التوقيع على مخطط عمل مشترك بين مصالح الأمن الوطني بالمغرب والمديرية العامة للشرطة الوطنية الفرنسية    ترامب: الآن يمكن لإيران مواصلة بيع نفطها للصين    "حرب ال12 يوما" انتهت.. ترامب يطالب إسرائيل وإيران بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    تركيا تنجز في المغرب مشاريع إنشائية بقيمة 4.3 مليار دولار وتعد بمزيد من الاستثمارات .. تفاهم مغربي تركي على إزالة العقبات التجارية ورفع المبادلات فوق 5 ملايير دولار    المغرب يُبقي سعر الفائدة دون تغيير    المملكة المغربية تعرب عن إدانتها الشديدة للهجوم الصاروخي السافر الذي استهدف سيادة دولة قطر الشقيقة ومجالها الجوي    استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية الأكثر احتياجا في قطاع غزة    فيلدا رودريغيز يكشف معايير اختيار لائحة "لبؤات الأطلس" لكأس الأمم الإفريقية 2024    صحيفة ليكيب تشيد بأسد الأطلس أشرف حكيمي    بودريقة يقدم للمحكمة صوراً مع الملك محمد السادس    نزيل بقسم الأمراض النفسية بالمستشفى الجهوي لبني ملال يتسبب في وفاة زميله    راغب علامة : المغرب بلد عظيم ومشاركتي في موازين محطة مميزة في مسيرتي    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    مجلس الحكومة يتدارس 4 مراسيم    "ظاهرة الشركي" تعود إلى المغرب .. وموجة حر جديدة تضرب عدة مناطق    فشل تهريب مخدرات بشواطئ الجديدة    العراق يعلن إعادة فتح مجاله الجوي    ترامب: إسرائيل وإيران انتهكتا الاتفاق    مهرجان "موازين" يتخلى عن خدمات مخرجين مغاربة ويرضخ لشروط الأجانب    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    هل تعالج الديدان السمنة؟ .. تجربة علمية تثير الدهشة    الموت يُغيّب الممثلة أمينة بركات    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    المغرب ينافس إسبانيا والبرازيل على استضافة مونديال الأندية 2029    هيئات مدنية وحقوقية تطالب بفتح تحقيق في مالية وتدبير وكالة الجنوب    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    "مرحبا 2025" تنطلق من الحسيمة.. استقبال حافل لأولى رحلات الجالية من إسبانيا    الناظور.. السجن والغرامة في حق المتهم الذي كذب بشأن مصير مروان المقدم        تعزية في وفاة الرمضاني صلاح شقيق رئيس نادي فتح الناظور    وزيرة الطاقة تكشف في البرلمان مشاريع الناظور لضمان الأمن الطاقي للمغرب    بركة يكشف للبرلمان: 7.9 مليار درهم لربط ميناء الناظور    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    مصر تعلن استئناف حركة الطيران بشكل تدريجي بينها والكويت وقطر والسعودية والإمارات    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ينتحر المغاربة؟ !
نشر في صحراء بريس يوم 03 - 10 - 2017

لم يعد يمر علينا أسبوع دون أن تطالعنا وسائل الإعلام بأخبار عن حالات انتحار أشخاص من الجنسين ومختلف الأعمار، كما لم يعد الأمر يقتصر على المدن الكبرى وحسب، حيث يكثر الضغط الاجتماعي والاضطراب النفسي، بل امتد ليشمل كافة المدن والقرى. وبات الانتحار في السنوات الأخيرة ظاهرة اجتماعية مفجعة ومروعة. وزاد من مخاوفنا أنه في خضم الاحتفاء باليوم العالمي لمنع الانتحار، الذي يصادف العاشر شتنبر من كل سنة، أوردت القناة الوطنية الثانية 2M في إحدى نشراتها الإخبارية، احتلال بلادنا المرتبة الثانية بعد السودان في حوادث الانتحار.
فكيف لا يتخوف المغاربة من حجم الظاهرة، وتقارير منظمة الصحة العالمية تقول بأن 800 ألف شخص ينتحرون سنويا في العالم، وأن عدد المنتحرين بالمغرب ارتفع إلى 97,8 بالمئة بين عامي 2000 و2012، لتقفز النسبة المئوية من 2,7 لكل 100 ألف نسمة إلى 5,3، فضلا عن أن المحاولات الفاشلة تفوق نظيرتها "الناجحة"، وحوالي ثلاثة ملايين يتمنون الموت لأسباب مختلفة؟ وهل قدر المغرب ألا يحتل المراكز المتقدمة عدا في الآفات الخطيرة: حوادث السير، المخدرات، الدعارة والانتحار...؟
الانتحار ممارسة فظيعة ومذمومة، يمكن أن يقدم عليها شخص يعاني من اضطرابات نفسية أو فاشل في مواجهة ظروف العيش القاسية. وتشير إحصائيات المنظمة ذاتها أن 35 بالمئة من حالات الانتحار ناجمة عن الاكتئاب وانفصام الشخصية والوسواس القهري والإدمان على استهلاك الكحول والمخدرات، بينما تعود 65 بالمئة إلى عوامل أخرى كسوء التربية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية وانهيار العلاقات العاطفية أو الزوجية أو الإفلاس وتراكم الديون أو الفشل الدراسي أو الظلم والاغتصاب والإهانة... ومن بين أكثر الوسائل استعمالا في عمليات الانتحار: الشنق، الارتماء من أعلى، قطع شرايين اليد، المواد السامة، حرق الذات، السلاح الناري... وإلى جانب كونه أمرا مرفضا لدى كافة المجتمعات، فهو محرم شرعا ويخالف قوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما".
ويرى بعض علماء الاجتماع والطب النفسي، أن المنتحر يكون في الغالب الأعم ضحية ظروف خارجة عن إرادته، وغير قادر على مواجهة ما يعترضه من مشاكل وأزمات، فتستبد الهواجس بعقله وتحلولك الدنيا في عينيه، ومن ثم يفقد الأمل والرغبة في الحياة، ولا يجد أمام من ملاذ لرفع معاناته في غياب من يواسيه ويشاركه آلامه وأحزانه، سوى الإقدام على الانتحار.
فحالات الانتحار بالمغرب في تزايد مخيف، رغم انعدام إحصائيات رسمية ودراسات ميدانية علمية حديثة تؤكد ذلك. وتقتضي الوقاية تضافر جهود الجميع، وفتح نقاش واسع بين المهتمين حول الأسباب الكامنة خلف دواعيه، ومساءلة الدولة عن مدى مسؤولياتها في ما آلت إليه الأوضاع من ترد وتفاقم، يقودان إلى حدوث هذه الكوارث الإنسانية وما لها من تداعيات وخيمة على الأسر والمجتمع. إذ لم يعد مقبولا الاستمرار في إخفاء الحقائق وتفادي توثيق أسباب تفشيها في مجتمعنا.
ومن خلال المتوفر من دراسات جد قليلة، يتضح أن هناك ثلاثة أسباب بارزة لظاهرة الانتحار: اجتماعية ونفسية وأخرى جينية، تغذي السلوك الانتحاري لدى الفرد. إذ عادة ما يرتبط الانتحار بكل من يجد نفسه عاجزا عن مواجهة ضغوط الحياة ومحروما من تلقي العلاجات الضرورية للاضطرابات النفسية أو الأمراض المزمنة أو حالات الإدمان... ويفترض المتخصصون في ظل غياب معطيات دقيقة، أن يكون للفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية دورا أساسيا في استشراء الظاهرة. وهناك من الباحثين السوسيولوجيين من ينسبه إلى عوامل متداخلة، منها تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية واتساع دائرة القهر والتهميش والفساد والاستبداد وغياب الحكامة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فلماذا يا ترى ينتحر المغاربة؟ كيفما كان الحال ومهما تعددت الدوافع، نحن نرفض بشدة إقدام أي شخص على المس بحقه في الحياة، سواء تعلق الأمر بالسياسات الفاشلة وخطاب التيئيس والتبئيس، وتنامي أشكال التذمر واليأس والإحباط أو الأمراض العقلية أو تدني مستوى العيش وضعف الخدمات في التعليم والصحة وانعدام العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية وارتفاع معدلات الفقر والأمية والبطالة...
وفي المقابل ندين بقوة الاستخفاف بأرواح الناس والاستهتار بالمسؤوليات. فماذا قدمت السلطات من برامج لمواجهة ما خلصت إليه الدراسة التي قامت بها وزارة الصحة بتعاون مع منظمة الصحة العالمية، من كون نصف المغاربة مرضى نفسيين وفق المعايير العلمية للاضطرابات النفسية؟ وأي سياسات عامة أعدت، لتحسين مؤشرات التنمية المتدنية، وإصلاح قطاعات التعليم والصحة والقضاء، والحد من البطالة والفوارق الاجتماعية... فهناك 1,7 مليون شاب عاطل تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، منهم 850 ألف من حاملي الشهادات العليا، و300 ألف شاب انقطعوا مبكرا عن الدراسة، لا يعملون ولا يدرسون ولا يستفيدون من أي تكوين مهني؟ وأي مخططات تنموية هيأت لتقليص نسبة الفقر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2016، يشهد بأن 60 بالمئة من المغاربة يعانون أقسى دلرجات الفقر والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية؟
الانتحار قضية مركبة ومعقدة، تستوجب توفير مراكز استماع ولجن تتبع وخلق بيئة صحية سليمة، حفظ كرامة المواطن واحترام حقوقه في أجواء من الديمقراطية. وتضع على عاتق مؤسسات الدولة وجميع فعاليات المجتمع المدني مسؤولية النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وضع استراتيجية وطنية مندمجة تتلاءم مع أهداف التنمية المستدامة، وتنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية بخصوص الوقاية من الانتحار، وتأمين الرعاية الصحية للمرضى النفسيين في مستشفيات متخصصة للعلاج والإدماج الاجتماعي، وتقديم الدعم للأسر المعنية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.