هل تنجح مساعي بنعبدالله في إقناع فدرالية اليسار بالعمل المشترك ولو جزئياً؟    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة من اليوم الجمعة إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    أخنوش : إفريقيا بحاجة للانتقال من الطموح إلى الواقع لضمان الرخاء والاستقرار والكرامة لشعوبها    "الفوتسال" المغربي السادس عالميا    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    دراسة: تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    الأميرة للا أسماء تترأس مؤتمرا إفريقيا    باللهجة المصرية.. محمد الرفاعي يصدر جديده "روقان"    الملك يشيد بعلاقات المغرب وكينيا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    11 وفاة في غزة بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    وثيقة سرية مسربة تفضح رغبة أمريكا استبعاد 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    فرنسا.. تعرض خوادم البريد الإلكتروني لوزارة الداخلية لهجوم سيبراني    المصادقة على 11 مشروع مرسوم يحددون تاريخ الشروع في ممارسة اختصاصات المجموعات الصحية الترابية    وليد الركراكي يوضح معايير اختيار لائحة "كان 2025"    نجوم العالم للملاكمة الاحترافية يعلنون الجاهزية ل "ليلة الأبطال" في الإمارات    اللائحة الرسمية للاعبي المنتخب الوطني في نهائيات الكان (المغرب-2025)    محاكمات "جيل زد".. ابتدائية مراكش تصدر أحكاما حبسية في حق مجموعة من القاصريين    "شارة الريادة" تثير الجدل والغضب والوزارة تضطر لاستدراك المؤسسات "المقصاة"    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تُصادق على 21 مشروعًا بأكثر من 22 مليون درهم بعمالة المضيق الفنيدق    النيابات العامة الرباعية تحذر من تحول الساحل الإفريقي إلى "بؤرة عالمية للإرهاب"    كيوسك الجمعة | الحكومة تعد بمراجعة ساعات وظروف عمل حراس الأمن الخاص    بعد طول انتظار لتدخل الجماعة.. ساكنة دوار نواحي اقليم الحسيمة تفكّ العزلة بإمكاناتها الذاتية    مجموعة "هولماركوم" في محادثات لشراء حصة بنك فرنسي في "بي إم سي إي"    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    حوادث النَّشْر في العلن والسِّرْ !        الإنفلونزا الموسمية تعود بقوة خلال فصل الشتاء..    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    الإمارات تدعم خطة الاستجابة الإنسانية    المتهم بقتل تشارلي كيرك يمثل أمام المحكمة حضوريا لأول مرة    علماء البيئة يحذرون: العالم في خطر    باسم يوسف: مآسي العالم العربي مستمرة لتفويضنا للغرب رسم صورتنا    الدار البيضاء.. الإطاحة بعصابة "القرطة" المتخصصة في السرقة    باحثون يستعرضون دينامية الاعتراف الدولي بالطرح المغربي في ندوة وطنية بجامعة ابن طفيل    إفريقيا توحّد موقفها التجاري قبل مؤتمر منظمة التجارة العالمية القادم    مانشستر يونايتد يكشف عن نتائجه المالية في الربع الأول من الموسم    الركراكي يوضح بخصوص استبعاد بلعمري وإيغامان    لقاء سري" بين صلاح وهندرسون يثير التكهنات.. هل حسم وجهته نحو السعودية؟    إيلون ماسك يرغب في طرح أسهم "سبايس أكس" في البورصة    اختيارات الركراكي تظفر بالمساندة    تلك البراري    الدار البيضاء.. معرض "خمسون" يحتفي بأعمال 50 فنانا    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    تتويج الذهبي بجائزة "الأثر الإنساني"    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة عشرة للجامعة السينمائية بمكناس    مارسيل خليفة يوجه رسالة شكر إلى المغرب والمغاربة    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكِتاب العَرَبي
نشر في بريس تطوان يوم 18 - 11 - 2013

لحكمة ما كانت معجزة النبي محمد عليه السلام كتابا، وكتابا عربيا مبينا. ولحكمة ما سمي هذا الكتاب بالقرآن – والقرآن من القراءة – فكانت هذه دعوة للمسلمين أن يقبلوا دائما على قراءته والإستماع إليه لتدبر ما فيه من حكم.
ولحكمة ما كانت أول آية أنزلت على الرسول من هذا الكتاب هي قوله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ".[العلق:5]
ولحكمة ما أقسم سبحانه وتعالى فيما اقسم به بالقلم. فقال عز من قائل:"ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ".[القلم:1] ولحكمة ما أقسم الله سبحانه وتعالى مرة أخرى بالكتاب فقال عز من قائل: "حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًاعَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".[الزخرف :3].
وعلى هدى من هذه الآيات الكريمة كانت دعوة الرسول عليه السلام للمسلمين أن يطلبوا العلم في كل وقت وفي كل مكان، فهو القائل :(أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) وهو القائل:(اطلبوا العلم ولو في الصين)، وزاد فجعل طلب العلم فريضة فقال : (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
واتصلت الحضارة الإسلامية العربية بغيرها من حضارات الدول المجاورة فأثرت فيها وتأثرت بها، ونشطت حركة التأليف، وظهر من بين المسلمين علماء أعلام من عرب ومستعربين نبغوا في كل فنون العلم وفروعه، وسلاحهم في هذا كله كان شيئين: قلما وكتابا عربيا.
وانتشرت مع حركة التأليف والترجمة اللغة العربية فعمت جميع أنحاء العالم الإسلامي بل أصبحت في وقت ما هي لغة العلم والحضارة بحيث كان يجد العالم – أي عالم – نفسه مضطرا إلى تعلم اللغة العربية ليستطيع مسايرة البحث العلمي ومتابعته.
ونجحت اللغة العربية في القضاء على كثير من اللغات التي كانت مستعملة في البلاد التي دخلها الإسلام. ولم تمض غير قرون ثلاثة حتى كانت اللغة العربية هي لغة الجميع في العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا، وانمحت لغات كثيرة كانت سائدة في هذه البلاد منذ قرون.
وليس أدل على قوة اللغة العربية من أن حروفها أصبحت حروف لغات كثيرة ظلت حية قائمة في بعض أجزاء العالم الإسلامي، فأصبحت لغات كثيرة تكتب حتى اليوم بالحروف العربية، وفي مقدمتها اللغة الفارسية واللغة التركية (إلى أن اصطنع مصطفى كمال الحروف اللاتينية) واللغة السواحلية في شرقي إفريقيا، واللغة الاندونيسية إلى أن حلت محلها الحروف اللاتينية منذ سنوات قليلة. ولغة الأردو في الباكستان والهند.
والسر في هذا كله هو أن اللغة العربية هي اللغة التي سجل بها علماء المسلمين كل إنتاجهم العلمي والحضاري، وفي كلمة واحدة كان السر في هذا "الكتاب العربي".
وبلغ من شغف المسلمين بالكتاب أن أنشأوا الخزانات في كل بلد من بلادهم، وأقبلوا في نهم على اقتناء الكتب بحيث أصبحت المكتبات الخاصة تنافس المكتبات العامة، وبحيث كان طلبة العلم وكبار العلماء يرحلون من أقصى الأرض إلى أدناها سعيا وراء عالم يأخذون عنه أو مدرسة يحضرون دروسها، أو كتاب يطلعون عليه أو يبذلون الغالي والرخيص في سبيل اقتنائه.
ونبغ من المسلمين علماء أعلام في كل إقليم وفي كل قطر وفي كل مدينة من مدن العالم الإسلامي، ولاعتزاز المدن بعلمائها، ولاعتزاز العلماء بأوطانهم كانوا ينسبون أنفسهم إلى هذه الأوطان واشتهروا بهذا النسب بحيث أصبحوا يعرفون به ولا يعرفون بأسمائهم، ودارس التراث الإسلامي يعرف هذه الأسماء معرفة أكيدة :
الخوارزمي، والرازي، والطبري، والبخاري، والبلخي، والسمرقندي، والخوبي، والهروي، والطوسي، والنيسابوري، والأصفهاني، والقمي، والشيرازي، والبيروني، والفيروزأبادي، والسهروردي، والبيهقي، والدينوري، والفارابي، والبغدادي، والموصلي، والدمشقي، والمقدسي، والبيساني، والنابلسي، والحموي، والشيزري، والسكندري، والسيوطي، والدمياطي، والمصري، والأدفوي، والأسنوي، والطنطاوي، والشرقاوي، والهوريني، والسخاوي، والدسوقي، والجبرتي، والقلقشندي، والتونسي، والتلمساني، والفاسي، والمراكشي، والشنقيطي، والقرطبي، والطرطوشي... إلخ.. إلخ.
ولو صنفت هؤلاء جميعا لوجدت منهم المفسرين والمحدثين والمؤرخين والجغرافيين والرحالة والأدباء والشعراء والفلاسفة والأطباء، وعلماء الموسيقى والنبات والكيمياء والفلك والهندسة والجبر والرياضيات بوجه عام.
وكان سر عظمة هؤلاء جميعا أنهم ساهموا في إتمام بناء الحضارة الإنسانية، وأنهم أودعوا نتاج أبحاثهم كتبا وكتبا عربية مع أنهم ينتسبون إلى أجناس وبلاد متعددة، فكان منهم التركستاني، والخراساني، والإيراني، والعراقي، والشامي، والمصري، والمغربي، والأندلسي، ولكنهم ألفوا جميعا بالعربية، وأصبح تراثهم الفكري تراثا لكل مسلم أيا كان موطنه، وغير المسلم كذلك، فالمصري يعتز بابن خلدون المغربي والقرطبي الأندلسي اعتزازه بمن نبت في مصر من علماء من أمثال السيوطي والسكندري والدمياطي والأسنوي وغيرهم، والمغربي يعتز بهؤلاء جميعا وبغيرهم من العلماء الشاميين والعراقيين والفرس اعتزازه بمن ظهر في المغرب والأندلس من علماء.
فهذا الإنتاج الغني الضخم هو تراث مشترك لكل متكلم بالعربية، كل يعتز به ويعتبره ملكا له وجزءا من حياته لا لشيء إلا أنه كتب بالعربية في كتاب عربي.
ومع تيار الإنسانية الذي يسود العالم الآن أصبحنا نرى كل شعوب العالم تقبل على قراءة التراث الفكري العربي ودراسته وترجمة عيونه إلى لغاتهم، فكتب الجاحظ وابن سينا وابن رشد وابن خلدون، وابن شداد، وابن بطوطة والمقريزي وابن ماجد ترجمت إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وهي موضع دراسة في كبريات الجامعات الأوربية والأمريكية والروسية.
وتكشف هذه الدراسة للمستعمرين أن سر قوة الدول العربية في الماضي إنما يرجع إلى "كتاب" إلى كتاب عربي مبين. هو القرآن الكريم، بدراسته وبالتعلق به استطاع أي عربي أن يتحدث إلى أي عربي فيفهم عنه ويحس أنه أخوه، فيتألم لألمه ويفرح لفرحه.
وقد أدهشت هذه الظاهرة أحد كبار المستعمرين من الفرنسيين فقال قولته المشهورة: "عجيب أمر هذا العالم العربي الإسلامي. إنه كالطبلة إذا ضربت على طرف منها سمعت دوي الضربة في كل طرف من أطرافها".
ألا نشعر بالخزي حين نرى كل شعب من شعوب العالم يعتز بلغته فيجعلها لغة العلم والدراسة والكتابة والحديث في البيت والشارع والمحافل الدولية، وتبقى بعض شعوبنا تشكك في قيمة اللغة العربية ومقدرتها ؟! ألا نشعر بالخزي حين نسمع أن دويلة إسرائيل قد أحيت اللغة العبرانية الميتة التي لا يعرفها إلا الإسرائيليون وجعلتها لغة التعليم في جميع مدارسها وجامعاتها في حين بقيت بعض الدول العربية تتردد في استعمال اللغة العربية كلغة تعليم، وكلما خطت في هذا السبيل خطوة تراجعت خطوات ؟!
وبعد، لقد كان الكتاب العربي سلاحنا القوي للوحدة في الماضي فما أحراه أن يكون سلاحنا للوحدة في المستقبل.
والله الموفق
18/11/2013
محمد الشودري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.