هجوم إعلامي قذر من الجزائر على مالي    التجمع الوطني للأحرار يدين بشدة الاعتداء الإرهابي لمليشيا البوليساريو الإرهابية على مدينة السمارة    البرلمان العربي يشيد بجهود جلالة الملك في نصرة القضية الفلسطينية    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    إجهاض محاولة تهريب 102 ألف قرص مهلوس بمعبر باب سبتة وتوقيف مواطنة إسبانية ومرافقيها    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سيارة مسرعة تدهس ستينياً وتُنهي حياته في العرائش    تفكيك مخطط إرهابي خطير بعد توقيف طالبة موالية ل"داعش" كانت تستعد لاستهداف منشأة دينية    الأمن المغربي يعزّز ريادته في محاربة الجريمة العابرة للحدود بتوقيف بريطانيين بأكادير    مسلك الإعلام بجامعة مكناس ينظم أول تدريب جامعي مع شبكة "أريج" للصحافة الاستقصائية    انطلاق بيع تذاكر كأس إفريقيا للسيدات بالمغرب    أرقام مندوبية التخطيط في مرمى الانتقادات بسبب مراجعة معدلات النمو    المغرب يخطو بثبات نحو استكشاف الهيدروجين الطبيعي والهيليوم بشراكة بريطانية جديدة    في رسالة مشفرة للعدميين.. ماجدة الرومي تُحيي الملك محمدالسادس وتؤكد: المغرب ملاذ آمن في زمن الحروب (فيديو)    المغرب يتجه للاستعانة بسفن توليد الكهرباء التركية كحل انتقالي لتعزيز أمن الطاقة    انخفاض مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء العيون    الهلال يقترب من حسم صفقة النصيري بعد موافقة إنزاغي    الرباط تحتفي بالإبداع الأردني: إصدار توثيقي يوثق 25 عاماً من الشعر الفصيح    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    فيديو مباشر يجر شقيقين إلى السجن.. تفاصيل ليلة فوضى وسكر داخل مقر شرطة    استدراكية الباكالوريا.. وزارة التربية تستعين بتقنية أوتوماتيكية جديدة للتصدي للغش    ماجدة الرومي تغالب دموعها في الرباط وتبعث برسالة مؤثرة إلى الملك محمد السادس: حبّنا للمغرب انتماء لا يشبه سواه    أزيد من 48 بلدا في فعاليات "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    إفران تحتضن الدورة السابعة لمهرجانها الدولي من 23 إلى 26 يوليوز    انعقاد الجمعية العامة العادية لغرفة الصناعة التقليدية لجهة طنجة تطوان الحسيمة    الدفاع المدني في غزة يعلن مقتل 23 فلسطينيا في غارات إسرائيلية    اجماع وبوعادي في معرض تشكيلي مشترك بمشرع بلقصيري    بودشار يمتع الرباط بكورال جماهيري    تدنيس القرآن في قمة الناتو يغضب الجاليات المسلمة بهولندا    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع استعداد الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    مونديال الأندية: مواجهة مرتقبة بين سان جرمان وميسي.. وبايرن يصطدم بفلامنغو    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع    وزارة العدل الأمريكية تضغط لإقالة رئيس جامعة    مصادر طبية تنعى 66 من أطفال غزة    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن    نظام إيران يشيع عسكريين وعلماء    ألونسو: دياز يتمتع بروح تنافسية عالية    عملية توقف "داعشية" بمدينة الرباط    جريمة قتل أم تستنفر الشرطة بمكناس    2419 ملعب قرب مبرمج لتعزيز البنية الرياضية بالمغرب    المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترف ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة    مونديال الأندية: جماهير غفيرة وأهداف غزيرة في دور المجموعات    زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب قبالة سواحل جنوب الفلبين    البوليساريو تلقت ردا حاسما بعد استهدافها السمارة    كرة الطائرة / اتفاقية تعاون بين CAVB و AIPS إفريقيا …    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريتا فرج – "السفير": الصراع على الوهابية بين قطر والسعودية
نشر في مغارب كم يوم 09 - 02 - 2013

يحاول الكاتب السعودي المثير للجدل منصور النقيدان في دراسته «قطر ومشروعها في دعم الوهابية» (مركز المسبار للدراسات والبحوث 2012) تسليط الضوء على الجهد الذي تبذله قطر في جذب العقيدة الوهابية مع امتداده العقدي والقبلي، ويبدأ بحثه في كلمة افتتاح جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدوحة التي ألقاها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إذ أشار الى أن قطر ستسعى الى دعم ونشر الدعوة الوهابية تأكيداً على الصلة المباشرة مع الإمام ومنهجه السلفي.
وعلى الرغم من أن السعوديين يؤكدون على البعد السلفي ويتجنبون وصف دعوة إمامهم بالوهابية، إلاّ أن المصطلح انتشر وأصبحت له سطوة على مجمل الخطاب الديني المتشدد من المحيط الى الخليج. ومعلوم أن الحركة الوهابية ذات المنابع السلفية، استمدت تفسيرها من الإمام أحمد ابن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية وإبن قيم الجوزية، وكانت ضد الحركات الصوفية، وتأثرت فيها العديد من الحركات الإسلامية، كما عملت على فرض عقيدتها خارج مجالها الجغرافي، إذ سجل التاريخ الحديث محاولات دؤوبة لنشر السلفية في الدول المجاورة للسعودية، من بينها العراق إبان مرحلة التأسيس (نُحيل على كتاب: رسول، رسول محمد رسول، الوهابيون والعراق عقيدة الشيوخ وسيوف المحاربين) علماً أن دعاة الوهابية نشروا دعوتهم في العديد من الدول العربية أقله منذ حقبة السبعينيات من القرن الماضي.
يستند النقيدان الذي كان داعية متطرفا ومن أكثر المتحمسين لعقيدة محمد بن عبد الوهاب قبل أن يجري مراجعة نقدية/ جذرية في مرحلة السجن دفعته الى اتخاذ مواقف ليبرالية الى عدة معطيات في قراءته لعملية الجذب القطري المحموم للوهابية، فيستحضر بداياتها التاريخية في القرن التاسع عشر، إذ سعى الشيخ قاسم بن محمد الى ترسيخ المذهب الحنبلي المعتمد عليه في قانون الأحوال الشخصية حتى اليوم، بعدما كان المذهب المالكي سائداً.
وبصرف النظر عن الظروف التاريخية المؤدية لانتشار الوهابية، التي يصفها الكاتب في مواضع مختلفة من دراسته ب «الوهابية الناعمة»، يخلص الى أن قطر أقامت توليفة ساعدتها على تجنب حال الفوران والصدام التي عاشتها السعودية مع وهابيتها إبان الصحوة الإسلامية في ثمانينيات القرن المنصرم، ولم تسمح هذه التوليفة «بتفعيل سلفية وهابية شرسة تنعكس على الاستقرار السياسي، أو تقدم وجهة نظر معارضة للنهج الذي اتبعه الشيخ حمد منذ وصوله الى الحكم».
تنهض التوليفة المشار اليها على ثلاث قواعد: الحنبلية السلفية الوهابية الدعوة والتبيلغ التي استقرت في قطر وتأثر فيها الكثير من أبناء المجتمع القطري. لكن النقيدان في وضعه لهذه الثلاثية لا يفسر بشكل دقيق الأسس الايديولوجية والعقدية للوهابية القطرية، فهو لا يشرح للقارئ كيف ترسخت هذه التوليفة وما هي مؤثراتها في المستويين الاجتماعي والسياسي، وهذا لا يمنع كونه خرج بنتائج أولية تحتاج الى تأسيس.
ومن بين الخلاصات التي يفصح عنها في دراسته أن قطر مرشح مثالي لخلافة السعودية في نشر الوهابية «فهي أكثر دولة وفاءً» لهذه العقيدة بعد السعودية التي تنازعها على تراث ابن عبد الوهاب، وتجهد في دعمها كي تتواءم مع التوجه «والأهداف القطرية» على المستوى الإقليمي. وإذ يحذر الكاتب الإحيائيين الوهابيين الجدد من النتائج الكارثية في حال «نشطوا الوهابية الثورية/ المحتسبة» كما جرى ويجري في السعودية، يرى أن قطر تستنهض المشروع الوهابي لكن بطريقة حديثة، وهنا يستشهد بكلام وزير الخارجية القطري الذي قال: « الوهابية في بلدنا مختلفة عن السعودية حيث في قطر المرأة لها مساحة من الحرية ومسموح لها أشياء كثيرة ممنوعة على المرأة في السعودية مثل قيادة السيارة».
الأخطر في النقاط التي يكشف عنها الكاتب اعتماد بعض المدارس القطرية على مناهج التربية الإسلامية الوهابية الطابع بدءاً من العام 2006. قطر المشغولة في دعم إسلاميي الربيع العربي حصرت وهابيتها الناعمة داخل المدارس ووزارة الشؤون الاجتماعية، ولم تسمح لسلفييها أن يكونوا ناشطين على الساحة أسوة بنظرائهم في الكويت أو البحرين، بمعنى آخر المشهد الديني لا يمكنه ان ينافس حضور العائلة الحاكمة كما يلحظ الكاتب. وفي سبيل تنشيط الوهابية وإثر وصول الشيخ حمد الى الحكم، عملت قطر على استقطاب السلفيين السعوديين ومنحت بعضهم الجنسية القطرية.
يتساءل النقيدان هل «القطريون وهابيون أم سلفيون حنبليون؟» من أجل الإجابة عن هذا السؤال يرصد ردود الأفعال الشبابية، التي أثارتها المقابلة التي اجريت مع وزير خارجية قطر الذي أكد «أنه وهابي»، في منتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، ليقول: «إن معظم الجيل الجديد يعبرون عن أنفسهم بأنهم حنابلة سلفيون، ويحتفظون لابن عبد الوهاب بإجلال كبير له ولتعاليمه». عملية استنهاض العقيدة الوهابية في قطر ترافقت مع نشاط ثقافي تجلى في السعي للحفر في التراث والمخطوطات التي تؤكد على تاريخ قطر الوهابي وارتباطه بالوهابيين في السعودية.
يجري الكاتب نوعاً من المقارنة للصراع القطري السعودي على الوهابية خلال الفترة الممتدة بين عامي 1995 و2011 ويضع نتائجه الأولية في خانة «البحث عن إيديولوجيا موائمة» أي تلك الحقبة التي حاولت فيها القيادة القطرية إرساء وهابيتها المعدّلة، علماً أن الدوحة إبان خلافها السياسي مع السعودية قبل العام 2008 شنت هجوماً على الوهابية ووصل الخلاف الى ذورته العام 2008 الى أن توقف في العام 2010. المؤشر الأهم الذي يدرسه الكاتب بحث قطر عن عمقها القبلي/ الديني في السعودية ومحاولاتها المتكررة «للاستحواذ على الإسلام السلفي الوهابي» أي بذل الجهد في البحث عن شرعية دينية / قبلية «في العمق النجدي السعودي على وجه الخصوص».
يصل الكاتب الى مجموعة من الخلاصات من بينها: لا يمتلك القطريون رؤية واضحة حول مشروعهم لبعث الوهابية في ظل الجار الكبير الذب نبعت منه المدرسة؛ كل المعطيات تؤكد أن قطر تسعى الى دعم الوهابية لا السلفية بمعناها العام؛ ليس مؤكداً أي نسخة من الوهابية سوف تتبناها قطر، وإن كانت كل الظروف تشي بأنها ستتبنى الوهابية الناعمة المنسجمة مع مشروعها الاقليمي؛ ترجح كل المعطيات أن المستهدف هو العمق السعودي والحظوة بشرف سدانة الوهابية.
ثمة نقاط ضعف في دراسة النقيدان، إذ كان بإمكانه تكثيف الأفكار والإضاءة على عدة المفاصل الإشكالية، فهو لم يجب بالشكل المطلوب عن مؤثرات الوهابية القطرية «منزوعة الدسم» في المجتمع القطري، ولم يفصل الكلام حول الأسس العقدية / الدينية التي تنهض عليها الوهابية في قطر، كما لم يوسع فرضية أساسية تتمثل في البعد القبلي / الجغرافي الذي تبحث عنه القيادة القطرية في العمق السعودي، وهذا المفصل هو الأهم.
قطر المنتشية اليوم بوصول الحركات الإسلامية الى الحكم في بعض دول الربيع العربي، تراهن بقوة على ورقة الإسلاميين، وربما ترى أن التحولات الراهنة ستؤدي الى تعزيز نفوذها الإقليمي، والى فرض أجندتها السياسية الملتبسة والمثيرة للتساؤلات، لكن الإشكالية التي تطرح نفسها هل ستنجو قطر من لعنة الإسلاميين، من المفيد الإحالة على كتاب Oussama ben laden ou le meurtre du père (أسامة بن لادن أو اغتيال الأب) للصحافي الفرنسي ريشار لابيفيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.