الملك يقرر العفو عن 881 شخصا    تداولات بورصة البيضاء تتوشح بالأحمر    التصنيف الائتماني للمغرب.. تقرير يوصي بشفافية البيانات وتنويع مصادر التقييم    الرجاء الرياضي يطوي صفحة النزاعات    عشريني يُعرض حياة أمنيين للخطر    10 أعمال مغربية ضمن قائمة ال9 لأفضل الأعمال في جائزة كتارا للرواية العربية    حموشي يستقبل اللواء خالد العطية لتعزيز التعاون في الرياضة الشرطية العربية    أسعار الخضر والفواكه تسجل انخفاضا في أسواق المملكة    الوكيل العام للملك يكشف حيثيات العثور على سيون أسدون مغمى عليه بمنزله    48 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    المغرب يسجل مستوى قياسيا في الحرارة    صرامة مراقبة الدراجات النارية بالمغرب تدخل حيز التنفيذ.. والسائقون يدعون إلى إبقائها في المنازل        البيت الأبيض يعلن موافقة بوتين وزيلينسكي على الجلوس لطاولة الحوار    تخمينات الأطباء تقادمت.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بموعد ولادة الأطفال بدقة عالية    النيابة العامة تكشف الحقيقة الكاملة في حادث سيون أسيدون وتفند الروايات الكاذبة    تيكاد-9 .. وزير الشؤون الخارجية الياباني يجدد التأكيد مرة أخرى على عدم اعتراف طوكيو بالكيان الانفصالي        للمرة الرابعة على التوالي‮ ‬وبعد أقل من شهر على سابقتها ‮، ‬بعد الاختراق البري‮ ‬وتسجيل أول عملية بعد اندلاع الحرب،‮ ‬المغرب‮ ‬يختار‮. ‬النقل الجوي‮ ‬السريع للمساعدات‮ ‬    مهرجان القنيطرة يفتح أبوابه للاحتفاء بالإبداع ويجمع نجوم الفن والرياضة في دورة شبابية مميزة    الجديدة.. إيداع شخص رهن الحراسة النظرية للاشتباه في هتك عرض طفل والتحقيقات متواصلة    الشعب المغربي يخلّد الذكرى ال72 لملحمة ثورة الملك والشعب    إنجاز علمي مغربي.. رسم الخريطة الجينية الكاملة لشجرة الأركان يمهد لآفاق جديدة    مساعدات المغرب لغزة تعزز التضامن    إسبانيا.. توقيف عنصرين موالين ل»داعش» بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    إنتر يرفع الراية البيضاء في صفقة لوكمان    أخبار الساحة    وزارة الصحة تطلق صفقة ضخمة تتجاوز 100 مليون درهم لتعزيز قدرات التشخيص الوبائي    اجتماع طارئ ل "برلمان المغرب التطواني".. هل يعلن المكتب المسير عن استقالته؟    محامي عائلة "محمد إينو" يعلن عن تطورات جديدة في ملف "القتل العمد ضد مجهول"        "البريمرليغ" يقترب من رقم قياسي جديد في سوق الانتقالات الصيفية    مهرجان سينما الشاطئ يحط الرحال بأكادير    بعد زيادتين متتاليتين.. انخفاض محدود في سعر الغازوال    تربية الأحياء المائية.. الوكالة الوطنية تنطلق في مراجعة المخططات الجهوية    الغلوسي: "تواطؤ داخل البرلمان يهدد استقلال القضاء ويؤسس لدولة داخل دولة"    صيادلة المغرب يحتجون بحمل الشارات السوداء ويهددون بالتصعيد ضد الوزارة (فيديو)    ارتفاع طفيف للدولار أمام العملات الرئيسية    الأمم المتحدة.. 383 قتيلا من عمال الإغاثة في 2024 نصفهم تقريبا في غزة    20 غشت.. ذكرى ثورة الملك والشعب    الألماني هانزي فليك يضغط على إدارة برشلونة لتسجيل مارتن    روبوتات دردشة تقدم محتويات جنسية لأطفال تقلق حكومة البرازيل    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    البرغوثي المحرر من السجن في فلسطين ينضم إلى أزلام المطبعين مع الانحلال في المغرب    بطولة انجلترا: الاسكتلندي بن دوك ينتقل من ليفربول لبورنموث    أفغانستان.. زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب منطقة هندوكوش    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "غوغل" تضيف تحديثات إلى تطبيق الترجمة    مهرجان "أصوات نسائية" يختتم مرحلته الأولى وسط أجواء احتفالية    سعد لمجرد يعود لمعانقة الجماهير المغربية عبر منصة مهرجان القنيطرة في سهرة استثنائية    المغرب.. حين تُحلّق الطائرات محمّلة بالحياة نحو غزة    مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة تنعي الروائي الكبير صنع الله إبراهيم    مهرجان الشواطئ يواصل جولته ويشعل مرتيل والناظور والسعيدية    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطوان مدينة المواهب الإبداعية ولكن ... !
نشر في تطوان نيوز يوم 18 - 01 - 2013

لا أحد يناقش في كون مدينة الحمامة البيضاء خزانا للطاقات المبدعة ، فهذه المواهب الخلاقة ، أبانت عبر التاريخ المعاصر ، إمكانياتها الجبارة في كل المجالات ، تبوأت العالمية و ما تزال في طفرات تتميز بين الظهور و الخفوت ، بين الجرأة و الخجل ... فطبيعة الموهبة التطوانية تتسم في غالبيتها بالحشمة و عدم الاكتراث بالشهرة ، شخصية مؤثرة لكنها خجولة وواثقة من نفسها في العطاء و الإنتاج كلما تهيئة لها الفرصة ... لكنها ليست جريئة على مستوى الحضور ، لا تبتغي الشهرة و غير طامحة لنيلها – في أغلب الأحيان - أسباب عديدة وراء هذه الصفة الشخصية و الخصوصية النفسية ، العائلات التطوانية مطبعة بالتقاليد الموروثة ، فهي في مجملها محافظة ، تتميز بخصائص دينية في معاملاتها و صفاتها و لباسها و طبخها إلخ ... منغلقة على ذاتها بما هو إيجابي على منظومتها المنضبطة ، هذه التقاليد مرسخة عبر التاريخ ، يرجح أنها تكونت رسميا عند مجيء الموريسكيون ، تتميز هذه العائلات القادمة من الأندلس بالإبداع و الأبهة ، بالعظمة و الإتقان ، بصفائها الروحي و الجسدي ، بزركشتها في اللباس ، و تميزها الشخصاني في التصرف ، و في عمرانها الذي يوحي بجنان خيالي ... هذه العائلات كانت دائما مبدعة ، تفرخ مبدعين ربانيين ، ذكرهم التاريخ مرارا و نعتز بهم ، هذه المدينة المتحضرة ، بالإضافة إلى تأثير المورسكيون كان تأثير الطابع البربري - الريفي الجبلي و اليهودي – جد مؤثرا ، خلق بين جبلين حضارة داخلية أنتجت دررا على الصعيد الخارجي ، فالعائلات التطوانية ، محافظة ومنصهرة فيما بينها ، تعتبر مجالها الحيوي في تلك التقاليد الموشومة داخل مدينتها القديمة التي تعتبر تراثا إنسانيا ( و الجواب تعرفونه ) .
كل الظروف كانت مهيأة لميلاد المواهب و المبدعين ، اليوم أصبحنا نعيش فترة جد حساسة ، فالأمم تقارن بهذا الرأسمال الثمين و الذي لا ينفذ ، فمدينة متحضرة مثل تطوان ، كانت دائما سباقة في الإبداع و الفن و الموسيقى و الرياضة و الثقافة و العلم و الصحافة و الرسم ... مبدعيها كانوا يتصفون بنكران الذات ، قانعين بمواهبهم الفذة التي لا تنطفئ ، يتبادلونها فيما بينهم في حفلات خاصة و دينية و موسمية .
لكن الوضع الحالي مختلف تماما عن الوضع السابق ، فالهجرات المتتالية للمدينة و البناء العشوائي المترامي في كل شبر من هذه المدينة التي كانت مثالا في تنظيم العقاري و البناء العمراني ، شوارعها و أزقتها وطابع ساكنتها و سكانها ... هذا التميز أصبح مغيبا بفعل فاعل !! – لكن الأسر التطوانية القحة المتبقية ، أبت إلا أن تعيش ماضيها في حاضر شائك و مرير ، فلا محالة ، أن القدرات الكامنة في العطاء مازالت حاضرة ...فقط تحتاج لمن يعطيها الفرصة و اللمسة الأخيرة .
المدينة تعج بمواهب فذة ، قادرة على تطويع المجالات الفنية و الثقافية ، الأدبية و العلمية ... أبانت أنها قادرة ، هذه الاستحالة التي استعصت في الوقت الراهن مردها إلى عوامل متشابكة خارجة عن إرادة التطواني نفسه :
أولها : التنقيب عن المواهب لا يوازي الإرادة السياسية ، فغالبا اكتشاف المواهب يتم بالصدفة و العصامية و عبر الفضائيات ، مما يصعب الطرق و لا يشجع هذه المواهب على دخول المغامرة و تجريب حضها.
ثانيا : طبيعة هذه المدينة النفسية لا يعرفها ألا ابن المدينة ( العالم النفسي لشعوره ) المواهب موجودة و في كل مناسبة تشع أكثر من حجمها ، لا احد يعيرها الاهتمام و الرعاية اللتان يستحقهما .
ثالثا : التظاهرات العربية و المتوسطة و الدولية ، تغيب و بشكل علني فاضح ، هذه الطاقات الواعدة ،وكأنها لا تبتغي تطوان إلا أرضية شكلية للمحافل و المناسبات .
رابعا : وجود بعض الجمعيات اللامنتمية التي أبت ، إلا أن تكرس مجهوداتها لاكتشاف المواهب عبر المؤسسات التعليمية ، تجد نفسها وحيدة و غارقة في بحر كبير بلا وسائل مادية ولا دعم سياسي محفز في كل الوسائل .
خامسا : المنعشين العقاريين و تجار المدينة ، مترددون جدا في تمويل البرامج الهادفة التي تكون أبنائهم و تصقل مواهبهم و تبرزها بشكل ملموس ... و هذا النوع أخر من توجيه الرأسمال المادي إلى الكسب السريع على حساب الرأسمال البشري .
سادسا : دور الشباب و مراكز الشباب في حالة مزرية ، تقادمت و لم يعدلها دور في مواكبة العصر أو توسيع نشاطاتها و الدخول في العصرنة .
سابعا : المواهب كنز هذه المدينة ، على مر عقود طوال أبلوا البلاء الحسن و تركوا بصماتهم من ذهب لكن ، المقررات الدراسية الحديثة تتغافلهم و البرامج التلفزية التابعة للدولة تمر على هذه المدينة مرا سريعا . فأي مثال بقي لنحتدي به ؟
ثامنا : إرهاصات هجرة الأدمغة تدعوا إلى الشفقة ، هم أبناء المدينة دما و لحما ، يعيشون في وطن أخر بجنسية أخرى ، و الأسباب معروفة تاسعا : رغم بروز هذه الطاقات ، فإنها تظل حبيسة الجهة الشمالية ، فالقرارات المهمة و الفعالة و الحاسمة ، تدور في فلك المركزية و الذين يحتكرون السلطة ليسوا من أبناء الجهة .
عاشرا : هذه النظرة السلبية لما هو موجود بالفعل ، لا يثني من عزم أولئك المجتهدين الغيورين الذين يعملون في صمت ، لكنهم يعدون على أصابع اليد ، لا حول ولا قوة لهم .
في الأخير أتمنى من المسؤولين بمختلف درجاتهم و انتماءاتهم ، أن يتسع صدرهم لهذا الرأسمال البشري المعطاء ، فبترول المغرب هو شبابه المتفاني ، الغيور على بلده ، يكفينا فخرا أن الفريق الأول للمدينة في كرة القدم ، يتوفر على ثلة من اللاعبين المحليين لا يقلون شأنا عن لاعبي المنتخب ، و جمهور المدينة المكون من مراهقين و شبان ، هو الأحسن على الصعيد العربي و الإفريقي ، و أن معهد الموسيقى و الفنون الجميلة كان في وقت من الأوقات الأول عالميا في تفريخ المتخرجين و هلم جرا ...
علينا أن نعي بالمسؤولية الحضارية التي نتواجد فيها ، و عليه يتحمل كل واحد مسؤوليته ، ففلذات أكبادنا على شفا حفرة من الإدمان و الضياع و الفشل الدراسي ... بمعنى نكون أو لا نكون ... و بالتالي علينا ( كإلزام تاريخي ) أن نكتشف هذه المواهب و ندعمها ماديا و معنويا ، و ندفع بأصحاب المال بالإستثار في الجانب الفني الإبداعي الثقافي فهذه مسؤولية مشتركة بين الدولة و المجلس البلدي ، بين ذوي النفوذ المادي و أصحاب العقول و المبدعين المحليين ...
العقلية التطوانية مسالمة مثل الحمام الأبيض ، لذا لا يجب إقبار مواهبها في عشها ، المواهب متوافرة بكثرة ، لذا يجب اكتشافها و دعمها دعما رسميا و مباشرا ، إن فنها راقي و رفيع و طاقاتها مبدعة و جميلة ، فلا يمكن ذكر تطوان من دون ذكر مبدعيها و مثقفيها ... و العاقبة على مؤرخيها .
رشيد مالك العزاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.