ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصورات الممكنة للحفاظ على الشرعية الدستورية لتكوين مجلس المستشارين

تمهيد: لقد اكد جلالة الملك محمد السادس يوم دخول دستور 29 يوليوز 2011 حيز التطبيق. وذلك بانطلاق بداية تفعيله يوم نشره في الجريدة الرسمية يوم 30 يوليوز 2011، ولقد صادف هذا اليوم عيد العرش لسنة 2011 .وفي هذا الخطاب اكد جلالته على التأويل الديمقراطي للدستور الجديد ووضح مضامينه بصيغة اجمالية. وبالتالي يعتبر خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2011 مكملا للخطاب الملكي الهام ليوم 9 مارس 2011 الذي اعلن عن مشروع المراجعة الدستورية والمرتكزات الاساسية لمشروع الدستور الجديد الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء فاتح يوليوز 2011، وصدر الظهير الذي يأمر بتنفيذه بتاريخ 29 يوليوز, ولهذا يلاحظ القارئ اننا نسمي الدستور الحالي بدستور 29 يوليوز 2011، مع ان البعض يسميه بدستور فاتح يوليوز 2011 تبعا ليوم الاستفتاء بشأنه ولم لا؟ يمكن للبعض أن يسميه بدستور 30يوليوز 2011 يوم دخوله حيز التطبيق و بالتالي انطلاق تفعيله بنشره في الجريدة الرسمية.
ونعترف أننا رغبة في توحيد هذه التسمية من قبل الباحثين ولجبر خواطر الجميع. بدأنا نسمي الدستور الجديد بدستور يوليوز 2011 وهو حل وسط يبقي تاريخ هذا الدستور في شهر يوليوز وهو أكثر دقة من الاكتفاء بتسميته بكل سرعة دستور 2011، ولانناقش في أن التسميتين على صواب وليس فيها أي خلط. لأنه لم يصدر اكثر من دستور واحد في يوليوز 2011 كما انه لم يصدر اكثر من دستور واحد طيلة سنة 2011.
لكن الدقة القانونية تفرض علينا ان نبقى كباحثين ومساهمين بعون الله في نقل بعض جوانب المعركة القانونية. محتفظين بالتسمية الدقيقة لمختلف الدساتير التي عرفها المغرب بربطها بتاريخ صدورالظهائر المنفذة لها والتي تعطيها القوة القانونية لتفعيلها ونشرها مباشرة في الجريدة الرسمية.
هذا تأويل بالمناسبة للتسمية. ولكن تأويل الدستور يتطلب بالاضافة الى حق كافة المواطنين في ممارسة هذا التأويل بشرط ان يكون بالفعل تأويلا ديمقراطيا كما دعى الى ذلك جلالة الملك في خطاب العرش يوم 30 يوليوز 2011.
وبالاضافة إلى حق التأويل هذا كحق لكافة المواطنات والمواطنين، لا يخفى عنا دور جلالة الملك في طليعة المؤهلين لهذا التأويل، اعتمادا بالاساس على مقتضيات الفصل 42 من الدستور وبالخصوص باعتباره" يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي و حقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة "(مقتضيات من الفصل 42 من الدستور ).
وتدخل تصوراتنا في هذا الرأي. ضمن المساهمة في نطاق هذا التأويل الديمقراطي للدستور المغربي. سواء تعلق الامر بالدستور السابق دستور 7 أكتوبر 1996 او الدستور الحالي دستور 29 يوليوز 2011
لكننا نعتبر ونقر بأن تأويلاتنا هذه غير ملزمة، فهي اجتهادات تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ، وقد نختلف مع غيرنا بشأنها. لكن هذا الاختلاف لا يفسد للود قضية. وفي الاختلاف في التأويل الديمقراطي لا محالة رحمة للديمقراطية وتعزيز لمضامينها ومقاصدها.
ومع ذلك، نتمنى بكل صدق وأمانة. أن تخول مؤسسة دستورية امكانية البت في بعض الاشكاليات التي قد يطرحها التأويل الديمقراطي للدستور. ونرى في المحكمة الدستورية الجديدة الواردة في الاصلاحات التي جاء بها دستور 29 يوليوز 2011 مخولة لذلك. اذ أن هذا الأخير لم يحدد اختصاصاتها على سبيل الحصر في فصول الدستور، فرغم تعداد هذا الأخير لمجموعة من الاختصاصات المخولة لها في الفصلين 132 و 133 فإن الفصل 132 في فقرته الاولى يحيل إلى قوانين تنظيمية لتكملة الاختصاصات المخولة لها في نص الدستور، وذلك بالنص صراحة على أنه:"تمارس المحكمة الدستورية الاختصاصات المسندة اليها بفصول الدستور وبأحكام القوانين التنظيمية...
اذن المحكمة الدستوريةلا تخضع فقط للقانون التنظيمي المنصوص عليه في الفصل 131 من الدستور. ذلك الفصل الذي يحدد مضامين هذا القانون التنظيمي.
هكذا، فلا يوجد اي مانع من ان تخول القوانين التنظيمية الاخرى اختصاصات اخرى للمحكمة الدستورية في حلتها الجديدة على غرار ما جاء في كل من القانون التنظيمي الجديد لمجلس النواب ونظيره المتعلق بمجلس المستشارين في موضوع البت في المنازعات الانتخابية المترتبة عن الانتخابات التشريعية لكل من المجلسين.
وبالتالي، أليس من المفيد أن تحدد في القوانين التنظيمية المتنوعة اختصاصات اضافية ومحددة للمحكمة الدستورية والتي لاراد لحكمها. وذلك للبت في مختلف التأويلات الممكنة لتطبيق نص وروح الدستور وإعطاء المصداقية والشرعية الدستورية لكل الاجراءات الداخلية في تطبيق الدستور وتأويله.
كان من اللازم أن نفتح هذا القوس لعرض هذا الاصل, وهذا لا يعني اننا نمتنع عن الادلاء برأينا في التأويل الديمقراطي للدستور في موضوع الشرعية الدستورية لتكوين مجلس المستشارين، ورغبة في ذلك نرى ان هناك مجموعة من التصورات الممكنة للحفاظ على الشرعية المنشودة نراها حاليا في اربع امكانيات:
1 - امكانية تجديد مجلس المستشارين بكامل اعضائه قبل 12 اكتوبر 2012
2 - الاستفادة من المرحلة الانتقالية بتحديد مجلس المستشارين الحالي
3 - حل مجلس المستشارين الحالي وانتخاب كل اعضائه من بين الهيئات المنتخبة القائمة حاليا في مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين وممثلي المنظمات المهنية للمشغلين.
4 - انتخاب مجلس المستشارين الجديد بكامل اعضائه بصفة غير مباشرة بعد اجراء كافة الانتخابات القادمة لمجالس الجماعات الترابية، والغرف المهنية وممثلي المأجورين وممثلي المنظمات المهنية.
قبل بسط مضامين هذه التصورات الاربعة، نؤكد انها جميعا تعتمد على احترام دستور 29 يوليوز 2011، بما فيها التصور الثاني، ويرتبط بالمرحلة الانتقالية المنصوص عليها في الفصل 176 من الدستور. بالرغم من ان مجلس المستشارين المعني في هذه المرحلة هو المجلس القائم حاليا والذي يعتمد كما رأينا في تكوينه على مقتضيات الفصل 38 من الدستور السابق ودستور 7 اكتوبر 1996 والقانون التنظيمي رقم 97 / 32 المكمل له
I-الاحتمال الأول: امكانية تجديد مجلس المستشارين بكامل
اعضائه قبل افتتاح الدورة البرلمانية يوم 12أكتوبر 2012
يظهر لنا أن هذا الاحتمال اصبحت امكانياته مستبعدة, خاصة اذا كان من الضروري اجراء كافة الاستحقاقات الانتخابية لمجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين وممثلي المنظمات المهنية للمشغلين. والتي على أساسها تتم الانتخابات غير المباشرة لاعضاء مجلس المستشارين.
وقد يتساءل البعض هل يمكن تأخير انتخابات اعضاء مجلس المستشارين الى متم السنة الحالية؟ عملا بالتوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2011 يوم انطلاق تفعيل الدستور الحالي مع بداية دخوله حيز التطبيق.
للاسف الشديد لا يسمح الوقت القانوني لاتخاذ تطبيق في الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك. ولاشك ان الوقت السياسي غير قادر على تحديد او التوافق على جدولة سياسية لاجراء مختلف تلك الاستحقاقات الانتخابية خلال الاسابيع المعدودة التي تفصلنا عن متم سنة 2012.
ليس غرضنا في هذه التأملات ان نلقي المسؤولية على طرف ما لعدم انجاح تلك الامكانية خلال سنة 2012 .ومع ذلك لا يسعنا الا ان نسجل ان الواقع لا يرتفع وان الوقت لا يرحم. و يفرض تبعا لذلك إيجاد البديل.
ولكن لابد ان نسجل للتاريخ و لضبط المعطيات بشأن هذه الاستحالة مجريات الاحداث منذ انطلاق تطبيق الدستور الجديد بتزامن مع الخطاب الملكي ليوم عيد العرش.
في 30 يوليوز 2011، وبالتالي كان المؤمل أن يكون اليوم مجلس المستشارين في حلته الجديدة، مجدداً بكل أعضائه في نطاق التفعيل الفعلي لدستور 29 يوليوز 2011، والتقليص من الفترة الانتقالية التي حرص الفصل ?176? من هذا الدستور على توقعها لضمان استمرارية المؤسسة البرلمانية بمجلسيها.
ومن المفيد، بل من اللازم أن نذكر بالفقرات التي جاءت في الخطاب الملكي الهام ليوم عيد العرش في 30 يوليوز 2011، بشأن الإسراع في إدخال مقتضيات الدستور الجديد حيز التطبيق وتفعيله من خلال تقديم توجيهات واضحة في مضمون هذا التفعيل وتجسيده في دعوة »?كافة المعنيين إلى اعتماد جدولة زمنية مضبوطة?» ولقد جاءت هذه الدعوة ضمن المرتكزات الثلاث التي حددها جلالة الملك في ذلك الخطاب مستهلا تقديمها كما يلي:
- «إن نهوضنا بأمانتنا الدستورية، في ضمان حسن سير المؤسسات الدستورية، يتجسد قبل كل شيء خلال هذه المرحلة الهامة، في حرصنا على حسن إقامتها في أقرب الآجال?»
ومع اقتصارنا في هذه التأملات على المرتكز الثالث المرتبط بموضوع هذه التصورات، نعود إلى مقتطفات من خطاب جلالة الملك المذكور، إذ جاء فيها:
ثالثاً: العمل بروح التوافق الإيجابي، على تفعيل المؤسسات الدستورية، بالاعتماد الجيد للنصوص القانونية اللازمة، والاصلاحات السياسية الهادفة لانبثاق مشهد سياسي ومؤسَّسي جديد وسليم، جدير بدستورنا المتقدم، وكفيل بعدم إنتاج ما يشوب المشهد الحالي من سلبيات واختلالات?
- «فكل تباطؤ من شأنه رهن دينامية الثقة، وهدر ما يتيحه الاصلاح الجديد من فرص التنمية، وتوفير العيش الكريم لشعبنا الأبي، فضلا عن كل تأخير يتنافى مع الطابع المؤقت للأحكام الانتقالية للدستور?
- «وعلى هذا الأساس، ندعو كافة الفاعلين المعنيين، إلى اعتماد جدولة زمنية مضبوطة، تمكنهم وسائر المواطنين من رؤية واضحة لإقامة المؤسسات الدستورية في الآماد القصيرة والمتوسطة.
- «فعلى المدى القريب، ينبغي إعطاء الأسبقية لإقرار القوانين الجديدة، المتعلقة بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية?
- «وفي هذا الصدد، تجذر البداية بانتخاب مجلس النواب الجديد لنتولى بناء على نتائج الاقتراع الخاص به، وطبقاً لأحكام الدستور تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي سيتصدر نتائج انتخاباته، وليتأتى، بإذن الله، تشكيل حكومة جديدة، منبثقة من أغلبية برلمانية متضامنة ومنسجمة.
- «أما بالنسبة لمجلس المستشارين، فإن إقامته رهينة بالمصادقة على القوانين التنظيمية والتشريعية، المتعلقة بالجهوية المتقدمة وبالجماعات الترابية الأخرى، وبالغرفة الثانية، وكذا بإجراء الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بها وفق جدولة زمنية محددة، يتم إكمالها بتنصيب مجلس المستشارين بتركيبته الجديدة قبل متم سنة 2012...
هكذا، نرى للأسف أن هذه اليومية المحددة في التوجيهات الملكية لم تتحقق في أرض الواقع لعدة أسباب لا يسمح موضوع هذه التصورات بالإطالة في تحليلها? وبالتالي أصبح هذا الاحتمال غير وارد قبل 12 أكتوبر 2012، وحتى قبل متم سنة 2012. وتبعاً لذلك لا يمكن إلا أن تتوقف في الاحتمالات الأخرى الممكنة دستورياً، تحتاج الى البت في اختيار أفضلها وأقربها الى التأويل الديمقراطي الأرجح للدستور الجديد?
II الاحتمال الثاني: الاستفادة من تمديد المرحلة الانتقالية
بتمديد عمر مجلس المستشارين القائم حالياً
نرى من وجهة نظرنا، بما أن الدستور الحالي في فصله ?176? يمنح لمجلس المستشارين القائم حالياً الاستفادة من الفترة الانتقالية بالشروط الواردة فيه، والتي ذكرنا بمضامينه سابقاً، فاعتماداً منا على حرصنا على تغليب التأويل الديمقراطي للدستور الذي يقود اجتهادنا هذا، وحرصاً منا على ترجيح الشرعية الدستورية والسند الصحيح لتصوراتنا في هذا التأويل المنشود?
ولهذا، نرى أن الاستفادة من المرحلة الانتقالية لتمديد عمر مجلس المستشارين القائم حالياً، يمكن أن تتم بإحدى الوسيلتين?
1 الوسيلة الأولى لا نجد لها سنداً دستورياً ولا نقتنع بمطابقتها للدستور، سواء تعلق الأمر بدستور 1996 أو دستور 2011، وتكمن في الاحتفاظ بكافة أعضاء مجلس المستشارين القائم حالياً 270 عضوا بدون استثناء بمن فيهم الثلث الذين استوفوا مدة التسع سنوات مع افتتاح الدورة البرلمانية يوم 12 أكتوبر 2012.
ونعتبر أن اللجوء إلى هذا الحل في هذا الاحتمال هو تأويل غير ديمقراطي لدستور 1996، وبالخصوص لمضمون الفصل 38 منه الذي يحدد فترة الانتداب في تسع سنوات مع التجديد الإجباري لثلث الأعضاء كل ثلاث سنوات، بعد إنهائهم لمدة تسع سنوات كأعضاء بمجلس المستشارين، إن لم يتم انتخابهم من جديد، وذلك كما بينا سابقاً، إن التكوين العددي لأعضاء مجلس المستشارين القائم حاليا يخضع لأحكام دستور 1996 وليس لأحكام دستور 29 يوليوز 2011.
ومن جهة أخرى، نرى أنه من غير الممكن تبني التأويل الذي قد يلجأ إلى الفقرة الأخيرة من المادة (98) من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين، والمعتمدة على الفصل 176 من الدستور الحالي، فهذه الفقرة من المادة 98 المذكورة تتعلق بانتهاء »?مدة انتداب أعضاء مجلس المستشارين القائم حالياً في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية في اليوم السابق للتاريخ المحدد لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين الجديد».
ونرى أن الأمر يتعلق هنا بالأعضاء الذين لم يستوفوا بعد مدة التسع سنوات، ومن جهة أخرى، فإن الانتخابات المقصودة هنا هي توديع مجلس المستشارين في دستور 1996 ليحل محله نظيره في دستور 2011.
ولا ضرر من أن نؤكد عدم اقتناعنا بهذه الإمكانية في هذا الجانب المتخيل في الوسيلة الأولى لتطبيق الاستفادة من المرحلة الانتقالية بتمديدها عن طريق »?السماح? »لثلث أعضاء مجلس المستشارين الذين قضوا تسع سنوات في انتدابهم بهذا المجلس الحالي، لأننا لا يتضح لنا بكل صدق وأمانة أي سند دستوري لتزكية ذلك الحل? الذي يرجعنا من جديد الى المثل المغربي الحكيم بشأن «البلغة والرِّجل» فالتأويل الديمقراطي للدستور يوجهنا الى تحسين قياس وجودة الحذاء، ويمنعنا من المس بالرِّجْل، حتى لا يتم المس بالشرعية الدستورية لأحد مجلسي البرلمان.
2 الوسيلة الثانية في نطاق الاستفادة من المرحلة الانتقالية
ويتم تحقيق هذه الوسيلة في ظل الاستمرار في تطبيق مقتضيات دستور 1996 المطبق على التكوين العددي لمجلس المستشارين القائم حالياً، والاستفادة بالتالي من المرحلة الانتقالية الواردة في الفصل 176 من دستور 2011.
ونرى أن هذه الوسيلة هي أسرع الطرق زمنياً للحفاظ على الشرعية الدستورية لتكوين كافة أعضاء مجلس المستشارين الحالي، وذلك بتطبيق مقتضيات الفصل ?38? من دستور 1996، بناء على القانون التنظيمي رقم 32-97 المكمل لها، وبالتالي تجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين القائم حالياً بانتخاب ثلث أعضائه من جديد من الهيئات المنتخبة المحددة في نفس الفصل، والقائمة حالياً، خاصة أننا سجلنا في شهر شتنبر الأخير تجديد هياكل مجالس الجهات القائمة حالياً.
هذه الوسيلة هي الطريق السريع للتجديد السريع زمنياً مع الحفاظ على الشرعية الدستورية لمجلس المستشارين فيما يتعلق بتكوينه بكافة أعضائه?
ولا ننسى أنه أيضاً في نطاق المرحلة الانتقالية الواردة في نص الفصل ?176? من الدستور، هناك إمكانية أخرى، وهي التي رتبناها في الاحتمال الرابع والأخير كحل نهائي ينهي المرحلة الانتقالية?
ومع هذا التنبيه, نحيل الى الاحتمال الثالث، والذي نراه لا يخالف الدستور الجديد، بل أكثر من ذلك، لا يتعارض مع نص كل من القانون التنظيمي رقم 28/11 الجديد المتعلق بمجلس المستشارين، ولا مع القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
III الاحتمال الثالث: حل مجلس المستشارين القائم حالياً،
وإجراء  انتخاب كافة أعضائه
ويتم هذا الاحتمال تطبيقاً للدستور الحالي بانتخابات غير مباشرة تبعاً للفصل ?63? من بين الهيئات المنتخبة القائمة حالياً في مجالس الجماعات الحضرية والقروية ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات والغرف المهنية وممثلي المأجورين، مع إضافة انتخاب ممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية.
وللدفاع عن دستورية هذا الاحتمال ندلي بالمعطيات التالية:
- نؤكد هنا على رأينا القاضي بأن إنهاء انتداب أحد مجلسي البرلمان لا يمكن أن يتم بكامل الأعضاء إلا عن طريق الحل. وحل مجلس المستشارين لا يمكنه أن يتم إلا من قبل جلالة الملك بواسطة ظهير تطبيقا للفصل (51) من الدستور الحالي، ولسنا مقتنعين بدستورية نص كل من المادة (100) من القانون التنظيمي الجديد لمجلس النواب, ولا بدستورية المادة (98) من القانون التنظيمي الجديد لمجلس المستشارين لأننا نعتبر الفقرة الأخيرة من كل مادة من هاتين المادتين التي تحيل إلى المادة (176) لإنهاء مدة انتداب أعضاء كل من المجلسين في اليوم السابق للتاريخ المحدد لانتخاب كل من المجلسين.
وبدون أن ندخل إلى تفاصيل في هذا الموضوع، الذي يستحق تأملات ومعطيات أوسع. لأن الفصل (176) من الدستور الحالي ينص ويتحدث عن" »إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان ا لمنصوص عليها في هذا الدستور. يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحيتهما ليقوما على الخصوص بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور«.
إذن الفصل (176) هذا يتعلق وينص على السماح في الفترة الانتقالية باستمرار المجلسين القائمين حاليا، وينص في بدايته بوضوح »إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان"« يعني حين انتخاب المجلسين المنصوص عليها في الدستور، لكن قبل هذا الانتخاب يجب أن يجعل حدا لاستمرار المجلسين القائمين، لهذا نرى مضمون ونص الفقرة الأخيرة في كل من المادة (98) من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين والمادة (100) من القانون التنظيمي لمجلس النواب هي" »ذات طبيعة دستورية" أرقى من طبيعة القانون التنظيمي، وكأنها بمثابة تعديل أو إضافة في الفصل (176) من الدستور. والذي لا يمكن أن يتم إلا بمراجعة دستورية ونعتبرها »"تخريجة"« جاد بها واضعو مشروعي هذين النصين: لحل اشكالية التجديد دون حل المجلسين.
ولهذا نصت الفقرة الأخيرة من الفصل (176) على الإحالة إلى الأحكام المنصوص عليها في الفصل (51) من الدستور، ونذكر أن هذا الفصل الأخير ينص على أنه" »للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير طبق الشروط المبينة في الفصول 96 و97 و98«.
وبالتالي نعتبر أن إنهاء انتداب أحد المجلسين لا يمكن أن يتم إلا بإنهاء مدة انتدابه المقررة في الدستور. أو بحله، ويتم الحل بالنسبة لمجلس المستشارين حصريا من قبل جلالة الملك تطبيقا للفصل(51) المذكور. أما مجلس النواب فيمكن حله أيضا من قبل رئيس الحكومة وفق الشروط الواردة في الفصل (104) من نفس الدستور.
وبرجوعنا وتفحصنا من جديد لكل من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين والقانون التنظيمي الحالي لانتخابات أعضاء مجلس الجماعات الترابية. لم نجد فيهما ما يتعارض مع تطبيق هذا الحل، فالقانون التنظيمي لمجلس المستشارين ينص على التقسيم الجهوي الموجود حاليا، ومضامين تكوين مجلس المستشارين الوارد في دستور 2011 وبالخصوص في الفصل (63)، لا يتعارض مع تطبيق هذا الحل، وذلك على أساس أن يضاف في مجلس المستشارين الجديد تطبيقا للفصل (63) هذا تمثيل »»»"المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية«" ضمن "خمسان من الأعضاء تنتخبهم، في كل جهة هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وفي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة مكونة من ممثلي المأجورين«"
ولقد جاء تفصيل كل ذلك في المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 27-11 المتعلق بمجلس المستشارين. وهذا القانون التنظيمي هو الواجب تطبيقه أيضا في هذا الاحتمال الثالث. وبالتالي نرى أن تطبيق هذا الاحتمال الثالث غير مخالف لدستور 29 يوليوز 2011، ويطبق في شأنه القانون التنظيمي الجديد بمجلس المستشارين, وهذه هي الشرعية المنشودة والمتوخاة في التأويل الديمقراطي للدستور بعرض الشرعية الدستورية لهذا الاحتمال الدستوري.
IV- الاحتمال الرابع: انتظار تجديد كافة الهيئات المنتخبة
التي تشارك في الانتخابات المباشرة لمجلس المستشارين
وتتويج ذلك بانتخاب هذا المجلس بكامل أعضائه.
نعتبر هذا الاحتمال، بالاستفادة المطلقة من الفترة الانتقالية. وتمديدها إلى غاية إجراء الاستحقاقات الانتخابية لمختلف الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين وممثلي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا.
وبطبيعة الحال، تتطلب هذه الانتخابات صدور باقي مختلف القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية تطبيقا للفصل (146)من الدستور، والإصلاحات الضرورية واللازمة لمختلف القوانين المتعلقة بالغرف المهنية انتخابا وتركيبا واختصاصا. وكذلك بانتخابات ممثلي المأجورين بمختلف أنواعهم، وأخيرا النصوص اللازمة لانتخابات وتمثيل المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا لتطبيق المستجدات التي جاء بها دستور 2011.
وأخيرا في هذا الاحتمال الرابع، يمكن أن نطرح كفكرة جديدة لانراها تتعارض مع دستور 2011 لكنها تحتاج الى نقاش وحوار لاتخاذ قرار سياسي بين مختلف الفاعلين المعنيين بالاستحقاقات الانتخابية.
لنختم بهذه الفكرة الأخيرة ونعرضها للنقاش ضمن التأويل الديمقراطي للدستور، لكن هذه الفكرة قد تطيل الفترة الانتقالية الواردة في الفصل (176) من الدستور.
وتقضي هذه الفكرة، بأن تترك مجالس الجماعات الترابية القائمة حاليا والغرف المهنية الحالية وممثلي المأجورين المنتخبين, ينهون ولاية الست سنوات المخولة لهم سابقا، وبالتالي فانتخابات الجماعات المحلية سبق أن تمت في صيف 2009 وكذلك انتخابات الهيئات الأخرى المهنية وممثلي المأجورين، وليتم تأجيل كل الانتخابات الى موعدها العادي بعد انقضاء الست سنوات التي تلي سنة 2009.
هكذا، يتم التفرغ أيضا في هذه الفترة الانتقالية لتحضير النصوص القانونية اللازمة المكملة للدستور من قوانين تنظيمية وغيرها لتفعيل الدستور الحالي.
لكن العيب في ذلك هو تمديد الفترة الانتقالية بوجود استمرار مجلس المستشارين القائم حاليا، لكن مع ضرورة تجديد الثلث الذي انهى مدة تسع سنوات. نكون بذلك قد احتفظنا بالتكوين العددي لمجلس المستشارين في ظل الفترة الانتقالية اعتمادا على الفصل (176) من الدستور الحالي ولا نحتاج بالتالي إلى أي نص جديد.
هذا رأي اجتهاد قانوني يحرص على التأويل الديمقراطي للدستور. نعرضه للنقاش مساهمة منا في الحرص على الاهتمام بالشأن العام والسلاسة الدستورية لمؤسساتنا المنتخبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.