فرنسا والمملكة المتحدة. وأشار التقرير بوضوح إلى أن المغرب من بين الدول المرشحة لزيادة كبيرة في أعداد الطلاب المبتعثين إلى الخارج بحلول عام 2030، ضمن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي تشهد نموا متسارعا في الطلب على التعليم الدولي. ويعزى هذا الارتفاع إلى عوامل منها برامج المنح الدراسية ومسارات العمل المتاحة للطلبة المغاربة في دول أوروبية مثل فرنسا، ما يعزز من حركة الهجرة التعليمية ويخلق زخما إضافيا في المشهد العالمي للتعليم العالي.
استنادا إلى الخريطة الإحصائية الواردة في التقرير، والتي تُظهر معدلات نمو الطلبة الدوليين حسب دول المصدر خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2030، يعد المغرب إلى جانب إندونيسيا وفيتنام والكاميرون ونيجيريا، من بين أسرع الدول نموًا في أعداد الطلبة المبتعثين إلى الخارج، إذ تتراوح معدلات نموها السنوية ما بين 4 بالمائة إلى 8 بالمائة خلال الفترة المتوقعة. التقرير الصادر في يوليوز 2025، والذي يعد من أهم المراجع التحليلية حول مستقبل التعليم الدولي، أكد أن تدفقات الطلاب الدوليين مرشحة للنمو بمعدل سنوي يبلغ نحو 4 بالمائة خلال هذا العقد، ليصل عدد الطلاب الدوليين على مستوى العالم إلى حوالي 8.5 مليون طالب بحلول عام 2030. غير أن هذا النمو ليس متساويا في كل الدول، إذ سيتحدد وفقا لأداء الاقتصاديات المحلية، والتغيرات الديموغرافية، والسياسات الداخلية والخارجية، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية. فيما يتعلق بالمغرب تحديدا، بين التقرير أن الرباط والدار البيضاء ستؤديان دورا محوريا كمراكز حضرية مرسلة للطلبة، مستفيدة من البنية التحتية التعليمية الحالية وعلاقاتها التاريخية والثقافية مع الجامعات الفرنسية. كما أن النظام التعليمي في المغرب لا يزال يواجه تحديات على مستوى الطاقة الاستيعابية والجودة، ما يدفع عددا متزايدا من الطلبة إلى البحث عن فرص تعليمية بديلة في الخارج. ويضع التقرير ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمسارات التعليم الدولي حتى عام 2030، وهي: "الإقليمية المنظمة"، و"الجامعة متعددة الأنماط"، و"انتعاش سباق المواهب". وفي كل واحد من هذه السيناريوهات، تختلف ملامح تدفقات الطلبة وطبيعة الوجهات. ففي سيناريو "الإقليمية المنظمة"، يشير التقرير إلى احتمال فرض قيود تنظيمية جديدة على الهجرة التعليمية في دول أنكلوفونية تقليدية مثل الولاياتالمتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا. أما سيناريو "الجامعة متعددة الأنماط"، فيتوقع زيادة الاعتماد على التعليم الهجين الذي يجمع بين الدراسة المحلية والدراسة عن بعد، وفترات دراسية قصيرة في الخارج. ويبدو أن هذا السيناريو مدفوع بعوامل اقتصادية وتكنولوجية، وهو يمثل بديلا أقل كلفة للطلاب من الطبقات المتوسطة. في السيناريو الثالث، "انتعاش سباق المواهب"، تتنافس الدول على جذب الطلبة الدوليين بسبب نقص اليد العاملة، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وقد أكد التقرير أن الدول التي توفر سياسات تأشيرات مرنة، وفرص العمل بعد الدراسة، إلى جانب استثمارات كبيرة في البنية التعليمية، هي الأكثر قدرة على استقطاب الطلبة. وتعد الهند، وفق التقرير، أكبر مصدر للطلبة الدوليين خلال الفترة القادمة، بمعدل نمو سنوي يتجاوز 3 بالمائة. إلا أن التقرير نبه إلى أن المغرب يشارك عددا من العوامل المشتركة مع الهند، كالنمو السكاني والتوسع الحضري، ما قد يفتح فرصا مماثلة من حيث زيادة عدد الطلبة المغاربة المهاجرين للتعليم. ويشير التقرير إلى أن قدرة المغرب على الاستثمار في تحسين جودة التعليم المحلي، دون إغفال فرص التعاون الدولي، ستعد عاملا حاسما في موازنة التدفقات التعليمية داخليا وخارجيا. من جهة أخرى، يحذر التقرير من أن هذا النمو في الطلبة الدوليين، والذي سيصل إلى أكثر من 8.5 مليون طالب في عام 2030، قد يواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية في دول المقصد. ففي ظل منافسة متزايدة بين الدول لجذب الطلبة، تصبح المدن التي توفر جودة حياة عالية، وتعليم عالي المستوى، وبيئة ثقافية مرحبة، أكثر قدرة على استقطاب الطلبة الدوليين، وهو ما قد يشكل تحديا أمام بعض المدن المغربية إذا لم يتم الاستثمار بشكل كبير في تحسين جودة التعليم والخدمات الطلابية.