إحباط مخطط إرهابي لطالبة موالية ل"داعش" في الرباط    مونديال الأندية.. بوتافوغو يصطدم ببالميراس في افتتاح مباريات دور الثمن    توقيف طالبة موالية ل"داعش" كانت تُعد لهجوم إرهابي خطير    زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب قبالة سواحل جنوب الفلبين    مونديال الأندية: جماهير غفيرة وأهداف غزيرة في دور المجموعات    استمرار الأجواء الحارة في توقعات طقس السبت    توقيف شخصين بابن جرير بسبب تعريضهما لعناصر الشرطة للإهانة وإحداث الفوضى    المغرب وتركيا يوقعان بإسطنبول على مذكرتي تفاهم حول السلامة الطرقية والممرات البحرية        البوليساريو تلقت ردا حاسما بعد استهدافها السمارة    هذه مستجدات سقوط مقذوفات قرب السمارة بالصحراء المغربية    ستبلغ ذروتها يومي السبت والأحد.. موجة حر بالمملكة ابتداء من الجمعة    رحيل الإعلامية والممثلة المغربية كوثر بودراجة بعد صراع مرير مع المرض    النيابة العامة توضح حيثيات اعتقال شقيقين في حالة سكر بابن جرير    كرة الطائرة / اتفاقية تعاون بين CAVB و AIPS إفريقيا …    مشروع قانون أمريكي يضع النظام الجزائري في ورطة مع القانون الدولي    المغرب يرفع وتيرة الاستثمار في قطاعات استراتيجية ذات جاذبية عالمية    ترامب يتوعد بقصف إيران مجددا    62 قتيلاً في غزة بهجمات إسرائيلية    بروكسيل تضع النقاط على الحروف: الاتحاد الأوروبي لم يوجه دعوة للكيان الانفصالي    حرائق الغابات تتهدد شمال المملكة.. "طنجة-أصيلة" ضمن المناطق الحمراء    بالفيديو.. كاظم الساهر يسحر جمهور موازين في ليلة طربية خالدة    استهداف إرهابي جديد على السمارة.. "البوليساريو" تستخدم صواريخ إيرانية الصنع في تصعيد خطير    الصين والمغرب يعززان الروابط الثقافية عبر بوابة ابن بطوطة.. بعثة صينية رفيعة من مقاطعة فوجيان في زيارة إلى جهة طنجة    المغرب يتصدر موردي الحمضيات للاتحاد الأوروبي بصادرات قياسية    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية جيبوتي بمناسبة عيد استقلال بلاده    زيدوح يؤكد بمالقا: الحوار بين شعوب الفضاء المتوسطي هو الحل الأمثل لمواجهة التوترات والتحديات    "لبؤات الأطلس" تستعد لكأس أمم إفريقيا بمواجهة تنزانيا وديا    الوالي التازي يضع حدا للانتهازية والفوضى بملاعب القرب ويطلق برنامج "طنجة، ملاعب الخير"    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    بكين تؤكد التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    الملياردير هشام أيت منا.. تاريخ من الفشل يلازم رجلا يعشق الأضواء وحب الظهور        الجزائر وصناعة الوهم الكبير في "غيتو تندوف" بين حصار الهوية وإستثمار المعاناة    مناورات عسكرية جوية مغربية-فرنسية بمدينة كلميم    بحضور الأميرة لمياء الصلح.. فوضى تنظيمية خلال حفل كاظم الساهر ومسرح محمد الخامس يتحول إلى "حمام بلدي"    "أولاد يزة 2" يفوز بالجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قتيلة وجرحى في غارة إسرائيلية بلبنان    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    لماذا يخاف مغاربة المهجر من الاستثمار بالمغرب ويقتنون العقار فقط؟    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث "في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون


بقلم: سلمان الحساني
تجري كل الأحداث في مرحلة طفولة المؤلف، ابتداء من السنوات الأولى حتى سن الشباب، حيث سافر نحو القاهرة لطلب العلم وانتهت طفولته.
وتبدأ الحكاية بقول الكاتب : "لو أنني كنت أعرف شيئا عن الأفلاك والأبراج وطوالع الكواكب لما نفعني ذلك إلى معرفة هل اليوم الذي ولدت فيه كان يوم سعد أو يوم نحس، ذلك أنني لا أجهل هذه الأشياء فحسب، ولكنني أجهل اليوم الذي ولدت فيه أيضا[1]". وذلك في مدينة منشستر الإنجليزية حيث ماتت "ميسز باترنوس" جارة الطفل عبد المجيد، وماتت بعدها أمه بعد عناء طويل مع المرض الذي أرهق جسدها الضعيف، ولكن المربية كانت تعتني به جيدا حتى خُيل إليه أنها أمه الحقيقية، ومنذ ذلك الحين ; انتقل الطفل وعائلته إلى المنزل الجديد، وزار الأماكن العامة المتمثلة في السينما والمسرح والحديقة العامة وحديقة الحيوانات حيث قضى أجمل أوقاته. كما قام بزيارة منزل "آل باترنوس" وتعرف فيه على "أندريه" الذي يحب العزلة و"جورجي" الأنيق و"ميللي" ذات الشخصية المرحة و"لليلي"التي تميل إلى الجد، و"إنجي" الجميلة.
ثم تحدث المؤلف عن الحياة في منزله ووصف الضيوف المراكشيين الغرباء ذوو الصوت المرتفع والعادات العجيبة، ليتحدث بعد ذلك عن حياة الشتاء في حياة منشستر الباردة وكذا عمل الوالد الممل في مكتبه. ثم ينتقل إلى وصف فصل الصيف في إنجلترا وروعة الطبيعة الساحرة وكذا الشاطئ ومدينة الملاهي.
هذا، وقد جلس الطفل عبد المجيد في الغرفة المظلمة مع أخته وهما يفكران في طريقة للحصول على أخ صغير. ولما سمع الحديث عن قدوم ملك إنجلترا عاهل المملكة المتحدة وإمبراطور الهند أحب مشاهدة الموكب فانتظر مروره لكي يستمتع بالمشهد مباشرة.
ولما وصل الطفل إلى سن المدرسة أٌخذ إليها، وتابع الدرس مع زملائه، وتعرف فيها على الصلاة التي عفي منها لأنه مسلم. وبعد الانتظار الطويل جاء الأخ الصغير من حقل صاحب الكرمب كما وعدته بذلك "مسز شالمداين". وفي ليلة عيد الميلاد انتظر عبد المجيد الهدايا بكل حماسة وشوق وبراءة، لكن مرض الأخت بعد العيد أثر في نفسه ونغص عليه سعادته. ومع ذلك، فقد سافر رفقة والده على متن قطار وباخرتين من منشستر إلى الجزائر \ جبل طارق ثم الدار البيضاء ثم فاس أرض الأجداد، ليقضي سبعة أيام من أروع الأيام في مدينتي فاس ومراكش حيث تعرف على عمه وجده. ولما عاد إلى منشستر التقى بأصدقائه الإنجليز، ووصف لهم ما شاهده في المغرب ; ومنه : الكتاب وحفل الزفاف والحمام والسوق والمنازل ووسائل النقل وكذا عادات الأكل واللباس. ولم تمض سوى فترة وجيزة إلا وأحاط الحزن بالطفل وعائلته بعد قرار الرجوع النهائي إلى مراكش وتوديع منشستر الوداع الأخير، فاستعدت العائلة للرحيل وغادرت إنجلترا.
وهنا انتهت المرحلة الأولى من طفولته التي قضاها في إنجلترا ليدخل في مرحلة ثانية سيقضيها بالمغرب، وأول شيء فعله في مراكش هو الاستعداد لولوج المدرسة المغربية المختلفة جذريا عن المدرسة الإنجليزية، فوصف الحياة في المدرسة بدء من أستاذ العلم وأستاذ الفرنسية وأستاذ القرآن ومدى غرابة هؤلاء الأساتيذ ووحشيتهم مع التلاميذ.
لكن الخبر المحزن الذي حطم مشاعر الطفل هو موت الأخت بعد معاناتها مع المرض. وهنا انتقل الكاتب للحديث عن خروجه من المنزل بصفة رسمية متنقلا بين وجدة والجزائر ومرسيليا والإسكندرية ثم القاهرة ليطلب العلم هنالك.. وعاد مرة أخرى للحديث عن حياته في المغرب، خاصة حينما كان يمر بفترة من الشرود والصراع النفسي والتفكير في الأم ( المربية ) التي أغمي عليها وتخيل الصراع بين السماء والأرض في الجبل المقابل للمنزل، كما أن شروده وهذيانه وإغماءه وإصابته بالحمى أدوا به إلى المعاناة المادية والمعنوية.
ولما انفرجت أوضاعه شرع في الدراسة في كُتاب المنزل عند الفقيه الشاب، ليتعرف على بنت سيحبها فيما بعد وسيأخذ في لقاءها كلما سمحت له الفرصة، كما أن معاشرته للأطفال الصعاليك من أبناء الحي زاده نفورا من قراءة القرآن في كُتاب المنزل، فمارس هواية كرة القدم التي لم يحبها كثيرا وانصرف إلى القرويين لتلقي العلم، لكن هذا لم يمنعه من قضاء لحظات جميلة مع جده في الضيعة وسيدي حرازم، كما لم يمنعه من العبث مع الخادمة الصغيرة وقت غياب العائلة. لكن موت زوجة العم خلال تلك الأيام كان له تأثير على نفسية الطفل لمدة مهمة حتى انتقلوا للعيش في منزل آخر، حيث تعرف على شاب أحب إحدى قريباته وأصيب بالجنون فتزوجها وشفي نسبيا ومات بعد ذلك.
ولم ينس الكاتب ذكر اللحظات التي قضاها في الزريبة مع الأبقار والحمار، وكذا اللحظات التي قضاها مع الأصدقاء الصعاليك وزعيمهم عبد الواحد القوي البنية، إلى جانب الحديث عن الحاج صاحب الزريبة العصامي الثري وصديق والد الطفل.
وإذ قضى الطفل مدة مهمة في مراكش، فإنه عرف معظم تفاصيل حياة المغاربة، خاصة المرأة في القرن العشرين، مثل; الحياة فوق السطوح وفي الحمام والزواج المبكر الذي شكل آفة العصر. ومن هنا عرج الراوي نحو الذهاب إلى حمامات سيدي حرازم رفقة أصدقائه الأربعة، ورؤية السلطان سيدي محمد بن يوسف رحمه الله، وفي تلك اللحظة تذكر موكب جلالة ملك إنجلترا الذي مر بالقرب من منزله في منشستر.
ومرة أخرى، يأتي الموت الكاسح ليأخذ بنت العم "زهور" ثم الجد، ذلك الشيخ الهرم الساخر العنيد، ثم العم أحمد. فدخل الطفل في حياة متوترة جدا بين إخوته من الأب ( الأخ والأخت ). ومع كل ذلك، كان عبد المجيد عاشقا ولهانا، الشيء الذي دفعه للاعتراف بحبه ومواجهة العائلتين ( عائلته وعائلتها ) بالرغم من صغر سنه وحقارة مكانته. أما من الجانب الصحي، فقد كان صاحبنا يشعر بألم في ضرسه، لكن المؤلم جدا هو رؤية الطبيب المغربي المخيف الذي يختلف عن الطبيب الإنجليزي اللطيف.
هكذا يواصل الكاتب ذكر أهم أحداث طفولته، فتحدث عن وجوده في جامع القرويين بفاس حيث لا كراسي ولا طاولات… وبالرغم من ذلك تعلق بالجامعة وانغمس في دروسها طلبا للعلم، فتعرف على الوطنيين بها وتعلق مرة أخرى بالأدب بعد موت أمير الشعراء أحمد شوقي بك ، ليشرع بعد ذلك في وصف غرفة العلم والأدب وقراءاته الأدبية وكذا نشره لمقال في المجلة لأول مرة، وإذ تطور الوضع اشتُهر المقال فاحدث ضجة في فاس، خاصة في أوساط المثقفين.
لكن، وبعد مرضه، بحث صاحبنا عن جواز السفر واستعد له، ثم شد الرحال نحو مصر ليدخل في مرحلة جديدة من مراحل حياته.
وهنا، ودع صاحبنا طفولته التي تعلم فيها دروسا من أكبر الدروس في حياته.. تلك الدروس التي تبقى مغازيها راسخة في الذهن حتى يواري المرء الثرى ويسافر إلى العالم الآخر…
وهنا، ينهي عبد المجيد بن جلون حكاية طفولته، ويقول في الأخير: " فالتحية العاطرة للذين لا يزالون يسيرون على صفحة الكوكب الأرضي … والرحمة الواسعة لمن تزدحم رسومهم فوق صفحة القمر المنير، كلما تبوأ عرشه متلألئا في السماوات…"[2].
[1] ابن جلون عبد المجيد، في الطفولة، ص 5. [2] أنظر ابن جلون عبد المجيد، في الطفولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.