باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    توقيف أربعيني عرض فتاتين للاعتداء بالشارع العام بأكادير    وفد اقتصادي ومؤسساتي من جهة فالنسيا يقوم بزيارة عمل لطنجة    اقتصاد خارج الرقابة…ما الذي تكشف عنه أرقام دراسة المندوبية السامية للتخطيط حول القطاع غير المهيكل؟    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الإثنين    الدعم البريطاني للمخطط المغربي للحكم الذاتي، ثمرة "سياسة طويلة الأمد" تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس (سفير ياباني)    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    إتحاد طنجة يتوج بطلا للنسخة الأولى لكأس الصداقة المغربي الإسباني والعصبة الوطنية للكرة المتنوعة تتفوق على نظيرتها الإسبانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    مجازر أكادير تُغلق أبوابها مع إقتراب العيد    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    فتح باب المشاركة في مسابقة الدورة 9 لملتقى سينما المجتمع    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    إلموندو: الاعتراف البريطاني بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية "آخر مسمار في نعش جبهة البوليساريو الانفصالية"    انتخاب محمد ملال، بالإجماع، كاتبا إقليميا للحزب بالصويرة    ماكرون يشيد بأشرف حكيمي بعد التتويج التاريخي بدوري الأبطال    حكيمي يترجم موسمه الاستثنائي مع سان جرمان بلقب ثان في مسيرته الاحترافية    أخبار الساحة    المقاولة المغربية تعيش حالة اختناق غير مسبوقة في غياب التحفيز وضعف التنافسية    "الباطرونا" تحث على عطلة استثنائية    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    حفل تكريم للمناضلين الحزبيين والكفاءات المغربية بالخارج، وعدد من السياسيين البلجيكيين    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    اكاديميون يناقشون أزمة السياسة والسياسي في لقاء بالرباط    نص رسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في دورة سنة 2025 لملتقى 'إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة'    كيوسك الإثنين | وفد من ساو تومي وبرينسيب يستكشف فرص الاستثمار بالعيون    الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة    أكادير وإنزكان تعلنان إجراءات استثنائية لتنزيل القرار الملكي بعدم ذبح الأضاحي في عيد الأضحى 2025 (وثيقة)    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    قافلة "حفظ الذاكرة إقرار للعدالة والإنصاف" تجوب المغرب أواخر يونيو المقبل    محاولة تهريب أكثر من أربعين أفعى توقف رجلا في مطار هندي    انقطاع الماء يثير استياءً واسعاً في آسفي وفيدرالية اليسار تُحمّل السلطات المسؤولية    تأهل نهضة بركان إلى ربع النهائي بفوزه على الكوكب المراكشي (3 – 0)        الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الايطالي يفتقد خدمات مدافعيه بونجورنو وأتشيربي    حادث مروع بطريق الحرارين في طنجة يودي بحياة شاب ويصيب مرافقه بجروح خطيرة    لدغة أفعى تُنهي حياة أربعيني بجماعة بوقرة بإقليم وزان    المغرب ينتزع أربعة عشرة ميدالية ، منها أربع ذهبيات خلال بطولة العالم للمواي طاي بتركيا    الماضي حاضر مُتجدد    مع العلّامة الفقيه المنوني .. زكاة العلم إنفاقه    معرض "أخوة الروح بالألوان المائية" يجمع الإبداع والدبلوماسية الثقافية بالرباط    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    لمنور "أفضل مطربة عربية" بألمانيا    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    إسبانيا.. مدينة غافا تعيش على إيقاع الأيام الثقافية المغربية    "البوليساريو وإيران": كتاب جديد يفضح أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    موسم الحج لسنة 1446 ه .. الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









المرسوم رقم 588 - 15 - 2 يؤسس لعهد الاسترقاق والمصير المجهول للبلد
نشر في تطوان بلوس يوم 23 - 01 - 2016

مرحلة استرقاق الانسان من طرف الانسان قادمة لا محالة، ومرحلة محو القيم المجتمعية والانسانية قادمة أيضا لا محالة، ومرحلة إفراغ الانسان من الحس الانساني والروحي ومن قيمه المجتمعية قادمة لا محالة، ومدخلها الأساسي هو تمرير المرسوم السيئ الذكر رقم 588 - 15 – 2 وتفعيل عملية تنزيله.
قد يتساءل سائل ما علاقة المرسوم بالاسترقاق؟ وهو تساؤل وجيه ومشروع، والذي سنحاول مقاربة الإجابة عنه من زوايا مختلفة.
مرسوم فصل التكوين عن التوظيف هو خطوة وقحة ستعقبها خطوات أخرى أكثر وقاحة وحقارة... وقحة لأنها ترمي في العمق ليس فقط إلى تشريد الشباب ودفعهم إلى قمامة البطالة والعطالة، ولكن أيضا إلى التمهيد للشروع في القضاء على التعليم العمومي والقضاء على المدرسة العمومية واجتثاثها من الوجود ليحل محلها منطق السوق ومنطق إخضاع التعليم لأفاعي الرأسمالية المتوحشة، مع العلم أن المواطن المغربي أو لنقل السواد الأعظم من المغاربة لا يستطيعون تعليم أبنائهم حتى في المدارس العمومية، فكيف لهم أن يقدروا على تعليم أبنائهم في مدارس أفاعي الرأسمالية، وهذا يعني أن حكومة بنكيران منخرطة حتى النخاع في التأسيس لعصر الجهل والتخلف والأمية والأمراض الاجتماعية الفتاكة للأجيال الصاعدة والمتصاعدة، لتصبح القاعدة الجديدة حسب المفهوم البنكيراني" العلم عار والجهل نور".
قد يقول الدافعون عن مرسوم 588 - 15 - 2 وفي مقدمتهم طبعا بنكيران وأزميه عمدة فاس، أننا نبالغ في الأمر... جيد جدا.... ولكن المطلوب منكم أن تتحلوا بالجرأة والشجاعة السياسية ولو لمرة واحدة في حياتكم وأن تقولوا للأساتذة المتدربين أنه ابتداء من الموسم الدراسي 2016/2017 سيصبح أجر أستاذ القطاع الخاص معادلا لأجر أستاذ القطاع العمومي وسيخضعون لنفس الحقوق والواجبات وسيتقاضون أجورهم عن جميع العطل كباقي زملائهم في القطاع العام... أما أن تقذفوا بمن علمّكم ولقّنكم العلم والمعرفة في قمامة البطالة وأتون المصير المجهول، فهذا لن نقبله لأن المسألة هنا لا تتعلق بفئة الاساتذة ولكن بمستقبل البلد برمته. وليذهب بنكك الدولي إلى الجحيم.
إن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما مؤسسان يعملان بطريقة أو أخرى ضمن استراتيجية برنارد لويس الرامية إلى القضاء على مقومات الأقطار العربية والاسلامية وتفكيك مؤسساتها السيادية والخدماتية عبر سياسة الإغراء وشعارات الاصلاح لإغراقها فيما بعد والانقضاض عليها.
ولا بد من الاشارة إلى أن عمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مكملا لبعضهما البعض رغم وجود بعض الاختلاف في أدوارهما، إذ أن البنك الدولي يقدم نفسه كمؤسسة إقراض غايته مساعدة البلدان النامية في تعزيز نموها الاقتصادي على المدى البعيد لتخفيف ما يسميه "حدة الفقر" ومساعدتها أيضا في دمج اقتصاديتها في الاقتصاد العالمي الأوسع نطاقا مما يعني المال مقابل السيادة والمال مقابل الخنوع والخضوع، والمال مقابل تسليم الرقاب، والمال مقابل خوصصة الكل بما فيها خوصصة كرامة الإنسان وإخضاعها لمنطق السوق أي العرض والطلب. بينما يقدم صندوق النقد الدولي الدولي نفسه كمراقب للعملات العالمية من خلال ما يسميه ب"المساعدة في الحفاظ على نظام متسق من المدفوعات بين جميع البلدان".
وعلينا أن نستحضر دائما في استشراف أفاقنا المستقبلية دروس التاريخ وعبره، إذ أنه كما كان ل "برنامج التقويم الهيكلي " دورا محوريا في اختمار ظروف الشروع في خوصصة "تحت الإكراه" القطاعات الخدماتية والسيادية منذ مطلع التسعينات بعناوين مثيرة ومنمقة، فإن النجاح لقدر الله في تنزيل مرسوم بنكيران رقم 588 - 15 - 2 سيمهد الطريق لا محالة لانضاج ظروف الشروع في بدأ خصصخة المؤسسات الأمنية والقضائية والسجنية، إلى أن يحين الدور علينا كمواطنين...
والخطير في ردود فعل حكومة بنكيران على احتجاجات الاساتذة المتدربين هي أنها متطابقة تماما مع توصية الصهيوني برنارد لويس حيث قال بالحرف:" ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم"، وهو ما يعني أن حكومة بنكيران غير معنية أبدا باحتجاجات الاساتذة المتدربين ولا يمهمها أمرهم ولا مستقبل البلاد.
وأرى أنه من الضروري نقل ماقاله برنارد لويس في مقابلة إعلامية" في 20/5/2005م قال الآتي بالنص: "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، ولإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإنَّ عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان.. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية -دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها"... انتهى كلام برنارد لويس.
والخلاصة هي أنه على حكومة بنكيران التعامل مع الديون الخارجية بمنطق البحث عن كيفية التحرر منها وليس إخضاع البلد لمنطق السوق وتسليم رقاب الشعب لأفاعي الرأسمالية، وينبغي التذكير هنا انه سبق لعبد الإله بنكران أن أقر في سنة 2014 بتلقي حكومته إملاءات من البنك الدولي ومنظمة التجارة والتنمية الاقتصادية لتعديل قانون الصفقات العمومية بضرورة إخراج مشروع مرسوم متعلق باللجنة الوطنية للطلبيات العمومية أي إعادة النظر في مهام لجنة الصفقات وهو الأمر الذي التزم به بنكيران والتسويق له بمفاهيم منمقة وشعارات مزينة كالادعاء بإصلاح لجنة الصفقات لكي تكون لها القدرة على تطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالطلبيات العمومية في إطار ما تسميه حكومة المصباح الدامسة ب"احترام حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية والتعامل المبني على المساواة وشفافية المساطر".
وينبغي أيضا التذكير على أن ديون المغرب خلال سنة 2014، وصلت إلى رقم 3300 مليار سنتيم، إذ أن حجم دين الخزينة بشقيه الداخلي والخارجي بلغ ما مجموعه، 587.4 مليار درهم إلى متم شهر يونيو 2014، مقابل 554.3 خلال سنة 2013، أي بارتفاع بلغ 33.1 مليار درهم.
ولكي تتضح الرؤية أكثر، أرى أنه من الضروري النبش في سنوات الثمانينات التي عرفت خضوع المغرب لسياسة ما سمي ب"برنامج التقويم الهيكلي" وتحديدا في سنة 1983 والذي حذر ،في حينه، من مخاطره الكارثية العديد من المفكرين والمثقفين والعديد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين لأن التزام المغرب بتنفيذ بنود "الباص" على امتداد عشر سنوات 1983-1993 أفقده حرية التدبير الذاتي و أصبح خاضعا لقرارات المؤسسات العالمية .. إذ أن هذه العشر سنوات من التقويم الهيكلي كانت كافية لإنضاج شروط الشروع في بيع القطاعات الحساسة والسيادية تحت شعارات التخلص من حجم النفقات العمومية والتخلص من عبئها وعناوين الإصلاحات الكبرى، وفي المحصلة أن الدولة تخلصت من القطاعات الخدماتية ( وكالات النقل الحضري والماء والكهرباء) وفتح المجال للاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاعي التعليم والصحة في أفق التخلص منهما بشكل نهائي.
والسير على إيقاع نغمات هذا المنحى سيقود الدولة لا محالة إلى كوارث خطيرة لا أحد يستطيع التحكم فيها أو العمل على احتوائها، لأن جميع برامج البنك الدولي وربيبه صندوق النقد الدولي تندرج ضمن مشروع كبير يمكن أن نسميه ب" استراتيجية التدمير الذاتي المتدرج" والموجهة أساسا للدول النامية والمستعمرات السابقة بهدف التحكم في أنفاسها والحيلولة دون تحررها الاقتصادي والعلمي ومنعها من تحقيق أي نهضة مجتمعية لشعوبها.
وختاما أؤكد أن معركة الاساتذة المتدربين هي معركة كل المغاربة وليس فقط الاساتذة المتدربين لأن تنزيل مرسوم بنكيران القاضي بفصل التكوين عن التوظيف ستعقبه خطوات ومراسيم أخرى أكثر كارثية إلى أن يحين موعد استصدار مرسوم استرقاق المواطنين.
وقد أخطأت الحكومات السابقة عندما سلمت القطاعات الخدماتية والسيادية إلى الخواص (النقل الحضري، الماء والكهرباء....الخ)... مع العلم أنها قطاعات مربحة، إذا كان يكفي تفعيل قانون المحاسبة والمساءلة وعدم الافلات من العقاب في حق لصوص المال العام الذين خربوا البلاد وعاثوا في الارض فسادا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.