تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    القضاء الفرنسي يفرج عن جورج إبراهيم    61 قتيلاً في حريق مركز تسوق بالعراق    ارتفاع أسعار النفط بدعم من انتعاش الطلب والبيانات الاقتصادية الأمريكية    عزيز أخنوش: الحكومة رصدت حوالي 90 مليار درهم لضمان استقرار أسعار المواد الأساسية    إنصاف العالم القروي وتنميته من أسس الدولة الاجتماعية    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    بينهم أطفال.. إسرائيل تقتل 17 فلسطينيا في غزة منذ فجر الخميس    رحيل الأسطورة أحمد فرس.. والملك محمد السادس ينعي "أحد النجوم الكبار" لكرة القدم المغربية    غرفة العمليات تؤجل عودة بيلينغهام والكلاسيكو هدف محتمل    "فيفا" يفتح باب التسجيل لقرعة تذاكر كأس العالم لسنة 2026    بين لهيب الداخل ورعد الأطلس .. طقس الخميس بتقلبات قوية    تحذيرات من تسونامي بعد زلزال قوي يضرب ألاسكا وزلزال متزامن يهز الفلبين    تدشين توسعة مصنع "ستيلانتيس" لصناعة السيارات بقيمة أزيد من مليار أورو بالقنيطرة        وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    الشرع: لا نخشى الحرب مع إسرائيل    برشلونة يمنح القميص رقم 10 ليامال خلفا لميسي    إسبانيا بين مشروع سانشيز وتهديدات "فوكس" .. الهجرة في قلب المعركة    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    حادثة سير خطيرة قرب "بيت الصحافة" بطنجة تُخلّف إصابتين بليغتين    الشارع الإسباني يرفض خطاب الكراهية ويدعم التعايش مع الجالية المغربية    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    توقيف فرنسي مبحوث عنه دوليا في الدار البيضاء    النيابة العامة: معتصم خزان بني ملال لم يُبلغ سابقا عن شكوكه بوفاة والده    القضاء يدين قاتل معلمة أرفود بثلاثة عقود من السجن    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير        ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    خواطر وهمسات على أديم الفضاء الأزرق    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعلكة في الأدب العربي

حين ينبري الباحث المهتم بالشعر القديم إلى اقتفاء أخبار الشعراء الصعاليك وآثارهم، فإنه يجدها حافلة بالحديث عن فقرهم، ومعاناتهم التي لازمتهم طيلة حياتهم، وسط مجتمع جاهلي راهن على حق القوة، واغتصب إنسانية الإنسان عندما نبذ الضعيف لضعفه، وازدرى الفقير لفقره، وأذل المحتاج لعوزه، واحتفى في المقابل بالغني فقط لغناه، وبالقوي فقط لقوته.
لقد عانى صعاليك عرب المرحلة الجاهلية آلاما كبيرة، أناخت عليهم بها ظروف صعبة تداخل فيها الاجتماعي، والسياسي والطبيعي، وهي في الحقيقة آلام شبيهة بتلك التي كابدها ويكابدها الفقير المعدم في كل عصر وفي كل مصر، الفقير الذي لم يجد يد عون تفرج عنه شيئا من الأزمات والكرب.
تقول الحقيقة التاريخية المثبتة في دواوين الشعر إن الصعاليك نهجوا أسلوبا فريدا في الحياة، انتصروا له وآمنوا في أعماقهم بأنه الأسلوب الخاص والناجع، الذي يستطيعون به أن يرفعوا عن كواهلهم ما أسدلته عليها ظروفهم الطبيعية، وتقاليدهم الاجتماعية وأوضاعهم الاقتصادية، من ذل وهوان، وهو الأسلوب الذي جعلوا شعارا له: الغزو والإغارة للسلب والنهب.
وحتى يتحقق لنا فهم عميق لظاهرة الشعراء الصعاليك ولقضيتهم الإنسانية لابد من إطلالة على مفهوم الصعلكة في استعمالها اللغوي والأدبي.
الصعلكة في الاستعمال اللغوي:
ورد في لسان العرب في مادة (صعلك): الصعلوك: الفقير الذي لا مال له، زاد الأزهري ولا اعتماد، وقد تصعلك الرجل إذا كان كذلك قال حاتم الطائي:
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى *** فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر
وتصعلكت الإبل خرجب أوبارها وانجردت وطرحتها.
ورجل مصعلك الرأس: مدوره، ورجل مصعلك الرأس صغيره.
وصعلك الثريدة: جعل لها رأسا، وقيل رفع رأسها.
والتصعلك: الفقر
وصعاليك العرب: ذؤبانها، وكان عروة بن الورد يسمى عروة الصعاليك، لأنه كان يجمع الفقراء في حضيرة فيرزقه مما يغنم[1]
من خلال نص ابن منظور يمكننا أن نخلص إلى فكرة مفادها، أن الصعلكة في مفهومها اللغوي تفيد الفقر الذي يجرد الإنسان من ماله ويظهره ضامرا، هزيلا بين أولئك الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمنهم[2]
لكن المعنى الحقيقي اللغوي للكلمة لا يكون تاما ودقيقا إلا بالوقوف عند الزيادة التي أضافها الأزهري، وهي قوله "و لا اعتماد".
والمعنى اللغوي لهذه العبارة واضح، فاعتمد على الشيء: توكأ عليه، واعتمد عليه في كذا: اتكل عليه.[3] وعلى هذا نستطيع القول: إن الصعلوك في اللغة هو الفقير الذي لا مال له يستعين به على أعباء الحياة، ولا اعتماد له على شيء أو أحد يتكئ عليه أو يتكل عليه ليشق طريقه فيها، ويعينه عليها، حتى يسلك سبيله كما يسلكه سائر البشر الذين يتعاونون على الحياة ويعالجون مشكلاتها بيد واحدة، أو بعبارة اخرى، الفقير الذي يواجه الحياة وحيدا وقد جردته من وسائل العيش فيها، وسلبته كل ما يستطيع أن يعتمد عليه في مواجهة مشكلاتها، فالمسألة إذن ليست فقرا فحسب، ولكنه فقر يغلق أبواب الحياة في وجه صاحبه ويسد مسالكها أمامه.[4]
الصعلكة في الاستعمال الأدبي
عند دراستنا لأشعار الجاهليين نصادق في غير ما موقع حضورا واسعا لكلمة الصعلكة، لكننا نكشف ونحن في طريق بحثنا أن الكلمة قد تأتي حاملة دلالة تختلف ماما عن المفهوم اللغوي الذي سبق أن تطرقنا إليه، وذلك كما جاء في أخبار عدي بن زيد من أن النعمان بن المنذر حبسه حتى مات، فأراد ابنه زيد أن يثأر له من النعمان، فدبر مكيدة يوغر بها صدر كسرة عليه حتى يقتله، وترامى خبر المكيدة إلى سمع النعمان، ففر من كسرى ولجأ إلى قبائل العرب، ولكن أحدا لم يجرؤ على إجارته، فقال له سيد من بني شيبان في حديث طويل معه: فامض إلى صاحبك، فإما إن صفح عنك فعدت ملكا عزيزا، وإما أن أصابك فالموت خير لك من أن يتلعب بك صعاليك العرب، ويتخطفك ذئابها، وتأكل مالك، إذ من الواضح هنا أن الصعاليك ليسوا هم الفقراء، ولكنهم طوائف من قطاع الطرق، كانوا منتشرين في أرجاء الجزيرة العربية ينهبون من يلقونه في صحرائها الموحشة الرهيبة، ويتلعبون به ويتخطفونه ويأكلون ماله.[5]
[1] لسان العرب لابن منظور مادة "صعلك"
[2] الشعراء الصعاليك، يوسف خليف ص: 22-23
[3] لسان العرب لابن منظور مادة "عمد"
[4] الشعراء الصعاليك، يوسف خليف ص: 23
[5] الشعراء الصعاليك، يوسف خليف. ص: 26
* باحث في سلك الدكتوراه في الآداب العربية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمدينة تطوان المغربية، تخصص النص الأدبي العربي القديم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.