إن هؤلاء، رعاة الدارجة أو العامية، من خلال مقترحهم، يبرهنون على عدم استيعابهم للغة العربية.وحاولوا إيجاد منفذ لفهم المفاهيم بطريقة أسهل. لكنهم أخطئوا الصواب. لأنهم لم يفهموا مفهوم اللغة العربية، وتاريخها ومجدها عبر آلاف السنين .ولم يفطنوا إلى الهاوية التي ساروا نحوها. ولم يدركوا أن حراسا أقوياء أشداء واقفون على الخط الفاصل بين الخطاء والصواب. يدودون عن هذه الحدود التي لم يتجرأ أحد تخطيها. ولن يفعل ذلك مستقبلا، لأن أي تهاون أو إغفال عن الحدود سيخترقه الفضوليون أو الإنتهازيون ويعيثون في الأرض فسادا بدءا بالقيم ومبادئ الحضارة العربية والإسلامية في مملكتنا المغربية الشريفة ؟ إن الدين يحاولون غزو مضارب اللغة العربية ركوبا على حوافر الدارجة أقلّ ما يمكن نعتهم به هو استخفاف بحيائهم وانهزامهم أمام مروءتهم وإتلافهم لنخوتهم. فضاعت منهم عقيد تهم. ومع الكبر خارت عقولهم وانهارت حَكامَتهُم فزلزل كيانهم. عندما حاولوا بعد الشيخوخة تسلق أصوار المجد دون أن يدركوا أنهم انزلقوا إلى هوة الحضيض . لم يكونوا على علم بأن للحرية حدودها وضوابطها وليس لأحد الحق بالمجازفة على حساب حرية الغير. لو اختاروا ما يروق لهم من لهجات ، واعتنقوا ما أحبوا من ديانات ، لما جادلهم أحد أو وقف في طريقكم .ولكن عندما يختارون المبهم ويحاولون فرضه على الآخرين ،فذلك شيء مرفوض ولا يقبله أحد من العقلاء أمثال المغاربة الأحرار. وفي هذا الصدد، استنكر كل الأدباء والشعراء والصحفيين والسياسيين والمتتبعين و المناضلين المغاربة الأحرار والشعب المغربي قاطبة من طنجة إلى لكويرة، ما اعتبروه موقفا شاذا عندما يتخطى البعض كل الحدود المسموح بها . واجتياز حدود اللياقة والإحترام مستغلين وضعهم الإجتماعي والعلاقاتي لوضع مشروع فاشل أصلا ،مباشرة على مكتب الديوان الملكي. كان من اللياقة الديبلوماسية والقانونية أن توضع التوصية التي كان من اللازم أن لا يعقد اجتماعها إلا بعد التعرف على فحواها مسبقا لَدا دوي التخصص أولا، تم تتداول في مجلس الحكومة والبرلمان.
ولم لا استفتاء عاما لأن الموضوع لا يقتصر على رأي أحد أو جماعة. بل هو مصير أمة ذات سيادة وتاريخ وحضارة. لا يسمح لأي كان أن يتخذ أي قرار إنفرادي أو جماعي في هذا الشأن ... فتتخذ في حقها الإجراءات الضرورية السليمة مراعاة لصالح الأمة والصالح العام . ومع الأسف لقد أصبحت هذه الظاهرة متداولة من طرف كل من سولت له نفسه الظهور والإشهار دون مراعاة للقيم والمبادئ والأعراف والأخلاق...ودون اتخاذ أي قرار ردعي في حق أصحاب الخرجات الفضفاضة والخروقات اللا مسئولة، كاللغوي في القرآن والطعن في رسائل خير الأنام، والإفتاء في الجَزر والموتى... واليوم يظهر البعض بكل عنجهية للإجهاز على لغة الأمة، لغة الضاد، لغة العلوم، لغة التاريخ، لغة الدين، لغة القرآن...، وذلك على خلفية توصية صدرت عن ندوة من المحاولين التسلق بسرعة حائط وجدارية المجد ...رفعت الى سدة الملك للمطالبة باعتماد الدارجة المغربية في التعليم و إنهاء دوراللغة العربية في المدارس. وأكد السياسيون و العلماء الأجانب قبل المغاربة والعرب، استنكارهم الشديد. وأبدوا استغرابهم وتساؤلاتهم، من منظمي الندوة حول الموضوع و الداعين لها والشخصيات التي دعمتها ،وكيف ومن رخص لهؤلاء بإقامتها . وأكد وا أن الكيل قد طفح والسيل قد بلغ الزبَى ووصل إلى حد لا يطاق ولا يسكت عن أبعاده وأهدافه إلا متواطئ مع الشيطان الرجيم. و استنكروا، هذا التوجه الذي أدانوه بشدة و وصفوه بالاستعمار اللغوي امتثالا لأجندة مغرضة خارجية مناوئة للعرب والمسلمين. وهو ليس بالجديد، بل منذ قِدم الإستعمار الذي لا زال يتربص و يتطلع إلى ضرب مقومات الأمة، وفرض آليات مسخرة لحجب معالم الحضارة العربية الإسلامية. وبالتالي الإجهاز على حضارتها ومستقبلها...والغريب في الأمر يأتي ذلك على يد "خيرة" أبنائها. أن هذا التوجه يعد من مخلفات الاستعمار.ولا يمت للوطنية بأدنى قرابة. ويسعى إلى التفرقة والفوضى والبلبلة والتخلف. وبالتالي يستهزئ بالمغاربة قاطبة وبكل من ينطق بلغة الضاد. وفي ذلك استهداف للأمة في مقدساتها الثابتة. ومحاولة لطمس حضارة المغرب وقيمه المبنية على اللغة والدين الإسلامي الحنيف. أما الدول العربية فلن تعر أي اهتمام للمقترح الفاضح ، دبغض النظر عن الإستغراب والشجب . إن على الذين يراهنون على بلوغ أهدافهم بإنزال المغاربة من فوق صهوة سرج اللغة العربية المذهب. عليهم قبل ذلك، أن يركبوا لوحدهم "بردعة " الدارجة، فهم أحرار دون المساس بموروث الآخرين وهم الأغلبية العظمى ... فكان على هؤلاء، عوض اللعب بحروف اللغة العربية وبعثرة جماليتها والخوض في المياه العكرة. أن يستغلوا ظروف المحنة التي تعيشها الأمة الإسلامية والعربية ثم يضعوا مخططا واعدا وعمليا وحلولا ناجعة لفك لغز التطاحن والقتل بين الأشقاء. وفك معضلة البطالة المستشرية في المجتمع. بهذا سيظهرون بصورة الأبطال الحكماء. ومنقذي البشرية من الضياع. وسيدخلون التاريخ العالمي من أبوابه الواسعة. كما هو الشأن بالنسبة لمن قالوا عنه:" نبي إفريقيا " نيلسون مانديلا أو كبعض المغاربة الذين ضحوا من أجل هذا الوطن في أحلك تاريخه ...وما أكثرهم . وأتساءل كيف نسي هؤلاء تصويتهم إن فعلوا أصلا على الدستور المغربي بخصوص الهوية واللغة والدين؟ أسئلة كثيرة لا نهاية لها تندرج حول مُخططهم. على سبيل المثال لا الحصر: كيف يمكنهم جمع وتأليف بين مئات اللهجات المغربية. ومنها التي لا تعرف في الأماكن النائية. سيجيب البعض على سؤالي قائلا: ومن يدري ، إنهم بصدد إصدار "نحو" سهل و "قواعد " سلسة جديدة للعامية ... وكذا الحصول على كل متطلباتها اللوجيستيكية ... أيها الوزراء، أيها البرلمانيون، أيها المسئولون. أتقنوا اللهجة الدارجة كي يمكنكم التواصل جيدا مع الوزراء والبرلمانيين العرب خلال كل لقاء عالمي. أيها الأساتذة عليكم بكتب جديدة وإعادة التكوين لتتمكنوا من تعليم تلامذتنا بأحسن طريقة. أيها المهندسون أيها التقنيون والمخترعون عليكم بإنجاز حواسيب وكل المعدات الضرورية لتلقين لهجة الدارجة ... فهل أنتم مستعدون ومتفقون؟ فهذا مطلب بعض فطالحة اللغة من بني العروبة والإسلام. فهنيئا لجهابذة اللهجة الدارجة لأنهم يسعون جاهدين لإدخال أجيال في هذا الوطن بدون مواطنة. وربط علاقة بدين لا لغة له، تم ندخل جميعا في سرداب حالك وعالم التيه اللا منتهي...