أصدر المجلس الأعلى للحسابات المجموعة الثانية من القرارات الصادرة عن غرفة استئناف أحكام المجالس الجهوية للحسابات، لسنتي 2015 و2016، وذلك في إطار مواصلة نشر المقررات القضائية تطبيقا لاحكام الفقرة الخامسة من الفصل 148 من الدستور، والمادة 113 من مدونة المحاكم المالية. ويهدف نشر هذه المجموعة من القرارات القضائية، حسب المجلس، إلى التعريف بالرقابة القضائية للمحاكم المالية على المال العام، وترسيخ مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، لا سيما بالنسبة للقائمين على التدبير العمومي ) الآمرون بالصرف والمراقبون والمحاسبون( ومختلف الفاعلين والباحثين والمهتمين بالقضاء المالي وبالمالية و الإدارة العمومية بصفة عامة. ويعتبر هذا النشر كذلك، يضيف المجلس، فرصة للتعريف بالمنتوج القضائي للمجلس في مجال استئناف أحكام المجالس الجهوية وبالتوجهات المعتمدة في قضايا الاجتهاد القضائي والمسطري، مما سيساعد الخاضعين لاختصاصات المحاكم المالية على اتخاذ القرارات الملائمة وحسن التدبير وتفادي كل ما قد يثير مسؤولياتهم، وذلك واستنادا إلى ما تم تراكمه من تجربة عملية منذ بداية ممارسة المحاكم المالية لمهامها في مجال التدقيق والبت في الحسابات وفي مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، واستحضارا للدور القضائي للمجلس فيما يتعلق بالاستئناف والذي يسعى من خلاله أيضا أن يكون مرجعا من حيث مراقبة مدى احترام المساطر ومن حيث الاجتهاد القضائي المالي. كما سيمكن هذا النشر من تطوير الممارسة وتوحيد العمل القضائي على مستوى هذه المحاكم المالية. وهمت هذه القرارات، في ما يتعلق بمجال البت في الحسابات، إما تأكيد أو عدم تأكيد مسؤولية المحاسبين العموميين عن العجز المصرح به ابتدائيا، برسم 17 ملف استئناف. وأشار المجلس إلى أن الأمر يتعلق بالجماعات الترابية للدار البيضاء ورأس الماء وبني كيل وأصيلة وبوشابل وأولاد داود والمنزه وكفايت وعين بني مطهر وسيدي اسليمان مول الكيفان وبوعرفة وقرية با محمد وأمهاجر وأولاد بوبكر وعين اكدح وبن الطيب، وكذا الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بوجدة. وفضلا عن الملفات التي تم فيها إلغاء الأحكام الابتدائية وعدم تأكيد العجز لعدم ثبوت مسؤولية المحاسبين العموميين، فقد تراوح العجز الذي تم تأكيده ما بين 2.540 درهما و356.350 درهما، وذلك بعد ثبوت وجود مخالفات تعلقت على الخصوص، بعدم اتخاذ المحاسبين العموميين للإجراءات اللازمة من أجل تحصيل الديون العمومية (من رسوم وضرائب مختلفة ومدخول كراء محلات مخصصة للسكن أو لمزاولة نشاط مهني أو تجاري والضريبة على بيع المشروبات). وتتعلق هذه المخالفات أيضا، بإغفال المحاسبين مراقبة صحة حسابات التصفية، وبعدم احترام مقتضيات تعاقدية، وبأداء نفقات لا تدخل ضمن تحملات ميزانيات الجماعات الترابية المعنية. وفي حالات معينة، قرر المجلس إلغاء الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية، في أعقاب عدم إثبات مسؤولية المحاسبين العموميين. أما في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، فيتعلق الأمر بتأكيد أو عدم تأكيد مسؤولية 12 مسؤولا وموظفا برسم 12 ملف استئناف، همت على الجماعات الترابية لمراكش وأولاد تايمة وأكادير وبوعادل وكلميمة وتامري والنواصر والعيون سيدي ملوك. وتراوحت الغرامات، التي تم تأكيدها على مستوى الاستئناف، برسم هذه الملفات، ما بين ألف درهم و380 ألف درهم، أما مبالغ الإرجاع التي تم تأكيدها فقد تراوحت ما بين 27.058 درهما و512.058 درهما، وذلك لثبوت مخالفات تعلقت، بالأساس، بعدم احترام قواعد تحصيل الديون العمومية وقواعد الالتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها وقواعد تدبير الممتلكات الجماعية وعدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية وكذلك تقديم منفعة نقدية أو عينية غير مبررة للغير. وتم تصدير هذه القرارات بالقواعد والمبادئ والخلاصات الأساسية المتعلقة بالمسائل القانونية التي تثيرها الوقائع الواردة بها، وكذلك بالمقتضيات الواجبة التطبيق، التي تبناها المجلس، وذلك لتمكين الخاضعين لرقابة المجلس وبشكل عام، المهتمين بالاجتهاد القضائي المالي من الاطلاع على التوجهات المعتمدة من طرف المجلس بشأن الاجتهاد القضائي والمسطري على مستوى استئناف أحكام المجالس الجهوية للحسابات.