احتفال دبلوماسي بالرباط لاستقبال السفيرة يو جينسونغ وتسليط الضوء على الشراكة الصينية–المغربية.    المغرب يسجل نموا اقتصاديا بنسبة 5.5 % في الفصل الثاني من 2025    المخابرات الجزائرية وفضيحة قرصنة "GenZ212": حرب قذرة عبر الفضاء الرقمي        دول عربية وإسلامية تصدر بيانا حول إنهاء الحرب في غزة وتتمسك بدولة فلسطينية    صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال 16 لمعرض الفرس للجديدة                بتعاون من المديرية العامة للأمن الوطني المغربية: الأمن الإسباني يحجز ما يزيد على 11 طنا من الحشيش    الرباط.. متابعة 16 شابا من محتجي "جيل زاد" في حالة سراح بعد دفع كفالات مالية    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: رحلة محمد بن عيسى مع التنوير الفكري والتحديث الثقافي    حين تساءل المؤسسات عن الحصيلة!    الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين "قمع الاحتجاجات السلمية" وتعلن فتح مشاورات مع قوى ديمقراطية    الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين "العنف" ضد مسيرات "جيل Z" وتدعو إلى الحوار    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام البرلماني جزء من الحل في المنطقة العربية
نشر في مغارب كم يوم 30 - 08 - 2013

كشفت التحولات الجارية في المنطقة العربية وخاصة في ما بات يطلق عليه بدول الربيع العربي، أن البناء الديموقراطي هو مسلسل من التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي تأخذ طابعا متواصلا في الزمان، وليست فقط إسقاط رأس السلطة التنفيذية في النظام..
سواء في الدول التي عرفت مسارا ثوريا مثل تونس ومصر وليبيا، أو في الدول التي عرفت مسارا إصلاحيا هادئا مثل المغرب فإن الخبرة العملية أثبتت أن العملية الديموقراطية عملية تراكمية مرتبطة بالممارسة وبنضج الفاعلين واستعدادهم لتقديم التنازلات لبعضهم البعض، أكثر منها وصفة نظرية جاهزة.
إن الارتدادات الحاصلة اليوم، كشفت عن فقر كبير في الثقافة الديموقراطية لدى العديد من النخب السياسية التي فشلت في ساحة التنافس السياسي مع الإسلاميين وهو ما دفعها إلى التحالف مع العسكر وتوريطه في المواجهة مع التيار الإسلامي.
وفي المغرب هناك محاولات حثيثة للعديد من الفاعلين السياسيين وبعض الأقلام الصحافية التي لها ارتباطات وثيقة مع بعض مراكز النفوذ السياسي والاقتصادي، إلى جر المؤسسة الملكية إلى مواجهة حزب العدالة والتنمية وافتعال التوتر معها، وصلت إلى درجة قيام البعض بالمطالبة بحل حزب العدالة والتنمية!..
وهي دعوة غريبة في السياق المغربي الذي يقود فيه حزب العدالة والتنمية حكومة ائتلافية بعدما نجح المغرب في تجنب السيناريوهات العنيفة التي سقطت فيها دول أخرى، ودشن مسارا هادئا تحت شعار ‘الإصلاح في ظل الاستقرار' بعد انتخابات تشريعية غير مطعون في نزاهتها، وبعد دستور جديد تضمن العديد من الإصلاحات واحتفظ للمؤسسة الملكية بموقع السمو في النظام السياسي المغربي.
في الآونة الأخيرة انطلقت حملة إعلامية مسعورة تحاول استلهام النموذج المصري في التعاطي مع التيارات السياسية الإسلامية بعد عملية الانقلاب على المسار الديموقراطي متجاهلة خصوصية النظام السياسي المغربي التي تجعل رأس النظام السياسي ليس محل منافسة انتخابية، وأن الدستور المغربي احتفظ لرئيس الدولة بصلاحيات واسعة وجعله ضامن دوام الدولة واستمرارها، وبالتالي فإن الحكومات تتعاقب على تدبير الشأن العام وتتغير بناء على ما تسفر عنه صناديق الاقتراع، أما رئيس الدولة فهو الملك الذي لاينتمي لأي حزب سياسي وهو من الناحية الدستورية الممثل الأسمى للدولة، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. وبهذا المعنى فإن الدولة لا يمكن أن تأخذ صبغة حزبية يمكن أن تهدد المسار الديموقراطي في البلاد أو على السير العادي للمؤسسات أو على المس بالحقوق والحريات.
إن النظام الملكي الذي يعتبر من ثوابت المملكة في المغرب، يعتبر ضمانة أساسية لحماية المسار الديموقراطي، ويتدخل لتنبيه الحكومات المتعاقبة إلى بعض الاختلالات التي يمكن أن تقع في أدائها التدبيري، لكنه بهذه الوظائف السامية لا يمكن أن يكون مع هذا الطرف أو ذاك..
ولذلك، واستلهاما من التجربة المغربية، فإن جزءا من الحل بالنسبة للدول التي تعرف اضطرابات حقيقية، يوجد في تطوير أنظمة دستورية تجعل رأس النظام السياسي يتمتع بوظائف تحكيمية وسيادية ورمزية، يكون فوق الصراعات اليومية للأحزاب السياسية.
إن النظام البرلماني الذي يتمتع فيه رؤساء الدول سواء في الأنظمة الجمهورية أو الأنظمة الملكية باختصاصات الإشراف العام والتوجيه الاستراتيجي والتمثيل السيادي للدولة والحرص على احترام قواعد العملية السياسية، تجعل رأس النظام السياسي في منآى عن أي مساءلة سياسية مباشرة، بينما تتركز عملية المساءلة والمحاسبة في الحكومات التي تسهر على التدبير اليومي للسياسات العمومية.
لقد ظهرت العناوين الأولى للنظام البرلماني في المغرب بعد الاستقلال على يد علال الفاسي الذي كتب في كتبه ‘النقد الذاتي' بأن: ‘أسباب كل ما جرى في وطننا من اضطرابات، راجع إلى كون جلالة الملك مسؤول مباشرة أمام الشعب، وذلك ما أحدث في بلادنا كثيراً من الثورات التي كان يمكن الاحتراز عنها لو أن الوزارة المغربية أخذت صبغتها الديمقراطية فبدأت تتحمل هي مسؤولية أعمالها'.
بحيث يتحمل الوزراء المسؤولية السياسية أمام البرلمان، وبذلك يكون رأس النظام، وهو الملك، في منأى عن تحريك المسؤولية المرتبطة بامتلاكه للسلطة، مما يساهم في تعزيز الاستقرار السياسي والاحتراز من الثورات والاضطرابات.
ويسترجع علال الفاسي بعض المحطات من تاريخ المغرب لتعزيز أطروحته، ويعود بالضبط إلى مرحلة السلطان الحسن الأول قائلاً: ‘وإن في التجديد الحكومي الذي وضعه مولانا الحسن (1873-1894م) خير دليل على أن الحكومة الشريفة كانت سائرة في هذا الاتجاه المتفق تماماً مع الروح الإسلامية'.
‘لأن جلالة الملك هو ولي الأمر في القضاء وفي الحكم، وكما أن القاضي منفذ للقانون بالنيابة عن الملك، ولكنه هو الذي يتحمل مسؤولية الأحكام التي يمضيها، كذلك يجب أن يكون الوزراء منفذين لشؤون الدولة باسم جلالته ولكن على شرط أن يتحملوا مسؤولية ما يمضونه من أعمال أمام جلالته بصفته ولي الأمر، وأمام المجالس النيابية يوم يتم تحقيق ما نصبو إليه من نظام دستوري متين، بعد الاستقلال طبعاً'. ولم يخف علال الفاسي إعجابه بالنظام البرلماني في بريطانيا، لكنه اختار مثالاً معبراً عن البيئة المغربية لتقريب صورة النظام البرلماني في أذهان النخبة المغربية. إنه مثال القاضي الذي يصدر الأحكام باسم الملك، ولكنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن أحكامه القضائية، فكذلك ينبغي أن يكون الشأن بالنسبة للوزراء في مختلف القطاعات، فليس من الحكمة أن يتدخل الملك في كل كبيرة وصغيرة، ولكن الوزراء يتولون مهام تنفيذ شؤون الدولة باسمه، ويتحملون مسؤولية أعمالهم أمام الملك بصفته ولياً للأمر وأمام المجالس النيابية المنتخبة، من قبل عموم المواطنين.
هذا هو سر نجاح الأنظمة الملكية في أوربا وسر استمرارها، وهو أمل الشعوب التي تتطلع للحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية في ظل دولة مستقرة بمؤسساتها الديموقراطية وليس بقواتها الأمنية وقدراتها القمعية.
"القدس العربي"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.