السيسي يكلف مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة في مصر    نتنياهو: مقترح بايدن بشأن غزة "ناقص"    الأنثربولوجيا التاريخية    قربلة بمجلس النواب بسبب رفض مناقشة حصيلة الوزراء    البيضاء تحتضن تصوير فيلم فرنسي عن قصة مصرية بمشاهد مثيرة (صور)    لاعب المنتخب المصري يعترف بتعمده استفزاز حكيمي في كأس أمم أفريقيا    بنك المغرب يحدث خدمة لمساعدة المغاربة على اتخاذ القرار أمام تعدد عروض الأبناك    كاتالونيا تستكشف الاستثمار في المغرب    السيد الطالبي العلمي يشارك بسيول في حفل الاستقبال الرسمي الذي أقامه الرئيس الكوري على شرف رؤساء الوفود المشاركة في القمة الأولى الكورية الإفريقية    فينيسيوس أفضل لاعب في "أبطال أوروبا"    مندوبية السجون تكشف حقيقة اتصال متهم في قضية "إسكوبار الصحراء"من السجن بمسؤولين "لمحاولة فرض سلطته عليهم"    رغم بوادر الانفراج.. تحذيرات من الآثار الكارثية ل"سنة بيضاء" بكليات الطب    منتدى رفيع المستوى بالرباط يشهد إطلاق أول مركز للذكاء الاصطناعي بإفريقيا    موسم طانطان.. 20 عاما من الصون والتنمية البشرية    منتخب زامبيا يشد الرحال صوب المملكة المغربية بعد غد الأربعاء تأهبا لمواجهة "أسود الأطلس"    تتويج لاعب المنتخب الوطني للكراطي سعيد أوبايا بالجائزة الكبرى للاتحاد الدولي    وزارة السياحة…عائدات الأسفار بالعملة الصعبة ترتفع بنسبة 10,6 بالمائة    الأمن يحبط عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات بمنطقة سيدي رحال الشاطئية (صور)    "شروط على المقاس" تضع بنموسى في عين العاصفة    شركة الطرق السيارة تحقق قيمة معاملات 1,19 مليار درهم    الصناعة العسكرية بالمغرب.. خطوات متقدمة نحو الاستقلالية الاستراتيجية لتلبية مُتطلبات الأمن القومي    أسعار النفط تنخفض عالميا وسط استمرار ارتفاع الأسعار في المغرب    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    نايف أكرد يقترب من الإنضمام لعملاق إسبانيا    من أصول مغربية.. وفاة وزير خارجية إسرائيل الأسبق دافيد ليفي عن 86 عاما    أمن باب سبتة يُلقي القبض على فرنسي مطلوب للإنتربول    قضية جثة الجدار بطنجة.. قاضي التحقيق يأمر بإيداع المتورطين في السجن    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الوداد الرياضي يكشف مستجدات الحالة الصحية للحارس يوسف مطيع    الجزيرة تفضح مؤامرة الجزائر ضد المغرب وتكذب ما يروجه إعلامها    بنموسى: الحكومة تراهن على 3 محاور رئيسية لتنزيل الإصلاح الشامل لقطاع التعليم    القفطان المغربي يتألق في مونتريال    المكسيك تشهد تولي أول امرأة رئاسة البلاد    الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يمنى بهزيمة في الانتخابات    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    قيادة الأصالة والمعاصرة تستجوب الوزيرة بنعلي حول حيثيات وملابسات "القبلة الحميمية"    المغرب يسعى لتحقيق اكتفائه الذاتي من الأسلحة بإحداث منطقتين للصناعات الدفاعية    محامو المغرب ينددون بعقوبات الاتحاد المصري ضد الشيبي ويعلنون تدويل الملف    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    مجلس الحكومة يصادق على فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    الفنيدق: استعدادات مكثفة لإنجاح الموسم الصيفي    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    رغم الجفاف.. المنتجات الفلاحية تغزو الاتحاد الأوربي    إسرائيل توصي مواطنيها بعدم السفر لجزر المالديف    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الرجاء البيضاوي يعتلي الصدارة في انتظار خطوة واحدة بوجدة    الدراج العثماني يحل ثانيا في "غاروا"    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زَأَرَ زَئِيرٌ من بعيد ونادى.. ألسنا محسوبين على البشر؟..
نشر في بريس تطوان يوم 15 - 07 - 2012

كان التعليم ولا يزال في بلادنا مطبة المطبات ومشكلة المشكلات خاصة وأن قيمته في البناء الحضاري كبيرة وقوته في بناء العمران المعرفي والثقافي عظيمة جليلة، إذ هو قوام القوة الحضارية في كل مجالات الحياة؛ فبالتعليم تبنى الحضارات وبه تنتظم مسالك الحياة في كل الأكوان، ويرتفع به شأن الصغير ويعظم به أمر الحقير، إنه السُّلم الذي ترقى به البشرية إلى مدارج المدنية والنماء والمجد الحضاري، فالبلاد التي لا تعليم فيها هي في الوجود بلا حياة، موجودة غير حية وجسدها هامد بدون روح. إنه روح العمران البشري وقلب الذات الحضارية للدول. هذه قيمة التعليم في الغالب، فهل اهتم المغاربة بأمر التعليم بقدر ما يوازي أهميته التي ذكرنا جزء منها؟ أم أن التعليم ودواليبه لا زالت تُدار من طرف الجهات التي لا تلقي بالا لمصير الفقراء والكادحين من أبناء هذا البلد؟
أسئلة لا أجزم بدقة طرحها ولا بقوة صدعها، ولكن أعلم يقينا أنها تئن في جوف كل من سكنت أحشاءه حمية الدفاع عن هذا البلد وأهله شرقا وغربا، فإن كانت تبدو رحبة فضفاضة فهي إلى حد بعيد تصيب المشكل في صميمه وتحاول استكشاف أمره. ما الذي أصاب أهل هذه البلاد كي يصير حال التعليم فيها إلى هذا المآل؟ وما الذي ألمَّ بهم فصاروا مقلدين في المناهج صادين عما يكتنزه تراثنا الإسلامي في ذلك. لا تجد قوما يؤمنون بتاريخ هذا القطر من وطننا العربي يجادلون في أمر غير هذا أو ما يتصل به من إحدى جوانبه، التعليم صار إلى الحافة التي لا تقبع بعدها سوى ظلمات بعضها فوق بعض في بحر لًجِّي متلاطم الأمواج. إنك إذا نظرت إلى التعليم في وطننا وجدت القائمين على شأنه يهتمون به فيما يخص النظريات التربوية ويخسرون الأموال الطائلة والثروات الهائلة لتعميمها، وإذا تعلق الأمر بجوانب أخرى رأيتهم متهاونين مستهترين، إذ كيف نهتم بالنظريات التربوية وبأهدافها وخصائصها وميزانية تعميمها، دون الاعتناء أو الاهتمام ولو بقسط ضئيل بأرضية تنزيلها وطريقة تطبيقها من غير تسرع أو عجل، والعجل غالبا ما يأتي بأضداد النتائج في كل مجال.
انبرت طاقات هائلة واستعدت أعداد من المفتشين منهم الممتازين وغيرهم تحت إمرة قائد أجنبي لتفصيل طريقة تدريس المغاربة أو نسميها "بيداغوجيا" حتى لا نكون كافرين بها، فتوزعت الأموال على من يستحقها وعلى من لا يستحقها وخسرت ميزانية الدولة من مخزونها الشيء الكثير لتطبيق هذه البيداغوجيا، فكان الأمر كمن يغرس البطاطس في ركام من الثلج أو كمن يُحدِّث قوما بغير لسانهم، فلا هيئة التدريس وجدت فيها أمرا جيدا يسير بالتعليم إلى الأمام، ولا التلاميذ تغير مستواهم إلى الأحسن ولا الدولة صرفت تلك الميزانية فيما يعود على المواطنين بالنفع. لقد كان من الأولى على القائمين على شأن التعليم بدلا من الاهتمام بالنظريات التربوية وبيداغوجياتها - دون جحود أهمية دورها- العمل على تهيئة البيئة المدرسية التي تمس أطر التدريس والتلاميذ بشكل مباشر مع العمل على توحيد المناهج وتبسيطها من دون حشو أو تطويل، فالتلميذ أحوج إلى قسم نظيف وسبورة واضحة مع أستاذ متفرغ مستقر نفسيا واجتماعيا إضافة إلى مرافق صحية جيدة وإطعام مناسب منه إلى مناهج يتيه في تنزيلها الكبراء، فكيف بالأحرى المتعلمين البسطاء. الكل يعرف هذا لكن الإرادة ليست بيد الكل، الإرادة يمتلكها أناس عاشوا في الميدان واكتوت بنار الحرقة والأسى أجوافهم على مصير أجيال متتابعة لا ذنب لها سوى أنها خلقت على هذه البلاد ووجدت نفسها من غير اختيار مغربية.
إن نجاح التعليم في أي بلد لا يقاس بنسب الناجحين وأعدادهم في امتحانات الباكالوريا ولا بعدد الخرجين من الجامعات والمعاهد العليا أو عدد رسائل الدكتوراه المناقشة كل سنة، ولا حتى بعدد الأساتذة العاملين في مختلف أسلاكه وسلاليمه. إن القيمة الحقة للتعليم هي ما يحمله المتعلم وما يتعلمه، ونوعية الشخصية بجوانبها الثلاث؛ المعرفية والوجدانية والحس-حركية التي تخرجها مدارسنا ومعاهدنا العليا بكل تلاوينها، هل يعقل أن يكون ناجحا من يتخرج من جامعة أو من مركز تكويني حتى، وهو لا يتقن بعض الأبجديات ذات الارتباط بتخصصه؟ إننا لا نلقي عليه اللوم بشكل كامل، كيف وهو منتوج المدرسة المغربية نفسها ونتاج نظام التعليم في المغرب لكن دون أن يكون طرفا في ذلك.
بشكل عام إن المنضومة التربوية تشكو خللا واضحا في طريقة تدبير الموارد المالية الخاصة بقطاع التربية الوطنية، ومن وجهة نظري أرى أن الاهتمام بالبنية التحتية من مدارس ومطاعم ومرافق مدرسية والأطر العاملة في ذلك الساهرة عليها، وتوحيد الرؤى في منهجية التدريس ودعاماتها وتهييئ مجال التحصيل من وسائل تعليمية وتجهيز المختبرات لإعداد التجارب وتصفية محيط المؤسسات من الشوائب ودعم التلاميذ بالتوجيه والتأطير وإعطائهم الأولوية في إعداد الذات خارج أسوار المؤسسة بفتح المكتبات بالمجان في وجوههم وتدريبهم على الانفتاح على كل جديد، من الأمور التي ترفع التحصيل في التعليم وتجعل المدرسة بحق المكان الطبيعي لتخريج المثقفين والعلماء، لتخرج أجيالا يعتمد عليها في النهضة والتقدم والرقي وإلا فسنبقى رهن الاستهلاك وإضاعة الوقت، فلننتبه، إن الوقت هو أعمارنا وأعمارنا أعمار أمة.
إننا نستأنس بالربيع العربي وما أفرزه من يقضة شعبية عارمة بكل الربوع أن يكون دافع خير لوخز المسؤولين بإبر اليقضة كي يكفوا عن الشعوب شر مخططاتهم وأن يرفعوا عنهم أغلال الأمية والجهل التي تكبلت بها وصار التعليم النافع قصرا على العلية من القوم دون الزمع، فقد وصل السيل الزبى والمغاربة بطبعهم لا يرضون الأمية أو الأمية المركبة ولن يسمح مغربي أبدا أن يركع أمام الأحوال الفاسدة ولا أمام المفسدين أبدا، ولا أن تكون أصنام جامدة في بلده يعبدها الجهلة من قومه. إننا بحق في خطر، فهل يا ترى سنكون في هذا العالم محسوبين على البشر؟..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.