في ظل تنامي استخدام التطبيقات الذكية لخدمات النقل في المغرب، يبرز فراغ قانوني يهدد استقرار العاملين في هذا المجال ويثير احتداما متزايدا مع مهنيي سيارات الأجرة. وفي خطوة غير مسبوقة، تحركت النقابة الديمقراطية للنقل لطرح أول طلب رسمي يروم تقنين هذه الخدمة الرقمية، واضعة بذلك اللبنة الأولى نحو تنظيم قطاع يشهد توسعا متسارعا دون إطار قانوني واضح. أطلقت النقابة الديمقراطية للنقل مبادرة تنظيمية تعد الأولى من نوعها في المغرب، ترمي إلى تأطير خدمات النقل عبر التطبيقات الذكية بشكل قانوني، في وقت يعمل فيه الآلاف من السائقين في هذا القطاع دون حماية قانونية أو اعتراف رسمي. وانطلقت هذه المبادرة من العاصمة الرباط، حيث بادر سائق مهني حاصل على رخصة الثقة والبطاقة المهنية إلى تقديم طلب رسمي للسلطات، يطالب من خلاله بالحصول على ترخيص يسمح له باستخدام سيارته الخاصة في تقديم خدمات النقل عبر التطبيقات. وتم توجيه الطلب إلى كل من وزير النقل واللوجستيك ووزير الداخلية، عبر مراسلة رسمية دعت إلى ضرورة وضع إطار تنظيمي واضح يؤمن الحقوق ويحمي العاملين في هذا المجال المتنامي. وأكدت النقابة أن هذه الخطوة تمثل بداية مسار قانوني هدفه تقنين قطاع النقل الرقمي، الذي لا يزال يشتغل في منطقة رمادية، حيث تعمل على تمثيل السائقين المهنيين الراغبين في الانتقال إلى وضع قانوني منظم من خلال تعبئة استمارات رسمية ورفعها إلى الجهات المعنية. وأوضحت أن هذه المبادرة جاءت تفاعلا مع مطالب شريحة واسعة من السائقين الذين يقدمون خدماتهم يوميا للمواطنين ويساهمون في تطوير الاقتصاد الرقمي، دون أن يستفيدوا من أي تأطير قانوني يضمن استقرارهم المهني ويصون كرامتهم. وترى النقابة أن تقنين هذا النشاط لا يهدف فقط إلى حماية السائقين، بل يشمل أيضا تحسين جودة الخدمة وضمان حقوق الزبائن، إلى جانب الحد من الفوضى والاستغلال. كما تسعى المبادرة إلى فرض معايير واضحة في التشغيل والمراقبة، ما يسهم في تطوير النقل الحضري وتحقيق العدالة بين جميع المتدخلين في القطاع. وتأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات بين سائقي سيارات الأجرة التقليدية والسائقين العاملين عبر التطبيقات الذكية، حيث يعتبر أصحاب سيارات الأجرة أن هذه المنافسة غير عادلة وتضر بمصالحهم، ما تسبب في مشاحنات واحتكاكات وصلت في بعض الحالات إلى أروقة المحاكم. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة النقل واللوجستيك سبق أن أوضحت في تصريحات رسمية أن نشاط النقل عبر التطبيقات الذكية لا يدخل ضمن المنظومة القانونية المنظمة للنقل العمومي، وهو ما يترك السائقين في وضع هش ويفقدهم الأمان القانوني.