الجمارك تحجز 167 مليون درهم من العملات الأجنبية في 2024    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024.. المنتخب المغربي على بعد خطوة من تحقيق اللقب للمرة الثالثة    جلالة الملك يعزي أسرة الإعلامي الراحل محمد حسن الوالي    بلعامري الأفضل في مواجهة السنغال    المنتخب المغربي المحلي يتجاوز السنغال بركلات الترجيح ويصل إلى نهائي "شان 2025 " للمرة الثالثة في تاريخه!!        فاس: وفاة شخص كان موضوعا رهن المراقبة الطبية لضرورة البحث في قضية جنحية    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الإعلامي محمد حسن الوالي (علي حسن)    مباراة المنتخب.. 2 مليون سنتيم للتذكرة الواحدة وبيع 62 منها    في حصيلة ثقيلة.. طرق المملكة تحصد 27 روحًا و2719 إصابة خلال أسبوع    مضامين لقاء برادة وجمعيات الأولياء    انطلاق عملية انتقاء المجندين للخدمة العسكرية بالمغرب ابتداءً من فاتح شتنبر    إسرائيل تزعم أنها استهدفت "كاميرا حماس" في ضربتين قتلتا 5 صحافيين    اليابان توجه صفعة قوية للبوليساريو وتؤكد عزلتها الدولية    محمد السادس... شمس لا يحجبها غيم لوموند    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    25 دولة تعلق إرسال الطرود لأمريكا    الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي يؤكد على دور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس    ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا؟    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالحوز    ذكرى ميلاد سمو الأميرة للا مريم.. التزام راسخ من أجل النهوض بحقوق المرأة وحماية الطفولة    المغرب ‬‮:‬ ‬حملات ‬تقتضي ‬رفع ‬درجات ‬الحذر    المترجي يعود إلى الوداد بعقد مدته ثلاث سنوات    شاطئ طرفاية يتحول الى لوحة فنية من إبداع علي سالم يارا    الرباط.. مستجدات قضية "زنا المحارم"    غزة.. الحصار يرفع حصيلة المجاعة إلى 303 شهداء    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    شاطئ الحسيمة يلفظ جثة في حالة متقدمة من التحلل    القطيع الوطني للماشية: إحصاء أزيد من 32,8 مليون رأس (وزارة)    بريطانيا تعزز مكافحة "جرائم الشرف"    الاحتقان يرافق الدخول الجامعي بالمغرب .. احتجاجات وإضرابات وطنية    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    جامعة الأخوين أول عضو دولي في "تحالف LearningWell"    المغرب، فاعل رئيسي في صناعة السيارات العالمية (صحيفة إسبانية)    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا        بعد غياب طويل .. 320 ألف متفرج يستقبلون سعد لمجرد    أسود الأطلس يواجهون السنغال وعينهم على النهائي    شي جينبينغ يستقبل رئيس مجلس الدوما الروسي ويؤكد على عمق الشراكة الاستراتيجية بين بكين وموسكو    بطولة ألمانيا: دورتموند يمدد عقد مدربه كوفاتش إلى غاية 2027    فرقة الراب "نيكاب" تلغي جولتها الأميركية بسبب محاكمة أحد أعضائها بتهمة دعم حزب الله    الصحافي والإعلامي علي حسن في ذمة الله    بولتون ‬رأس ‬حربة ‬اللوبي ‬الانفصالي ‬بواشنطن ‬في ‬ورطة ‬جنائية ‬جديدة ‬تبدد ‬ما ‬تبقى ‬له ‬من ‬تأثير ‬و ‬مصداقية ‬    عمالات الدار البيضاء تطلق لقاءات تشاورية لإعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية                    وفاة الإعلامي علي حسن أحد الوجوه البارزة في التلفزيون والسينما المغربية    الإعلامي محمد الوالي (علي حسن) في ذمة الله.. مسار حافل في خدمة التلفزيون والسينما    أمر فرنسي بترحيل ثلاثيني مغربي لقيامه بفعل خطير    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هي تداعيات تفجير مراكش ومَن يقف وراءه ؟
نشر في مرايا برس يوم 09 - 05 - 2011

تحدّى شابان فرنسيان، التفجير الإرهابي الذي استهدف مدينة مراكش يوم 28 أبريل الماضي وأقاما يوم السبت 7 ماي حفل زفافهما بالقُرب من مقهى أركانة في ساحة جامع " الفنا " التي استهدفها التفجير .
في الوقت نفسه،كانتالساحة تُودِّع وتستقبِل آلاف المغاربة الذين حجّوا إليها يومي السبت والأحد الماضيين، للتعبير عن تضامُنهم مع ضحايا التفجير وإصرارهم على إعادة الروح إلى الساحة الشهيرة وإلى المدينة، التي باتت قِبلة للسيّاح الأوروبيين .
وكانتالأيام التي تلَت التفجير عرفت تحرّكات مغربية مُكثَّفة على كافة المستويات وفي مختلف الميادين المعنية بهذا التفجير الإرهابي وتداعياته، إن كانت الاقتصادية (السياحة) أو الأمنية أو السياسية، خاصة وأن البلاد تشهَد حِراكا منذ انطلاقة الاحتجاجات الشبابية أو ما يُعرف بشباب 20 فبراير وما تلاها من خطابٍ ملكي قدم مشروعا للإصلاحات الدستورية ولقِي ترحيبا واسعا وأدخل الفاعلين السياسيين والحقوقيين بالمغرب في خِضَم نِقاشٍ واسع حول هذه الإصلاحات .
العودة إلى الحياة .. ولكن
التفجير الإرهابي الناتج عن عُبوات ناسفة وُضِعت في المقهى، ذهب ضحيته 17 قتيلا بينهم فرنسيين وسويسريين ومغاربة وهولنديين، بالإضافة إلى 23 جريحا، بعضهم جِراحُه خطيرة. هذا التفجير، هو الأخطر الذي تعرفه البلاد منذ تفجيرات 16 ماي 2003، التي استهدفت مدينة الدار البيضاء وذهب ضحيتها 45 قتيلا وعشرات الجَرحى .
ويقول محمد ظريف، الباحث المغربي المختص بالجماعات الأصولية، الذي تحدّثت إليه " سويس أنفو " وهو وسط ضجيج المواطنين في ساحة جامع "الفنا": إن الحياة العادية بدأت تعود إلى الساحة وأن وتِيرة الاكتظاظ، الذي تشتهر به، ترتفع وتعود إلى طبيعتها، إلا أن أشغال "الرياضات" (جمع "رياض" أي المنازل الفاخرة التي اشتراها أو يستأجرها الأوروبيون، وخاصة الفرنسيين)، سجَّلت انخفاضا، والمواطنون المغاربة يعبِّرون عن استياء كبير من الانعكاسات السلبية للتفجير على الساحة، خاصة وأنه جاء في بداية الموسم السياحي .
وإذا كانت هجمات 16 ماي انتحارية شارك فيها 14 انتحاريا، فإن تفجير مراكش جاء، حسب وزارة الداخلية المغربية، على يَد شخص واحد، دون أن تكون له ارتباطات تنظيمية، فكَّر وخطَّط وأعدّ ونفَّذ العملية عن طريق التفجير عن بُعد وتمكنت السلطات من إلقاءالقبض عليه بعد أسبوع واحد من العملية .
ويقول الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، "إن عادل العثماني، المشتَبه الرئيسي في تنفيذ التفجير، مواطن مغربي متشبّع بالفِكر الجهادي ويُبدي ولاءه إلى تنظيم القاعدة. سبق وأن قام بعدّة محاولات، قصْد الالتحاق ببعض بُؤر التوتّر من أجل الجهاد بها، خاصة بالشيشان والعراق. غيْر أنه لم يتمكّن من تحقيق مُبتغاه، حيث تمّ توقيفه في مناسبتيْن: الأولى، في البرتغال سنة 2004. والثانية، في سورية سنة 2007، قبل أن يتم ترحيله إلى المغرب. وعمل منذ 6 أشهر على اقتناء موادّ مختلِفة تدخُل في تركيبة المتفجِّرات، أودعها بمنزل عائلته بمدينة آسفي وتمكّن من صُنع عُبوتيْن ناسفتين من 6 و9 كيلوغرامات، إضافة إلى قيامه بإحداث تغييرات في هاتف نقّال، بهدَف التحكُّم في تفجير العبوتيْن، ثم توجّه إلى مقهى أركانة، حيث أخذ مكانه كأيّ زبون، قبل أن يغادِره تاركا وراءه الحقيبة التي تحتوي على العُبوتيْن، وبعد ابتعاده عن المقهى، قام بتفجيرهما بواسطة الهاتف النقال " .
منفِّذ العملية وراء القضبان
إن إلقاء القبْض على عادل العثماني، يُسجل إيجابا للمخابرات المغربية، وكذلك تدبير الدولةلتداعيات الانفِجار، مما أنقذ البلاد من استنساخ تجربة تدبير تفجيرات 16 ماي 2003 وشنّ حملة واسعة من الاعتقالات، وصلت إلى أكثر من 6 آلاف تمّ التحقيق معهم، قُدِّم منهم للمحاكمة أكثر من 3 آلاف متَّهم، فيما حُكِم على حوالي ألف بالإدانة، مع ما رافق عمليات التحقيق من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من اعتقالات خارج القانون إلى التعذيب والأحكام القاسية .
العاهل المغربي الملك محمد السادس شدّد منذ اللحظة الأولى على "إخْبار الرأي العام بنتائج البحث، الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بكل شفافية وفي إطار القانون"، ولم تسجل الأجهزة الأمنية خلال الأسبوع الذي تلا التفجيرات وقبل الإعلان عن اعتقال العثماني، أي اعتقال لأي مشتبه به، رغم إجراء الأجهزة البحث مع العديدين، بالتعاوُن مع محقِّقين فرنسيين وإسبان وأمريكيين .
"الديمقراطية لن تترك أي عمل إرهابي دون عقاب"
ويقول محمد ظريف ، الباحث المغربي المختص ل " سويس أنفو " : " عندما يحدُث عمل إرهابي كالذي حدث في مراكش، دون أن تكون هناك مُعطيات متوفِّرة أو إعلان جهة ما عن مسؤوليتها، فإن البحث عن الفاعلين يستغرِق وقْتا طويلا، وهو ما أشار إليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بأنه سيلاحق الإرهابيين الذين نفَّذوا التفجير وأن "الإرهابيين يُدركون من الآن فصاعدا، أنهم لن يجِدوا الملاذ في أي مكان أبدا، وسيتِم البحث عنهم ومتابعتهم وتعقّب أثرهم ومطاردتهم، وسيدفعون الثمن غاليا عن جرائمهم. يجب أن يُدرك كل واحد منهم هذا الأمر، الديمقراطية لن تترك أي عمل إرهابي دون عقاب " .
الاتهامات فوْر الإعلان عن التفجير، وُجِّهت إلى تنظيم القاعدة، بداية بشكل غير مباشر، حين أعلن وزير الداخلية المغربي في اليوم التالي للتفجير عن أن العملية تُشبه تلك التي ينفِّذها تنظيم القاعدة. ويعتقد ظريف أن توجيه الاتهام للقاعدة في البادية، لم يكن دقيقا، لأنه "يرتكِز على الأسلوب المُستعمَل، وهذا غير كافٍ. فالتفجير بعُبوة ناسفة، لا يفيد بالضرورة أن القاعدة وراء العمل، إذ يكون "التنظيم" هو الذي نفذها، وقد تكون جهات أخرى .
فرضيات
ويشير الباحث المغربي إلى أربع فرَضِيات تمّ تداولها قبل إعلان القبض على عادل العثماني، وهي أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وراء الحادث، كاستهداف للمصالح الفرنسية، على اعتبار أن مراكش مدينة يقطُنها عدد من الفرنسيين، بل تكاد تكون مدينة فرنسية، نظرا لنسبة السياح أو المقيمين، أو أن يكون وراء التفجير بقايا خلية "أمغالا"، وهي خلية تسعى إلى إنشاء ذِراع ل "القاعدة" في المغرب، وربما أن بقايا الخلِية لم تخضع للمراقبة، فقامت بهذه العملية .
وذهبت فرضيات إلى أن جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، هي التي قامت بالتفجير، استهدافا لاستقرار المغرب ومشروعه للحُكم الذاتي كحلّ للنزاع الصحراوي. أما العناصر الانفصالية، فهي تريد أن تُظهر للعالم أن المغرب عاجِز عن ضمان استقراره الداخلي .
وطُرحت فرضية أن تكون جهات داخلية غيْر راضية على الإصلاحات التي يقوم بها المغرب، وأنها كانت تُعوِّل على صِدام بين المؤسسة الملَكية والشارع من خلال حركة 20 فبراير، على أمل أن تلجأ الدولة إلى مقاربة أمنية بعد التفجير الإرهابي لإلغاء الاستثناء المغربي بالإصلاحات المتفاهَم عليها والدّفع نحو النموذج التونسي والمصري أو النموذج الليبي والسوري، في التعاطي مع المطالب الشعبية والشبابية .
وإذا كانت التصريحات الرسمية حول اعتقال مدبِّري الهجمة الإرهابية على مقهى أركانة قد بدّدت هذه الفرضيات من جهة وأكدت على عدم توقّف مسار الإصلاحات الدستورية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية واحترامها لحقوق الإنسان، "لأن الامتحان يكون في الأزمات، وليس في مرحلة الاستقرار"، فإنها أيضا فتحت بابا لتحليل باتِّجاهٍ آخر "بعد تأكيدها على أن التفجير عمَل فردي/محلّي، قام به شخص واحد، لا أبا سياسيا له، وإن كان تنظيم القاعدة هو الأب الروحي للعثماني، الذي يؤمن بأفكار التنظيم وحاول أكثر من مرّة الإلحاق بصفوفه .
ظاهرة الإرهاب الفردي
وعن مخاطر ظاهرة الإرهاب الفردي، يقول ظريف إنها ظهرت في المغرب منذ 2005، حين ألقت السلطات الأمنية في مدينة المحمدية على ستة أشخاص كانوا يعدّون لتفجيرات إرهابية، بعد إجراء تجارب على عُبوات تتفجّر عن بُعد، وحُكِم عليهم بالسجن 5 سنوات وأطلق سراحهم نهاية العام الماضي .
ويوضِّح السيد ظريف، المختص المغربي بشؤون الجماعات الأصولية، الذي تحدث ل " سويس أنفو " : " إن ظاهرة الجهاد الفردي على شكل ما جَرى في مراكش، بدأت في مكناس عام 2008، حين هاجَم مهندس مغربي بأنبوبة غاز، سياحا أجانب، وأكّدت التحقيقات أن هذا المهندس لم تكن له أية علاقات تنظيمية أو انتماءات سياسية، وأن ما قام به كان محاولة منه للتعبير عن موقِفه وغضبه الإنساني من الأوضاع السياسية القائمة " .
ويعتبر محمد ظريف أن ظاهرة الجهاد/الإرهاب الفردي/المحلّي، التي نجحت في مراكش، تشكّل تحديا جديدا للأجهزة الأمنية وللدولة ومعالجة مختلفة عن تلك التي تمّ معها تدبير ملف الجماعات الأصولية المتشدّدة خلال السنوات الماضية .
* سويس أنفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.