* إذا حبيت تشوف الدنيا بعدك، شوفاه بعد غيرك: أي إذا أردت أن تنظر حال الدنيا بعدك، فانظر حالها بعد غيرك ممن يضعف أو يعزل أو يموت قبلك. فالشاب أو الكهل، ينبغي له أن ينظر حال من تدركه الشيخوخة أو الهرم، ويفكر في أنه قد يطول عمره ويصل لمثل تلك الحال ويستعد لذلك. والموظف أو صاحب القوة والمال أو السلطة والجاه، ينبغي له أن يتدبر حال من تنقلب عليه الدنيا فيعزل أو يزول ما بيده من سلطة وجاه، وقوة ومال، وكيف يصير في أعين الناس، وكيف يقابلونه وكيف يعاملونه، فيزرع ما يسره أن يحصده فيما لو صار إلى مثل تلك الحال. والذي يتمتع بالعافية والنشاط، إذا أرادت أن تلعب به الدنيا أو النفس أو الشيطان، فإنه ينبغي له أن يذكر أنه سوف يأتي عليه يوم بفعل به فيه ما فعل بكثير من أهله وأقاربه وأصدقائه، أي إنه عندما سيموت، سيجرد من ثيابه، ويغسل ويكفن ويحمل إلى قبره، فيوضع فيه ويغلق فوقه ويهال عليه التراب، ويبتعد عنه جميع الأهل والأحباب، وإذا ذاك لا يبقى أمامه إلا انتظار رحمة رب الأرباب، الغفور الرحيم الذي يتوب ويعفو على كل من آمن وتاب. يقال للحض على التدبير والاعتبار، وعدم الاغترار بشيء من متاع الحياة الدنيا وزينتها ومباهجها وملاهيها، ومن الصحة والعافية والثروة والسلطة والجاه. إن الذي يموت، ينساه جل الناس، ولا يذكره من حين لآخر إلا الأبرار من الأهل والأحباب والأخيار، أو من يقف على ما خلف من أعمال صالحة أو آثار، فحاسب نفسك إن كنت من العقلاء الموفقين، ولم تكن من السكارى والمغرورين. * إذا حبيتو نكون ومكم، قربو لي نعجن لكم. للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...