يتناثر الزبد بهدوء على امتداد خليج تارغة، بينما تتوزع مجموعات صغيرة من الأسر فوق الشاطئ الحصوي، في مشهد صيفي بعيد عن زحمة المنتجعات السياحية ومظاهر الترفيه الصاخبة التي تطبع بعض وجهات الشمال المغربي. تقع تارغة، وهي قرية ساحلية ضمن جماعة تازكان في إقليمشفشاون، على واجهة متوسطية لا تزال تحتفظ بجزء كبير من طابعها الطبيعي. المنحدرات الصخرية، والرمال الداكنة الممزوجة بالحصى، وصخرتان بارزتان في عرض البحر، ترسم صورة لمنطقة لم تدخل بعد دوائر الاستثمار السياحي الكثيف، لكنها في المقابل تستقطب سنويا مئات الزوار خلال شهري يوليوز وغشت. "نأتي إلى هنا منذ سنوات لأنها مكان هادئ، لا صخب فيه، ولا مزاحمة على المساحة"، يقول عبد الكريم، موظف من مدينة وزان، جاء لقضاء أسبوع مع أسرته، مضيفا أن "البساطة هي ما يميز تارغة، سواء في المشهد أو في الناس". غياب البنية التحتية المنظمة لا يبدو عائقا أمام الزوار، بل يراه البعض ميزة، حيث تنعدم المقاهي الفاخرة، والفنادق، والمرافق الترفيهية، ويكتفي الزوار بسكن موسمي متواضع وخدمات بسيطة. ويلاحظ أن أغلب الوافدين يفضلون جلب مستلزماتهم بأنفسهم، من مظلات وأفرشة ومؤن، بما يشبه العودة إلى نمط الاصطياف التقليدي. وفي ظل غياب أنشطة منظمة أو تسويق سياحي، تعتمد تارغة على سمعتها المتداولة شفويا بين العائلات التي تفضل مساحات هادئة، قليلة الاكتظاظ، ومفتوحة على محيط طبيعي لا يزال بمنأى عن الاستغلال التجاري. ومع ذلك، يطالب فاعلون محليون بتحسين الطرق والمسالك، وتوفير حد أدنى من التجهيزات دون الإخلال بتوازن الموقع. "لسنا ضد تطوير المنطقة، لكن نريد تنمية تحترم البيئة وهوية المكان"، يوضح شاب من أبناء القرية، يساعد المصطافين في إيجاد أماكن للركن أو الإقامة. مضيفا أن "هناك طلبا متزايدا في السنوات الأخيرة، لكن لا وجود لأي رؤية واضحة". يجدر التذكير أن شاطئ تارغة يشكل جزءا من الشريط الساحلي لإقليمشفشاون، إلى جانب شواطئ أخرى مثل الجبهة، السطيحات، قاع أسراس، أمتار، وشماعلة، وكلها وجهات موسمية تستقبل زوارا من مدن وقرى الجهة، وبعضهم يعود إليها كل صيف بحثا عن فضاءات أقل ازدحاما. في نهاية اليوم، وبين وقع الموج وتغيرات الضوء على البحر والصخور، تحتفظ تارغة بسحرها الصامت، خارج رادار السياحة المهيكلة، وفي انتظار نموذج تنموي يعيد ترتيب علاقتها بالزوار دون أن يفقدها طابعها الأصلي.