بينما يقدم المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة، كمنشأة استثنائية نموذجية ومركزًا مرجعيًا للرعاية الصحية في المنطقة، تتمظهر في الوقت ذاته معاناة كبيرة يواجهها المرضى وطالبو الخدمات الطبية، بسبب طول مدة الانتظار للحصول على الاستشارات والعلاجات الضرورية. عدد كبير من المرضى يعبرون عن استيائهم من المواعيد التي قد تستغرق أشهراً، ما يؤثر سلبًا على تطور حالتهم الصحية، خاصة في الحالات المستعجلة أو تلك التي تتطلب متابعة دقيقة. فاطمة، مريضة بالسكري تبلغ من العمر 45 عامًا، تقول: "تقدمت بطلب للحصول على استشارة طبية مع طبيب الغدد فحددوا لي موعدا بعد 6 اشهر"، مشيرة الى ان وضعها الصحي يتدهور، ولا تملك خيارًا آخر. شهادة فاطمة ليست حالة معزولة، إذ تشير مصادر عديدة وشهادات مرضى آخرين إلى أن التأخير قد يصل في بعض الأحيان إلى عام في التخصصات الطبية الحساسة مثل طب الأورام والقلب. المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة، الذي تأسس ليكون مركزًا طبيًا مرجعيًا في شمال المغرب ويستقطب آلاف المرضى سنويًا، يجد نفسه اليوم في مواجهة تحديات متزايدة نتيجة الضغط الهائل من عدد المرضى الذين يفدون إليه ليس فقط من طنجة، بل من جميع أنحاء شمال المغرب. ويعزو العاملون في المستشفى هذه التأخيرات إلى النقص في الموارد البشرية، خصوصًا الأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى تزايد الطلب على الخدمات الطبية نتيجة النمو السكاني السريع في المدينة والمناطق المجاورة. ويؤكد مصدر طبي داخل المركز، أن المستشفى يعاني من نقص حاد في الأطر الطبية والتمريضية رغم الجهود المبذولة لتوظيف المزيد من العاملين. وأضاف المصدر: "نحن نبذل قصارى جهدنا لتلبية احتياجات المرضى، ولكن في ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب إدارة المواعيد بشكل فعال.". وبيّن أن بعض الأقسام الطبية تعاني من اختلالات واضحة في توزيع الكوادر الطبية، مما يؤدي إلى تكدس المواعيد في تخصصات معينة، مثل أمراض الكلى والجراحة العصبية. ويرى مراقبون أن هذه الأزمة تحتاج إلى إصلاحات هيكلية تتجاوز الحلول المؤقتة، خاصة في ظل النمو السكاني الكبير في منطقة الشمال وحاجة السكان الملحة إلى خدمات صحية متطورة. وفي ظل هذه الظروف، يستمر مئات المرضى في الانتظار، آملين أن يجدوا قريبًا حلًا لمشكلتهم وأن يتمكنوا من الوصول إلى الرعاية الصحية التي يحتاجونها بشكل سريع وفعّال.