خاص ب بريس تطوان كلنا نعرف الصعاليك القدامى كالشنفرى وتأبط شراً والسليك بن السلكة ومالك بن الريب والخطيم وأبو الصعاليك عروة بن الورد الذي كان الصعاليك يلجؤون إليه وقت الشدائد تاريخ الصعاليك المشوّه الذي روج في حقب الأنظمة الاستبدادية القهرية التغلبية اليعربية منذ استبداد معاوية وحتى عصر المومياوات وتماثيل الشمع التي تحكم دولنا العربية اليوم ، كلهم استخدموا عبارات متطرفة في التحقير من شأن الصعاليك القدامى ، حتى ولو كان ذلك بغطاء أكاديمي .! "قال القرشي : ان الصعلوك هو لص فاتك خليع وذئب. اما الصعاليك في التاريخ الادبي هم جماعة من شواذ العرب كانوا يغيرون على البدو والحضر فيسرعون في النهب لذلك يتردد في شعرهم صيحات الجزع والفقر والثورة ويمتازون بالشجاعة والصبر وسرعة العدو .! " فتجدهم يصفون الصعلكة بأنها لفظ تطلقه القبيلة على أي فرد يقوم بأفعال شاذة ومرفوضة ، وينعتون الصعاليك بأنهم لايتورعون عن القيام بأي فعل إجرامي ، وبسبب الفقر وطريقتهم الباذخة في الإنفاق فإنهم صاروا يغيرون على القبائل ويقطعون الطريق ، تماماً كما يقولون عن الثورة المصرية بأنها ثورة خبز ، بينما هي في حقيقتها ثورة لاسترداد كرامة أمة امتهنها حتى أمين الشرطة .! كما أنهم لا يتعاطون معهم في ذلك التاريخ المشوه إلا بصفتهم " فئة " من شعراء ماقبل الاسلام ، فيتناولونهم بصفتهم الشعرية ، أو بصفتهم شريحة من المجتمع فرضها الواقع القذر ، و بالتالي لابد أن نتعاطى معها بالتحليل والنقد .! بينما الصعاليك القدامى في حقيقتهم ثوار أحرار رفضوا السائد الاجتماعي ، وتمردوا على قبائلهم من خلال حركتهم الاحتجاجية على العنصرية والطبقية السائدة بينهم ، إما لأنهم أبناء إماء وتعرضوا للتحقير والتهميش والاحساس الدائم بدونيتهم ، أو لأنهم اعترضوا على الأحكام الشمولية للقبائل البدوية ، وعلى الاتفاقات والأعراف البالية التي تلزمهم بها قبائلهم ، بينما يرون أن الرضوخ لعادات وتقاليد القبيلة هو في حقيقته استعباد لهم ، ولذلك أصبح مستبدوا القبيلة يعتبرونهم خارجون عن قانونها .! حين قطعوا الطريق على الاقطاعيين والرأسماليين ، ليوصلوا الغنائم بدورهم إلى الفقراء والمنبوذين ، تعاطفاً معهم ، و أملاً في تحقيق عدالة وتكافل اجتماعي ، حتى ولو كان ذلك بطريقة متمردة على الحياة لن أستطرد كثيراً في الحديث عن الصعاليك القدامى ، ولكني أحببت تناولهم كمدخل للحديث عن الصعلكة المعاصرة ، وذلك من خلال استعراض شخصيات أدبية نزعت للتشرد كما فعل الصعاليك الأوائل ، وكانت ذات رؤية محتجة في مجتمعات قطيعية غير محتجة ، وربما أوصلهم الاحباط لممارسة الحياة بطريقة عبثية بوهيمية ، بالرغم من قدرتهم الابداعية الفائقة ، مما جعلهم يبدون بنزعات نفسية وروح غير مستقرة ، يعيشون تحت قهر الفقر ، ويرحلون بطريقة مؤلمة . سأتناول في حديث لاحق أقرب الشخصيات الصعلوكية إلى نفسي شخصية اكتملت فيها شروط الموهبة الصعلوكية ، وكانت نازعة نحو التشرد ، ومليئة بالاعطاب النفسية والوجدانية..