أحداث السودان تدفع مجلس الأمن لتأجيل جلسة الصحراء المغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    التحقيق في "طحن الدقيق مع الورق".. مطالب بتعميق البحث لكشف الملابسات وترتيب الجزاءات    سرقة متحف اللوفر.. توقيف خمسة مشتبه بهم جدد وفق المدعية العامة بباريس    أشبال الأطلس يصلون الدوحة استعداداً لكأس العالم لأقل من 17 سنة    رسمياً.. افتتاح ملعب طنجة في 14 نونبر بمباراة ودية بين المغرب والموزمبيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بلاوي يدعو إلى تفعيل العقوبات البديلة    وفاة نجم" ذا فويس" بهاء خليل عن 28 عاما    الرباط تستعد لاحتضان الدورة 30 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف    أسود الأطلس يواجهون الموزمبيق وأوغندا في افتتاح ملعب طنجة استعدادا ل"كان المغرب 2025"    تأجيل التصويت بمجلس الأمن حول الصحراء المغربية وسط تجديد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي    تصويت فرنسي ضد اتفاقية مع الجزائر    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    حزب التقدم والاشتراكية يدعو إلى تخليق الحياة السياسية وضمان مشاركة الشباب والنساء في انتخابات 2026    اكتشافات "جد مشجعة" للذهب في الصحراء المغربية و44 مشروعا للبحث المعدني في 2025 (تقرير)    الصين تحدّد 31 أكتوبر موعداً لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-21"    المغرب يواجه موزمبيق وأوغندا وديا    أكثر من 300 كاتب وأكاديمي يقاطعون "نيويورك تايمز" لانحيازها ضد فلسطين    غيث نافع يعم عدة مدن مغربية وشفشاون في الصدارة    تقتيل واغتصاب وتهجير.. هيئة مغربية تدين ما يتعرض له السودانيون من مآس مروعة    الذهب يرتفع مدعوما بتراجع طفيف للدولار    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف المتورطين في سرقة 60 مليون سنتيم من داخل سيارة بأولاد تايمة    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    قانون مالية 2025 يظهر عجزا في الميزانية ب50,5 مليار درهم    رحلة الوعي الرقمي .. دروس للآباء والأبناء    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج الصناعي    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    الطقس السيء يفرض تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة    المغاربة ‬يتصدرون ‬التجنيس ‬في ‬إسبانيا.. ‬طفرة ‬غير ‬مسبوقة ‬في ‬عهد ‬حكومة ‬سانشيز    قطاعات ‬الماء ‬والطاقات ‬الخضراء ‬ضمن ‬أولويات ‬مشروع ‬القانون ‬المالي ‬الجديد    اتفاقية ‬استثمارية ‬بين ‬المملكة ‬ومجموعة ‬رونو ‬المغرب    اغتيال المهدي بن بركة : مسؤولية "كبار المتواطئين" بين الأمس واليوم    عاجل | النيابة العامة تفتح تحقيقا قضائيا في مزاعم "طحن الورق مع الدقيق"    النيابة العامة تحقق في "دقيق الورق"    شي جينبينغ: يمكن للصين والولايات المتحدة تحمل المسؤولية بشكل مشترك كدولتين كبيرتين، والعمل معا على إنجاز مزيد من الأعمال الهامة والعملية والمفيدة    مشروع "مؤسسات الريادة" يُحقّق تحسّنا محدودا وغير متوازن في مستوى التحكم في التعلمات الأساس بين الأكاديميات    لماذا يهرب الموظفون من جماعة طنجة؟    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نورالدين مفتاح: الصحافة الخاصة فاعل في سياسة المغرب
نشر في ناظور سيتي يوم 08 - 02 - 2010

اعتبر نور الدين مفتاح، رئيس تحرير صحيفة "الأيام" المغربية الأسبوعية المستقلة، الصحافة الخاصة في بلاده فاعلا في السياسة وليست بديلا عن الأحزاب أو المعارضة، داعيا في الوقت نفسه إلى إصدار قانون ضامن ومنظم للمهنة.
وقال مفتاح في مقابلة خاصة مع "إسلام أون لاين.نت" إن وقوع بعض الانزلاقات لا يستدعي اتهام الصحافة بأنها غير مسئولة، "فمرض العضو لا يستدعي ترك الجسد يموت انتقاما من بعض أعضائه، خاصة أن هناك العشرات من مبادرات الصحفيين الذين أخطئوا".
ولم ينف مفتاح وجود صراع مستمر بين الصحافة ولوبيات الضغط السياسي والاقتصادي، إلا أنه شدد على أن الوضع يتطلب إخراج قانون منظم للمهنة.
وأشار إلى أن "الصحافة المستقلة تتأثر بالوضع السياسي في البلد، فإن كان الحراك السياسي والانتقال الديمقراطي ضعيفا ومتعثرا فالصحافة تكون متعثرة وأخبارها ضعيفة، لأنها جزء من كل".
ودعا رئيس تحرير الأيام إلى ضرورة الاستمرار في القيام بالنقد الذاتي للتقليل من الانزلاقات وتفويت الفرصة على "المتربصين الوصوليين" من تجار المواقف الذين يوترون العلاقة بين ملك المغرب والصحافة، مشددا على ضرورة وجود مجلس وطني للإعلام يسند إليه حل كثير من المشاكل الطارئة والعالقة.
وفيما يلي نص الحوار:
* هل يمكننا أن نتحدث عن صحافة خاصة بالمغرب؟ وما هي مميزاتها وخصائصها؟
يمكن أن نتحدث عن وجود صحافة خاصة بالمغرب، وأعتقد أن استعمالك لصفة خاصة هو ناجم عما أسميه السجال البدائي حول مصطلح الصحافة المستقلة، رغم أن المصطلح أصبح متداولا دوليا.
والاستقلالية في كل الأحوال لم تكن تعني أبدا الحياد، وإنما في الخصوصية المغربية تعني الاستقلالية عن الأحزاب السياسية، نظرا لكون تاريخ الصحافة المغربية ارتبط بالصحافة الحزبية.
والاستقلالية تفرض أن تكون الصحيفة خاضعة للسلطة التحريرية، وتحترم القواعد المهنية والقواعد ذات الصلة بأخلاقيات المهنة، التي لا تتعلق فقط بكرامة الآخرين وحماية القاصرين والحياة الشخصية، بل تتعلق أيضا بالتفريق بين ما هو تجاري محض وما هو تحريري مهني والعمل على عدم إخفاء الحقائق عن قصد في خدمة "لوبي" معين بتزوير الحقائق واستغفال القراء.
* هل يمكننا أن نعرف الصحافة المستقلة أو الخاصة بالتجرؤ على الثوابت التي يجمع عليها أهل بلد ما؟
ليس من باب الموضوعية والدقة أن نجمع الصحافة المستقلة في سلة واحدة، إن لها تلوينات وتناقضات وخطوطا تحريرية قد يصل الاختلاف بينها إلى 180 درجة، فهناك حساسيات قريبة من نظرة الدولة إلى الأمور، وهناك صحافة ذات حساسيات تعبر عن نخب اقتصادية، وحساسيات لها ميولات يسارية.
وأتذكر أن جمعية "بدائل" (جمعية غير حكومية ذات نزوع يساري) عندما كان رئيسها "بن عمور" في بداية الألفية الثالثة عقدت اجتماعا خاصا بكون المغرب في خطر، وهذا الخطر هو الصحافة المستقلة؛ لأنها تقترب من بعض المحظورات، مثل الجهاز الأمني والجيش، التي قد تجعل الأمور تنفلت، وبعد ذلك كان الحديث عن هذه الأمور طبيعيا ولم تنفلت الأمور.
محظورات النشر
* في عهد الملك محمد السادس نجد أن الأشياء التي كانت تثير الهلع أصبحت عادية، وأتساءل هل المغرب أصبح اليوم بدون محظورات؟
أبدا.. غير أن النظام المغربي في فترة سنوات الرصاص (السبعينيات من القرن العشرين) كان منغلقا وهوامش حرية التعبير ضيقة، وحتى الجرائد التي كانت متشاكسة مثل الاتحاد الاشتراكي أو المحرر لم تكن تقترب من بعض المواضيع مثل البلاط الملكي والمربع الذهبي حول السلطة وغير ذلك.
والصحافة ليست شيئا جامدا يأتي من فوق ويتفرج من النافذة على ما يجري في الواقع، بل هي تعتبر أكثر القطاعات حساسية وتفاعلية مع ما يدور داخل المجتمع، فلها صعود ونزول، وتتأثر بطبيعة الحراك السياسي الموجود بالبلد، فإن كان هذا الحراك ضعيفا تكون الأخبار ضعيفة.
وإذا كان الانتقال الديمقراطي متعثرا اليوم فالصحافة متعثرة بالضرورة، فهي جزء من كل، والذين يتحدثون عن الصحافة المستقلة ومسئوليتها وهل التزمت أم لم تلتزم يريدون أن تكون الصحافة المغربية "جزيرة" معزولة يسكنها "ملائكة" لا يخطئون، في الوقت الذي نحن مطالبون فيه بأن نتفهم كل التعثرات الموجودة، فالدولة تقول إنه ليس لديها عصا سحرية وعلينا أن ننتظر لأننا في انتقال ومسلسل ديمقراطي.
هذا الكلام لا ينفي وجود انزلاقات داخل الجسم الصحفي، ولكن هناك كذلك انزلاقات في القضاء وممارسة السلطة ولدى المهندسين والأطباء، فهذا مشكل أخلاقي عام، لكن عندما تخطئ الصحافة تتم "شيطنتها".
* هل يمكن الحديث عن اهتمامات ومواقف سياسية يتم تصريفها إعلاميا مع تضاؤل دور الأحزاب السياسية؟
شخصيا غير متفق مع نظرية وزير الإعلام المغربي (خالد الناصري) الذي يريد من خلالها تدبير قطاع الإعلام، وهي نظرية أبانت أنها لن توصل إلا إلى الباب المسدود.
ومضمون نظرية السيد وزير الاتصال هي أن "الصحفي فاعل سياسي، ويجب أن نحاسبه كفاعل سياسي".
إلا أننا قلنا إن "الصحفي فاعل في السياسة وليس فاعلا سياسيا"، ويجب ألا يكون بديلا عن الأحزاب والحكومة والمعارضة، فلا يمكن أن تقوم الصحافة بانتخابات حتى يخرج منها وزير.
نحن منخرطون في الإصلاح، ولذلك أؤكد أن الصحافة بالمغرب قامت بأدوار أساسية، وواكبت أغلب التحولات الكبرى، ونشطنا الحياة السياسية وواكبنا ملف "طي صفحة الماضي"، وهيأنا جوا ملائما لبروز جمعية الضحايا التي تحولت فيما بعد إلى هيئة الإنصاف والمصالحة، وتابعنا نقاش مدونة الأسرة، حيث ساهمت الصحافة في تصريف الآراء المختلفة، وساهمنا في تهيئ أجواء مناسبة لمجموعة من الإصلاحات، ولكن كما أن الفاعل السياسي محبط لأن التغيير لم يصل إلى مداه، فالفاعل في الصحافة أو الصحفي متأثر ومحبط بهذا الوضع.
* نرى تحركات حزب الأصالة والمعاصرة وزعيمه فؤاد عالي الهمة في زعزعة عروش وقيادات سياسية، ألا يمكن أن تصل عدوى هذه الخلخلة إلى الإعلام والصحافة؟
تجرني للإدلاء برأيي فيما يجري على المستوى الحزبي والسياسي بصفة عامة.. ورأيي الخاص وعملي المهني لا يمنعني أن أتابع الوافدين القدماء والجدد، أقول بصفة عامة إن الانتقال الديمقراطي بالمغرب الذي جلس الحسن الثاني حوله مع الحركة الوطنية، والذي قاده عبد الرحمن اليوسفي، زعيم الاتحاد الاشتراكي حينها، طوي وجمع ووضع في الجيب، وخرج مشروع جديد سينطلق -إن شاء الله- مع انتخابات 2012 بالمغرب، لقد غادرنا "حافلة" وركبنا حافلة أخرى، وعلى الذين لم يعوا بعد أنهم غيروا الحافلة أن يستيقظوا.
والصحافة عموما واكبت هذه المرحلة، وكانت هناك تيارات داخلها، منها المحبب والمنتقد والمحذر والمنذر، وواكبت ميلاد حزب الأصالة والمعاصرة، وقبله خروج فؤاد علي الهمة من الداخلية، وما أدراك ما الداخلية، لممارسة السياسة الحزبية، فما قام به كان جديدا ومدهشا، والسؤال هل أثر أم لم يؤثر، فهنا أعيد التأكيد أنه عندما تتعطل السيرورة السياسية في سعيها نحو الهدف الذي هو البناء الديمقراطي في ديمقراطية ناشئة تكون الصحافة متعثرة.
* ما هي أهم المكاسب التي ستحصل عليها الصحافة مع القانون الجديد الذي ينتظر التوافق حوله؟
أهم ما جاء في القانون هو إنشاء مجلس وطني للإعلام، ولو حصل هذا، لتم حل كثير من المشاكل الطارئة أو العالقة، إضافة إلى تقنين الدخول للمهنة، فاليوم من هب ودب يمكن أن يكون مديرا لجريدة، فليس هناك حتى الشرط التعليمي لإصدار المطبوعات، وأبسط شيء في المغرب هو أن تصدر جريدة.
ومع هذه الحالة يصبح القطاع غير مسئول عن تصرفات بعض الأفراد، فعندما يقع الخطأ الطبي لا نتهم قطاع الطب أو الهيئة الطبية، وكذلك الشأن عندما تصدر قرارات تأديبية ضد القضاة من المجلس الأعلى للقضاء لا نتهم كل القضاة..
* في كل إعلام يطرح جانب التمويل، أين يمكن تلمس تمويل الصحافة الخاصة وحجم ميزانيتها ومشكلة توظيف الإعلانات للرقابة عليها؟
صحيح، في جميع دول العالم يبقى هذا الصراع مستمرا ولن ينتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو صراع بين سلطة الصحفي ومهمة الصحافة الموجودة لخدمة القراء، وبين محاولات التأثير على الصحافة من اللوبيات الموجودة، فالدولة تريد أن يكون الإعلام في صالحها، والأحزاب السياسية، وجماعات الضغط الاقتصادي.
فهذا الصراع المستمر من أجل النفوذ على الصحافة أمر طبيعي، لكنه عندما يدخل إلى المغرب يتأثر بالتعثرات العامة، لذلك تجد يد الدولة موجودة، والتمويلات المشبوهة موجودة ، وكل هذه الأوضاع تساعد في إفساد الجو الاقتصادي داخل الصحافة، فضلا عن وجود لوبيات ورشاوى وضعف الشفافية.
واليوم بانخراط الناشرين في مراقبة انتشار الصحف بحيث أصبح حجم المبيعات متاحا للعموم، حصلت خطوة متقدمة ومنفردة بالقياس مع الدول المشابهة، لكن بقي الجانب الآخر المتعلق بالإعلانات التجارية ووكالات الإعلان منغلقا، وهي تصرفات تتطلب تدخل المشرع، وهو ما سيطرح في لقاءات الحوار الوطني حول الإعلام.
وعليه، لا يمكن أن نتهم الصحافة بأنها تضم جماعة "اللصوص"، فهذا تشخيص خاطئ ولا يمكن أن يقودنا إلى حل المشكل، فهناك مشكلة المقاولة الصحفية ويجب الانكباب عليه جديا، ومشاكله تنعكس على خط الصحافة التحريري.
والمشاكل قد تقع حتى عندما نقوم بالإصلاح وننتهي منه، لذلك نريد قانونا ضامنا ومنظما للحريات، وقضاء مستقلا، وعندما تقع التجاوزات تكون هناك عقوبات، ولكن عندما نلعب في ملعب غير محدد الترسيم تقع الانزلاقات، وما دام هناك كثير من التجاوزات والثقوب والإخلال بالواجبات من الجانبين في المجال والمحيط، فمرحبا بالخسارات والفوضى وتأثر صورة المغرب خارجيا.
* رغم الجعجعة التي أثارتها معالجة صحف خاصة لبعض الملفات التي تقترب من الثوابت الثلاثة (الملكية والإسلام والوحدة الترابية)، إلا أن التأثير يبقى محدودا كيف ترون التعامل مع هذه الثوابت؟
النص القانوني، خاصة الفصل 41 (الاحترام الواجب للملك والوحدة الترابية والإسلام)، والذي حظي بمناقشات عميقة، نص فضفاض ومصطلحاته غير محددة. وعندما يصرح شخص صحراوي لديه حساسية انفصالية برأي ولم يضبط في حالة عنف، ولم يتخابر مع جهات أجنبية، فهل يعتبر هذا مسا بالوحدة الترابية؟
لقد كان هذا قبل عشر سنوات جريمة، ولكن اليوم رأينا استجوابات مع "محمد عبد العزيز المراكشي"، زعيم البوليساريو، و"أمنتو حيدر"، الانفصالية الصحراوية، ومرت كأنها عمليات إخبارية، مع العلم أن خط تحرير الجريدة يكون وحدويا، ولكن المغرب يتعامل مع البوليساريو ويفاوضهم، وشخصيا أنا وحدوي ومع الوحدة الترابية للمغرب وأكتب في بعض الافتتاحيات أن المغربي يجب أن يكون على علم بحقيقة ما يجري، فليس لكوني وحدويا يجب أن أقوم بالدعاية، لأن الدعاية في نظري الوحدوي هي خطر على موقفي.
وتبقى هناك حساسيات في مناقشة الثوابت، لكن يجب أن تضبط الأمور في القانون حتى تصبح الثوابت مسألة مرسومة الحدود.
أما في مسألة الحياة الخاصة للأسرة الملكية فهي محفوظة، ولدينا في فيدرالية الناشرين ميثاق أخلاقي ينص صراحة على أن "الحياة الخاصة للملك وعائلته هي ملك للعائلة الملكية"، ولكن العائلة الملكية عن طواعية فتحت جوانب من حياتها الخاصة لبعض الصحف، علما أن جميع المواطنين، الذين يعيشون في الأنظمة الملكية في العالم لديهم نزعة فطرية لمعرفة تفاصيل حياة ملوكهم.
* لكن نجد أغلب الصحف الخاصة تعتمد عنصر الإثارة بهدف التسويق التجاري، ما موقع هذا العنصر في الإعلام وتأثيره على عنصر المصداقية؟
فعلا، عند الحديث عن الثوابت رغم حساسياتها، لابد من النقد الذاتي، لأن بعض الجرائد الخاصة جاءت وكان خطها التحريري هو المزايدة والتمييع، وأثرت على التطور الموضوعي والتدريجي والعقلاني، الذي كان يبنيه أغلب المهنيين، فحصل الانحراف. وما دام أغلب الصحفيين مهنيين فلا يمكن أن تؤثر عليهم حالات معزولة.
ولكن هناك بعض التجار المتملقين والوصوليين، الذين قطع عنهم "الحبل السري"، عندما كان تمويلهم يأتي من الداخلية بالأكياس المملوءة بالأموال كانوا يظهرون أنهم يدافعون عن الملكية باختلاق وجود مؤامرات، ويصورون الانقلابات الوهمية ليبقوا على قيد الحياة، فهؤلاء سياسيا انتهى أمرهم، وكان من المتوقع أن يكون مصيرهم الزوال، إلا أنهم دخلوا غرفة الإنعاش وعادوا أحياء، وأصبح رأس مالهم هو الصحافة فيقولون ببساطة: أنتم تتاجرون بالملك.. ويصبون الزيت على النار لتصوير الصحافة أنها ضد الملك، وهذا هو البهتان بعينه.
* علاقة الصحافة بالسلطة متوترة.. ما هي الخطوط الحمراء التي تجعلنا نميز صحافة خاصة مسئولة عن غيرها؟
بطبيعة الحال أعطت السلطة الصحفيين كثيرا من الفرص، ولكن جل من لا يخطئ، وحصلت أخطاء كبرى، لكن الذي وقع أننا لم نعد نخجل من الاعتذار عند حصول أخطاء، والاعتذارات العلنية لزملاء أخطئوا تعد بالعشرات، فالاعتذار فضيلة، ولكن كثيرا من الناس متربصون وعند الأزمة يظهرون ليستمر سوء التفاهم، فهؤلاء لا تهمهم مصلحة القطاع ولا مصلحة الوطن، بل هم "تجار مواقف"، وليس لديهم مشروع بديل، بل مشروعهم الأنا والمصلحة الشخصية، وهم من يفسدون كل الخطوات التي قد تجعل المغرب أحسن مما يوجد فيه بالنظر لكثير من الدول.
ولا أنفي أننا في قطاع الصحافة "مرضى"، ولكن ليس ميؤوسا من علاجنا، فنحن لا نحتضر، والذين يقولون إن الصحافة تحتضر ولا بد من إيجاد البديل ويمولون بعض العناوين الصحفية لتكون الصحافة الوديعة، التي تشرب الحليب في السابعة صباحا وتنام على الساعة الثامنة مساء، وتستيقظ في السادسة صباحا لتقوم برياضة المشي، فهذه صحافة غير موجودة في العالم.
* أي أفق مستقبلي يمكن استشرافه للصحف الخاصة بالمغرب، هل السجن أم الإغلاق؟
التشخيص موجود، والمطلوب أن تلعب الصحافة المغربية في ملعب له حدود ويتم هذا من خلال القانون، والقانون ليس الحل السحري، ولكن لا بد أن يكون قانونا في مستوى مغرب 2010، لأن درجة انفتاح المغرب أفضل بكثير من الدول الشقيقة، لكن القانون المغربي حاليا متخلف.
وعلى مستوى التنظيم الذاتي للمهنة يستحيل وجود تقدم إن لم يكن هناك تنظيم ذاتي للمهنة، ولكن المهنيين حاولوا وفشلوا لمدة 20 سنة، وأنشئت لجنة لأخلاقيات المهنة كان رئيسها المهدي بنونة ولجنة أخرى ترأسها المشيشي العلمي، وظلت مجمدة، ولذا لا بد من وجود مجلس للصحفيين يهتم بشئون الصحافة ويقينا كثيرا من الانزلاقات.
اسلام اون لاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.