تعيش المؤسسة العسكرية الجزائرية على وقع أزمة غير مسبوقة في تاريخها منذ استقلال البلاد، وهي الأزمة التي قالت عنها مصادر موثوقة إنها بلغت حدة قصوى بسبب صراع داخلي مرير بين الأركان و خرجت في سابقة تاريخية إلى العلن على الرغم من طوق السرية الشديد الذي ظل مضروبا بالنار والحديد على أسرار هذا الجهاز "الفولاذي" الذي بدأ يسير في اتجاه الذوبان بسبب تباين المواقف واختلاف المصالح الشخصية. وفيما قالت مصادر متطابقة إن المؤسسة التي تقود بلاد المليون شهيد بقبضة من نار وحديد تعيش أزمة حقيقية بين غالبية كوادرها الكبار، وذلك بسبب تباين مواقفهم من الانتخابات الرئاسية وبالضبط من انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المريض لولاية رابعة لتقلد مهام السلطة، ومن بداية تردي العلاقات الثنائية مع أهم الشركاء الاستراتيجيين بسبب قرارات هذه القيادة حيال التعاون في استراتيجية مكافحة الإرهاب في منطقة دول جنوب الصحراء والساحل بعد الربيع العربي، حبث أبدت تقاعسا في الانخراط الفعلي لهذا التعاون الذي يهم أمن المنطقة وأمن حلفائها التاريخيين، قالت المصادر الموثوقة إن الصراع من أجل السلطة والمصالح الشخصية لدى جل مكونات الجهاز إضافة إلى تباين المواقف من إعادة ترشح عبد العزيز بوتفليقة إلى الرئاسة لولاية رابعة كلها أسباب أججت الصراع بين أقوى رجال الجهاز العسكري على اختلاف مراكزهم، وذلك في الوقت الذي أكدت فيه يومية "لوموند" في عددها الصادر الخميس الماضي اشتعال هذه الأزمة في قمة المؤسسة العسكرية الحاكمة في الجزائر، مشددة على أن أوجه الاختلاف والتباين على أشدها في القيادة العليا للجيش الجزائري ومصالح الاستعلامات والأمن إلى درجة تنبئ بالتمزق الخطير الذي تعيشه لأول مرة هذه القيادة في تاريخها منذ عهد الاستقلال. واستنادا إلى المصدر المذكور فإن أزمة مفتوحة في قمة المؤسسة العسكرية الجزائرية على بعد شهرين من الانتخابات الرئاسية وأن القيادة العليا للجيش الجزائري ومصالح الاستعلامات والأمن تعيش حالة تمزق خطير وغير مسبوق. واستند المصدر في التمزق الذي تعيشه هذه المؤسسة إلى ما اعتبره معركة نشبت في الأيام الأخيرة بين القيادة العليا للجيش مجسدة في رئيسها الجنرال أحمد كايد صلاح، نائب وزير الدفاع، والجهاز القوي للاستعلامات والأمن (الأمر العسكري سابقا) الذي يشرف عليه منذ 1990 الجنرال محمد لامين مدين الملقب بتوفيق، مبرزا أنه لا يمر يوم دون توجيه الاتهامات والإحالة على التقاعد وتصفية الحسابات مما يغذي القلق المتزايد في أوساط الشعب. وبعد أن تساءلت الصحيفة عما يحصل داخل الجيش الجزائري، أكدت أن المؤسسة العسكرية بالجزائر تشهد، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل المقبل، لأول مرة في تاريخها صراعات خرجت للعلن. وقالت الصحيفة إن البوادر الأولى للأزمة ظهرت في الثالث من فبراير الجاري عندما اتهم عمار سعداني الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الجنرال مدين بتدخل الجهاز الذي يشرف عليه في كافة دواليب المؤسسات الجزائرية، مشيرة إلى أنه بعد بضعة أيام على ذلك تم اعتقال الجنرال حسان المسؤول عن مكافحة الإرهاب والتجسس داخل جهاز الاستخبارات، وإحالته في الخامس من فبراير على المحكة العسكرية بالبليدة بتهم ثقيلة. ويبدو حسب المصدر المذكور أن العداء بين القيادة العليا للجيش وجهاز الاستخبارات وهما ركيزتان أساسيتان للمؤسسة الأمنية الجزائرية، تجاوز إطار الانتخابات والترشيح المحتمل لعبد العزيز بوتفليقة.