أعطيت، مساء اليوم الخميس، انطلاقة الدورة الأولى من اللقاءات المتوسطية بطنجة، وذلك بفضاء معرض ذاكرة ابن بطوطة ب"برج النعام" بقصبة طنجة، بالاحتفاء بالكاتب المغربي الطاهر بن جلون. وكان الكاتب المغربي والمتوسطي الطاهر بن جلون ضيف شرف على حفل افتتاح هذه التظاهرة، المنظمة بمبادرة من مؤسسة "فنون البوغاز – فنون المضيق"، حيث تم تقديم قراءات في نصوصه، والإدلاء بشهادات لأصدقائه، وعبور جمالي وحسي بين كتاباته. في كلمته بالمناسبة، أكد الطاهر بن جلون أن البحر الأبيض المتوسط ليس مجرد بحر، بل يمثل رؤية للعالم، وطريقة في الإحساس والتعبير والحياة. وأوضح أن المتوسط هو جغرافيا تطبع أسلوب الحياة من خلال المشاعر والأحاسيس والكلمات والشعر، مشيرا إلى أن الثقافات المتوسطية كثيرا ما تجد صعوبة في التعايش مع أنماط حياتية أخرى في العالم. في هذا السياق، تحدث عن إمكانية التفكير في اتحاد متوسطي يتجاوز الانقسامات السياسية والأيديولوجية، لي صبح كيانا ثقافيا واقتصاديا موحدا. من جانبه، أبرز مارك بيتون، الشريك المؤسس لمؤسسة "فنون البوغاز – فنون المضيق"، أن هذا الحدث، الذي سيقام في أماكن رمزية متعددة داخل قصبة طنجة ومن ضمنها متحف ابن بطوطة ومسرح رياض السلطان، يجمع بين الموسيقى، والأدب، والفنون، من خلال برمجة منفتحة على عدة مجالات. وأوضح، في تصريح له، أن هذه المبادرة، التي تنظم تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تروم إبراز الغنى الثقافي لمدينة طنجة وإحياء دورها كملتقى حضاري متوسطي. وأبرز أن برمجة هذه الدورة الأولى تشمل حفلات موسيقية، ومعارض، ولقاءات أدبية يشارك فيها 32 كاتبا ضمن موائد مستديرة متعددة اللغات، بالعربية والفرنسية والإسبانية. وأشار مارك بيتون إلى أن التنوع اللغوي هو إحدى أهم نقاط قوة طنجة، المدينة الواقعة عند ملتقى أوروبا وإفريقيا، مبرزا أن طنجة، إلى جانب ديناميتها الاقتصادية، تختزن ذاكرة عميقة، ومن هنا جاء اختيار إعادة إحياء الفضاءات الرمزية للقصبة وفتحها أمام الجمهور. واختتم حفل الافتتاح بعرض موسيقي استثنائي جمع بين اثنين من أبرز فناني الساحة المتوسطية المعاصرة، هما عازف البيانو اللبناني طارق يماني، المعروف بجاز ذي نكهة شرقية، والموسيقي المغربي عثمان الخلوفي، صاحب اللغة الصوتية الحرة والشعرية. ويهدف هذا الحدث الثقافي الدولي إلى أن يكون جسرا ثقافيا بين ضفاف المغرب وإسبانيا وفرنسا ولبنان. وسيتواصل الملتقى، المنظم إلى غاية 22 يونيو، بموائد مستديرة حول اللغات، والحدود، والمنفى، والضيافة، وقراءات شعرية موسيقية مع غروب الشمس، ولقاءات مع دور نشر مرموقة، وندوة حول التعايش الديني بالمغرب، وحوار أدبي بين الطاهر بنجلون ومصطفى كبير عمي، بالإضافة إلى صبحية شعرية تليها حفلات موسيقية في فضاءات حميمية. بالموازاة مع ذلك، ست قام مسارات من المعارض المعاصرة في كل من أروقة كينت ودار الفن وإبراهيم آرت، لفتح حوار مع الكلمات واقتراح رؤى تشكيلية حول البحر الأبيض المتوسط، وفتح التظاهرة على غنى التعبير البصري لمبدعي اليوم. وتسعى اللقاءات المتوسطية بطنجة، المنظمة بشراكة مع دار النشر "غاليمار" ومعهد العالم العربي والمؤسسة الوطنية للمتاحف ومكتبة "الأعمدة" بطنجة، لأن تكون منصة ثقافية منفتحة وتشاركية ومتجذرة في المدينة وبين ساكنتها.