تفاعلا مع تصريح السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في البرلمان حول مجريات امتحانات الباكالوريا الدورة العادية 2025 ومع البلاغ الصادر بهذا الشأن يوم 2 يونيو 2025 التي أشار فيه أنه وعلى غرار السنوات الماضية، تم تفعيل الإجراءات المتعلقة بزجر الغش خلال إجراء هذه الاختبارات، حيث تم ضبط 2769 حالة غش، مسجلة بذلك تراجعا مقارنة مع دورة 2024 بنسبة 12 في المائة، مشيرا إلى أنه تم تحرير محاضر الغش بشأن الحالات التي تم ضبطها، وستعرض للبت فيها من طرف اللجن الجهوية المختصة لاتخاذ العقوبات التأديبية المنصوص عليها في القانون 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، ولم يذكر لا البلاغ ولا السيد الوزير إلى ماذا يعزى هذا التراجع؟ وللسيد الوزير وغيره نقول أن الأرقام غير دقيقة بل مضللة ولا يمكن الاستناد إليها للحكم. وبحكم الممارسة الميدانية وانطلاقا من المعاينة المباشرة لمجريات الامتحانات يمكنني القول أن حوالي 90٪ من حالات الغش لا يتم التصريح بها، بل يتم التعامل معها من قبل المراقبين المكلفين بالحراسة دون التبليغ عنها، وبالتالي اتخاذ إجراءات زجرية، في حق اصحابها، وهذا ليس من باب التواطؤ بل هناك عدة أسباب وعلى رأسها الخوف من التبعات التي قد تؤدي إلى تعريضهم للاعتداء الجسدي خارج مراكز الامتحان، دون حماية من قبل الوزارة التي لازالت ترفض أن تنصب نفسها طرفا في حال تم الاعتداء على نساء ورجال التعليم، حتى داخل مقرات عملهم وهم يزاولون عملهم، ما بالك عندما يتعلق الأمر بالاعتداء خارج المؤسسة. ولهذا صار غالبية المكلفين بالحراسة ينأون بأنفسهم ويتجنبون الاصطدام مع الغشاشين(كيسلكو معهم)، مما يفرض على الوزارة مستقبلا أن تبرمج تكوينا خاصا للمكلفين بمراقبة إجراء الامتحانات الإشهادية خاصة الثانية باكالوريا في كيفية التعامل مع حالات الغش والغشاشين، هذا إذا كانت فعلا جادة في محاربته، لأن العديد من المؤشرات توضح عدم وجود هذه الجدية، ولأدل على ذلك هناك عدة إجراءات بمقدور الوزارة اللجوء إليها للحد من ظاهرة العش في الامتحانات ولك تفعل وفي مقدمتها: 1-الحرص على تنفيذ دفتر المساطر المخصص لإجراء امتحانات البكالوريا رقم 036.25 بتاريخ 15 ماي 2025 بحذافيره، لأن العديد من المديريات لا تحترم تطبيقه أو تتعامل معه بمنطق الانتقاء. 2-وضع أجهزة التشويش على الهواتف داخل مراكز الامتحانات. 3-مراقبة وغلق محلات بيع الأجهزة الخاصة بالأجهزة التي لا تستخدم إلا في مثل هذه الحالات. 4-إعادة النظر في طريقة وضع امتحانات الباكالوريا التي تعاكس الاختيار البيداغوجي للوزارة نفسها، والمتمثل في التدريس بالكفايات، مع العلم أن مواضيع الامتحانات لاتزال تخضع لبيداغوجيا الأهداف، وبالتالي يتم التركيز على مدى قدرة المترشح على الحفظ والاستظهار عوض الاهتمام بكفايات الفهم والتحليل والنقد والابداع التي تساير التطور الحاصل عالميا. في الأخير أستطيع القول أن ظاهرة الغش في الامتحانات بكل أنواعها صار هو القاعدة بحيث تحول لدى المعنيين الى حق مشروع يدافعون عنه بكل السبل، أما منطق الاستحقاق والاستقامة والاعتماد على النفس فتعد استثناء، و لا داعي كي نغطي الشمس بالغربال، لهذا فإن د الظاهرة بقدر ما حلها يستدعي التدخل على المستوى السياسي والتشريعي والقضائي وقلبها توفر الإرادة السياسية ، لكن على مستوى وزارة التربية والتعليم على الأقل إن كانت تتوفر على الإرادة التربوية، أقترح عقد مناظرة وطنية يستدعى إليها كل المختصين للتداول من أجل إيجاد حلول، عوض سياسة الهروب إلى الأمام والقول بالعام زين، خاصة وأن ثمن الغش أغلى بكثير من ثمن الاستقامة والاستحقاق على المستوى القيمي قبل أن يكون قياسا على الشواهد المحصل عليها والتي لم تعد تتناسب والمستوى المعرفي للحاصل عليها. شفيق العبودي العرائش 10 يونيو 2025