من الحر إلى الكارثة .. فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق في إيطاليا    جمعيات أمازيغية ينوب عنها محامون من الناظور والحسيمة تقاضي أخنوش    سيادة دوائية في الأفق .. أخنوش يكشف تفاصيل خارطة الطريق لإنتاج الأدوية واللقاحات    انطلاق أشغال المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس    أخنوش: الحكومة نجحت في فتح باب التغطية الصحية للجميع واستقرار المغرب مصدر إزعاج للبعض    ترامب يستقبل نتنياهو بالبيت الأبيض    استنكار حقوقي لمنع وقفة احتجاجية ضد مشاركة إسرائيل في منتدى السوسيولوجيا بالرباط    الزيات يعود إلى رئاسة نادي الرجاء    تعثر تنزانيا وغانا في "كان السيدات"    سلامة المواطن فوق كل اعتبار .. بولعجول يُطلق أضخم حملة توعوية صيفية    تصادم يقتل 3 أفراد من عائلة واحدة    تحذيرات من ارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة الشرقية غدا الثلاثاء    بعد ارتفاع قتلى حوادث السير ب20,9%.. خطة طوارئ لإنقاذ صيف 2025    مهرجان "ثويزا" يعود في دورته ال19 بطنجة تحت شعار "نحو الغد الذي يسمى الإنسان"    مهرجان ثويزا يشعل صيف طنجة بالفكر والفن والحوار    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير حول محتوى فيديو منسوب ل'فاعل جمعوي ومرشد سياحي'    المصادقة على مشاريع طرقية لفك العزلة بإقليم شفشاون    بالأرقام.. أشنكلي يُغرق الجهة في الديون ويُعيد تدوير الاتفاقيات وسط تعثُّر المشاريع وتأخُّر تحقيق التنمية المنشودة    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    " الحرب الإمبريالية على إيران" الحلقة 4كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟        فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    منصة يوتيوب تضيف ميزة مشاهدة المقاطع القصيرة بوضع أفقي    تجريدة من القوات المسلحة الملكية تشارك في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال جمهوية القمر الاتحادية    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    البروفيسور عيشان يحذر من مخاطر المكيفات الهوائية على مرضى الحساسية    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    أسعار النفط تتراجع                    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكالوريا 2020 .. الاستثناء في زمن الوباء
نشر في تطوان بلوس يوم 02 - 07 - 2020

تنطلق اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا -دورة يوليوز 2020-في ظرفية خاصة واستثنائية مرتبطة بجائحة وباء كورونا المستجد "كوفيد 19″، بشكل يجعل منها دورة استثنائية بكل المقاييس، في ظل عام دراسي حمل "طابع الاستثناء" ميزه تبني تجربة "التعليم عن بعد" لضمان الاستمرارية البيداغوجية، عقب التوقيف الاضطراري للدروس الحضورية منذ أواسط شهر مارس الماضي، بعد فرض حالة الطوارئ الصحية وما ارتبط بها من حجر صحي ومن إجراءات وقائية وتدابير احترازيةذات صلة بالتصدي للفيروس التاجي والحيلولة دون تفشي العدوى.

على مستوى المواعيد، تجري الدورة في شهر يوليوز بدل شهر يونيو كما جرت العادة منذ سنوات، وفق برمجة غير مألوفة اعتمد فيها على خيار "الأقطاب" في محاولة للتقليص من حدة الاكتظاظ، الذي قد يتعذر معه تحقيق الإجراءات الحاجزية من تباعد جسدي واحترام مسافة الأمان وتفادي التجمعات بين المترشحات والمترشحين، وفي هذا الصدد، ولأول مرة في تاريخ نظام البكالوريا المغربية، ستجرى امتحانات البكالوريا في مرحلتين:

– مرحلة أولى تهم قطب الآداب والعلوم الإنسانية بمسلكيها (مسلك الآداب ومسلك العلوم الإنسانية) وشعبة التعليم الأصيل بمسلكيها (مسلك اللغة العربية ومسلك العلوم الشرعية) يومي الجمعة 3 والسبت 4 يوليوز 2020.

– مرحلة ثانية تهم قطبالعلوم : شعبة العلوم التجريبية بمسالكها (علوم الحياة والأرض والعلوم الفيزيائية والعلوم الزراعية) وكذا شعبة العلوم الرياضية بمسلكيها (العلوم الرياضية "أ" والعلوم الرياضية "ب") وشعبة علوم الاقتصاد والتدبير بمسلكيها (العلوم الاقتصادية وعلوم التدبير المحاسباتي) وشعبة العلوم والتكنولوجيات بمسلكيها( العلوم والتكنولوجيات الكهربائية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية وشعبة الفنون التطبيقية وجميع مسالك البكالوريا المهنية، والتي ستجري امتحاناتها ابتداء من يوم الاثنين 6 وإلى غاية يوم الخميس 9 يوليوز 2020.

ولم تتوقف عجلة التغيير عند الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، بل امتدت حتى للامتحان الجهوي الموحد للبكالوريا، والذي سيجري بدوره في مرحلتين، مرحلة أولى تخص "المترشحين الأحرار" بالنسبة لجميع الشعب، والتي أجريت يومي 1و2 من شهر يوليوز الجاري، بينما المرحلة الثانية، ستهم "المترشحين المتمدرسين"، ويرتقب إجراء الامتحانات المرتبطة بها، غضون الأسبوع الأول من شهر شتنبر القادم، وهذه البرمجة، ستترتب عنها، تغييرات على مستوى مواعيد الإعلان عن نتائج الدورة العادية (يوم 15 يوليوز) والدورة الاستدراكية (من 22 إلى 24 يوليوز 2020) ونتائج الدورة الاستدراكية (29 يوليوز).

وإذا كان العام الدراسي قد ميزه اعتماد تجربة "التعليم عن بعد"، فإن هذا النمط من التعليم "غير المألوف" في الأدبيات التربوية المغربية وفي واقع الممارسة التعليمية، قد أثار زوبعة من الجدل على مستوى النجاعة والفاعلية والقدرة على تحقيق العدالة والمساواة وتأمين الحق في التعلم، في ظل الفوارق السوسيومجالية، وفي هذا الإطار، وحرصا على مبدأ "تكافؤ الفرص" بين جميع المتعلمات والمتعلمين، لم تجد الوزارة الوصية بدا، من الإعلان في بلاغ لها (صادر يوم الثلاثاء 12 ماي 2020) أن مواضيع امتحان البكالوريا بالنسبة للسنة الأولى والثانية، ستشمل "حصريا الدروس التي تم إنجازها حضوريا، قبل تعليق الدراسة"، الأمر الذي فرض استعجال تنزيل "أطر مرجعية مكيفة" تحدد خارطة طريق المضامين المبرمجة في الامتحانات وما يرتبط بها من كفايات، مما شكل "زحزحة" خفيفة للأطر المرجعية التي ظلت راكدة وصامدة منذ سنوات، ورغم أن الزحزحة، غير مؤثرة ولم تتجاوز حدود حذف الدروس التي تمت في إطار "التعليم عن بعد"، فهي مناسبة للمطالبة بالتحرك في اتجاه نفض الغبار عن الأطر المرجعية التي شاخت بفعل الزمن، في إطار رؤية شمولية، تؤسس لمنظومة جديدة للبكالوريا على مستوى المناهج والبرامج والأطر المرجعية وأشكال التقويم، بشكل يقطع مع مفردات تجاوزها الزمن مرتبطة بالحفظ والتخزين والذاكرة والشحن، ويطلق العنان للمناهج والفكر النقدي والمواقف والمهارات وما تتيحه "الرقمنة" من فرص بيداغوجية وتواصلية محفزة على التعلم الذاتي والتعلم مدى الحياة ..

وقد اتسعت دائرة الاستثناء لتشمل باقي المستويات الدراسية الأخرى، بعدما أكدت الوزارة الوصية في ذات البلاغ، "عدم استئناف الدراسة الحضورية بالنسبة لجميع التلاميذ إلى غاية شهر شتنبر المقبل" ما عدا "الإجراء الحضوري"على التوالي للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا – دورة 2020- (شهر يوليوز) والامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى بكالوريا – دورة 2020- بالنسبة للمترشحين المتمدرسين (شهر شتنبر)، والإعلان عن "عدم خضوع تلاميذ باقي المستويات الدراسية للأسلاك الثلاثة (ابتدائي، إعدادي،ثانوي) لامتحانات آخر السنة، بما في ذلك الامتحان الخاص بالمستوى السادس ابتدائي وامتحان السنة الثالثة إعدادي، والاكتفاء في إقرار النجاح والمرور إلى المستوى الموالي، بالاعتماد على نقط الامتحانات وفروض المراقبة المستمرة "المنجزة حضوريا" إلى حدود تاريخ تعليق الدراسة (أي 14 مارس 2020)".

وهي قرارات شجاعة، حررت نفسية الكثير من التلاميذ والأسر في ظل حجر صحي ترتبت عنه تداعيات جانبية متعددة المستويات، ازدادت تعقيدا أمام "تعليم عن بعد" أرهق التلاميذ والأسر والأطر التربوية والإدارية على حد سواء، ما عدا "مقاولات التعليم الخصوصي" (مع وجود الاستثناء طبعا) التي لم يرضيها ما صدر من قرارات "غير مسبوقة"، ليس حبا في سواد عيون التلاميذ وأولياء أمورهم، ولكن حرصا على "المصلحة العمياء" التي لا تنتصر إلا للأنانية المفرطة والجشع، ولا تحتكم إلا لسلطة "الربح" و"الكسب" دون اعتبار للجائحة ولا للأزمة ولا لتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على أولياء الأمور، ولا للظرفية "الاستثنائية" التي تقتضي تملك قيم "الصبر" و"التضحية" و"التضامن" و"التعاضد"، وهي فرصة، لفتح ملف هذه المؤسسات "الخصوصية" التي أبانت "الجائحة الكورونية" أنها "مقاولات اقتصادية" تتحكم فيها هواجس "الربح" و"الخسارة" أكثر ما هي "مؤسسات تربوية" حاملة لرسالة تربوية وقيمية ومجتمعية وتنموية، بما يضمن إخضاعها لسلطة القانون وما تفرضه من افتحاص محاسباتي ورقابة إدارية وتربوية، ومن المخجل أن يخرج بعض أربابها لتهديد أولياء الأمور ممن يرغبون في تنقيل أبنائهم لمؤسسات خصوصية أخرى، والبعض الآخر، لم يجد حرجا في الإعلان أنه "مقاول" وغايته هي "الربح"، ومن المؤسف، أن تظل النزاعات قائمة إلى اليوم بين أرباب بعض المؤسسات الخصوصية وأولياء الأمور في أكثر من مدينة، في غياب أية "سلطة إدارية وقانونية" تتيح للوزارة الوصية، التدخل لفض نزاعات حضرت فيها "الأنانية" و"المصلحة" و"المادة" على حساب "التربية" و"القيم" والمصلحة الفضلى للتلاميذ، مع التنويه بمجموعة من "المؤسسات المواطنة" التي كانت في الموعد واتخذت مواقف مسؤولة مراعاة لمصلحة الأسر، في ظرفية خاصة واستثنائية، سيسجل بعدها التاريخ "من أصاب" و "من خاب".. من كان للوطن دعما وسندا ومن عبث بجسد الوطن بدون خجل أو حياء، مفضلا لغة التهديد والوعد والوعيد …

وبما أن هذا الاستحقاق الوطني سيجري في زمن الوباء، فقد حضر هاجس الوقاية والسلامة في جميع مراحل الإعداد والتنظيم، حفاظا على صحة جميع المترشحات والمترشحين وكافة المتدخلين في العملية من أطر إدارية وتربوية، عبر تنزيل "بروتوكول صحي"، لم تتوقف عجلته عند حدود "التعقيم" و"الكمامات" و"أغطية الرأس" و"قياس درجات الحرارة" و"تهيئ غرف للعزل" في حالة اكتشاف أية إصابة مؤكدة، بل وامتدت نحو خيارات أخرى "غير مسبوقة" في تاريخ البكالوريا المغربية، تجسدت في التقليص من عدد المترشحات والمترشحين داخل القاعات منعشرين (20) مترشحا كما جرت العادة، إلىعشرة(10) مترشحين، والانفتاح على القاعات الرياضية ومدرجات الجامعات، وهي فضاءات كان من الضروري اللجوء إليها، حرصا على الإجراءات الوقائية والاحترازية، ويرتقب أن تحضر نفس الهواجس الوقائية والاحترازية داخل مراكز التصحيح والمداولات على غرار مراكز الامتحانات.

معطيات أخرى ذات "طابع استثنائي" تميز الامتحان الوطني الموحد -دورة 2020- ارتبطت بالتعبئة الجماعية المتعددة المستويات، التي عكستها جملة من المبادرات "المواطنة" الصادرة عن عدد من الجهات، في إطار الإسهام الجماعي في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني، بدءا بانخراط قنوات القطب العمومي (الثقافية، العيون الجهوية، الأمازيغية، الرياضية) في دعم عملية "التعليم عن بعد" عبر بث دروس ومحاضرات مصورة موجهة لجميع المستويات الدراسية من التعليم الأولي إلى العالي، وحصص للتربية البدنية والمهارات الحياتية والتوجيه المدرسي والمهني والجامعي ودروس الدعم والتقوية والتحضير للامتحانات، مرورا بانخراط "جمعية جهات المغرب" في تعزيز ودعم التدابير الوقائية والاحترازية، بمنحها ما مجموعه "560" ألف قناع واقي للرأس، لفائدة المترشحين والأطر التربوية والإدارية المشاركة في الامتحان، بما يضمن تأمين سلامتهم وصحتهم وتمكينهم من ظروف اشتغال مواتية وآمنة (بلاغ مشترك بين "وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي" و"جمعية جهات المغرب" بتاريخ 24 يونيو 2020)، وانتهاء بمبادرة "المجالس المنتخبة" – بتنسيق مع السلطات المحلية و شركات النقل الحضري – التي انخرطت في "توفير خدمة النقل المجاني" لفائدة المترشحات والمترشحين لنيل شهادة البكالوريا ببعض الجهات على امتداد فترة إجراء الاختبارات، بشكل يسمح بتمكينهم من الوصول إلى مراكز الامتحانات في الوقت المحدد وفي ظروف جيدة ولائقة، ويتعلق الأمر بشركات النقل "فوغال باص"، "ألزا باص"، "سيتي باص فاس"، "ايكوينوكس للنقل" و"موبيليس ديف"، إضافة إلى كافة الشركاء الذين أطلقوا مبادرات مماثلة من أجل توفير النقل للمترشحين في هذه الظرفية الاستثنائية. (بلاغ إخباري للوزارة الوصية صادر بتاريخ 30 يونيو 2020)، وكذا الانخراط الفعلي لمختلف السلطات الصحية والأمنية والترابية، دون إغفال الدور المحوري لنساء ورجال التعليم في إنجاح تجربة "التعليم عن بعد" لما عبروا عنه من حس تضامني "مواطن" في إنتاج المضامين الرقمية والحرص على الاستمرارية البيداغوجية، باستعمال وسائلهم التقنية والمادية الخاصة، في غياب أي دعم أو تحفيز.

بلغة الأرقام، ستجري أطوار الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد للبكالوريا – دورة 2020- ما بين 3 إلى 9 يوليوز الجاري، بعدد مترشحات و مترشحين بلغ "441" ألف و238 مترشحة ومترشحا، بعدد "ممدرسين" بلغ "318" ألف و"917″ مترشح(ة)، منهم "282" ألف و"48″ بالتعليم العمومي (64 في المائة من مجموع المترشحات والمترشحين) و "36" ألف و"869″ مترشح(ة) بالتعليم الخصوصي (8 في المائة من مجموع المترشحات والمترشحين)، أي ما نسبته 72 في المائة من "المترشحين الممدرسين"، مقابل ذلك، بلغ عدد "المترشحين الأحرار" ما مجموعه "122" ألف و"321″ مترشح(ة)، بما نسبته "28" في المائة من مجموع المترشحين، مقابل ذلك، ناهزت نسبة الإناث "49" في المائة" من مجموع المترشحين.

وسيتولى الإشراف على حراستها ما مجموعه "91" ألف و143 من الأطر التربوية، مقابل "31" ألف و281 مكلفا بتصحيح إنجازات المترشحات والمترشحين، وعلى مستوى مراكز الامتحان، فقد انتقلت من "1500" مركزا سنة 2019 إلى "2155" مركزا خلال هذه الدورة الجارية، موزعة بين قاعات مغطاة (100 قاعة مغطاة) ومدرجات جامعية (145 مدرجا) ومؤسسات تعليمية (1910 مؤسسة تعليمية) ومؤسسات سجنية (46) تضم ما مجموعه "107" قاعة، سيمتحن فيها نحو "856" مترشحة ومترشحا، مقابل تخصيص ما مجموعه "371" مركزا للتصحيح بمختلف المديريات الإقليمية، وتوسيع وعاء مراكز الامتحانات هذه الدورة، ارتبط بالأساس بتقليص عدد المترشحين داخل القاعات ("10" مترشحين داخل كل قاعة، وهو رقم قد يمكن الرهان عليه لكسر شوكة "الغش المدرسي بمناسبة الامتحانات الإشهادية) والحرص على التدابير الوقائية والاحترازية بالانفتاح على القاعات الرياضية ومدرجات الجامعات، مما استلزم تعبئة عدد قياسي من الأطر التربوية والإدارية لتأمين مختلف العمليات المرتبطة بهذا الاستحقاق الوطني (بلاغ صحفي صادر يوم 18 يونيو 2020).

وهي مناسبة لدعوة الوزارة الوصية على القطاع، إلى استحضار حجم المسؤوليات الجسام التي يتحملها نساء ورجال التعليم كل سنة بمناسبة استحقاقات البكالوريا بشقيها الوطني والجهوي (الحراسة، التصحيح، مسك النقط ضمن منظومة مسار..)، باستعجال تنزيل منظومة للتحفيز(تعويضات مادية) تسمح ليس فقط بكسب رهان الجودة والفاعلية والنجاعة، بل وتتيح للأطر التربوية والإدارية الإقبال على هذه المهمات "الشاقة" بكل ما يلزم من أريحية وقابلية واستعداد، ومن غير المقبول أن يتمتع مجموعة من الموظفين في عدد من القطاعات بكل شروط الدعم والتحفيز، بينما نساء ورجال التعليم تتقاطر عليهم المهمات تباعا بالمجان، وفي غياب أدنى شروط "التحفيز" و"الاعتراف"، مما يقوي أحاسيس اليأس والإحباط وفقدان الثقة، ويكبح جماح المردودية وروح المبادرة .

هي إذن "بكالوريا" استثنائية ستجري أطوارها في "طقوس استثنائية" مرتبطة بالجائحة التي أربكت العالم وبعثرت كل الأوراق واختبرت قدرات العديد من المنظومات التربوية عبر العالم، وما تم اتخاذه على المستوى الوطني من قرارات "غير مسبوقة"، قد نضعه في "خانة الاستثناء" بعد رحيل الجائحة والعودة التدريجية للحياة الطبيعية وللدروس الحضورية التي لا يمكن قطعا تعويضها بالتعليم "عن بعد"، لكن داخل "الاستثناء"، برزت جملة من القضايا التربوية التي ما كان لها أن تبرز بهذه الحدة والدرجة لولا الجائحة "الكورونية"، وهي قضايا تتقاطع في شموليتها، في ضرورة استعجال إحداث "ثورة ناعمة" تطال المناهج والبرامج وأشكال التقويم وطرائق التدريس والحياة المدرسية، بشكل يؤسس لتعليم عصري ناجع وفعال، له من القدرات ما يسمح بالتكيف مع الثورة الرقمية الهائلة وما تتيحه من إمكانيات بيداغوجية وتواصلية متعددة الزوايا، وبمواجهة كل الأزمات والحوادث الفجائية، والظرفية الاستثنائية، تقتضي تشريح واقع حال المنظومة التربوية على ضوء "اختبار كورونا" بموضوعية وتجرد وحياد وتبصر، في إطار "مقاربة تشاركية"، بعيدا كل البعد عن القرارات "الفجائية" أو "الفوقية" التي تمرر في صمت، والتي لاتزيد الرؤية إلا غموضا والإصلاح إلا ارتباكا، وبعيدا عن المناهج والبرامج، برزت الحاجة الماسة، لتأطير عمل "مؤسسات التعليم الخصوصي" بما يضمن إخضاعها لسلطة القانون، كما برزت الحاجة، لجعل "التعليم" شأنا مجتمعيا تنخرط فيه كل المؤسسات والفعاليات المجتمعية، كما حدث مع انخراط قنوات القطب العمومي في دعم "التعليم عن بعد"، ودور "جمعية جهات المغرب" في دعم التدابير الوقائية والاحترازية بمنح الآلاف من الأغطية الواقية للرأس، وما قامت به بعض المجالس المنتخبة والسلطات المحلية وشركات النقل الحضري، من مبادرات "مواطنة" لدعم نقل المترشحين مجانا إلى مراكز الامتحان، وكلها تدخلات تستحق الشكر والثناء، تفرض على الوزارة الوصية والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، الرهان على اتفاقيات الشراكة والتعاون، بما من شأنه دعم المدرسة العمومية والارتقاء بمستوى قدراتها، وما دام الأمر يحيل على "الإصلاح"، فهي دعوة للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، من أجل استخلاص ما أبانت عنه الجائحة من نواقص وثغرات في المنظومة التربوية بكل مستوياتها، من أجل بلورة رؤية رصينة، قادرة على إرساء دعامات تعليم عصري، يعول عليه لكسب رهانات التنمية الشاملة التي لا يمكن تصورها، إلا في ظل "تعليم" يقطع مع "الارتباك"، يحظى فيه رجل التعليم بما يستحق من عناية واحترام وتحفيز وتقدير، ونختم بأن نتمنى التوفيق والنجاح والسداد، لمترشحين "استثنائيين" في زمن "استثنائي"…
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.