تتزايد شكاوى سكان طنجة من اختلالات خدمة سيارات الأجرة الصغيرة، في ظل اتساع دائرة السائقين الذين يرفضون إركاب أكثر من زبون، ويضعون شروطا خاصة تتنافى مع الطابع الجماعي لهذه الوسيلة العمومية للنقل الحضري. في شارع مولاي سليمان، أحد المحاور الرئيسية بمنطقة بني مكادة، ينتظر عبد الله، موظف في شركة خاصة، مرور سيارة أجرة تقله إلى حي المجاهدين. يقول هذا الأربعيني متذمّرا: "أكثر من نصف ساعة وأنا أنتظر، وكل التاكسيات تمر دون أن تتوقف، أو يتوقف السائق ليسأل عن الوجهة ثم يعتذر، أو يطلب أن أركب لوحدي مقابل تسعيرة مضاعفة". وتتكرر هذه الشكاوى في عدد من الأحياء التي تعرف كثافة سكانية مرتفعة، مثل المجاهدين، المجمع الحسني، ومسنانة، حيث يؤكد مواطنون أن عدداً من السائقين أصبحوا يفرضون شروطا مسبقة قبل قبول الزبناء، في سلوك يتعارض مع المفهوم العمومي للنقل بسيارات الأجرة من الصنف الثاني المعروفة محليا ب"التشيكو"،. ويبرّر بعض السائقين هذا التحوّل بعدم جدوى الرحلات الجماعية في ظل الازدحام، وارتفاع التكاليف اليومية، وضعف العائدات. يقول أحدهم: "المردودية تراجعت بشكل كبير، والازدحام في الطرق يجعل الرحلات القصيرة غير مجدية، وثمن زبونين أو ثلاثة في وجهات مختلفة لا يغطي المصاريف". ويضيف أن صاحب الرخصة لا يكترث إلا بمبلغ نهاية اليوم، دون النظر إلى الطريقة التي يتم بها تحصيله. شهادة أخرى يقدمها سائق مخضرم قال إن التزام بعض زملائه بالمبادئ المهنية واحترام الزبناء يجعلهم غير مرغوب فيهم من طرف المشغلين، الذين يفضّلون من يحقق عائداً أكبر، حتى وإن كان ذلك على حساب قواعد المهنة. ويقول في هذا الصدد: "السائق الذي يحرص على أداء واجبه ويحمل الزبناء بدون شروط، يتعرض للانتقاد بسبب ضعف الريع، في حين يُكافَأ من يعتمد على الانتقائية والمضاربة". في المقابل، يشعر المواطنون بأنهم أصبحوا الحلقة الأضعف في معادلة يختلط فيها غياب المراقبة بتضارب المصالح. وترى فاطمة، أستاذة تعليم ابتدائي، أن التاكسي الصغير فقد وظيفته الأساسية كوسيلة نقل جماعية، قائلة: "لم نعد نطلب سوى أن نحظى بالخدمة بشكل طبيعي، دون تفاوض أو إحساس بأننا نتوسل من أجل ركوب وسيلة عمومية". ويحمّل فاعلون جمعويون الجهات الوصية مسؤولية ما آلت إليه أوضاع هذا القطاع، مشيرين إلى أن غياب تقنين واضح، والمراقبة الموسمية غير المنتظمة، يفتحان الباب أمام استمرار هذه السلوكيات التي تتنافى مع روح الخدمة العمومية. ويؤكد أحدهم أن إصلاح هذا الورش يقتضي إعادة النظر في العلاقة بين السائق وصاحب الرخصة، وتحديد مسؤوليات كل طرف بشكل شفاف. ورغم تعاقب المبادرات الرسمية لتنظيم قطاع النقل الحضري، لا يزال التاكسي الصغير في طنجة موضوع نقاش مستمر، وسط مطالب متجددة بضمان كرامة الراكب، وتحسين ظروف اشتغال المهنيين، وتنزيل مقاربة متوازنة تضمن الجودة والاستمرارية في تقديم هذه الخدمة الحيوية.