لوديي يستقبل وزير دفاع كوت ديفوار    ألونسو يعلن الرحيل عن ليفركوزن بعد موسم تاريخي بلا هزيمة    المحكمة تواجه الناصري بملياردير وموثقة    إحداث ثماني محميات بحرية موزعة على طول سواحله المتوسطية والأطلسية بالمغرب    تقرير برلماني يوصي بتقوية البنية الرقمية وإحداث بنية وطنية سيادية لقواعد البيانات    افتتاح معرض جسور غداً في المغرب بحضور رسمي يعكس متانة العلاقات بين المملكتين السعودية والمغربية    ندوة وطنية تكريما لسعيد حجي: المثقف والوطني    مهرجان ربيع الشعر الدولي بآسفي في دورته الثالثة يكرم محمد الأشعري    القضاء يصدر حكما غيابيا ضد هشام جيراندو ب 15 سنة    السجن لخمسة قاصرين وراشد في جريمة قتل تلميذ    "الفراقشية" يضخون الأغنام المدعمة في السوق    فاس.. مصرع 9 أشخاص جراء انهيار بناية سكنية من عدة طوابق    أسرة أم كلثوم تستنكر استخدام الذكاء الاصطناعي لتشويه صوت "كوكب الشرق"    "انبعاثات" تضيء ليالي مهرجان فاس    أجواء معتدلة غدا السبت والحرارة تلامس 30 درجة في عدد من المدن    مُذكِّرات    انطلاق أشغال أول منتدى برلماني اقتصادي موريتاني مغربي    كوسومار تستهدف 600 ألف طن سكر    مجلس المنافسة يحقق في تواطؤ محتمل بين فاعلين بسوق السردين الصناعي دام 20 عامًا    نائبة أخنوش تعتذر عن إساءتها لساكنة أكادير.. وممثل ال "العدالة والتنمية" في أكادير يطالب "الرئيس الغائب" بتحمل مسؤليته    مسيحيون مغاربة يعوّلون على البابا الجديد لنُصرة الفقراء واستمرار الإصلاح    باكستان تعلن إسقاط 77 طائرة مسيّرة هندية خلال يومين    "نقابة FNE" تكشف تفاصيل الحوار    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للمرة الثالثة    نصف قرن في محبة الموسيقار عبد الوهاب الدكالي..    سؤال في قلب الأزمة السياسية والأخلاقية    بدء منتدى برلماني موريتاني مغربي    توقيف شخصين بالبيضاء بشبهة ارتكاب عمليات سرقة مقرونة بالتهديد    سباق اللقب يشتعل في الكامب نو والكلاسيكو يحدد ملامح بطل الليغا    حكيم زياش يتصدر العناوين في قطر قبل نهائي الكأس    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    مباحثات حول هدنة في غزة جرت هذا الأسبوع مع الوسطاء    منتدى البحر 2025: رهانات حماية المحيطات والتنوع البيولوجي البحري محور نقاش بالجديدة    بطولة ألمانيا.. ليفركوزن المجرّد من لقبه يواجه مستقبلا غامضا    البطولة الاحترافية.. الجيش الملكي يتشبث بمركز الوصافة المؤهل إلى دوري أبطال إفريقيا    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    برلماني يطالب باختصاصات تقريرية لغرف الصناعة التقليدية    كيم جونغ يشرف على تدريبات نووية    الذهب يصعد وسط عمليات شراء وترقب محادثات التجارة بين أمريكا والصين    8 قتلى و7 جرحى في حادث انهيار منزل من 4 طوابق بفاس    في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    أسبوع القفطان بمراكش يكرم الحرفيين ويستعرض تنوع الصحراء المغربية    مواجهة حاسمة بين المغرب التطواني وشباب السوالم لتحديد النازل الثاني للقسم الوطني الثاني    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوطيب يدعو الى ضرورة البحث عن صيغ معالجة ملف " قصف الريف بالغازات السامة"
نشر في ناظور24 يوم 06 - 08 - 2012

في رده عن سؤال للفريق الاتحادي عن استعمال اسبانيا للغازات السامة ضد المقاومين الريفيين إبان الفترة الاستعمارية، طالب سعد الدين العثماني، وزير خارجية الدولة المغربية، إسبانيا بفتح حوار حول "حرب الرّيف" وما عرفته من استعمال للغازات السامّة ضدّ ساكنة المنطقة المتصدّين للمدّ الكولونيالي خلال عشرينيات القرن الماضي. وبفتح حوار هادئ ومسؤول حول ملف استعمال الأسلحة الكيماوية في نفس الحرب. معتبرا " أن المملكة الإسبانيّة لن تمانع في تفعيل هذا الحوار الذي يتعين أن يتم وسط اتفاق استراتيجي عام بين البلدين ومراعاة لمستوى تطور العلاقات الثنائية". معلنا أنّ الحكومة "منخرطة في الدفاع عن ضحايا هذا الملف، وما وقع هو من مسؤوليات المستعمر"، مضيفا أن "مواقف كل الحكومات المتعاقبة ظل موحدا في اعتبارها الملف يعلو فوق كل الاختلافات والاعتبارات السياسية".
فإذا كان هذا الرد فيه كثير من اللباقة – التي تفرضها الممارسة الدبلوماسية التقليدية - ،و قليل من الحقيقة - التي تفرضها المعالجة الحقوقية السياسية لمثل هذا الموضوع الخطير – باعتبار: أولا، ممانعة إسبانيا طرح أي ملف يتعلق ب "الذاكرة المشتركة مع المغرب" ، بما فيه موضوع قصف الريف بالغازات السامة، مهما كانت الظروف ومهما اختلف اللون السياسي للحكومات المتعاقبة. وثانيا ، استنكاف كل الحكومات المتعاقبة بالمغرب مند الاستقلال الى اليوم، عن طرح الملف بشكل جدي على طاولة المفاوضات مع إسبانيا، إما جهلا بتفاصيله وسبل معالجته، أو درءا لكل ما يمكن أن "يعكر" صفو العلاقة المغربية الاسبانية. و الحال، أن العلاقة المتينة و الصلدة بين الدول تبنى على تصفية الملفات "المقلقة" العالقة وليس على طمسها و تأجيلها، وأن الجبهة الداخلية تتقوى بالانتباه الى مشاكل و آلام كل المواطنين و اعتبارهم سواسية في مخططات دولتهم الداخلية منها والخارجية.
ورغم كل هذا، فرد السيد وزير الخارجية والتعاون المغربي، فيه كثير من الشجاعة السياسية و ذكاء الاستشراف ، لأنه تصريح سيلزم الأجهزة في الدولتين معا طرح الأسئلة الحقيقية المتعلقة بالموضوع، والتفكير الاستباقي في الآليات الممكنة والمنهجية الصحيحة لمعالجته، رغم التسريبات التي تشي بالتفاعل السلبي لحكومة مدريد مع هذا التصريح، وهو موقف غلف بكون الحكومة الإسبانية لم تتوصل بأي طلب رسمي من المغرب في الموضوع. الشيء الذي استقبل بكثير من الاندهاش هنا و هناك، ذلك أن الدولة الإسبانية العارفة أكثر من غيرها – بحكم تجذرها في الممارسة البرلمانية - أن الرد الرسمي في البرلمان هو بمثابة رسالة رسمية الى الجهة المعنية .
و إذا اعتبرنا رد السيد الوزير كذلك، فالسؤال الذي يجب أن يطرح اليوم - قصد تسهيل المعالجة و حث الإسبان على الانخراط فيها، و جعلها تجربة في يد المتوسطيين الذين هم في حاجة ماسة لمعالجة قضايا ذاكرتهم المشتركة، خاصة ما تم اقترافه من الشماليين ضد الجنوبيين خلال المرحلة الاستعمارية- هو الآتي : كيف يمكن تكييف هذا الغزو قانونا، هل هو حرب عدوانية، أم لا؟ والأهم بالنسبة لنا نحن الحقوقيون - هو ما هي طبيعة الانتهاك الحقوقي الذي مارسته إسبانيا عندما سحقت الريف المغربي بالغازات السامة؟ وكيف يمكن معالجة هذا الانتهاك الجسيم لحقوق الانسان معالجة حقوقية تحتكم إلى قانون النزاعات المسلحة و مبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون وقيم الديمقراطية وعلي الخصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني؟
منهجيا ،هل يمكن أن تستمد هذه المعالجة آلياتها من آليات العدالة الانتقالية، و تستلهم روحها و فلسفتها منها بما يساعدها على رسم خارطة الطريق في مجال البحث عن الحقيقة والإنصاف في هذا الملف ؟ خاصة و أن هذه الجريمة مورست في ظل الاستعمار، و أن الاستعمار جريمة في حق الإنسانية، ولا يحظى حسب القانونيين بأية حماية قانونية دولية باعتباره عملا غير مشروع و مخلا بالالتزامات الدولية التي تعتبر قواعد آمرة لا يجب مخالفتها.
عمليا ، هل يمكن لما يمكن أن نسميه ب "لجنة مستقلة للحقيقة والإنصاف وبناء المستقبل " مكونة من خبراء مغاربة وإسبان ( مؤرخون – قانونيون – حقوقيون – أطباء – كميائيون غيرهم ......) أن تقوم بهذه المهمة، علما أن تاريخ العدالة الانتقالية هي تاريخ اللجن التي كونت هنا و هناك، أم أن الأمر سيتطلب أشكالا أخرى من العمل ؟
إذا كان بعض المثقفين الإسبان و السائرين في رحابهم من المغاربة، خاصة من مدرسي التاريخ، يتشبثون بضرورة القيام بالدراسات التاريخية حول الموضوع قبل التفكير في سبل المعالجة، فالأمر فيه نوع من التشجيع على الهروب من المسؤولية تجاه جريمة حقوقية معترف بوقوعها من طرف كبار المؤرخين العالميين من غير المغاربة، بالإضافة الى أن البحث عن الحقيقة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان لا تتبع نفس منهجية البحث عن الحقيقة في علم التاريخ. ففي مجال البحث عن حقيقة هذه الانتهاكات غالبا ما نكتفي بالإجابة عن سؤال إعطاء الأمر باقتراف الجريمة و تنفيذها و الاستفادة منها فقط ، و كثيرا ما تصدر مثل هذه اللجن توصيات باستمرار البحث التاريخي عند نهاية اشتغالها.
و يعتقد مركز الذاكرة المشتركة و المستقبل ، أن جريمة قصف الريف بالغازات السامة هي أكبر من موضوع للبحث التاريخي و أكبر من مشكل قانوني يستوجب استحضار الترسانة القانونية في حضور كبار الفقهاء، كما أنه أكبر من موضوع للاستهلاك الإعلامي و الضغط الديبلوماسي، إنه موضوع في اعتقادنا المتواضع يتطلب – و في هذه اللحظة بالذات - كثيرا من الجرأة السياسية، وكثيرا من النباهة، و الذكاء السياسي كذلك. لأنه أولا سيؤشر على اهتمام جديد بحقوق الإنسان، و هو أهم مطالب الربيع العربي- الأمازيغي، و ثانيا، أن حل مثل هذه المشاكل العالقة بين دول ضفتي المتوسط ستساهم في إعطاء روح جديدة لهذه البحيرة التي تعتبر مهد الديمقراطية و ثقافة حقوق الانسان في العالم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.