يستعد مجلس الحكومة لمناقشة مشروع قانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، الذي أحالته الأمانة العامة للحكومة على الوزراء في أفق المصادقة عليه بعد التداول، وذلك في إطار تنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. ويحدد المشروع الجديد التوجهات الكبرى للسياسة العمومية في مجال التعليم العالي، من حيث الهيكلة والحكامة والهندسة البيداغوجية واللغوية، إضافة إلى مصادر التمويل وآليات التتبع والتقييم. غير أن أبرز ما لفت الانتباه في النص هو التنصيص على إحداث جهاز جديد يحمل اسم "مجلس الأمناء"، إلى جانب مجلس الجامعة، في خطوة أثارت نقاشاً واسعاً داخل الأوساط الأكاديمية.
تركيبة مجلس الأمناء وفقاً للمادتين 29 و30 من المشروع، يتألف مجلس الأمناء من ممثلين عن السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي والمالية، وأمينَي السر الدائمَين لكل من أكاديمية المملكة المغربية وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات أو من ينوب عنهما، إضافة إلى والي الجهة ورئيسها. كما يضم شخصيات من المحيط الاقتصادي والاجتماعي وأخرى مشهود لها بالكفاءة والخبرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، يعينها الوزير الوصي باقتراح من رئيس المجلس. ويشارك أستاذ باحث منتخب من بين أعضاء مجلس الجامعة، وممثل عن الأطر الإدارية والتقنية منتخب بدوره من داخل الجامعة. في المقابل، يحضر رئيس الجامعة أشغال المجلس بصفة استشارية فقط، في حين يُعيَّن رئيس مجلس الأمناء بمرسوم حكومي لأربع سنوات قابلة للتجديد مرتين، شرط أن يكون من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والخبرة التدبيرية. صلاحيات واسعة يتمتع مجلس الأمناء بصلاحيات استراتيجية، إذ يجتمع مرتين على الأقل في السنة لتقييم حصيلة الأنشطة، ومراجعة أو تحيين خطط تطوير الجامعة. كما يصادق على البرامج المتعدد السنوات، ويتابع تنفيذ العقود المبرمة مع الدولة، ويوافق على إحداث أو تغيير أو دمج المؤسسات الجامعية. إلى جانب ذلك، يضطلع المجلس بمهمة إبداء الرأي في تعيين رؤساء المؤسسات الجامعية، وتتبع التقييمات المؤسساتية، وضمان إشعاع الجامعة وتفاعلها مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي. أما رئيس المجلس فيرفع تقريرا سنويا مفصلا حول أداء الجامعة وتوصيات تطويرها إلى رئيس الحكومة. وموازاة مع ذلك، يعيد مشروع القانون رسم تركيبة مجلس الجامعة، حيث سيضم رئيس الجامعة ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ورؤساء المؤسسات الجامعية، إضافة إلى ممثلين عن المالية والجماعات الترابية والفاعلين الاقتصاديين. كما ستُمثَّل فئة الأساتذة والأطر الإدارية والتقنية والطلبة عبر انتخابات داخلية، مع التنصيص على تحديد كيفيات الانتخاب ومدة الانتداب لاحقاً بنص تنظيمي. جدل وانتقادات ويثير إحداث "مجلس الأمناء" تساؤلات عديدة حول حدود صلاحياته ومدى تأثيره على استقلالية الجامعة، خاصة أن رئيس الجامعة سيحضر بصفة استشارية فقط، في حين تُسند للمجلس سلطة التقرير والمصادقة على القرارات الكبرى. ويرى بعض الفاعلين الجامعيين أن هذا التوجه قد يعزز ربط الجامعة بالسياسات العمومية والتنمية الجهوية، بينما يخشى آخرون من تكريس هيمنة إدارية وبيروقراطية على حساب استقلالية القرار الأكاديمي والبحثي. وإلى حدود اليوم الجمعة، لم يصدر أي تعليق أو موقف من قبل نقابتي التعليم العالي بالمغرب.