خرجت إسبانيا من شمال المغرب، وتركته منهوكا، مثقلا بالدماء التي سالت والفقر الذي ساد المنطقة، والأمية المتفشية، والديون المثقلة فكان لابد من معالجة ميدانية في جميع. هذه المجالات. تحت هذه الظروف انكمشت مدينة المضيق على نفسها، وصارت كقرية للصيادبن، وملجأ للمهاجرين والوافدين الذين وجدوا فيها مرتعا لإقامة البراريك الخشبية وبناءات عشوائية، وسهولة في الاستيلاء على أراضي الدولة الفارغة وحولوا نشاطهم إلى سبتة، بعد توقف القطار، ونشطت بين المدينتين حركة تهريب البضائع والمخدرات، والهجرات السرية إلى الخارج، بعدما أقيمت حدود وهمية مفصلية بينهما، وامتد هذا النشاط حتى عم سائر مدن الشمال. المضيق من مجلس استشاري إلى دائرة تابعة لجماعة الملاليين تحولات بعد الإستقلال أصبح المضيق إداريا تابعا لجماعة الملاليين كدائرة من دوائرها التسعة باعتبار قلة عدد سكانها الذي لم يتجاوز 2412 ساكن في تلك الفترة، بعدما تم إلغاء القوانين الإسبانية التي كانت تنظم القاعدة الترابية للتنظيم الإداري وخلقت من مدينة المضيق بلدية بعدما كانت جماعة قروية. وأيضا مغادرة الإسبانيين تراب المضيق في إتجاه دولتهم. وقد اتخذ المغرب مرجعية نظام الدولة هي اللامركزية في التنظيمات الجماعية، وبمقتضاه تم التقسيم الاداري للمملكة بمقتضى ظهير رقم 351، 1،59 بشأن التقسيم الاداري للمملكة، والمرسوم 2 ،59،14 فصل 2 و 38 في إحداث وتعداد الجماعات الحضرية والقروية بالمملكة، لم تكن مدينة المضيق مصنفة ضمنها، بل كانت ضمن الدائرة الجبلية تابعة لجماعة الملاليين المكونة من 9 اعضاء فقط حسب اللائحة الملحقة بهذا التنظيم، وأيضا بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ فاتح شتمبر 1959 الذي تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 2445 بتاريخ 4 شتمبر 1959 بصحيفة 1477 . الذي ينص الفصل الأول منه يقسم تراب المملكة على جماعات حضرية تشمل البلديات والمراكز المستقلة وإلى قروية، وأكد الفصل الثاني من نفس الظهير على أن المجلس الجماعي يتكون حسب الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 نونبر 1962 من 9 أعضاء في الجماعات التي يبلغ عدد سكانها 7500 نسمة أو يقل عن هذا العدد.. وأصبحت جماعة الملاليين تنظيما جماعيا بتاريخ 23 يونيه 1960، بحكم القيادة الإدارية التي كانت بها على عهد الحماية الإسبانية، وكانت بلدية المضيق تابعة لها، فبقي الوضع بعد الإستقلال على هذه الحالة لفترة حتى تم فصل جماعة المضيق في انتخابات 1992 وأصبحت مستقلة بعد تحقيق النمو في عدد السكان الذي أهلها لتكون جماعة قروية. استمدت اللامركزية الجماعية بالمغرب بإحداث الأقاليم والعمالات حسب مقتضيات الفصل 93 من دستور 1962 الذي ينص على أن الجماعات المحلية والقروية هي العمالات والأقاليم "التي خولها القانون الإشراف بالوصاية على عمل هذه المجالس حضرية كانت أو قروية، وهي جماعات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي. وبمقتضى هذا التنظيم كان القائد المعين من وزارة الداخلية وتحت اشراف رئيس الدائرة عن عامل الاقليم هو من يتولى رئاسة دورات الجماعة، ويحضر جدول أعمالها وهو الآمر بالصرف، والأعضاء المنتخبون دورهم استشاري فقط، فما تقرره السلطة هو الذي يطبق وهذا الإشراف الولائي ضيع على المغرب بداية الإستقلال عدة مكتسبات لتحديث الجماعات أو المدن، فلا أهمية لرئيس الجماعة ولا لأعضائها إلا بالتسمية فقط والحضور في الجلسات، وتقديم الملتمسات والرغبات. وبحلول انتخابات 30 ستمبر سنة 1976 دخل المغرب مرحلة جديدة في تدعيم الديمقراطية المحلية . فتم إلغاء الميثاق الجماعي الأول، وحل الميثاق البديل ظهير 30 شتمبر 1976، وخصوصا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي والمجالات الأخرى التي خففت من دور الوصاية، واعطت صلاحيات للرئيس بكونه هو الآمر بالصرف إلى غير ذلك، وظل المضيق مركزا تابعا لجماعة الملاليين من سنة 1960 إلى 1992 ليصبح بعد ذلك بلدية طبقا للتقسيم الإنتخابي ،الموالي، أعطاها نفسا مستقلا للتفكير في منظورها المستقبلي، تطورا ونموا، وعصرنة، مكنها من ترسيخ أقدامها كمدينة حديثة زاهرة. العنوان: تاريخ مدينة المضيق الكاتب: النقيب محمد الحبيب الخراز منشورات هيئة المحامين بتطوان بريس تطوان يتبع...