فوزي لقجع يزور بعثة الوداد ويجدد دعمه للفريق في مونديال الأندية    كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة.. المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب البرازيل وإيطاليا وكوستاريكا            فرنسا تشكر المغرب    مستعملو الطريق السيار مدعوون إلى تنظيم تنقلاتهم قبل السفر    وهبي يترأس ملتقى "سفراء إفريقيا"    أساتذة يطالبون ب"الأقدمية العامة"    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالقنيطرة حفل تخرج الفوج 25 للسلك العالي للدفاع والفوج 59 لسلك الأركان    الجزائر تقترب من مغادرة مجلس الأمن.. والمغرب يحشد "أصدقاء جددا"    وزارة التعليم تشدد: الدراسة مستمرة إلى غاية هذا التاريخ    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تستعد للمشاركة في "المسيرة العالمية إلى غزة" دعماً لفك الحصار    حملة على محلات اللحوم بسوق السبت    تخصيص 28 مليون درهم لتحسين بنية استقبال الجالية بميناء طنجة المتوسط    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    زينة الداودية تتصدر الترند المغربي على يوتيوب بأغنيتها "سور سين"    عيد الأضحى في السجون دون ذبح الأضاحي وبرنامج غذائي خاص للسجناء    قصف إسرائيلي على غزة يوقع على الأقل 16 قتيلا و"مؤسسة غزة الإنسانية" لن تفتح أبوابها الأربعاء    الأغلبية الحكومية تشيد بتماسك مكوناتها وتطابق مواقفها تجاه جميع القضايا وتحيي المعارضة "المسؤولة"    الأستاذ الفنان الراحل الحاج أحمد عبد السلام الطود علم الموسيقى الأندلسية بالعرائش    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني بحضور الأمير مولاي رشيد            بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    المغرب يستعد لصيف سياحي تاريخي في 2025    المغرب الفاسي ينفصل عن مدربه توميسلاف ستيبيتش    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    بعد نفاد التذاكر.. الجامعة تعلن إجراء مباراة المغرب وتونس بشبابيك مُغلقة    يوميات حاج (5): "يوم التروية" في مِنى .. مقام النيّة ومهد السكينة    23.4 مليون مليونير في العالم.. عدد الأثرياء وحجم ثرواتهم في أعلى مستوى تاريخي    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون        ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    على هامش تصريح بنكيران بين الدين والسياسة: حدود الفتوى ومسؤولية الخطاب العمومي    توتر بين الصيادلة ووزارة الصحة بعد إعلان مراجعة تسعيرة الأدوية دون تشاور    السفير الصيني بالمغرب يكتب: صين واحدة فقط – العدالة التي ندافع عنها معًا    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    الهيئة العالمية للملاكمة تمنع إيمان خليف مؤقتا حتى إثبات هويتها البيولوجية    أشرف حكيمي بعد تتويجه بدوري الأبطال: لحظة استثنائية وفخور بحمل علم بلدي    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    طنجة: توقيف فرنسي-مغربي مطلوب دوليا في جرائم اختطاف وابتزاز وطلب فدية تستهدف متداولي العملات المالية المشفرة    لامين يامال: اللعب مع ريال مدريد "مستحيل"    الجيش المغربي يعزز ترسانته بمدرعات أميركية تستعملها جيوش نخبوية    تراجع معدل الخصوبة في اليابان إلى مستوى قياسي    أكثر من مليون مسلم يبدأون الحج    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    مجد من المغرب يشارك في سباق قوارب التنين في نانتشانغ: تجربة مشوقة في قلب تقاليد مهرجان القوارب التنينية    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً        السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    









المسلسلات التركية.. تجريع للفساد, وتخريب للذوق
نشر في محمدية بريس يوم 12 - 09 - 2009

ما زال الجدل يتفاعل حول المسلات التركية بين إعجاب واستنكار؛ فما الجديد فيها؟ وما خصوصيتها التي تميزها عن سائر الأعمال الشبيهة لها في الطبيعة والغاية؟
لا يخفى أن قسما من الاهتمام المسلط عليها نابع من درجة المشاهدة والمتابعة غير العادية التي حظيت بها من أبناء المنطقة العربية, وزاد من حدة ذلك ما سببته من آثار سلبية- فيما تتضافر عليه الأنباء- تمثلت في حالات الطلاق, والمشاحنات الزوجية والعائلية, وقد بلغ بعض الممثلين في المسلسل مبلغا من الاهتمام يفوق ما يستحقونه, حتى التقت بهم وزيرة في أحد الأقطار العربية؛ فأثارت صورٌ جمعتها بأحدهم من بعض الناس جدلا واستنكارا!!
وكان هذا الالتفات الكبير نحو تلك المسلسلات التركية المدبلجة سببا لاختصاصها بموقف شرعي تحذيري صرح به سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ (مفتي السعودية) ؛ إذ بين أنها خبيثة وانحلالية وضالة. ووصف الشيخ القنوات التلفزيونية التي تذيع تلك المسلسلات بأنها غير إسلامية. وقال في تصريحات نشرتها صحيفة الوطن السعودية "إن أية محطة تذيعها تحارب الله ورسوله". وأضاف قائلا: "إنه لا يجوز مشاهدتها حيث تحوي الكثير من الشر والبلاء وهدم الأخلاق ومحاربة الفضائل".
وقد فتح أحد المواقع الإخبارية العالمية بابا للحوار حول الموقف من خطورة هذا المسلسل وأضراره, تحت عنوان :" هل تؤيد تحريم عرض مسلسل "نور" التركي؟" وقد تباينت آراء المعلقين بين مدافع عن المسلسل ومنكر لعرضه, ومشاهدته, وكان من أوجه التعليقات :" أستغرب والله من مسلم يسمع فتوى من أهل الذكر؛ ثم يقول: أنا رأيي كذا أو كذا؟ (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) " ولعل الأغرب أن يطرح موقع موجه إلى العرب ذوي الغالبية الإسلامية سؤالا بقبول التحريم أو رفضه !!! وقد يُعدُّ هذا مُدخلا لإثارة الجدل حول مسائل واضحة في الشريعة ومحكمة, وقد حصل, حين أثير الجدل حول الموقف من الامتناع عن بيع الخمور في الفنادق التي يمتلكها أحد المسلمين. والمتوقع من المسلم الانتباه إلى هذه المنزلقات؛ بأن لا يقبل مطلقا جعل المسائل الشرعية القاطعة محل أخذ ورد, وقبول ورفض, { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً } [ الأحزاب: 36]
أما المسائل الاجتهادية المستجدة فالقول فيها لأهل العلم المختصين. لا للعامة وأذواقهم المتضاربة, أو معلوماتهم المتواضعة.
بعض المدافعين عن تلك المسلسلات يبدون إعجابهم ببعض القيم من مثل التماسك الأسري والعائلي, وهنا ملحوظة أن الأمر القبيح, لا يتوقف قبحه ورفضه على كونه شرا محضا, بل إنه حين يغلب شره ويختلط كثيره بما يراه البعض خيرا فهذا كاف لرده والتحذير منه, ثم إن القائمين على تلك الأعمال لا يتوقع منهم أن يُخلِّصوها من أية قيمة من القيم المشتركة التي تلقى رسوخا في وجدان الناس؛ فذلك- إن حصل- لا يبقي لها أي مساس بالواقع والواقعية؛ بالرغم من أن تلك المسلسلات لم تكن فيها الكثير من الواقعية, وهي تصور العلاقات بين الأزواج, أو بين المحبين- كما يقول الكثيرون ممن شاهدوها.
في دوافع التعلق:
لا شك أن نسبة التعلق بتلك المسلسلات كشفت, أو أكدت, وجود فراغ روحي وفكري لدي المتعلقين به, وهو في جانب منه يتجاوب وغرائز ونزعات كامنة في نفوس البشر تدعوهم إلى المثاليات, وهو لدى البعض يمثل مهربا من ضغط الواقع, وأحيانا, إخفاقاته. وهو عند هذه الحدود يبقى في دائرة الخيال والتمني؛ لكنه- كما لوحظ- لم يقتصر على تلك المنطقة, بل تعداها إلى الواقع؛ فصار الكثير من النساء والرجال, يقارنون بين مثاليات تلك المسلسلات, وإسرافها العاطفي, وواقع حياتهم المحكوم بالمسؤوليات اليومية, ومتطلبات الأدوار التي يشغلها الرجل, أو تشغلها المرأة.
على أن النفوس- إذا لم تهذب- طُلَعة- مُتطلِّبة, ولا يملؤها إلا التراب؛ فليس الخير مطلقا في إثارة أطماعها, أو تثويرها، بل في توجيه طاقاتها نحو المعالي التي من شأنها أن تغمر بالسعادة والرضا.
وهنا مسألة طالما أثارت جدلا, وهي هل القنوات الإعلامية التي تنحدر في مستواها تفعل ذلك, نزولا عند رغبة المشاهدين, وتماشيا مع أذواقهم, ومتطلباتها, أم أنها هي التي تعمل على الهبوط بذوق الناس؛ بإفساد ذائقتهم, حين تحرمهم من المواد الراقية؛ بكثرة المعروض من الفاسد منها, حتى يتبلد الشعور , و"تتكيف" الأذواق؟ ولسنا نبالغ إن قلنا: إن الناس لا يخرجون عن موقع التلقي الذي تصوغ ذوقه عواملُ متعددة, لعل من أبرزها تلك القنوات التي تدخل كثيرا من البيوت, ولا تراعي في أهلها قيما ولا محرمات؛ ثم إنه إن وجد من الناس من انحط خلقه, وتصدعت مناعته الدينية, وهم موجودون حقا؛ فليس هذا مسوغا لطبع المجتمعات بتلك الطبائع البائسة, وتعميمها على سائر الناس. والمسؤولية هنا بقدر الفاعلية؛ إذ لا وجه للمقارنة, في التأثير والتحكم, بين أناس هم في الأمة, وإن كثروا, أفراد وآحاد, وبين قنوات تملك قدرات مالية وإنتاجية باذخة قادرة على صنع مواد إعلامية راقية, تنتمي إلى هوية هذه الأمة, وتتآلف مع مشاعرها.
وهنا لا بد من التأكيد أن هذه المسلسلات التركية ليست الوحيدة التي تفتك بالعقلية العربية ومزاجية الناس وأذواقهم... غير أن الناس وقد تربَّوْا على قيم مستمدة من دينهم في الأغلب, أو من عادات وتقاليد كان للدين الحظ الأوفر في تشكيلها_ وإن لم يلتزموا بها التزاما كليا ودائميا- قد استهجنوا واستاؤوا من الجرعة الزائدة في الخروج على الذوق والأدب, وفي تسويغ تلك المسلسلات للعلاقات المحرمة خارج نطاق الزواج, وتقبل نتائجها, وتسويغها.
وبالمناسبة؛ فإنه قد يحسن لفت الانتباه إلى أن وسائل الإفساد العقدي والفكري والأخلاقي تتباين في طبيعتها, وفي نجاعتها, وفي الفئة المستهدفة منها. ولعل الأعمال الأدبية, وما يطلق عليها الأعمال الفنية هي الأشد خطرا, والأسلس نفاذا والأوسع تأثيرا وانتشارا من سواها من الوسائل التي تتوسل الفكر الصريح, أو الأسلوب المباشر؛ ذلك أن الأدب ذا المضامين الضارة بخصوصية شكله, يتسلل إلى نفوس قارئيه بخبث؛ متكأً على التلاعب بالعواطف الإنسانية والغرائز التي يسهل استدراجها, وإعادة تشكيلها, وتضليلها عن الطريقة الراقية التي عالجها بها الإسلام.
فليس من قبيل المبالغة أن تفهم هذه المسلسلات على أنها جهد منظم, يقف وراءه عتاة المؤلفين والفنيين حتى يخرج على هذا النحو الجذاب, من الناحية التقنية؛ لكنه ساقط سقوطا مدويا من الناحية القيمية والخلقية.
ولا يخفى أن الفنون والآداب لا تنفك عن فكر منشئها, وعن نظرته الخاصة إلى الحياة والإنسان؛ فمن يقرأ الأدب الرومانسي يجده مفعما بتمجيد الذات, مسرفا في العاطفة والخيال؛ ونازعا إلى الطبيعة, موغلا أحيانا في العزلة عن المجتمعات الإنسانية والمدينة. ومن يقرأ الأدب الاشتراكي الملتزم يجده محرضا على الطبقات الثرية؛ من أجل إذكاء التناقضات التي تقود إلى الصراع الطبقي الذي يبشر – بحسب أوهامهم - بالعدالة في التوزيع والمساواة الفعلية في توزيع الثروة.
ولسنا بحاجة إلى التأكيد على التميز الذي يضفيه الإسلام على شخصية المسلم, والسمة التي يمنحها للأسرة المسلمة وللمجتمعات الإسلامية؛ حين يجعل لها ذوقا خاصا رفيعا؛ يتذوق به الفن الراقي الذي يهذب الطباع, ويمتع النفس, ويزيل عنها السأم، ولكنه, بقيمه, يصونها من الانحراف, ويعصمها من الذوبان في الحضارات الغريبة التي كانت سببا في تأزم نفوس الخاضعين لها, ثم هم بعد ذلك, يطمحون في تصدير تلك الرزايا, والمعايب إلينا!!!
أسامة عثمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.