يشكل الغياب المتكرر للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن المشهد السياسي مثار جدل واسع في الأوساط الشعبية والسياسية على حد سواء. فبينما تلتزم المؤسسات الرسمية الصمت، يقدم معارضون جزائريون تفسيرات متعددة لهذا الغياب الذي يتزامن مع أحداث كبرى وأزمات اجتماعية متصاعدة. ويعزو جزء من المعارضة اختفاء الرئيس إلى وضعه الصحي، مشيرا إلى أن ندرة ظهوره العلني والاكتفاء ببيانات مكتوبة أو صور قصيرة يعيد إلى الأذهان تجربة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حين أدار الدولة من خلف ستار المرض. ويعتبر هؤلاء أن عدم قدرة الرئيس على مخاطبة الرأي العام مباشرة مؤشر على عجزه عن مواكبة تسيير الشأن العام بشكل طبيعي. في المقابل، يرى معارضون آخرون أن المسألة ليست صحية بقدر ما هي سياسية، معتبرين أن تغييب الرئيس مقصود ومخطط له من داخل دوائر الحكم. ويؤكد أصحاب هذا الطرح أن الغياب يعكس نمطا من إدارة الدولة يقوم على حجب مركز القرار الفعلي عن الرأي العام، بما يتيح استمرار حكم غير مرئي تتحكم فيه جهات نافذة خارج المؤسسات المنتخبة. وذهبت تفسيرات أخرى إلى أن الرئيس يقضي فترات طويلة خارج الجزائر، سواء لأسباب علاجية أو خاصة، وهو ما يفسر عدم حضوره في لحظات حرجة، مثل كارثة فيضانات واد الحراش التي خلفت ضحايا بالعشرات. ويرى أصحاب هذا الرأي أن غياب رأس الدولة عن مثل هذه الأحداث يضعف صورة الجزائر داخليا وخارجيا، ويؤكد شعور المواطنين بالفراغ في قمة السلطة. وأمام هذه التفسيرات يجد المواطن الجزائري، المثقل بتداعيات البطالة وغلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، نفسه أمام سلطة غائبة عن تفاصيل يومه وعن محطات بلاده المفصلية. وهو ما يفاقم أزمة الثقة بين المجتمع والدولة، ويجعل سؤال "من يحكم الجزائر فعلا؟" مطروحا بإلحاح أكبر من أي وقت مضى.