مرّت فاجعة الفيضانات التي ضربت مدينة آسفي، وخلفت ضحايا وخسائر مادية جسيمة، مرورا سريعا في مداخلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية المنعقدة يوم الاثنين 15 دجنبر الجاري، حيث اكتفى رئيس الحكومة بتعزية مقتضبة في مستهل كلمته قبل أن ينتقل مباشرة إلى عرض طويل حول السياسة الحكومية في مجال دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، دون التوقف عند أبعاد الكارثة أو المسؤوليات أو التدابير الاستعجالية المرتبطة بها. وقال رئيس الحكومة في افتتاح كلمته: "عشنا خلال الساعة الماضية على وقع الفيضانات التي شهدتها مدينة آسفي، وباسمي وباسم أعضاء الحكومة نتقدم بخالص التعازي والمواساة لعائلات الضحايا، ونسأل الله أن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين"، قبل أن يضيف موضحا السياق المناخي للكارثة: "هذه الفيضانات جاءت نتيجة تساقطات بلغت 30 ميليمترا في وقت وجيز، و37 ميليمترا بالضبط في منطقة سوق باب الشعبة التاريخي، وهو ما أدى، مع الأسف، إلى وفاة عدد من التجار والعمال الذين كانوا يزاولون عملهم في ذلك الوقت".
غير أن هذا الاستهلال، الذي لم يتجاوز دقائق معدودة، بدا لكثير من المتابعين غير متناسب مع حجم الفاجعة التي هزت الرأي العام، خاصة وأنها تزامنت مع جلسة دستورية يلتزم فيها رئيس الحكومة بالحضور الشخصي إلى البرلمان، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة سياسية وأخلاقية حول أولوية الحضور الميداني في مثل هذه الكوارث، وحدود الاكتفاء بتعزية لفظية داخل قبة البرلمان في مقابل غياب أي إعلان عن إجراءات استعجالية أو تحمل مباشر للمسؤولية السياسية. ويرى المنتقدون أن فاجعة آسفي كانت تستدعي مقاربة مختلفة، سواء من حيث مستوى الخطاب أو من حيث الرسائل السياسية الموجهة إلى المتضررين، خصوصًا وأن المدينة شهدت انهيار بنية سوق تاريخي ووفاة عمال داخل فضاء يفترض أن يكون محميًا من مثل هذه المخاطر، في سياق يعرف هشاشة البنيات التحتية وغياب الوقاية. وبينما انتظر الرأي العام موقفا حكوميًا أكثر تفصيلا، أو إعلانا عن فتح تحقيقات أو زيارات ميدانية، اختار رئيس الحكومة المرور سريعا إلى جدول أعماله المبرمج، وهو ما جعل فاجعة آسفي تبدو، في ميزان خطاب أخنوش، مجرد مقدمة عابرة قبل الانتقال إلى عرض مطول حول الاستثمار والمقاولة، في لحظة كان فيها الشارع المغربي منشغلاً بالضحايا أكثر من انشغاله بالأرقام والمؤشرات الاقتصادية.