منذ سنوات تساءل العلامة عبد الله كنون معاتبا :" ظاهرة غريبة في أدبنا الحديث ، يلاحظها القارئ والناقد معا ، وهي عدم مساهمة العنصر النسوي في إنتاجه، بالرغم من تفتّح آفاق المعرفة أمام المرأة المغربية ومشاركتها للرجل في بناء المجتمع الجديد منذ فجر النهضة " (أزهار برية ). واليوم ، وبعد نضالات ، وتضحيات ،وشعارات ، يصبح القلم رفيقا للمرأة في حلّها وترحالها ، وسيلتها لإثبات هويتها وشخصيتها ، فتخط سوادا في بياض كلما شعرت بضرورة ذلك .... واليوم ... تعمد المرأة إلى التعبير عن ذاتها في مراحل حياتها المختلفة بالكتابة عن واقعها وظروفها،عن عطائها وتفوقها ، عن إبداعها وإنتاجها ، تصرخ بأناملها تعبيرا حضاريا عن الثورة على العالم المختلق حولها ، وعلى الخانة التي تصنّف فيها على الرغم من كل الوشوشات والهمسات التي تؤشر على خلق وضعية أحسن ، وعلى تغيير النمطية المترسبة في الفكر الإنساني، حتى لا أقول المغربي عن كتابتها ، عن إبداعها ، عن مواكبتها للسيرورة العلمية والأدبية والإبداعية بنضال ومثابرة وصبر ، بعيدا عن التصنيف بين كتابة نسائية وأخرى ذكورية ، بل هي كتابة إنسانية . الإعراب جهارا وبصوت مسموع عن الرغبة في اختراق الصمت المطبق لإثبات الذات ، ذلك هو الهدف ، ليس الهدف خلق الفجوة أو التمييز بين ما هو نسائي وما هو ذكوري ، بل الهدف ترسيخ الإيمان بالقدرة على العطاء ،على الإنتاج ، وعلى انتهاج نفس المسالك متى توفرت نفس الشروط للجنسين ، أو بمعنى آخر الإيمان بترسيخ إنسانيتها قبل أنوثتها ، ... لم يعد خافيا ما تقوم به الباحثة الجامعية اليوم من أدوار تربوية وتعليمية للرفع من مستواها أولا ومن مستوى مجتمعها ثانيا ، عندما شقّت دروب الدرس والتحصيل، واقتحمت مجالات كثيرة كانت محظورة عليها للإسهام في بناء المجتمع وتنميته وتحريره وارتقائه ؛كالكتابة والتأليف والتمثيل السياسي والنيابي والمراكز القيادية وغيرها من المجالات كالقضاء والمحاماة والطب والآداب والفنون ،.... لا أحد ينكر ما قامت به الجمعيات النسائية على تنوعها واختلافها من أدوار للدفاع عن أوضاع النساء في كل المناطق المغربية وما حققته مشكورة مراكز الاستماع من منجزات لصالح النساء ،تأكيدا لمسؤولية مشروعة وحضورا لوعي جماعي في بلد يهدف إلى تكون للمرأة شخصية وازنة يُعْتَزُّ بها. تُرى هل حققت المرأة المغربية اليوم بعض طموحها؟ د. نجاة المريني