حموشي يجري زيارة عمل إلى فيينا    المغرب وإسبانيا يتوقعان زيادة عدد المسافرين في عملية "مرحبا 2025"    جلالة الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط- سلا- القنيطرة    شراكة مبتكرة لدفع التحول الرقمي في الصناعة التقليدية المغربية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المغرب يتأهل لربع النهائي متصدرا مجموعته بفوزه على تونس (3-1)    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134" في إطار مشروع التوأمة التربوية بين الرباط والعاصمة الأذربيجانية    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    المغرب يتجاوز تونس بثلاثية ويتأهل لربع نهائي كأس إفريقيا للشباب    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    بلقشور يكشف موعد نهاية البطولة    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    وزير الدفاع الباكستاني: التوتر مع الهند قد يؤدي إلى حرب نووية    تُهرّب الحشيش من شمال المغرب.. إسبانيا تُطيح بشبكة إجرامية في الجنوب    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    "العفو الدولية": تهجير إسرائيل فلسطينيي غزة "جريمة ضد الإنسانية"    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    رحلة تهريب فاشلة تنتهي بسجن إسباني في الحسيمة ل8 سنوات    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الإبداع المسرحي
نشر في تازا سيتي يوم 22 - 04 - 2010

ما فائدة قرع الطبول إذا لم تكن هناك آذان تصغي ؟؟؟ الأم شجاعة / بريشت
إشارة : بداهة الإبداع هو النظر للمألوف بطريقة غير مألوفة؛ وبالتالي هو حالة متميزة تصيب الفنان في لحظات غير محددة؛ تفجر مخزونه الفكري والعقلي والعاطفي؛ لخلق شيء جديد ومختلف؛عما أنتجه سلفا أو ماهوسائد في النسيج الإبداعي؛ فتلك الصياغة الإبداعية بمفاهيم جديدة وبديلة ؛ وإن كانت تبدو في البداية شاذة وغرائبية فهي تساهم في خلخلة التوابث الفنية والأفكار الجاهزة أثناء تطبيقها وتفعيلها على أرض الواقع؛ بأسلوب متميز ومثير؛ وهاته الحالة كانت لصيقة بمسرح [الهواة] عبر العالم العربي في عقود خلت؛ وذلك من خلال فعاليته وممارسيه؛ رغم غياب المعاهد الفنية باستثناء مصر أنذاك؛ وريادة الفن اللبناني؛ وعلى ذكر مصر يبدو لمسرحها الهاوي أمسى يسترجع قوته وتوهجه؛ بحكم تعدد المهرجانات المنتشرة هنا وهناك مما :يشهد ازدهاراً بل انفجاراً لم يشهده من قبل على الأقل في الكم، فهو ينتج أكثر من 1000 مسرحية في العام مقابل مسرح المحترفين الذي لا ينتج أكثر من مئة مسرحية (...)غير أن انفجار مسرح الهواة ؛ يبدو مكتوما، ومهما اتسع وتنوع لا يتجاوز دائرة مفجريه، وعلى كثرة فرقه ومهرجاناته ومسابقاته المنتشرة من الإسكندرية شمالا حتى أسوان جنوبا لا يحظى بأي متابعة نقدية أو إعلامية سوى أخبار وكتابات صحافية للعاملين فيه وغالبا لا تجد من يتحمس لنشرها إلا نشراته ومطبوعاته المجانية المحدودة التوزيع (1) وهذا يذكي أن هنالك معاناة في مشهده ؛ إذا ما أضفنا مظاهر التحول الاجتماعي والثقافي الذي يجرف العالم العربي نحو التسطيح و[السوقنة] والأنكى من ذلك تضييق حرية تعبيره وتضييق عقال إبداعه من خلال الرقابة : وهو وضع ترسخه بيروقراطية وأيضا رقابة الجهات الحكومية المختصة بالانتاج في مسرح الهواة، فرغم الحرية المكفولة لمسرح الهواة في مصر بحكم قانون المصنفات الفنية الذي ينص على عدم اختصاص الرقابة على المصنفات الفنية إلا أن هناك رقابة ضارية مستترة وأحيانا معلنة تمارسها جهات الانتاج الحكومية نفسها (2) فهذا النوع من المسرح؛ يعد مشاغبا ومشاكسا ضد الأطروحات الرسمية وما يراه يخالف طموحاته وأحلامه؛ نظرا لطبيعة إبداعه وتركيبته الإنتاجية؛ مما تحاول ولقد حاولت الجهات الرسمية في العديد من الدول العربية تدجينه أو اغتياله كما وقع في المغرب الذي أنهى دابر وجوده ودفن على أيدي رواده وممارسيه ؛ونفس الإشكالية في سوريا؛ لكن أعيد مؤخرا للظهور بحيث كان:
المهرجان المسرحي للهواة كانت تقيمه وزارة الثقافة في السبعينات من القرن الماضي، وتوقف في مطلع الثمانينات وبمبادرة من الفنان الشاب نضال صواف صاحب " شركة العين الثالثة" التي أقامت المهرجان المسرحي للهواة الأول "دورته الأولى "العام الفائت في شهر تموز(3) فهاته المعطيات تكشف عن إشكالية العلاقة بين مسرح الهواة والأنظمة العربية [ تحديدا]و فارضة تساؤلات متعددة ؛ فحتى الدول التي لازال الهواة الذين هم أصلا [تجريبيون]لأن صفة[ الهواة/ فيها من القدح أكثر من الرفعة والعزة] كتونس والجزائر التي عمر مهرجانه الدورة[42] يعاني من إشكالات أهمها النص تم الإعلان جائزة هي الأولى من نوعها، مخصصة للنصوص المسرحية عنها في الجزائر. جائزة تحمل دلالة خاصة وتدق ناقوس الخطر: لم يعد في الجزائر من نصوص مسرحية. الشح مخيف، والنتيجة أن المسرحيين لم يعد أمامهم سوى الاقتباس من المسرح العالمي أو عن روايات أدبية. ما الذي أوصل إلى هذه الحال؟ وهل الجائزة المستحدثة باسم أحد أشهر كتّاب المسرح الجزائريين، وهو الراحل ولد عبد الرحمن كاكي، ستحل هذه المشكلة الكبيرة برمزيتها؟ فالسؤال يحمل في طياته العديد من التساؤلات العريضة التي تتفجر من دواخل الممارسة التجريبية التي أمست تفقد ريقها وتوهجها؛ بحكم أنها ليست منعزلة أساسا عن ثقافة [الأزمة] في المشهد الثقافي العربي الراهن؛
التعدد والخصوصية:
*******************
بداهة تعددت الممارسات والأشكال وتولدت تنميطات وأنماط جديدة اخترقت المشهد المسرحي في الآونة الأخيرة؛ من زاوية فالتعدد مظهر إيجابي في النسيج الثقافي ويضفي حيوية في الحياة الفنية والجمالية بحيث كل شكل ينهج نمط تعبيره ومصوغات تصوراته من أجل فرض خصوصيته التي يتميزبها في الميدان؛ ولكن إشكالية التعدد ليس من أجل التقاطع والتكامل بين الأنواع والأشكال المسرحية؛ بل لممارسة أنواع التضييق والحصار وتحقيق القطيعة القسرية مع تاريخها الذي يرتبط ارتباطا عضويا بمسرح[ الهواة] وبالتالي فالتعدد يتحرك في سياق التناقضات الجلية بينها وبين الخصوصية؛ بحكم أن الوعي الذي يحركها أساسا يعيش خللا في [الوحدة] حينما يتم الحديث عن [المسرح ] ويعيش تناقضا صارخا في [التعدد]لحظة مناقشة [الأشكال] الإبداعية؛ ولذلك فالمسرح العربي[ تحديدا] لايمكن أن يراهن عن الخصوصية التي تميز كل مجتمع عربي؛ ومن خلالها فالتعدد يؤطر خصوصيته الإبداعية، وإن كانت هنالك قواسم مشتركة [مثلا] مسرح الشباب (أو) الكوميدي (أو) التجاري (أو) الاحترافي (أو) الشركات الذي أمسى يتمظهر بالأردن / مصر هذه الأخيرة دأبت على تنظيم – مهرجانا - له . فهل هاته الأشكال وغيرها حقيقة تعبرعن جوهرها وعن خصوصيتها المتفردة في محيطها المحلي والوطني ؛ ومحيطها العربي ؟؟؟
في تقديري؛ لا يمكن أن نراهن على الخصوصية/ التعدد؛ إلا بفك التناقض والإعلان عن هوية هذه الممارسات بكل وضوح وشفافية؛ حتى يتمكن المسرح من تحديد الرهان وتوثيق الصلة بالفعل الإبداعي الحق نظريا/ عمليا؛ بحيث لا يمكن للواحد أن ينقسم إلى ذاته وغيره [مثال] ممارسو مسرح [الشباب] هم أنفسهم ممارسو مسرح [ الهواة] في العديد من الأقطار العربية؛ وممارسو المسرح [الاحترافي] في [المغرب] هم أصلا [هواة] ولا وجود لمنظوم قانوني/ تنظيمي للممارسة؛أما[ المسرح الجامعي] هل حقيقة الطلبة هم ممارسوه؟
فبلورة هذه الممارسات أمر قائم بل ضروري؛ إذا ما فهمنا استراتيجية التعدد في مستواه الإبداعي؛ لأن شبه غياب مسرح الطليعي/ ريادي يقودنا إلى مسألة أزمة الإبداع ومسألة أزمة النموذج التي أصبحت عائقا فنيا؛ لدى أغلب الممارسين؛ بحيث أن [ النسخة] هي ما يميز المسرح [الآن] في سياق قانون[ العرض/ الطلب] الذي يتشكل من خلاله الفعل المسرحي؛ وبالتالي يعيش مأزقه الذي فرضه على نفسه؛ بحكم أن السمة الأساس لقانون [ العرض /الطلب] الحدود وعدم الخروج والانفتاح؛ لاسيما أن طبيعة الإبداع ؛ لايقبل إطلاقا المعيار والقانون؛ باعتبارهما[أغلال] لدى فالإبداع الرائق والمتميزيشتغل في إطار الحرية؛ التي تدفع به نحو البحث والتجريب؛ باعتباره اختيارا يمجد السؤال والذات والمستقبل؛ ويفرض نفسه جوانية الأفكاروالوقائع متخذا تمثلات برؤية نقدية وتحليلية؛ تضمن حرية التفكير والاشتغال؛ من هنا يمكن الحديث بكل وثوقية عن[الأشكال] التي تؤثت المشهد المسرحي العربي أشكال منفتحة على الذاتي والموضوعي والكوني؛ مادام التاريخ تاريخ أشكال؛ ولكن من خلال مبدأ يميزهوية[ الفعل] وهذا ماكان يتشبت به مسرح[الهواة] من أجل البقاء والريادة والتفاعل مع ذاته والبنية المجتمعية، بدل أن يكون إضافة ضمن النسيج الذي يتشكل ضمنه الفعل المسرحي؛ وبالتالي فهو حركة جمعوية؛ لم يأت من فراغ أونتيجة نزوة فردانية؛ بل نتيجة جدلية التاريخ وحتمية الإبداع
التي فرضت اختياره الحرلمفهوم انوجاده، ولمفهومية اشتغاله؛ ومن ثمة فهويلتقي جوهرا( أو) عرضا مع [التعدد ] وبخصوصيته، التي يتميز بها؛ انطلاقا من الوسائل والآ ليات التي يستمدها من الواقع وعناصره اللصيقة بالعلائق الداخلية في مستواها العشقي والمبدئي والإشتغالي، وذلك للحفاظ على تميزه وخصوصيته المتميزة بخصائص نوعية تصوراته واشتغاله الفكري والجمالي؛ من أجل تنشيط وإضفاء روح الحياة الثقافية
وهذا أمريتطلب خلق تواصل حي وتفاعل مبني على الحيوية بين مختلف المجالات المنتجة ؛ إبداعيا وفكريا.
لكن الحصار المضروب على نوعيته وخصوصيته؛ يزيد في اختناقه واندحاره؛ وذلك لعوامل الاغتراب والإرباك الذي تحول فيه المسرح إلى سوق أشبه بالمضاربات الفجة وبالصرعة الاستهلاكية ؛ ناهينا عن التهريج والسطحية على حساب العمق الإبداعي والمعرفي وحتى الإيديولوجي؛ نظرا للانجراف نحو اللآهوية؛ نتيجة الاكتساح الذي تعرفه[ العولمة] على جميع الأصعدة؛ والمسرح باعتباره رافد حضاري/ ثقافي؛ليس استثناءا بل أساس الرهان الذي تحمله؛ بغية تقليص مجموعة من اللغات والثقافات؛ لكي تنصهرجوانية ثقافة القطب الواحد ؛ مما يسهل نسف كل الأشكال التعددية والتنوع الإبداعي؛ الذي يمثل وجهاً آخر لكل مظاهرالثقافة والهوية ورؤية العالم، فإن تقليص دورالمسرح في عملية التعايش الحضاري أو تهميشه أوإقباره هوبمثابة مصادرة حق التعايش وحق الاختلاف والتنوع.
سؤال المسرح :
*******************
هنا لا يمكن الجزم بأن المسرح العربي؛ من خلال ممارسيه ورواده؛ يعي أولايعي جيدا النسق الذي سيتخندق فيه ويحوله إلى نسخة شبيهة بالمومياء ؛ بحكم أن المشهد لايوحي بأن هنالك وعي نقدي؛يفرض سؤال الإبداع المسرحي الذي يرتبط جدلا بالخطاب النقدي ؛ وإن كانت القضية شائكة، قديما وحديثا: فالسؤال والنقد يؤسسان لعملية انفتاح وتواصل على المستويين الثقافي والإنساني، وأي تجاوز لهذه الحقيقة فإنه يفضي إلى العديد من المآزق وعلى المستويات كافة؛ وبفعل هذا السلوك المنغلق والانعزال(...)يحدث الانفصال الشعوري والنفسي؛ وتتشكل كيانات اجتماعية مغلقة(5) فالملاحظ أن بعض الندوات النادرة والمحتشمة التي ترصدت للعولمة والمسرح كانت بمثابة كيانات مغلقة ومنغلقة؛غيرمتواصلة بكيانات الممارسين الفعليين للفعل المسرحي؛ وإن كانت الحاجة ماسة أن يكون السؤال من دواخلهم كمشروع عن آليات الإبداع التي يمكن أن تواكب المتغيرات التي تنتهج سبل القطبية وتفعيل[التجارة] ولاسيما أن الجانب التجاري يتعارض كليا مع الوجدان؛ والإبداع في عموميته[وجدان] وهذا التعارض لايمكن الحسم فيه إلا[ الممارسين] دونما إلغاء الخطاب النقدي الذي يقتضي بشكل ضمني على الاختلاف الذي يبني شروط الاستمرارية من حيث الفعل والمعطيات وتجريب الأشكال؛ وإن كان يثيرالعديد من الالتباسات من حيث التناول والمقاربة، لكن كلا الطرفين بعناصرها المكونة غير منفصلة عن الوضعية الثقافية العربية المتأزمة من حيث الرؤية والتفاعل؛ وإن كان[الفعل] المسرحي لايتشكل إلا من داخل الأزمة ويعكس تقلباتها؛ مستلهما أنها المتغيرات الحقيقية التي تدفع تلقائيا( أي) فعل فكري/إبداعي/جمالي/ إلى الأمام لكن: مسرحنا العربي في البلاد العربية القليلة التي لا يزال بها نشاط مسرحي قد أخذ في التراجع تحت وقع ضربات التخلف المتلاحقة التي تحاصر الإنسان العربي في حياته اليومية صباح مساء. ليس فقط التخلف الناجم عن تراجع مستويات المعيشة، وتدني الخدمات الأساسية، وانتشار الفقر، واستشراء الفساد، وتحكم قبضة الاستبداد بشتى أشكاله السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية(...)والتي نجد أن القاسم المشترك الأعظم فيها جميعا هو تغييب العقل، والزراية بأي ممارسات نقدية خلاقة (6) فبغض النظرعن التخلف الذي يسري فينا؛فطبيعي ألا تكون هنالك رؤية نقدية لسؤال المسرح؛ نظرا لغياب مشروع تاريخي لوضعية المسرح؛ لكي يكون ضرورة حيوية وحاجة ماسة وملحة؛ قادرة على المساهمة في البناء المجتمعي ككل؛وبالتالي فغياب سؤال المسرح مرتبط بغياب [الفعل] بقصد أوبدونه؛ ومن ثمة فالعنصر الأساس غياب الخيال- الذي تعاني منه الثقافة العربية (حاليا) إذ المرء لايمكنه أن يتخيل؛ إن لم تكن لديه ذاكرة؛ ولايمكنه أن يتذكر من دون خيال؛ ذلك أن الذاكرة جزء من عملية التخيل(7) هنا دورالخطاب النقدي لممارسة شحذ وتحيين الذاكرة وتفعيلها في أنساق مختلفة؛ لكي لاتفقد تاريخها الذي تهدف إليه إيديولوجية[العولمة] ومن خلال الذاكرة؛ يتمظهر الفعل المسرحي المشروط بنائه بنظرته إلى تاريخية وجوده كقوة تفعيل أوتغيير؛ لكن مادام بعيدا عن هويته طوعا أوكرها؛ فإنه يفقد القدرة على النقد والنقد الذاتي؛ كشرط تجاوز لتطوير آليات اشتغاله؛ واستحضار سؤال الإبداع كرؤية متجدرة به يدرك المتغيرات والفواصل؛ لكن في غياب كل هذا أمست الإنتظارية سمة تغلغلت عبر التراكم الزمني؛ للتوقفات والإنحسارات الظرفية إلى الوعي المسرحي؛ لتجعله وعيا يعيد إنتاج أزمته ولايفكرها في الزمكان والذات والتاريخ؛ وبالتالي فهو(الآن) خارج الزمان بالمقاييس الإبداعية والنقدية؛ علما: إن الأمور تستمد واقعيتها النسبية لرائيها من الشكل والقدر اللذين يؤمن بهما، بمعنى أننا إذا آمنا بأن الاختراق الثقافي الماحي لثقافتنا قدرمحتوم علينا، فهو إذاً واقع جديد مهين بالنسبة لنا نصنعه بأيدينا، وإذا لم نؤمن بذلك فإن التصدي لهذا الاختراق ممكن، ولكن الأمر لا يقتصر على الإيمان ورفع الشعارات وإقامة المهرجانات والندوات المدائحية أو الهجائية أو النّدّابة، وإنما يحتاج إلى العمل الجدي المبدع و الولوج بقوة في العصر بأن نكون منتجين للثقافة الإنسانية الحقيقية التي تقدم نفسها للعالم فكراً وإبداعاً وأدباً وفناً(...)، لكن عندما يكون إنتاجنا منغلقاً على الذات أو ضعيفاً أو مقيداً بثقافة الخوف والتملق السياسي فإننا لن نصنع شيئاً مثمراً..(8)
الإحالات
--------------
1/ مسرح الهواة أو مسرح الظل لحمدي أبو جليل السفير الثقافي عدد 11274 بتاريخ 2 /04/2009
2/ نفسه
3/ في حفل ختام مهرجان الهواة المسرحي لمحمود بغداد سيريا نيوز بتاريخ 29/04/2007
4/ جريدة الشرق الأوسط تغطية لخير شوار عدد10592 بتاريخ 28/11/2007
5/ سؤال الإبداع والنقد لمحمد محفوظ/ مجلة الكلمة/ العدد29 /2009
6/ مغامرات التجريب وأوجاع البحث عن هوية لصبري حافظ ص/5 لمجلة الكلمة السنة 3 عدد 6 دجنبر2009
7/ الخيال من الكهف إلى الواقع الافتراضي تأليف شاكرعبدالحميد عالم المعرفة ص 359 عدد 360 بتاريخ / فبراير2009
8/ المسرح والعولمة والإنسان لعبد الفتاح قلعة جي على هامش مهرجان دمشق للفنون المسرحية 14 بتاريخ 14/أبريل/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.