عصبة الأبطال الافريقية (ذهاب الدور التمهيدي الثاني) .. نهضة بركان يتعادل مع مضيفه الأهلي طرابلس (1-1)    زعيم "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى تسهيل تأسيس الشباب للأحزاب السياسية    اتفاق يهدىء التوتر بين أمريكا والصين    "تجمعيّو الصحة" يدعمون كفاءات الخارج    الريال يهزم برشلونة في "الكلاسيكو"    إجهاض محاولة تهريب أقراص مخدرة    العداء المغربي المحجوب الدازا يتوج بلقب النسخة ال16 من الماراطون الدولي للدار البيضاء    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية بمطار محمد الخامس مبحوث عنه من السلطات الفرنسية    الأمين العام الأممي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    أغنى رجل في إفريقيا سيجعل مصفاته في نيجيريا "الأكبر في العالم"    "البحر البعيد" لسعيد حميش يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    المؤتمر الوطني ال12، في الشكل والمضمون معا    نقل مصابين بتسمم جماعي الى المستشفى الإقليمي بأيت يوسف وعلي    المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي – قراءة مؤسساتية ودستورية (2025)    أشرف حكيمي يتألق بثنائية جديدة ويحصد أعلى تنقيط في فوز باريس سان جيرمان على بريست    حزب العمال الكردستاني يعلن سحب جميع قواته من تركيا إلى شمال العراق    تقرير: طنجة تتحول إلى محور صناعي متوسطي بمشروع ضخم لإنتاج السيارات    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    بورقادي: الملك يدعم تطوير كرة القدم    بعد تداول صور لأشغال قرب موقع أثري ضواحي گلميم.. المجلس الوطني يؤكد أن الموقع سليم ويدعو لحمايته    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    سفينتان نرويجيتان ترسوان بميناء آسفي لدعم أبحاث المحيطات وحماية الأنظمة الإيكولوجية    انهيار الثقة داخل الجيش الجزائري... أزمة عتاد وفضائح قيادات تهزّ المؤسسة العسكرية من الداخل    بروكسيل تحتفي بالمغرب تحت شعار الحوار الثقافي والذاكرة المشتركة    الملك: تعاون المغرب والنمسا إيجابي    حفل الحراقية يختم مهرجان الصوفية    نسبة ملء السدود المغربية تتراجع إلى أقل من 32% وفق البيانات الرسمية    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أوناحي يواصل التألق في الليغا ويؤكد أحقيته بمكان أساسي في جيرونا    جيش فنزويلا يتعهد ب"مواجهة أمريكا"    المتمردون الحوثيون يفرجون عن عارضة أزياء    سلا الجديدة.. توقيف سائق طاكسي سري اعتدى على شرطي أثناء مزاولة مهامه    الشرطة الفرنسية توقف رجلين على خلفية سرقة مجوهرات تاريخية من متحف اللوفر    رياضة الكارتينغ.. المنتخب المغربي يفوز في الدوحة بلقب بطولة كأس الأمم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    "مايكروسوفت" تطلق إصدارا جديدا من المتصفح "إيدج" المدعوم بالذكاء الاصطناعي    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    المغرب والجزائر تواصلان سباق التسلّح بميزانيتي دفاع تَبلغان 14.7 و22 مليار يورو على التوالي    مقررة أممية: وقف هجمات إسرائيل لا ينهي معاناة الجوع في غزة    المغرب يطلق "ثورة" في النقل الحضري: برنامج ضخم ب 11 مليار درهم لتحديث أسطول الحافلات    زلزال بقوة 5,5 درجة يضرب شمال شرق الصين    طقس الأحد: برودة بالأطلس والريف وحرارة مرتفعة بجنوب المملكة    ممارسون وباحثون يُبلورون رؤية متجددة للتراث التاريخي للمدينة العتيقة    إرسموكن :لقاء يحتفي بالذكرى ال50 ل"ملحمة 1975″ و محاكاة رمزية لها بحضور شاحنة "berliet" ( صور + فيديو )    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الإبداع المسرحي
نشر في تازا سيتي يوم 22 - 04 - 2010

ما فائدة قرع الطبول إذا لم تكن هناك آذان تصغي ؟؟؟ الأم شجاعة / بريشت
إشارة : بداهة الإبداع هو النظر للمألوف بطريقة غير مألوفة؛ وبالتالي هو حالة متميزة تصيب الفنان في لحظات غير محددة؛ تفجر مخزونه الفكري والعقلي والعاطفي؛ لخلق شيء جديد ومختلف؛عما أنتجه سلفا أو ماهوسائد في النسيج الإبداعي؛ فتلك الصياغة الإبداعية بمفاهيم جديدة وبديلة ؛ وإن كانت تبدو في البداية شاذة وغرائبية فهي تساهم في خلخلة التوابث الفنية والأفكار الجاهزة أثناء تطبيقها وتفعيلها على أرض الواقع؛ بأسلوب متميز ومثير؛ وهاته الحالة كانت لصيقة بمسرح [الهواة] عبر العالم العربي في عقود خلت؛ وذلك من خلال فعاليته وممارسيه؛ رغم غياب المعاهد الفنية باستثناء مصر أنذاك؛ وريادة الفن اللبناني؛ وعلى ذكر مصر يبدو لمسرحها الهاوي أمسى يسترجع قوته وتوهجه؛ بحكم تعدد المهرجانات المنتشرة هنا وهناك مما :يشهد ازدهاراً بل انفجاراً لم يشهده من قبل على الأقل في الكم، فهو ينتج أكثر من 1000 مسرحية في العام مقابل مسرح المحترفين الذي لا ينتج أكثر من مئة مسرحية (...)غير أن انفجار مسرح الهواة ؛ يبدو مكتوما، ومهما اتسع وتنوع لا يتجاوز دائرة مفجريه، وعلى كثرة فرقه ومهرجاناته ومسابقاته المنتشرة من الإسكندرية شمالا حتى أسوان جنوبا لا يحظى بأي متابعة نقدية أو إعلامية سوى أخبار وكتابات صحافية للعاملين فيه وغالبا لا تجد من يتحمس لنشرها إلا نشراته ومطبوعاته المجانية المحدودة التوزيع (1) وهذا يذكي أن هنالك معاناة في مشهده ؛ إذا ما أضفنا مظاهر التحول الاجتماعي والثقافي الذي يجرف العالم العربي نحو التسطيح و[السوقنة] والأنكى من ذلك تضييق حرية تعبيره وتضييق عقال إبداعه من خلال الرقابة : وهو وضع ترسخه بيروقراطية وأيضا رقابة الجهات الحكومية المختصة بالانتاج في مسرح الهواة، فرغم الحرية المكفولة لمسرح الهواة في مصر بحكم قانون المصنفات الفنية الذي ينص على عدم اختصاص الرقابة على المصنفات الفنية إلا أن هناك رقابة ضارية مستترة وأحيانا معلنة تمارسها جهات الانتاج الحكومية نفسها (2) فهذا النوع من المسرح؛ يعد مشاغبا ومشاكسا ضد الأطروحات الرسمية وما يراه يخالف طموحاته وأحلامه؛ نظرا لطبيعة إبداعه وتركيبته الإنتاجية؛ مما تحاول ولقد حاولت الجهات الرسمية في العديد من الدول العربية تدجينه أو اغتياله كما وقع في المغرب الذي أنهى دابر وجوده ودفن على أيدي رواده وممارسيه ؛ونفس الإشكالية في سوريا؛ لكن أعيد مؤخرا للظهور بحيث كان:
المهرجان المسرحي للهواة كانت تقيمه وزارة الثقافة في السبعينات من القرن الماضي، وتوقف في مطلع الثمانينات وبمبادرة من الفنان الشاب نضال صواف صاحب " شركة العين الثالثة" التي أقامت المهرجان المسرحي للهواة الأول "دورته الأولى "العام الفائت في شهر تموز(3) فهاته المعطيات تكشف عن إشكالية العلاقة بين مسرح الهواة والأنظمة العربية [ تحديدا]و فارضة تساؤلات متعددة ؛ فحتى الدول التي لازال الهواة الذين هم أصلا [تجريبيون]لأن صفة[ الهواة/ فيها من القدح أكثر من الرفعة والعزة] كتونس والجزائر التي عمر مهرجانه الدورة[42] يعاني من إشكالات أهمها النص تم الإعلان جائزة هي الأولى من نوعها، مخصصة للنصوص المسرحية عنها في الجزائر. جائزة تحمل دلالة خاصة وتدق ناقوس الخطر: لم يعد في الجزائر من نصوص مسرحية. الشح مخيف، والنتيجة أن المسرحيين لم يعد أمامهم سوى الاقتباس من المسرح العالمي أو عن روايات أدبية. ما الذي أوصل إلى هذه الحال؟ وهل الجائزة المستحدثة باسم أحد أشهر كتّاب المسرح الجزائريين، وهو الراحل ولد عبد الرحمن كاكي، ستحل هذه المشكلة الكبيرة برمزيتها؟ فالسؤال يحمل في طياته العديد من التساؤلات العريضة التي تتفجر من دواخل الممارسة التجريبية التي أمست تفقد ريقها وتوهجها؛ بحكم أنها ليست منعزلة أساسا عن ثقافة [الأزمة] في المشهد الثقافي العربي الراهن؛
التعدد والخصوصية:
*******************
بداهة تعددت الممارسات والأشكال وتولدت تنميطات وأنماط جديدة اخترقت المشهد المسرحي في الآونة الأخيرة؛ من زاوية فالتعدد مظهر إيجابي في النسيج الثقافي ويضفي حيوية في الحياة الفنية والجمالية بحيث كل شكل ينهج نمط تعبيره ومصوغات تصوراته من أجل فرض خصوصيته التي يتميزبها في الميدان؛ ولكن إشكالية التعدد ليس من أجل التقاطع والتكامل بين الأنواع والأشكال المسرحية؛ بل لممارسة أنواع التضييق والحصار وتحقيق القطيعة القسرية مع تاريخها الذي يرتبط ارتباطا عضويا بمسرح[ الهواة] وبالتالي فالتعدد يتحرك في سياق التناقضات الجلية بينها وبين الخصوصية؛ بحكم أن الوعي الذي يحركها أساسا يعيش خللا في [الوحدة] حينما يتم الحديث عن [المسرح ] ويعيش تناقضا صارخا في [التعدد]لحظة مناقشة [الأشكال] الإبداعية؛ ولذلك فالمسرح العربي[ تحديدا] لايمكن أن يراهن عن الخصوصية التي تميز كل مجتمع عربي؛ ومن خلالها فالتعدد يؤطر خصوصيته الإبداعية، وإن كانت هنالك قواسم مشتركة [مثلا] مسرح الشباب (أو) الكوميدي (أو) التجاري (أو) الاحترافي (أو) الشركات الذي أمسى يتمظهر بالأردن / مصر هذه الأخيرة دأبت على تنظيم – مهرجانا - له . فهل هاته الأشكال وغيرها حقيقة تعبرعن جوهرها وعن خصوصيتها المتفردة في محيطها المحلي والوطني ؛ ومحيطها العربي ؟؟؟
في تقديري؛ لا يمكن أن نراهن على الخصوصية/ التعدد؛ إلا بفك التناقض والإعلان عن هوية هذه الممارسات بكل وضوح وشفافية؛ حتى يتمكن المسرح من تحديد الرهان وتوثيق الصلة بالفعل الإبداعي الحق نظريا/ عمليا؛ بحيث لا يمكن للواحد أن ينقسم إلى ذاته وغيره [مثال] ممارسو مسرح [الشباب] هم أنفسهم ممارسو مسرح [ الهواة] في العديد من الأقطار العربية؛ وممارسو المسرح [الاحترافي] في [المغرب] هم أصلا [هواة] ولا وجود لمنظوم قانوني/ تنظيمي للممارسة؛أما[ المسرح الجامعي] هل حقيقة الطلبة هم ممارسوه؟
فبلورة هذه الممارسات أمر قائم بل ضروري؛ إذا ما فهمنا استراتيجية التعدد في مستواه الإبداعي؛ لأن شبه غياب مسرح الطليعي/ ريادي يقودنا إلى مسألة أزمة الإبداع ومسألة أزمة النموذج التي أصبحت عائقا فنيا؛ لدى أغلب الممارسين؛ بحيث أن [ النسخة] هي ما يميز المسرح [الآن] في سياق قانون[ العرض/ الطلب] الذي يتشكل من خلاله الفعل المسرحي؛ وبالتالي يعيش مأزقه الذي فرضه على نفسه؛ بحكم أن السمة الأساس لقانون [ العرض /الطلب] الحدود وعدم الخروج والانفتاح؛ لاسيما أن طبيعة الإبداع ؛ لايقبل إطلاقا المعيار والقانون؛ باعتبارهما[أغلال] لدى فالإبداع الرائق والمتميزيشتغل في إطار الحرية؛ التي تدفع به نحو البحث والتجريب؛ باعتباره اختيارا يمجد السؤال والذات والمستقبل؛ ويفرض نفسه جوانية الأفكاروالوقائع متخذا تمثلات برؤية نقدية وتحليلية؛ تضمن حرية التفكير والاشتغال؛ من هنا يمكن الحديث بكل وثوقية عن[الأشكال] التي تؤثت المشهد المسرحي العربي أشكال منفتحة على الذاتي والموضوعي والكوني؛ مادام التاريخ تاريخ أشكال؛ ولكن من خلال مبدأ يميزهوية[ الفعل] وهذا ماكان يتشبت به مسرح[الهواة] من أجل البقاء والريادة والتفاعل مع ذاته والبنية المجتمعية، بدل أن يكون إضافة ضمن النسيج الذي يتشكل ضمنه الفعل المسرحي؛ وبالتالي فهو حركة جمعوية؛ لم يأت من فراغ أونتيجة نزوة فردانية؛ بل نتيجة جدلية التاريخ وحتمية الإبداع
التي فرضت اختياره الحرلمفهوم انوجاده، ولمفهومية اشتغاله؛ ومن ثمة فهويلتقي جوهرا( أو) عرضا مع [التعدد ] وبخصوصيته، التي يتميز بها؛ انطلاقا من الوسائل والآ ليات التي يستمدها من الواقع وعناصره اللصيقة بالعلائق الداخلية في مستواها العشقي والمبدئي والإشتغالي، وذلك للحفاظ على تميزه وخصوصيته المتميزة بخصائص نوعية تصوراته واشتغاله الفكري والجمالي؛ من أجل تنشيط وإضفاء روح الحياة الثقافية
وهذا أمريتطلب خلق تواصل حي وتفاعل مبني على الحيوية بين مختلف المجالات المنتجة ؛ إبداعيا وفكريا.
لكن الحصار المضروب على نوعيته وخصوصيته؛ يزيد في اختناقه واندحاره؛ وذلك لعوامل الاغتراب والإرباك الذي تحول فيه المسرح إلى سوق أشبه بالمضاربات الفجة وبالصرعة الاستهلاكية ؛ ناهينا عن التهريج والسطحية على حساب العمق الإبداعي والمعرفي وحتى الإيديولوجي؛ نظرا للانجراف نحو اللآهوية؛ نتيجة الاكتساح الذي تعرفه[ العولمة] على جميع الأصعدة؛ والمسرح باعتباره رافد حضاري/ ثقافي؛ليس استثناءا بل أساس الرهان الذي تحمله؛ بغية تقليص مجموعة من اللغات والثقافات؛ لكي تنصهرجوانية ثقافة القطب الواحد ؛ مما يسهل نسف كل الأشكال التعددية والتنوع الإبداعي؛ الذي يمثل وجهاً آخر لكل مظاهرالثقافة والهوية ورؤية العالم، فإن تقليص دورالمسرح في عملية التعايش الحضاري أو تهميشه أوإقباره هوبمثابة مصادرة حق التعايش وحق الاختلاف والتنوع.
سؤال المسرح :
*******************
هنا لا يمكن الجزم بأن المسرح العربي؛ من خلال ممارسيه ورواده؛ يعي أولايعي جيدا النسق الذي سيتخندق فيه ويحوله إلى نسخة شبيهة بالمومياء ؛ بحكم أن المشهد لايوحي بأن هنالك وعي نقدي؛يفرض سؤال الإبداع المسرحي الذي يرتبط جدلا بالخطاب النقدي ؛ وإن كانت القضية شائكة، قديما وحديثا: فالسؤال والنقد يؤسسان لعملية انفتاح وتواصل على المستويين الثقافي والإنساني، وأي تجاوز لهذه الحقيقة فإنه يفضي إلى العديد من المآزق وعلى المستويات كافة؛ وبفعل هذا السلوك المنغلق والانعزال(...)يحدث الانفصال الشعوري والنفسي؛ وتتشكل كيانات اجتماعية مغلقة(5) فالملاحظ أن بعض الندوات النادرة والمحتشمة التي ترصدت للعولمة والمسرح كانت بمثابة كيانات مغلقة ومنغلقة؛غيرمتواصلة بكيانات الممارسين الفعليين للفعل المسرحي؛ وإن كانت الحاجة ماسة أن يكون السؤال من دواخلهم كمشروع عن آليات الإبداع التي يمكن أن تواكب المتغيرات التي تنتهج سبل القطبية وتفعيل[التجارة] ولاسيما أن الجانب التجاري يتعارض كليا مع الوجدان؛ والإبداع في عموميته[وجدان] وهذا التعارض لايمكن الحسم فيه إلا[ الممارسين] دونما إلغاء الخطاب النقدي الذي يقتضي بشكل ضمني على الاختلاف الذي يبني شروط الاستمرارية من حيث الفعل والمعطيات وتجريب الأشكال؛ وإن كان يثيرالعديد من الالتباسات من حيث التناول والمقاربة، لكن كلا الطرفين بعناصرها المكونة غير منفصلة عن الوضعية الثقافية العربية المتأزمة من حيث الرؤية والتفاعل؛ وإن كان[الفعل] المسرحي لايتشكل إلا من داخل الأزمة ويعكس تقلباتها؛ مستلهما أنها المتغيرات الحقيقية التي تدفع تلقائيا( أي) فعل فكري/إبداعي/جمالي/ إلى الأمام لكن: مسرحنا العربي في البلاد العربية القليلة التي لا يزال بها نشاط مسرحي قد أخذ في التراجع تحت وقع ضربات التخلف المتلاحقة التي تحاصر الإنسان العربي في حياته اليومية صباح مساء. ليس فقط التخلف الناجم عن تراجع مستويات المعيشة، وتدني الخدمات الأساسية، وانتشار الفقر، واستشراء الفساد، وتحكم قبضة الاستبداد بشتى أشكاله السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية(...)والتي نجد أن القاسم المشترك الأعظم فيها جميعا هو تغييب العقل، والزراية بأي ممارسات نقدية خلاقة (6) فبغض النظرعن التخلف الذي يسري فينا؛فطبيعي ألا تكون هنالك رؤية نقدية لسؤال المسرح؛ نظرا لغياب مشروع تاريخي لوضعية المسرح؛ لكي يكون ضرورة حيوية وحاجة ماسة وملحة؛ قادرة على المساهمة في البناء المجتمعي ككل؛وبالتالي فغياب سؤال المسرح مرتبط بغياب [الفعل] بقصد أوبدونه؛ ومن ثمة فالعنصر الأساس غياب الخيال- الذي تعاني منه الثقافة العربية (حاليا) إذ المرء لايمكنه أن يتخيل؛ إن لم تكن لديه ذاكرة؛ ولايمكنه أن يتذكر من دون خيال؛ ذلك أن الذاكرة جزء من عملية التخيل(7) هنا دورالخطاب النقدي لممارسة شحذ وتحيين الذاكرة وتفعيلها في أنساق مختلفة؛ لكي لاتفقد تاريخها الذي تهدف إليه إيديولوجية[العولمة] ومن خلال الذاكرة؛ يتمظهر الفعل المسرحي المشروط بنائه بنظرته إلى تاريخية وجوده كقوة تفعيل أوتغيير؛ لكن مادام بعيدا عن هويته طوعا أوكرها؛ فإنه يفقد القدرة على النقد والنقد الذاتي؛ كشرط تجاوز لتطوير آليات اشتغاله؛ واستحضار سؤال الإبداع كرؤية متجدرة به يدرك المتغيرات والفواصل؛ لكن في غياب كل هذا أمست الإنتظارية سمة تغلغلت عبر التراكم الزمني؛ للتوقفات والإنحسارات الظرفية إلى الوعي المسرحي؛ لتجعله وعيا يعيد إنتاج أزمته ولايفكرها في الزمكان والذات والتاريخ؛ وبالتالي فهو(الآن) خارج الزمان بالمقاييس الإبداعية والنقدية؛ علما: إن الأمور تستمد واقعيتها النسبية لرائيها من الشكل والقدر اللذين يؤمن بهما، بمعنى أننا إذا آمنا بأن الاختراق الثقافي الماحي لثقافتنا قدرمحتوم علينا، فهو إذاً واقع جديد مهين بالنسبة لنا نصنعه بأيدينا، وإذا لم نؤمن بذلك فإن التصدي لهذا الاختراق ممكن، ولكن الأمر لا يقتصر على الإيمان ورفع الشعارات وإقامة المهرجانات والندوات المدائحية أو الهجائية أو النّدّابة، وإنما يحتاج إلى العمل الجدي المبدع و الولوج بقوة في العصر بأن نكون منتجين للثقافة الإنسانية الحقيقية التي تقدم نفسها للعالم فكراً وإبداعاً وأدباً وفناً(...)، لكن عندما يكون إنتاجنا منغلقاً على الذات أو ضعيفاً أو مقيداً بثقافة الخوف والتملق السياسي فإننا لن نصنع شيئاً مثمراً..(8)
الإحالات
--------------
1/ مسرح الهواة أو مسرح الظل لحمدي أبو جليل السفير الثقافي عدد 11274 بتاريخ 2 /04/2009
2/ نفسه
3/ في حفل ختام مهرجان الهواة المسرحي لمحمود بغداد سيريا نيوز بتاريخ 29/04/2007
4/ جريدة الشرق الأوسط تغطية لخير شوار عدد10592 بتاريخ 28/11/2007
5/ سؤال الإبداع والنقد لمحمد محفوظ/ مجلة الكلمة/ العدد29 /2009
6/ مغامرات التجريب وأوجاع البحث عن هوية لصبري حافظ ص/5 لمجلة الكلمة السنة 3 عدد 6 دجنبر2009
7/ الخيال من الكهف إلى الواقع الافتراضي تأليف شاكرعبدالحميد عالم المعرفة ص 359 عدد 360 بتاريخ / فبراير2009
8/ المسرح والعولمة والإنسان لعبد الفتاح قلعة جي على هامش مهرجان دمشق للفنون المسرحية 14 بتاريخ 14/أبريل/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.