كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    أجواء حارة في توقعات طقس الجمعة بالمغرب    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    مباراة المغرب ضد النيجر .. مجمع مولاي عبد الله بالرباط يفتح أبوابه للجمهور الساعة الرابعة بعد الظهر    التصفيات الإفريقية.. مباراة النيجر حاسمة للتأهل إلى مونديال 2026 (لاعبون)    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    وزراء الخارجية العرب يشيدون بالجهود المتواصلة التي يبذلها الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة    مالي تجرّ النظام الجزائري إلى محكمة العدل الدولية بتهمة "الاعتداء المسلح" على سيادتها ورعاية وتصدير الإرهاب        تفاصيل ترؤس أمير المؤمنين الملك محمد السادس لحفل ديني إحياء لليلة المولد النبوي الشريف    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    الزفزافي يعود إلى سجن طنجة بعد نهاية جنازة والده    عفو ملكي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    دياز يفخر بحمل رقم 10 للتيمومي    أفغانستان.. حصيلة الزلزال ترتفع لأكثر من 2200 قتيل    اجتماع حاسم بوزارة الصحة يرسم خريطة طريق لإصلاح قطاع الصيدلة بالمغرب    وزراء الخارجية العرب يشيدون بالملك    السفارة المغربية في لشبونة تطمئن على وضع المواطنة المصابة بالقطار    "الأسود" يتدربون في ملعب الرباط    حين يضحك العبث السياسي    النباتات المعدلة وراثياً .. الحقيقة والخيال    الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب "الأمير مولاي عبد الله" بالرباط بعد إعادة تشييده    مواطنة مغربية ضمن المصابين في حادث خروج قطار سياحي عن مساره في لشبونة    جنازة أحمد الزفزافي تتحول إلى استفتاء شعبي يضع الدولة أمام خيار المصالحة أو استمرار الجراح    ذكرى المولد النبوي .. الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية تدعو كافة مستعملي الطريق إلى اتخاذ كل الاحتياطات والتدابير اللازمة    الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتعويض ضحايا حوادث السير... 7.9 مليار درهم تعويضات خلال 2024    الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب "الأمير مولاي عبد الله" بالرباط بعد إعادة تشييده    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    حكاية لوحة : امرأة بين الظل والنور    بعد هوليوود… الذكاء الاصطناعي بدأ يغزو بوليوود    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    استعراض الصين : نظام عالمي جديد يتشكل..بأسلحة تلامس الخيال العلمي    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    ارتفاع طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    الصناعة التحويلية: أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية التخطيط)    غاستون باشلار: لهيب شمعة    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    الدخول المدرسي.. عودة التلاميذ إلى المدارس تعيد الزخم للمكتبات        دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن انتخاب مجلس المستشارين من الجماعات الحالية؟

كثر الجدل خلال الأيام الماضية حول إمكانية انتخاب مجلس مستشارين جديد دون إجراء تجديد شامل للجماعات المحلية والغرف المهنية وممثلي المأجورين، وبدأت بعض الأصوات تنادي بإجراء انتخابات جهوية فقط، وفسح المجال أمام باقي المستشارين الجماعيين والمهنيين المنتخبين منذ 2009 لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين.
ولم يعرف المغرب في واقع الأمر مثل هذه المهازل والفضائح في تعامل بعض الأحزاب السياسية مع الدستور الجديد، وكأننا بدأنا بالفعل نتراجع عن دستور 2011 ونعود بالتالي للحفاظ على أهم محاور دستور 1996.
فالتأخر في استكمال المؤسسات الدستورية المنتخبة في حد ذاته يعتبر فضيحة، لأن ذلك يعني بالضرورة استمرار مجلس المستشارين الحالي لأجل غير مستمى، ما دام أنه يستمر كمؤسسة لحين انتخاب المجلس الذي يخلفه، بغض النظر عن تاريخ انتخاب أعضائه.
فهذا التخبط في تعاطي الأحزاب السياسية مع قضية مصيرية، تتعلق باستكمال انتخاب المؤسسات الدستورية، يؤدي بالضرورة لتعطيل أجزاء كبرى ومحورية من الدستور الجديد، وسيؤدي أيضا لعرقلة المساطر التشريعية التي لا يمكن أن تتم بشكل طبيعي إلا بعد انتخاب مجلس مستشارين جديد، ومن هياة ناخبة مطابقة لمقتضيات دستور 2011.
الجماعات المحلية مخالفة للدستور:
ينص الدستور الجديد في بابه التاسع على الهيآت اللامركزية التي يتكون منها التنظيم الترابي المغربي، ويتضمن مجموعة من الأحكام الجديدة التي غيرت شكل وجوهر ومضمون الهيآت اللامركزية.
فالدستور الجديد ينص في فصله 135 على الجماعات الترابية، وهي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، في حين ان الفصول الموالية تفصل في الأحكام المتعلقة بالمبادئ الرئيسية لانتخاب هذه الجماعات الترابية وأجهزتها التنفيذية، والقواعد العامة للاختصاص وتراتبية هذه الجماعات الترابية ودور العمال والولاة...
وبالمقابل لم ينص الدستور الجديد على استمرار الجماعات المحلية الحالية في التواجد والاستمرار بشكل طبيعي ولا يمكنها دستوريا أن تأخذ الشكل الدستوري للجماعات الترابية، خاصة وأن الدستور الجديد يعيد النظر جذريا في تراتبية هذه الهيآت اللامركزية وفي طريقة تدبيرها لشؤونها الترابية، وجعل رؤساء الجهات ومجالس العمالات والأقاليم بمثابة الجهاز التنفيذي لهذه الهيآت، مما يختلف جذريا عن مقتضيات الدستور القديم الذي تنتمي إليه الجماعات المحلية الحالية.
كما لم ينص الدستور الجديد على أن الجماعات المحلية الموجودة منذ 2009 تحل محل الجماعات الترابية أو تأخذ شكلها واختصاصها ونظامها الدستوري.
فالجميع متفق على أن الجهات الحالية لا يمكنها ان تستمر لما بعد سنة 2013، في حين يتم التغاضي بشكل مريب عن مجالس العمالات والأقاليم التي ستتغير جذريا عن النظام الحالي، وسيصبح رئيس المجلس هو الجهاز التنفيذي عوض الوالي أو العامل، علما ان مجالس العمالات يتم انتخابها من الجماعات الادنى منها وهي الجماعات الحضرية والقروية، فلا يمكن إعادة انتخاب مجالس العمالات دون إعادة انتخاب الجماعات، ولا يمكن تطبيق الدستور الحالي على الجماعات المحلية المنتخبة وفق الدستور القديم.
وبالتالي تعتبر الجماعات الحضرية ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات، المنتخبة وفق دستور 1996، مخالفة للدستور الجديد، ولا يمكنها تكون أساس أساس انتخاب مجلس المستشارين القادم الذي سيتشكل وفق الدستور الجديد.
مجلس المستشارين لا يمكن انتخابه من الجماعات الحالية:
لا يمكن لأحد أن يدعي ان مجلس المستشارين الحالي وضعه طبيعي وموافق لأحكام الدستور الجديد، فوجوده مؤقت واستثنائي بصريح الفصل 176 من الدستور الجديد، وبتأكيد من المجلس الدستوري في قراره الاخير رقم 913 خلال شهر دجنبر الماضي.
فالفصل 176 من الدستور يُبقي على الغرفة الثانية للبرلمان بشكل استثنائي، ولحين انتخاب المجلس الذي يخلفه، ليقوم على وجه الخصوص بإصدار القوانين المنظمة لانتخاب مجلسي البرلمان الجديد.
وهذا المقتضى واضح ويكاد يحصر مهام مجلس المستشارين الحالي في الإعداد القانوني لانتخاب المجلس الموافق للدستور الجديد، مع إمكانية ممارسته للمهام التشريعية العادية كي لا تتوقف المساطر التشريعية الجارية (وبشكل خاص قانون المالية السنوي)، لكن ذلك لا يعني أن يمارس مجلس المستشارين الحالي الاختصاصات الدستورية للغرفة الثانية المنصوص عليها في الدستور الجديد.
فدستور 2011 ينص في واقع الأمر على مجلس مستشارين آخر لا علاقة له بهذا المجلس، لا من حيث التركيبة والتأليف ومدة الولاية التشريعية، ولا من حيث ممارسة المهام والاختصاصات التشريعية والرقابية.
فالمجلس الحالي يتكون من 270 عضوا تم انتخابهم لمدة تسع سنوات ومن ثلاث هيآت ناخبة، وقد فصل المجلس الدستوري في مسألة استقلال هذا المجلس عن الدستور الجديد، وجعل وجوده انتقاليا ومؤقتا وظرفيا.
في حين أن مجلس المستشارين وفق دستور 2011 فيجب أن يتألف من عدد أقصاه 120 عضوا، يتم انتخابهم لولاية تشريعية من ست سنوات، ومن أربع هيآت ناخبة مختلفة عن الهيآت التي كانت موجودة في ظل الدستور القديم لسنة 1996.
فطبقا للفصل 63 من الدستور الجديد، يتبين بجلاء أن انتخاب مجلس المستشارين القادم، يجب أن يتم بالانتخاب غير المباشر من ممثلي الهيآت التالية:
- الشق الأول، الذي يضم ثلاثة أخماس الاعضاء، يمثلون الجماعات الترابية (وليست الجماعات المحلية القديمة)، ثلثهم من مجالس الجهات المقبلة، والثلثان من مجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات الحضرية والقروية القادمة التي سيتم انتخابها وفق الدستور الجديد.
- الشق الثاني (الخمسان الباقيان) يمثل أعضاء الغرف المهنية الجديدة والمأجورين والهيآت الممثلة لأرباب العمل.
فهل يعقل أن نخلط في عضوية مجلس المستشارين بين هيآت تنتمي لدستور 1996 وهيآت أخرى تنتمي للدستور الجديد؟
إن نسخ الدستور السابق يعني بشكل تلقائي انتفاء الوجود الدستوري للهيآت المنتخبة في ظل أحكامه، وينص الدستور الجديد أو يسمح ضمنيا باستمرارها بشكل استثنائي لحين استكمال البناء المؤسساتي للهيآت المنتخبة وفق أحكامه.
وباعتبار أن الجماعات المحلية الحالية بجميع أصنافها (الجهات والعمالات والجماعات الحضرية والقروية) تنتمي للدستور القديم لسنة 1996 ولا يمكنها أن تحل محل الجماعات الترابية المنصوص عليها في الباب التاسع من دستور 2011، فإن تشكيل مجلس المستشارين من جزء منها سيكون مخالفا للدستور من أساسه.
فالتجديد الشامل لجميع المؤسسات المنتخبة يعتبر شرطا دستوريا لانتخاب مجلس المستشارين وفق دستور 2011، وإذا كانت عدد من الأحزاب تخشى تنظيم انتخابات الجماعات الترابية سنة 2013 لأسباب سياسية، فلا ينبغي ان يؤدي ذلك إلى خرق الدستور والسماح باستمرار الجماعات الحضرية والقروية ومجالس العمالات والأقاليم المنتخبة وفق الدستور القديم.
وإذا كان التخوف من فوز العدالة والتنمية بالاستحقاقات الانتخابية القادمة هاجس أغلب أحزاب المعارضة (أو حتى جزء من المكونات السياسية للأغلبية) فإن الخطورة القصوى تكمن في التلاعب بأحكام الدستور، أو في عرقلة استكمال البناء المؤسساتي للدولة وفق المنطق الدستوري الجديد، لأن تنزيل الدستور أهم من جميع التخوفات أو الهواجس السياسية والانتخابية.
دكتور في القانون
متخصص في العلوم الإدارية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.