مؤسسة وسيط المملكة تلقت أزيد من 13 ألف شكاية وتظلم خلال سنتي 2022 و2023    النازيون الجدد يؤججون الشغب العنصري ضد المغاربة في تورّي باتشيكو بإسبانيا    المحكمة تواجه الناصيري وبعيوي مع اليد اليمنى لإسكوبار الصحراء    تتويج جريدة "العلم" بجائزة الصحافة البرلمانية 2025    فرنسا تُنهي تواجدها العسكري في السنغال بعد 65 عاما    الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    الظهير المغربي أيوب عمراوي يعزز صفوف الأهلي القطري    قيادة الأصالة والمعاصرة تستقبل جاكوب زوما    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مصرع سائق دراجة نارية في حادث سير قرب سوق السمك بطنجة    شاب مغربي يضرم النار في صديقته القاصر بلاس بالماس    إقليم زاكورة يستعد لاحتضان الدورة ال4 للملتقى السنوي للجالية المغربية بالخارج    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    هل سيحمي الإسبان دستورهم؟    صناعة السيارات: تدشين توسعة مصنع 'ستيلانتيس' بالقنيطرة    عملية جراحية تبعد بلينغهام عن ريال مدريد    من الزغاريد إلى الزجر.. زفاف مغربي يُربك المرور في بلجيكا    رئيس سوريا يكشف عن وساطات أوقفت ضربات إسرائيل على بلاده    المغرب، بقيادة جلالة الملك، يؤكد مكانته كقوة اقتصادية صاعدة (رئيس البنك الإفريقي للتنمية)    وفاة صالح الباشا تحزن الأوساط الفنية    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    الحسيمة .. افتتاح المعرض الجهوي للفلاحة بمشاركة 40 تعاونية    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    القضاء الفرنسي يفرج عن جورج إبراهيم    انخفاض جماعي للمؤشرات الرئيسية في افتتاح بورصة الدار البيضاء    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    تحذيرات من تسونامي بعد زلزال قوي يضرب ألاسكا وزلزال متزامن يهز الفلبين    رحيل الأسطورة أحمد فرس.. والملك محمد السادس ينعي "أحد النجوم الكبار" لكرة القدم المغربية    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    بينهم أطفال.. إسرائيل تقتل 17 فلسطينيا في غزة منذ فجر الخميس    ارتفاع أسعار النفط بدعم من انتعاش الطلب والبيانات الاقتصادية الأمريكية        وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب يشارك بجنيف في مائدة مستديرة حول الصحراء المغربية ومحلل سياسي يقدم قراءته لتطورات الوضع
نشر في نون بريس يوم 22 - 03 - 2019

انطلقت يوم الخميس 21 مارس، بمدينة جنيف السويسرية، مائدة مُستديرة ثانية حول ملف الصحراء المغربية بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، هورست كولر.
ويشارك في هذه المائدة وفد مغربي يقوده ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، إلى جانب الجزائر، و”البوليساريو” وموريتانيا. فما هي إذن غاية المغرب من هذه المشاركة؟ وماذا يريد إثباته؟ ولماذا تحاول الجزائر والجبهة الانفصالية الترويج لهذه المائدة على أنها استئناف للمفاوضات حول الصحراء المغربية؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها، الخبير في القضايا الاستراتيجية، أحمد نورالدين:
ج: بداية يجب التذكير أن الخارجية المغربية تؤكد أن الأمر لا يتعلق بمفاوضات وإنما هي مائدة مستديرة، وهذا مرتبط برفض المغرب الاستمرار في مسلسل عبثي رَهَن الجولات السابقة للمفاوضات المباشرة وغير المباشرة لخدمة الأجندة الجزائرية و”بروبكندا” الجبهة الانفصالية.
والمغرب يرغب في تحقق عدة شروط قبل استئناف مسلسل التسوية وعلى رأسها تقييم مسلسل التسوية منذ 1991، وتعيين الجهة التي عرقلت الوصول إلى حلّ وهي الجزائر والجبهة الانفصالية اللتان عرقلتا الاستفتاء من خلال الانسحاب من لجان تحديد الهوية، واليوم تريد الجزائر وجبهة تندوف العودة إلى نقطة الصفر والشطب على مسار أممي دام 28 سنة.
كما يريد المغرب إثبات مسؤولية الجزائر في عرقلة الحلّ من خلال رفضها عودة اللاجئين في تندوف، وهي حالة فريدة في العالم، حيث نجد أنّ اللاجئين هم من يطالبون بحق العودة، بينما في حالة تندوف المغرب يطالب بعودة إخواننا في المخيمات، والجزائر ترفض حتى حق إحصائهم وتعرقل عودتهم وتضرب عرض الحائط القانون الدولي الإنساني واتفاق جنيف 1951 وبرتوكول 1967، وغيرهما من القوانين والمواثيق الدولية؛ بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء والتي تشير إلى ضرورة إحصاء ساكنة المخيمات، دون أن تجد صدى لدى النظام العسكري في الجزائر.
ج: المغرب يريد إثبات تورط الجزائر في الصراع وأنها هي المخاطب الوحيد في هذا النزاع الإقليمي وليس جبهة تندوف الخاضعة لأوامر جنرالات الجزائر، ومن بين الأدلة الكثيرة هي رسالة الرئيس بوتفليقة إلى رئيس مجلس الأمن التي يرفض فيها مخطط بيكر الأول سنة 2001، ثم اقتراح بوتفليقة تقسيم الصحراء وهو مثبت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي أنان سنة 2002، وهو أكبر دليل على تهافت أطروحة “تقرير المصير” المزعومة.
وأيضا المغرب يريد التأكيد على أنّه هو من طالب بتحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني وهو من أدخل الملف سنة 1963 إلى لجنة تصفية الاستعمار، وأنّ جيش التحرير المغربي هو من قاوم الاستعمار منذ الخمسينيات في معارك استشهد فيها المئات قبل استقلال الجزائر ومنها معركة écouvillon التي حاصر فيها جيش التحرير المغربي القوات الإسبانية في مدينة العيون قبل أن تتدخل القوات الفرنسية من قواعدها في بشار وتندوف لدعم الإسبان وفك الحصار عنهم. بالإضافة إلى التأكيد على أنّ ساكنة الصحراء قررت مصيرها بواسطة “الجماعة الصحراوية” برئاسة الشيخ خطري ولد سيدي سعيد الجماني الذي أكد انتماءه الوطني للمغرب ورفض كل الابتزاز الإسباني والإغراء الجزائري؛ وقررت ساكنة الساقية الحمراء ووادي الذهب مصيرها عدة مرات في الانتخابات الجماعية والإقليمية والبرلمانية التي تجري كلّ أربع سنوات في المغرب؛ وحتى ساكنة تندوف قررت مصيرها من خلال عودة الآلاف من المخيمات.
كما يريد المغرب التأكيد على أنه لا حلّ خارج السيادة المغربية، وأنّ مقترح الحكم الذاتي قدمه بطلب وإلحاح من القوى الكبرى في مجلس الأمن لإخراج الملف من المأزق الذي وصل إليه بعد تفجير الجزائر والجبهة الانفصالية لمسلسل تحديد الهوية، والمغرب قدم مقترح “الحكم الذاتي” ليس تشكيكاً في مغربية الساقية الحمراء ووادي الذهب، وإنما لتجنيب المنطقة حرباً إقليمية بين المغرب والجزائر ستدمر المنطقة، ولن تقل خسائرها البشرية عن ضحايا الحرب العراقية الإيرانية التي خلفت خلال ثمان سنوات أزيد من مليون قتيل، علما أنّ الأسلحة تطورت منذ ذلك التاريخ وأصبحت أكثر دمارا.
ج: الجزائر والجبهة الانفصالية تحاولان التّرويج لهذه المائدة على أنها مفاوضات بين المغرب والانفصاليين، والغرض من ذلك تحقيق عدة أهداف استراتيجية وتكتيكية أهمها: الدعاية للمشروع الانفصالي من خلال منبر الأمم المتحدة، وهو ما يعطيهم شرعية دولية مزعومة، ويسمح لهم بالترويج لأنفسهم كممثل مُتوهّم لساكنة الصحراء، ويعطيهم مصداقية مغلوطة لدى أحزاب اليسار والمنظمات الحقوقية في أوربا على الخصوص.
وعلى المستوى الداخلي استئناف المفاوضات يُشكل دعما قويّا للبروبكندا الموجهة إلى مخيمات تندوف وإلى الشباب في أقاليمنا الجنوبية، على أساس أنه يبعث الروح في جثة الجبهة المحنطة، ويعطي الانطباع بأنّ الجبهة الانفصالية مازالت “حيّة” تسعى، وذلك للتغطية على الانشقاقات في صفوفها، وخاصة تيار خط الشهيد بقيادة المحجوب السالك، وعودة كبار القيادات المؤسسة للجبهة ومنهم عمر الحضرمي، وإبراهيم حكيم، والبشير أدخيل، والقائد العسكري الحبيب أيوب، ورئيسة المنظمة النسائية للجبهة الانفصالية كجمولة بنت أبّي، والآلاف من العائدين آخرهم سلامو الذي انشق هذا الأسبوع عن المليشيات التي تسمي نفسها “دركا حربيا” وسلم نفسه للقوات المسلحة الملكية على مستوى الفارسية بالجدار الأمني. بالإضافة إلى المظاهرات التي لا تتوقف للمطالبة بحرية التنقل أو بإطلاق سراح المختطفين والمسجونين في معتقلات الجزائر والانفصاليين ومنهم أحمد خليل.
ج: بالنسبة للجزائر، فهي ترغب في استئناف المفاوضات دون أفق ولا أجندة ولا حتى أرضية متفق عليها، لأنّ هدف الجزائر من جهة هو إطالة النزاع ما أمكن لاستغلاله داخليا كورقة للتلاعب بالرأي العام الجزائري وشغله “بعدوّ خارجي” مفترض ومُتوهّم لإبقاء قبضة الجيش على الحياة السياسية الجزائرية وتبرير نهب الثروات على صفقات التسلح المشبوهة التي تستنزف ميزانية الشعب الجزائري في سباق نحو التسلح جعل من الجزائر الخامسة عالميا في استيراد الأسلحة خلال الخمس سنوات الماضية، وقد لاحظتم اثنتين من المناورات العسكرية الكبرى التي جرت خلال سنة 2018 على الحدود المغربية، الثالثة جرت هذا الأسبوع في بشار.
ومن جهة أخرى، الجزائر لا زالت مرهونة للخطيئة الأولى المُتمثلة في خداع المغرب والتّنكُّر لالتزامات الحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1961 والتي وعدت فيها بإرجاع الأراضي المغربية في الصحراء الشرقية المحتلة والتي اقتطعتها فرنسا من المغرب إبّان الاستعمار، ولذلك كانت استراتيجية هواري بومدين هي شغل المغرب بالصحراء الغربية حتى لا يطالب بالصحراء الشرقية، وقد قال في خطاب له أنه يريد إبقاء مشكلة الصحراء “حجراً” في حذاء المغرب ليعيقه عن السّير!.
لأجل ذلك كلّه، على المغرب ألاّ يتنازل قيد أنملة عن مَطالبه المشروعة والمنطقية والمتوافقة مع الشرعية التاريخية والقانون الدولي والحقائق الدامغة التي لا ترتفع، وخاصة حق اللاجئين في العودة فوراً وكشرط ناجز قبل أيّ استئناف للمفاوضات، ثم تقييم مسلسل التسوية وتعيين المسؤول عن العرقلة، وإشراك بقية المُنشقين عن الجبهة كأطراف على قدم المساواة مع جبهة تندوف، وعلى رأسهم تيار خط الشهيد، وتيار العائدين بالآلاف إلى أرض الوطن، بالإضافة طبعاً إلى المُمثلين الشّرعيين للساكنة وأعني بهم المنتخبين في البرلمان والمجالس البلدية والإقليمية والجهوية.
وعلى المغرب أيضا أن يُحدّد أفقا وأجندة للاستجابة لمطالبه وإلا ستتحول الموائد المستديرة إلى نسخة مكررة لسابقاتها مع اختلاف في التسميات “المفاوضات غير المباشرة” أو “الجولات المكوكية” التي ابتدعها بدعة سيئةً كريستوفر روس للبقاء في منصبه 9 سنوات عجاف ختمها بفضيحة توريط بان كي مون في أزمة غير مسبوقة مع المغرب. لذلك وجب دق ناقوس الخطر من الآن، وقد اعذر من أنذر!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.